إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"بوصلة" وائل الدحدوح: العالم بدأ يتغير انطلاقا من غزة

 

*"دائما الأهداف الكبيرة تحتاج إلى أثمان كبيرة.. وهذا ما يحصل في غزة"

تونس- الصباح

لم تكن بوصلة، مراسل "قناة الجزيرة" في غزة وائل الدحدوح، وهو يلقي محاضرة حول دور المراسل الحربي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، أن تخطئ هدفها الذي لم يشر فقط إلى العدوان على غزة، ودور الصحفي في كشف جرائم الاحتلال، بل كذلك إلى التغيير الذي بدأ يشهده العالم.

في هذا الإطار، قال الدحوح "عالم الإعلام بدأ يتغير ولعلها فرصة تاريخية وفارقة واستثنائية، في ظل ما يحدث في غزة، أن العالم بمجمله بدأ يتغير"، ويتساءل قائلا "كم يستغرق من الوقت حتى يكتمل هذا التغيير ويستوي ويترك بصمات ويؤسس قواعد حقيقية؟" ويجيب "فهذا متروك للزمن".

نزار مقني

وأكد الدحدوح أن "قطار التغيير انطلق وهذا جيد".

وأضاف مفسرا العلاقة بين التغيير الذي يشهده العالم، ودور الإعلام وحرب غزة في ذلك، قائلا "الإعلام ليس كلمة سهلة، فهو سحر وقوة تأثير وأفكار ومبادئ، فالإعلام ليس كلمة تقال ليس وظيفة يمتهنها صحفي ليتقاضى راتبا آخر الشهر، هذا ليس صحيحا، فهذا ما حاولوا أن يزرعوه فينا، وأن يعلموه إيانا في الكليات والمعاهد التي جاءت إلينا من الغرب".

الدحدوح عرج على المقاربة الوظيفية والوجودية للصحفي، وغلب الوجودية على تلك الوظيفية، فالصحفي ليس موظفا، بل صاحب رسالة وهدف، حيث أشار في هذا الإطار "الصحفي أول ما يجب أن يغير هذه المفاهيم الآفة، التي ابتلتنا بكل هذا السكون والجمود وهذه السلبية والأنانية، لأنه أصبح لكل إنسان وكل دولة مهتمة بشؤونها ومستقبلها وقضاياها، وكذلك الإنسان، أصبح يبحث عن شؤونه وامتيازاته ومستقبله والتفت وأدار الظهر إلى قضايا الأمة وقضايا الناس، والقضايا العامة والتي كان يجب أن تكون هي بحر هذا الصحفي وملعبه الرئيسي".

وأضاف قائلا "لذلك أهم ما يجب أن يتم تغييره هي القناعات، والمفاهيم، والصحفي يجب أن يغادر مربع الوظيفة، إذا أراد أن يبدع وأن يكون مثقفا واعيا منتميا إلى القضايا العادلة.. يجب أن يغادر قناعة الوظيفة، فإذا ما ارتبط بأنه صحفي موظف لن ينتج ولن يترك البصمة التي يتمناها على الأقل من ناحية شخصية".

ولكن هذه المقاربة الوجودية، بالرغم من نبل جوهرها، وعمق فلسفتها، فإنها تتطلب "أثمانا تدفع"، للوصول إلى غاياتها، وهنا يقول الدحدوح "لذلك ربما حروب كثيرة في مناطق كثيرة، قام صحفيون من العالم الغربي والعربي بتغطيتها، ودفعوا أثمانا وواجهوا صعوبات وتعقيدات ودفعوا من دمائهم وأرواحهم، ولكن يبدو أنها المرة الأولى التي يصبح فيها الصحفي نموذجا ملهما، وهذا هو المهم".

وأردف قائلا "اليوم في قطاع غزة، الحرب أصبحت مناسبة لتشكيل هذا النموذج، وهذا هو الفارق النوعي الذي رأيناه وتحسسه المواطن والمسؤول، انتشر في بقاع الأرض بيسر وسهولة وتلقفته القلوب والعقول والأفئدة والكل يكاد يكون مجمعا على هذا النموذج".

ولعل المقاربة الوجودية لدور الصحفي، هي التي تعطي له كينونته الزمنية والمكانية، وتعطيه بعدا يجعله يكون في قلب المعادلة السياسية والإستراتيجية، حيث يوضح الدحدوح، في هذا السياق قائلا "أنا أعتقد أن أخطر ما يواجه المحتلين والمجرمين والجناة، هو أن تكون صحفيا ملهما للناس، ولذلك ربما إسرائيل بكل ما تمتلك من قوة وحقد وعنف تحاول أن تقضي على هذا النموذج، حتى لا يعمم".

 

rlpmo.jpg

وعاد ليؤكد "الإعلام شيء أقوى مما نتخيل لأنه يقوم بتغيير قناعة الناس، وأولى خطوات التغيير المنشود هو تغيير قناعات الناس".

وفسّر الدحدوح قوله بأن "إسرائيل عندما ترى صحفيا موظفا أحيانا لا تعتدي كثيرا عليه، تحاول إخافته وإبعاده عن المشهد ومركز الحدث، لكن عندما يبرز في الساحة صحفي يشكل نموذجا ملهما للناس، ليس فقط على مستوى المهنة بل على مستوى الثبات والصبر والشجاعة فهذا غير مسموح به في هذا العالم المجرم".

وأضاف قائلا "صحيح أن الأثمان كانت باهظة، دائما الأهداف الكبيرة تحتاج إلى أثمان كبيرة، وهذا ما يحصل في غزة".

وأكد الدحدوح قائلا "المتابع لمجريات قطاع غزة اليوم خلال 8 أشهر تقريبا حوالي 150 من الزملاء دفعوا أرواحهم ثمنا لهذه المهمة، والتي هي في نهاية المطاف رسالة إنسانية نبيلة ومقدسة ومهمة جدا، ولذلك ربما تستحق منا هذا الاستهداف".

ولاحظ الدحدوح قائلا "لو تابعنا كل الحروب السابقة التي شهدتها المعمورة والتي شهدها الناس، وحتى في الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب فيتنام التي استمرت 20 عاما، كم صحفيا سقطوا، لم يصلوا إلى هذا العدد".

وأضاف "في حرب فيتنام طوال 20 سنة 69 صحفيا في أكثر الإحصائيات المسجلة".

وبالنسبة للدحوح فإن هذا الكلام يعكس شيئين، "أولا: أهمية الصحفي ووجوده ودور الصحفي، إذ يقوم الصحفي بتأدية هذا الدور والأحداث التاريخية والاستثنائية، والأمر الآخر أنه يعكس خوف إسرائيل الحقيقي من دور الصحفي، لأن إسرائيل تريد تنفيذ جرائم حرب".

وأكد الدحدوح قائلا "هذه الحرب مختلفة عن الحروب السابقة التي شهدها قطاع غزة وشهدتها الأرض الفلسطينية، ولذلك إسرائيل من خلال جيشها المحتل أرادت أن تقوم بتنفيذ مخططات مختلفة تماما عن كل ما نفذ سابقا".

وأشار مراسل "قناة الجزيرة" إلى أن الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب "هي تغيير الديموغرافيا الفلسطينية المجاورة لهذا الكيان وهنا كانت الخطورة وهو ربما ما يعكس استهداف إسرائيل للرموز في المجتمع الفلسطيني، الرمز الصحفي والرمز المسؤول والرمز المسعف".

وأقر بأن "كل شخص شكل نموذجا ملهما يمكن أن يأخذ بيد الناس إلى العمل ومواجهة هذه التحديات وهي أكبر من المحتمل، هذا يشكل خطرا على أهداف الاحتلال ولا يجب أن يستمر".

وتساءل قائلا "تخيلوا لو لم يوجد هذا الدور للصحفي في قطاع غزة، ما الذي كان يمكن أن يحل؟ إسرائيل سوف تفعل ما تريد وتقتل مثلما تريد وتغير الديموغرافيا ولا أحد يسمع لا بوائل الدحدوح ولا حتى بما يجري في هذه المنطقة الجغرافية المحاصرة التي تشن عليها مثل هذه الحرب المجنونة".

وأكد قائلا "من هنا نرى أن بذور التغيير بدأت، في أمريكا.. في الجامعات الأمريكية في موطن النخب التي يفترض أن تكون قيادات المستقبل في هذه البلاد، وبالتالي هذا يعكس حجم هذا التأثير وقوته التي يجب أن نتحدث عنها".

 

"بوصلة" وائل الدحدوح:  العالم بدأ يتغير انطلاقا من غزة

 

*"دائما الأهداف الكبيرة تحتاج إلى أثمان كبيرة.. وهذا ما يحصل في غزة"

تونس- الصباح

لم تكن بوصلة، مراسل "قناة الجزيرة" في غزة وائل الدحدوح، وهو يلقي محاضرة حول دور المراسل الحربي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، أن تخطئ هدفها الذي لم يشر فقط إلى العدوان على غزة، ودور الصحفي في كشف جرائم الاحتلال، بل كذلك إلى التغيير الذي بدأ يشهده العالم.

في هذا الإطار، قال الدحوح "عالم الإعلام بدأ يتغير ولعلها فرصة تاريخية وفارقة واستثنائية، في ظل ما يحدث في غزة، أن العالم بمجمله بدأ يتغير"، ويتساءل قائلا "كم يستغرق من الوقت حتى يكتمل هذا التغيير ويستوي ويترك بصمات ويؤسس قواعد حقيقية؟" ويجيب "فهذا متروك للزمن".

نزار مقني

وأكد الدحدوح أن "قطار التغيير انطلق وهذا جيد".

وأضاف مفسرا العلاقة بين التغيير الذي يشهده العالم، ودور الإعلام وحرب غزة في ذلك، قائلا "الإعلام ليس كلمة سهلة، فهو سحر وقوة تأثير وأفكار ومبادئ، فالإعلام ليس كلمة تقال ليس وظيفة يمتهنها صحفي ليتقاضى راتبا آخر الشهر، هذا ليس صحيحا، فهذا ما حاولوا أن يزرعوه فينا، وأن يعلموه إيانا في الكليات والمعاهد التي جاءت إلينا من الغرب".

الدحدوح عرج على المقاربة الوظيفية والوجودية للصحفي، وغلب الوجودية على تلك الوظيفية، فالصحفي ليس موظفا، بل صاحب رسالة وهدف، حيث أشار في هذا الإطار "الصحفي أول ما يجب أن يغير هذه المفاهيم الآفة، التي ابتلتنا بكل هذا السكون والجمود وهذه السلبية والأنانية، لأنه أصبح لكل إنسان وكل دولة مهتمة بشؤونها ومستقبلها وقضاياها، وكذلك الإنسان، أصبح يبحث عن شؤونه وامتيازاته ومستقبله والتفت وأدار الظهر إلى قضايا الأمة وقضايا الناس، والقضايا العامة والتي كان يجب أن تكون هي بحر هذا الصحفي وملعبه الرئيسي".

وأضاف قائلا "لذلك أهم ما يجب أن يتم تغييره هي القناعات، والمفاهيم، والصحفي يجب أن يغادر مربع الوظيفة، إذا أراد أن يبدع وأن يكون مثقفا واعيا منتميا إلى القضايا العادلة.. يجب أن يغادر قناعة الوظيفة، فإذا ما ارتبط بأنه صحفي موظف لن ينتج ولن يترك البصمة التي يتمناها على الأقل من ناحية شخصية".

ولكن هذه المقاربة الوجودية، بالرغم من نبل جوهرها، وعمق فلسفتها، فإنها تتطلب "أثمانا تدفع"، للوصول إلى غاياتها، وهنا يقول الدحدوح "لذلك ربما حروب كثيرة في مناطق كثيرة، قام صحفيون من العالم الغربي والعربي بتغطيتها، ودفعوا أثمانا وواجهوا صعوبات وتعقيدات ودفعوا من دمائهم وأرواحهم، ولكن يبدو أنها المرة الأولى التي يصبح فيها الصحفي نموذجا ملهما، وهذا هو المهم".

وأردف قائلا "اليوم في قطاع غزة، الحرب أصبحت مناسبة لتشكيل هذا النموذج، وهذا هو الفارق النوعي الذي رأيناه وتحسسه المواطن والمسؤول، انتشر في بقاع الأرض بيسر وسهولة وتلقفته القلوب والعقول والأفئدة والكل يكاد يكون مجمعا على هذا النموذج".

ولعل المقاربة الوجودية لدور الصحفي، هي التي تعطي له كينونته الزمنية والمكانية، وتعطيه بعدا يجعله يكون في قلب المعادلة السياسية والإستراتيجية، حيث يوضح الدحدوح، في هذا السياق قائلا "أنا أعتقد أن أخطر ما يواجه المحتلين والمجرمين والجناة، هو أن تكون صحفيا ملهما للناس، ولذلك ربما إسرائيل بكل ما تمتلك من قوة وحقد وعنف تحاول أن تقضي على هذا النموذج، حتى لا يعمم".

 

rlpmo.jpg

وعاد ليؤكد "الإعلام شيء أقوى مما نتخيل لأنه يقوم بتغيير قناعة الناس، وأولى خطوات التغيير المنشود هو تغيير قناعات الناس".

وفسّر الدحدوح قوله بأن "إسرائيل عندما ترى صحفيا موظفا أحيانا لا تعتدي كثيرا عليه، تحاول إخافته وإبعاده عن المشهد ومركز الحدث، لكن عندما يبرز في الساحة صحفي يشكل نموذجا ملهما للناس، ليس فقط على مستوى المهنة بل على مستوى الثبات والصبر والشجاعة فهذا غير مسموح به في هذا العالم المجرم".

وأضاف قائلا "صحيح أن الأثمان كانت باهظة، دائما الأهداف الكبيرة تحتاج إلى أثمان كبيرة، وهذا ما يحصل في غزة".

وأكد الدحدوح قائلا "المتابع لمجريات قطاع غزة اليوم خلال 8 أشهر تقريبا حوالي 150 من الزملاء دفعوا أرواحهم ثمنا لهذه المهمة، والتي هي في نهاية المطاف رسالة إنسانية نبيلة ومقدسة ومهمة جدا، ولذلك ربما تستحق منا هذا الاستهداف".

ولاحظ الدحدوح قائلا "لو تابعنا كل الحروب السابقة التي شهدتها المعمورة والتي شهدها الناس، وحتى في الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب فيتنام التي استمرت 20 عاما، كم صحفيا سقطوا، لم يصلوا إلى هذا العدد".

وأضاف "في حرب فيتنام طوال 20 سنة 69 صحفيا في أكثر الإحصائيات المسجلة".

وبالنسبة للدحوح فإن هذا الكلام يعكس شيئين، "أولا: أهمية الصحفي ووجوده ودور الصحفي، إذ يقوم الصحفي بتأدية هذا الدور والأحداث التاريخية والاستثنائية، والأمر الآخر أنه يعكس خوف إسرائيل الحقيقي من دور الصحفي، لأن إسرائيل تريد تنفيذ جرائم حرب".

وأكد الدحدوح قائلا "هذه الحرب مختلفة عن الحروب السابقة التي شهدها قطاع غزة وشهدتها الأرض الفلسطينية، ولذلك إسرائيل من خلال جيشها المحتل أرادت أن تقوم بتنفيذ مخططات مختلفة تماما عن كل ما نفذ سابقا".

وأشار مراسل "قناة الجزيرة" إلى أن الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب "هي تغيير الديموغرافيا الفلسطينية المجاورة لهذا الكيان وهنا كانت الخطورة وهو ربما ما يعكس استهداف إسرائيل للرموز في المجتمع الفلسطيني، الرمز الصحفي والرمز المسؤول والرمز المسعف".

وأقر بأن "كل شخص شكل نموذجا ملهما يمكن أن يأخذ بيد الناس إلى العمل ومواجهة هذه التحديات وهي أكبر من المحتمل، هذا يشكل خطرا على أهداف الاحتلال ولا يجب أن يستمر".

وتساءل قائلا "تخيلوا لو لم يوجد هذا الدور للصحفي في قطاع غزة، ما الذي كان يمكن أن يحل؟ إسرائيل سوف تفعل ما تريد وتقتل مثلما تريد وتغير الديموغرافيا ولا أحد يسمع لا بوائل الدحدوح ولا حتى بما يجري في هذه المنطقة الجغرافية المحاصرة التي تشن عليها مثل هذه الحرب المجنونة".

وأكد قائلا "من هنا نرى أن بذور التغيير بدأت، في أمريكا.. في الجامعات الأمريكية في موطن النخب التي يفترض أن تكون قيادات المستقبل في هذه البلاد، وبالتالي هذا يعكس حجم هذا التأثير وقوته التي يجب أن نتحدث عنها".