إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قمة كوريا و إفريقيا.. حدث التأكيد على التعاون من أجل التنمية والسلام

 

 

إفريقيا في مفترق شراكات حقيقية وهي التي تطلب ودها أغلب الدول الأوروبية

أيام معدودات أصبحت تفصلنا عن انعقاد فعاليات قمة كوريا الجنوبية-إفريقيا التي تحتضنها العاصمة الكورية سيول مطلع شهر جوان القادم وتحديدا في الفترة ما بين 4 و 6 جوان .

 وحسب المعاينة الميدانية فإن الاستعدادات قد بلغت ذروتها وتشير بعض المظاهر الاحتفالية إلى أهمية الجهد المادي والبشري الذي بذلته الدولة الكورية من اجل إنجاح هذا الحدث وخاصة من أجل وضع سياسات واضحة ودائمة في التعاون مع إفريقيا .ولا شك أن كوريا الجنوبية تتحرك وفق رؤية تقوم على الملاءمة دائما بين السياسات والإمكانيات حتى تكون الممارسة السياسية انعكاسا للإمكانيات المتوفرة وتكون الإمكانيات في خدمة السياسات.

ومن خلال ما أكده الرؤساء الأفارقة حول حضور القمة فان العدد سيكون هاما وهو ما يعني أن الرؤية التي قدمتها سيول في إطار الإعداد للقمة مثيرة للاهتمام وتمثل بداية جواب عن أسئلة التنمية المعقدة في إفريقيا. مسار التنمية في إفريقيا معقد لأن الحصيلة تبقى دون المأمول، بل مخيبة خاصة لآمال الأجيال الشابة . يكفي أن نقارن هنا في نقطة الانطلاق ، منذ ستين عاما، بين وضعية كوريا الجنوبية وبعض الدول الإفريقية وبين الوضعية الحالية لندرك الفوارق الكبرى حاليا من ناحية ولنبحث خاصة عن مواطن السر في ما يسميه الملاحظون الخارجيون " المعجزة الكورية " وينظر إليه الكوريون ، بالأساس، بوصفه نتيجة طبيعية للعمل والاجتهاد وحسن توظيف الموارد وخاصة التخطيط الاستراتيجي واعتماد مقاربة تشاركية حقيقية .

وهذه المقاربة لم تكن غائبة في تعامل كوريا الجنوبية مع إفريقيا منذ عقود وتأكدت خاصة في الإعداد لقمة كوريا- إفريقيا التي اعتبرت سيول ان دورها فيها يتمثل في مساعدة الدول الإفريقية على تحقيق أهداف أجندا 2063 التي وضعها الاتحاد الإفريقي والتي تتمحور أساسا حول مواجهة رهانات التغيرات المناخية والنجاح في التحول الطاقي من خلال التوجه نحو الطاقات المتجددة الهيدروجين الأخضر وإدماج الشباب في الحياة الاقتصادية وذلك من خلال المراهنة على الشركات الناشئة علاوة على دعم البحث العلمي وسياسات الإبتكار والتجديد . وهذه الأهداف الطموحة تستند إلى عدة عوامل من أهمها:

- ما يتأكد من وجود مكامن قوة وتنمية حقيقية في إفريقيا وهو ما يعكسه تنوع وتعدد الشركات المطروحة على القارة السمراء. ويمكن القول هنا أن إفريقيا تجد نفسها في مفترق شركات حقيقية وهي التي تطلب ودها أغلب الدول الأوروبية، منفردة أو مجتمعة صلب الاتحاد الأوروبي. هذا دون أن ننسى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين .

- كوريا الجنوبية تتحرك بهدوء ولها ميزتان مقارنة بدول أخرى تريد أن تقيم شراكات مع إفريقيا وتتمثل في أنها لم تكن يوما ما دولة استعمارية وهذا مهم لأنه دليل غياب رواسب يمكن أن تعيق التعاون . وهي أيضا بعيدة كل البعد على أن تكون لها نوايا هيمنة لأنها لم تكن يوما طرفا في الحرب الباردة ولا تتحرك من منطلق الانخراط في صراع النفوذ الذي تعيش الإنسانية على وقعه والذي تمثل الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا أبرز تجلياته المؤلمة والمكلفة . يضاف إلى ذلك أن كوريا الجنوبية ليست مصابة بأمراض التمركز حول الذات التي تجعلها تتصور أنها تملك نموذجا مكتملا " يتعين عليها" فرضه على المجتمعات الأخرى.

وهذا يعني وجود حاجة مشتركة بين كوريا الجنوبية وإفريقيا في إقامة شراكة إستراتيجية خاصة وأن كلاهما ينشد السلام ويحتاج إليه. وهنا من الضروري الإشارة إلى أن النزاعات المسلحة والتوترات السياسية تنهك إفريقيا وأن كوريا الجنوبية تعاني بدورها من التهديد الحقيقي الذي يمثله نظام بيونغ-يانغ الذي هدد رئيسه مؤخرا باللجوء إلى استعمال السلاح النووي علاوة على ما يمارسه يوميا من محاولات استفزاز لسيول تجلت مؤخرا في محاولة شن حرب الكترونية وقرصنة أنظمة ومواقع حساسة وإستراتيجية في كوريا الجنوبية وفي سجن خمسة مهندسين في الإعلامية على خلفية هذه الحرب.

ولا شك ان عددا من الدول الإفريقية ومن بينها تونس يمكن أن تلعب دورا مهما في مساعدة كوريا الجنوبية في حث روسيا والصين الشعبية على الضغط على نظام بيونغ-يانغ حتى يكف عن استهداف سيول .وهذا التصور يستند إلى أن السياسة التونسية تقوم على نشر السلام والتعاون بين الشعوب وعلى أن تونس تملك علاقات حسنة مع بكين وموسكو وقيامها بهذا الدور يساهم في تأكيد مبدأ تعميم الفائدة ويمثل رسالة صداقة للشعب الكوري الذي ما انفك يعبر عن مشاعر صداقة حقيقية نحو الشعب التونسي.

آية العماري.

جمعية " تونس المبادرة للتنمية "

 

 

 

 

 

 

 

 

 قمة كوريا و إفريقيا..   حدث التأكيد على التعاون من أجل التنمية والسلام

 

 

إفريقيا في مفترق شراكات حقيقية وهي التي تطلب ودها أغلب الدول الأوروبية

أيام معدودات أصبحت تفصلنا عن انعقاد فعاليات قمة كوريا الجنوبية-إفريقيا التي تحتضنها العاصمة الكورية سيول مطلع شهر جوان القادم وتحديدا في الفترة ما بين 4 و 6 جوان .

 وحسب المعاينة الميدانية فإن الاستعدادات قد بلغت ذروتها وتشير بعض المظاهر الاحتفالية إلى أهمية الجهد المادي والبشري الذي بذلته الدولة الكورية من اجل إنجاح هذا الحدث وخاصة من أجل وضع سياسات واضحة ودائمة في التعاون مع إفريقيا .ولا شك أن كوريا الجنوبية تتحرك وفق رؤية تقوم على الملاءمة دائما بين السياسات والإمكانيات حتى تكون الممارسة السياسية انعكاسا للإمكانيات المتوفرة وتكون الإمكانيات في خدمة السياسات.

ومن خلال ما أكده الرؤساء الأفارقة حول حضور القمة فان العدد سيكون هاما وهو ما يعني أن الرؤية التي قدمتها سيول في إطار الإعداد للقمة مثيرة للاهتمام وتمثل بداية جواب عن أسئلة التنمية المعقدة في إفريقيا. مسار التنمية في إفريقيا معقد لأن الحصيلة تبقى دون المأمول، بل مخيبة خاصة لآمال الأجيال الشابة . يكفي أن نقارن هنا في نقطة الانطلاق ، منذ ستين عاما، بين وضعية كوريا الجنوبية وبعض الدول الإفريقية وبين الوضعية الحالية لندرك الفوارق الكبرى حاليا من ناحية ولنبحث خاصة عن مواطن السر في ما يسميه الملاحظون الخارجيون " المعجزة الكورية " وينظر إليه الكوريون ، بالأساس، بوصفه نتيجة طبيعية للعمل والاجتهاد وحسن توظيف الموارد وخاصة التخطيط الاستراتيجي واعتماد مقاربة تشاركية حقيقية .

وهذه المقاربة لم تكن غائبة في تعامل كوريا الجنوبية مع إفريقيا منذ عقود وتأكدت خاصة في الإعداد لقمة كوريا- إفريقيا التي اعتبرت سيول ان دورها فيها يتمثل في مساعدة الدول الإفريقية على تحقيق أهداف أجندا 2063 التي وضعها الاتحاد الإفريقي والتي تتمحور أساسا حول مواجهة رهانات التغيرات المناخية والنجاح في التحول الطاقي من خلال التوجه نحو الطاقات المتجددة الهيدروجين الأخضر وإدماج الشباب في الحياة الاقتصادية وذلك من خلال المراهنة على الشركات الناشئة علاوة على دعم البحث العلمي وسياسات الإبتكار والتجديد . وهذه الأهداف الطموحة تستند إلى عدة عوامل من أهمها:

- ما يتأكد من وجود مكامن قوة وتنمية حقيقية في إفريقيا وهو ما يعكسه تنوع وتعدد الشركات المطروحة على القارة السمراء. ويمكن القول هنا أن إفريقيا تجد نفسها في مفترق شركات حقيقية وهي التي تطلب ودها أغلب الدول الأوروبية، منفردة أو مجتمعة صلب الاتحاد الأوروبي. هذا دون أن ننسى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين .

- كوريا الجنوبية تتحرك بهدوء ولها ميزتان مقارنة بدول أخرى تريد أن تقيم شراكات مع إفريقيا وتتمثل في أنها لم تكن يوما ما دولة استعمارية وهذا مهم لأنه دليل غياب رواسب يمكن أن تعيق التعاون . وهي أيضا بعيدة كل البعد على أن تكون لها نوايا هيمنة لأنها لم تكن يوما طرفا في الحرب الباردة ولا تتحرك من منطلق الانخراط في صراع النفوذ الذي تعيش الإنسانية على وقعه والذي تمثل الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا أبرز تجلياته المؤلمة والمكلفة . يضاف إلى ذلك أن كوريا الجنوبية ليست مصابة بأمراض التمركز حول الذات التي تجعلها تتصور أنها تملك نموذجا مكتملا " يتعين عليها" فرضه على المجتمعات الأخرى.

وهذا يعني وجود حاجة مشتركة بين كوريا الجنوبية وإفريقيا في إقامة شراكة إستراتيجية خاصة وأن كلاهما ينشد السلام ويحتاج إليه. وهنا من الضروري الإشارة إلى أن النزاعات المسلحة والتوترات السياسية تنهك إفريقيا وأن كوريا الجنوبية تعاني بدورها من التهديد الحقيقي الذي يمثله نظام بيونغ-يانغ الذي هدد رئيسه مؤخرا باللجوء إلى استعمال السلاح النووي علاوة على ما يمارسه يوميا من محاولات استفزاز لسيول تجلت مؤخرا في محاولة شن حرب الكترونية وقرصنة أنظمة ومواقع حساسة وإستراتيجية في كوريا الجنوبية وفي سجن خمسة مهندسين في الإعلامية على خلفية هذه الحرب.

ولا شك ان عددا من الدول الإفريقية ومن بينها تونس يمكن أن تلعب دورا مهما في مساعدة كوريا الجنوبية في حث روسيا والصين الشعبية على الضغط على نظام بيونغ-يانغ حتى يكف عن استهداف سيول .وهذا التصور يستند إلى أن السياسة التونسية تقوم على نشر السلام والتعاون بين الشعوب وعلى أن تونس تملك علاقات حسنة مع بكين وموسكو وقيامها بهذا الدور يساهم في تأكيد مبدأ تعميم الفائدة ويمثل رسالة صداقة للشعب الكوري الذي ما انفك يعبر عن مشاعر صداقة حقيقية نحو الشعب التونسي.

آية العماري.

جمعية " تونس المبادرة للتنمية "