أعلن الملتقى الوطني للماء في دورته الأولى بعد شهر من انعقاده، وكان ذلك من 25 إلى 28 أفريل 2024 بالحمامات، عن بيانه الختامي الذي أوصى بضرورة إقرار الدولة بالأزمة الهيكلية في مجال الماء، وإعداد برنامج عملي للتصدي لهذه الأزمة.
وحول الملتقى أفاد المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، حسين الرحيلي لـ"الصباح" أن الملتقى فتح حوارا وطنيا حول إشكاليات الماء في تونس من أجل وضع إستراتيجية وطنية يشارك فيها مختلف المعنيين بموضوع الماء والتكيف مع التغيرات المناخية، من فلاحين ومكونات المجتمع المدني، علما وأن الملتقى ببادرة من المرصد التونسي للماء الذي أطلقته جمعية "نوماد 08" سنة 2016 .
وبين أن الملتقى يهدف لإيجاد حلول عاجلة لمجابهة الوضعية الصعبة التي تواجهها تونس في علاقة بندرة المياه وأحكام التصرف في المنظومات المائية ووضع الاستراتيجيات اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية.
وأبرز أن الملتقى سعى كذلك لإطلاق حوار وطني حول الماء باعتبار حيويته وعلاقته المباشرة بالسيادة الغذائية والسيادة الوطنية والتي تطرح على تونس تحديات جديدة يجب التعاطي معها بنظرة استشرافية وبحلول استباقية.
وتضمن الملتقى، وفق محدثنا، 11 ورشة عمل ونقاشات حول واقع الماء تم خلالها تناول 11 محورا والحلول الممكنة للشح المائي، وهي ورشات انبثق عنها جملة من التوصيات التي نص عليها البيان.
ولفت المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، حسين الرحيلي، إلى أن الماء يمثل احد أبرز الحقوق الأساسية بالنظر إلى أهمية هذا الموضوع في علاقة بالشحّ المائي وتراجع التساقطات وانعكاسات هذا الوضع على حياة التونسي العادي والفلاح والصناعي.
تراجع إيرادات السدود
وأشار المختص إلى أن ما تعيشه تونس من شح مائي ليس قدرا طبيعيا بل هو نتيجة لفشل السياسات العمومية وخيارات الحكومات المتعاقبة وأن التحولات المناخية عمقت الوضع إذ أن التغييرات المناخية مشكل قديم يعيش على وقعه كل العالم وهذه السياسات القديمة التي لها أكثر من 60 عاما أي منذ 1956 عمقته.
وبين أن مراجعة الإطار التشريعي من سنة 1975 وتحديدا مجلة المياه والتي بقيت محل تجاذبات من سنة 2009 إلى اليوم ومحل أجندات سياسية ومؤسساتية كما بقيت محل ضغوطات من قبل الجهات المانحة على غرار البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي الذي يدفع في اتجاه خصخصة قطاع المياه على اعتبار أن كل القطاعات شملتها الخصخصة، من أوكد المطالب.
وابرز أنه إلى اليوم تغيب في تونس سياسة التكيف الاستباقي مع التغييرات المناخية خاصة وأن بلادنا قد صنفت منذ 1995 أي منذ 30 عاما من الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وعلى هذا الأساس كان من المفروض تكييف استعمالاتنا ومواردنا وسياساتنا التنموية وفقا لهذا التصنيف ولكن للأسف بقينا إلى اليوم دون خطة للتكيف الاستباقي.
وأكد الرحيلي على ضرورة إعلان الدولة عن حالة الطوارئ المائية والعمل على ربح الوقت والإعلان عن سياسات استباقية للتكيف مع التحولات المناخية في مجال الموارد المائية، كاشفا أن إيرادات السدود خلال العام الحالي قد تراجعت بـ170 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الماضي، مشددا على أن الوضع سيكون أصعب خلال هذه السنة.
الدفاع عن السيادة الوطنية المائية
وأكد المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، أن الدفاع عن السيادة الوطنية المائية ضرورية عند إقرار أي برنامج متعلق بالماء للدفاع عن حقوقنا كوطن في الموارد المائية المتاحة والموارد التي نتقاسمها مع الدول المجاورة من الشرق أو من الغرب.
وأكد أن الأمر لا يتعلق بالقاري الوسيط، وهي مائدة مائية عميقة بين تونس والجزائر وليبيا والنيجر والتشاد، والذي يتوفر على كميات ضخمة من الماء، بالإضافة إلى الأودية التونسية التي تصل إلى الجزائر والعكس بالعكس، مشيرا إلى أن "صراع السدود والسدود المضادة يستوجب منا الدفاع عن حقوقنا خاصة وأن المعركة تتطلب إمكانيات مالية هامة مثلما تقوم بذلك باقي الدول المجاورة وهذا يتطلب منا تكريس مصالحنا أولا لان من له أموال أكثر ويستثمر أكثر له إمكانيات أكبر لاستنزاف المائدة المائية المشتركة"،على حد تعبيره.
مشددا على أن الوضع يحتم رسم سياسات مجددة تعتمد التقنيات الحديثة والتوجه إلى مشاريع خزن الماء بالمائدة المائية وإنجاز السدود الجوفية وتطوير التصرف في المياه العمرانية وتشجيع المواطنين على الاقتصاد في الماء وتغيير أنماط الاستهلاك.
توصيات الملتقى
هذا وأوصى البيان الصادر عن الملتقى، بطرح منوال تنموي شامل ومتكامل في تونس باعتبار أن الماء يعد قضية تنموية، مع ضرورة إقرار برنامج سيادي وطني تونسي في قضية الماء على المستوى الإقليمي وخاصة الإبقاء على الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه كمؤسسة وطنية وعمومية تضمن حق كل تونسي في التزود بالماء.
ودعا إلى فتح حوار وطني شامل تشارك فيه كل الأطراف المعنية بالماء لإعداد مشروع جديد لمجلة المياه معبرا عن حقيقة الأوضاع المائية الوطنية ويتضمن تطلعات وحاجيات الشعب التونسي على المدى المتوسط والبعيد فضلا عن تحديد إطار تنزيل الحق في الماء في باب مستقل بمشروع المجلة.
وأوصى بضرورة إشراف الدولة على حفر الآبار الجوفية ومنح تراخيص استعمالها وحوكمتها، خاصّة، في ظل التغيّرات المناخية.
ويعد مراجعة النموذج الفلاحي الحالي القائم على الفلاحة المستنزفة للمياه وتغيير السياسات المائيّة الراهنة بسياسات تهدف لتحقيق السيادة الغذائية وتغيير النموذج الاستهلاكي والعادات الغذائية للتونسيين في علاقة بالتحولات المناخية، من أهم التوصيات التي أكد عليها البيان، إلى جانب التشديد على دور الدولة في التخطيط ووضع استراتيجيات التكيّف مع التغيرات المناخية.
ودعا البيان إلى توجيه الموارد المائية المخصصة للريّ عبر خارطة إنتاج فلاحي مبنية على منظومات إنتاج غذائية تراعي التنوّع البيولوجي وليس الاستثمارات الفلاحية التصديرية.
حنان قيراط
تونس-الصباح
أعلن الملتقى الوطني للماء في دورته الأولى بعد شهر من انعقاده، وكان ذلك من 25 إلى 28 أفريل 2024 بالحمامات، عن بيانه الختامي الذي أوصى بضرورة إقرار الدولة بالأزمة الهيكلية في مجال الماء، وإعداد برنامج عملي للتصدي لهذه الأزمة.
وحول الملتقى أفاد المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، حسين الرحيلي لـ"الصباح" أن الملتقى فتح حوارا وطنيا حول إشكاليات الماء في تونس من أجل وضع إستراتيجية وطنية يشارك فيها مختلف المعنيين بموضوع الماء والتكيف مع التغيرات المناخية، من فلاحين ومكونات المجتمع المدني، علما وأن الملتقى ببادرة من المرصد التونسي للماء الذي أطلقته جمعية "نوماد 08" سنة 2016 .
وبين أن الملتقى يهدف لإيجاد حلول عاجلة لمجابهة الوضعية الصعبة التي تواجهها تونس في علاقة بندرة المياه وأحكام التصرف في المنظومات المائية ووضع الاستراتيجيات اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية.
وأبرز أن الملتقى سعى كذلك لإطلاق حوار وطني حول الماء باعتبار حيويته وعلاقته المباشرة بالسيادة الغذائية والسيادة الوطنية والتي تطرح على تونس تحديات جديدة يجب التعاطي معها بنظرة استشرافية وبحلول استباقية.
وتضمن الملتقى، وفق محدثنا، 11 ورشة عمل ونقاشات حول واقع الماء تم خلالها تناول 11 محورا والحلول الممكنة للشح المائي، وهي ورشات انبثق عنها جملة من التوصيات التي نص عليها البيان.
ولفت المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، حسين الرحيلي، إلى أن الماء يمثل احد أبرز الحقوق الأساسية بالنظر إلى أهمية هذا الموضوع في علاقة بالشحّ المائي وتراجع التساقطات وانعكاسات هذا الوضع على حياة التونسي العادي والفلاح والصناعي.
تراجع إيرادات السدود
وأشار المختص إلى أن ما تعيشه تونس من شح مائي ليس قدرا طبيعيا بل هو نتيجة لفشل السياسات العمومية وخيارات الحكومات المتعاقبة وأن التحولات المناخية عمقت الوضع إذ أن التغييرات المناخية مشكل قديم يعيش على وقعه كل العالم وهذه السياسات القديمة التي لها أكثر من 60 عاما أي منذ 1956 عمقته.
وبين أن مراجعة الإطار التشريعي من سنة 1975 وتحديدا مجلة المياه والتي بقيت محل تجاذبات من سنة 2009 إلى اليوم ومحل أجندات سياسية ومؤسساتية كما بقيت محل ضغوطات من قبل الجهات المانحة على غرار البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي الذي يدفع في اتجاه خصخصة قطاع المياه على اعتبار أن كل القطاعات شملتها الخصخصة، من أوكد المطالب.
وابرز أنه إلى اليوم تغيب في تونس سياسة التكيف الاستباقي مع التغييرات المناخية خاصة وأن بلادنا قد صنفت منذ 1995 أي منذ 30 عاما من الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وعلى هذا الأساس كان من المفروض تكييف استعمالاتنا ومواردنا وسياساتنا التنموية وفقا لهذا التصنيف ولكن للأسف بقينا إلى اليوم دون خطة للتكيف الاستباقي.
وأكد الرحيلي على ضرورة إعلان الدولة عن حالة الطوارئ المائية والعمل على ربح الوقت والإعلان عن سياسات استباقية للتكيف مع التحولات المناخية في مجال الموارد المائية، كاشفا أن إيرادات السدود خلال العام الحالي قد تراجعت بـ170 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الماضي، مشددا على أن الوضع سيكون أصعب خلال هذه السنة.
الدفاع عن السيادة الوطنية المائية
وأكد المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، أن الدفاع عن السيادة الوطنية المائية ضرورية عند إقرار أي برنامج متعلق بالماء للدفاع عن حقوقنا كوطن في الموارد المائية المتاحة والموارد التي نتقاسمها مع الدول المجاورة من الشرق أو من الغرب.
وأكد أن الأمر لا يتعلق بالقاري الوسيط، وهي مائدة مائية عميقة بين تونس والجزائر وليبيا والنيجر والتشاد، والذي يتوفر على كميات ضخمة من الماء، بالإضافة إلى الأودية التونسية التي تصل إلى الجزائر والعكس بالعكس، مشيرا إلى أن "صراع السدود والسدود المضادة يستوجب منا الدفاع عن حقوقنا خاصة وأن المعركة تتطلب إمكانيات مالية هامة مثلما تقوم بذلك باقي الدول المجاورة وهذا يتطلب منا تكريس مصالحنا أولا لان من له أموال أكثر ويستثمر أكثر له إمكانيات أكبر لاستنزاف المائدة المائية المشتركة"،على حد تعبيره.
مشددا على أن الوضع يحتم رسم سياسات مجددة تعتمد التقنيات الحديثة والتوجه إلى مشاريع خزن الماء بالمائدة المائية وإنجاز السدود الجوفية وتطوير التصرف في المياه العمرانية وتشجيع المواطنين على الاقتصاد في الماء وتغيير أنماط الاستهلاك.
توصيات الملتقى
هذا وأوصى البيان الصادر عن الملتقى، بطرح منوال تنموي شامل ومتكامل في تونس باعتبار أن الماء يعد قضية تنموية، مع ضرورة إقرار برنامج سيادي وطني تونسي في قضية الماء على المستوى الإقليمي وخاصة الإبقاء على الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه كمؤسسة وطنية وعمومية تضمن حق كل تونسي في التزود بالماء.
ودعا إلى فتح حوار وطني شامل تشارك فيه كل الأطراف المعنية بالماء لإعداد مشروع جديد لمجلة المياه معبرا عن حقيقة الأوضاع المائية الوطنية ويتضمن تطلعات وحاجيات الشعب التونسي على المدى المتوسط والبعيد فضلا عن تحديد إطار تنزيل الحق في الماء في باب مستقل بمشروع المجلة.
وأوصى بضرورة إشراف الدولة على حفر الآبار الجوفية ومنح تراخيص استعمالها وحوكمتها، خاصّة، في ظل التغيّرات المناخية.
ويعد مراجعة النموذج الفلاحي الحالي القائم على الفلاحة المستنزفة للمياه وتغيير السياسات المائيّة الراهنة بسياسات تهدف لتحقيق السيادة الغذائية وتغيير النموذج الاستهلاكي والعادات الغذائية للتونسيين في علاقة بالتحولات المناخية، من أهم التوصيات التي أكد عليها البيان، إلى جانب التشديد على دور الدولة في التخطيط ووضع استراتيجيات التكيّف مع التغيرات المناخية.
ودعا البيان إلى توجيه الموارد المائية المخصصة للريّ عبر خارطة إنتاج فلاحي مبنية على منظومات إنتاج غذائية تراعي التنوّع البيولوجي وليس الاستثمارات الفلاحية التصديرية.