إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

القاعدتان البحرية والجوية بصفاقس.. للوطن حماة وسدا منيعا ..

تونس-الصباح

على بٌعد أميال من اليابسة، تتراءى لك من بعيد سواحل مدينة صفاقس، وهي تٌراقب في خيلاء هدير الأمواج المتلاطمة تتكسر عند أقدام صخورها الصلدة.. هنالك حيث تحيط بك مياه الأزرق الكبير من كل جانب صنعوا المجد فحصدوا الإعجاب والانبهار.. بعد أن وقفوا في عرض المتوسط كالأسود سدّا منيعا يحمونه ويذودون عليه من كل خطر داهم..

يقظة، جاهزية سرعة ودقة عالية في التنفيذ.. هكذا هم فوج طلائع البحرية 52 بالقاعدة البحرية بصفاقس، أسود أشاوس أبطال برهنوا عن عزيمة من فولاذ وقوة خارقة في حماية الوطن والتصدي لكل خطر داهم..

وجه آخر من المهام العسكرية اكتشفناها لدى زيارتنا القاعدة البحرية بصفاقس حيث منحتنا سلسلة الزيارات الميدانية التي تنظمها وزارة الدفاع الوطني لفائدة الصحفيين- فرصة الولوج الى عوالم من طراز خاص.. عوالم لها خصوصيتها وقوانينها وأحكامها فتختلف كل زيارة عن سابقاتها من الزيارات لكنها تشترك في جانب واحد وهو أن للوطن رجالا يحمونه.. للوطن رجال وضعوا حياتهم رهن أمنه واستقراره وسلامته ..

لطالما كانت تدخّلات جيش البحر للتصدّي لكلّ عٌدوان متأت من البحر من الأخبار التي تعترضنا إما على صفحات الجرائد أو نلتقطها على أمواج إذاعة ما لكن أن تشاهدها في سيناريو يحاكي الواقع تماما حتى انك تخال للحظة انك تعيش تفاصيل مداهمة حقيقية.. فهذا يجعلك تدرك مدى دقة وخصوصية المهام الموكولة لجيش البحر هذه المهام التي على صعوبتها وخطورتها إلا أن لجيش البحر أبطالا برهنوا على قوة خارقة وعزيمة من فولاذ ..

وانطلقت الرّحلة..

على متن الجوّالة انطلقنا في رحلة اكتشاف ومٌعاينة لتمرين استباقي كثيرا ما نقلته صٌحفية "كخبر" في إطار عملها اليومي.. لكن الواقع الملموس وما عاينّاه من يقظة وحالة تأهب تام وتنسيق محكم بين جميع الأطراف المتداخلة.. كان أبعد ما يكون عمّا دار في مٌخيّلة صحفية لحظة نقلها لتفاصيل خبر مشابه..

"المراقبة البحرية انتباه.. مركب غير معرّف بالموقع 34 درجة و39 دقيقة شمالا و10 درجات 47 دقيقة شرقا في اتجاه الميناء.. المطلوب التوجه للتثبت من طبيعة النشاط ورّد الخبر".. "نحن في الاتجاه"..

أصل الحكاية تكمن في أنه وبعد أن انطلقت الجوالة تشق عرض البحر حتى تلاشت كليا مدينة صفاقس وميناؤها.. لتستقر الجوالة في عرض البحر فتتماهى زرقة السماء مع زرقة البحر.. يلوح من بعيد مركب صيد اشتبه في أمر الجوالة فيتصل حالا "بالرايس" (ربان السفينة) فيستفسره عن اسم المركب ورقمه وعدد البحّارة على متنه الى جانب تفاصيل أخرى تتعلق بزمن الإبحار ومدته..

لكن يتبين لاحقا أن المعلومات التي أدلى بها "الرايس" مغلوطة ومخالفة لما هو متوفر من معلومات لدى وحدة المراقبة فيتم مجددا التواصل معه ومطالبته بإيقاف المحرك.. لتتولّى إثرها قوات الفوج 52 لطلائع البحرية اقتحام المركب وتفتيشه.

رغم علمنا المسبق بتفاصيل التمرين الذي يحاكي الواقع إلا أن التشويق كان سيد المشهد، فالدقّة في التنفيذ وفي ضبط كل مراحل وآليات العملية تجعلك لا تشك ولو للحظة أن الأمر مجرد تمرين استباقي يٌحاكي الواقع..

دقة.. وجاهزية.. وسيطرة محكمة.. ثلاث كلمات تلخص اقتحام خافرة طلائع البحرية 52 للمركب المشتبه به.. فرغم أن البحر لم يكن يومها هادئا، إلا أن هذه القوات التي تولّت ببسالة تطويق المركب ومحاصرته قبل أن تقوم باقتحامه وتفتيشه بدقة ليتبين أن عدد البحارة المصرح به من طرف الربان غير مطابق للعدد الموجود على متنه ..

هنا تم إنزال فريق ناب لتفتيش المركب فتبين وجود مادة مشبوهة على متنه..

بضع دقائق كانت كفيلة للسيطرة على الوضع وتحويل وجهة مركب الصيد نحو ميناء القاعدة البحرية.. دقائق معدودات كشفت عن حالة تأهّب قصوى لدى طلائع البحرية 52 الذين كانوا عنوانا للتميز والتألق والشجاعة والبطولة ..

يعتبر التصدي للإرهاب والجريمة المنظمة وحماية السواحل وكل المهام ذات الطابع الهام من بين مجالات تدخل فوج الطلائع الذين يحمون حدود تونس بحرا.

ويشير آمر الجوّالة في هذا الخصوص الى أن التمرين هو سيناريو لعملية تفتيش مركب صيد بحري في إطار الدور الموكول الى الوحدات العائمة التابعة لجيش البحر لدى تلقيها لمعلومات مماثلة .

كما تجدر الإشارة الى أن عمليات التفتيش واقتحام السفن هي مهام موكولة لأفواج الطلائع البحرية للتدخل مع أية وحدة عائمة كلما اقتضى الأمر.

من البحر إلى الجو

ومن عرض البحر الى التحليق عاليا في فضاء رحب قوامه التميز والتطور.. فبعد أن غادرنا القاعدة البحرية بصفاقس.. كانت الوجهة الى الوحدة 14 بالقاعدة الجوية بصفاقس أين لامسنا عن كثب الخطوات الأولى نحو السماء ..

لا يمكن لأي زائر الى القاعدة الجوية بصفاقس إلا أن يٌفتتن بسحر المكان وروعته فيتوه في تفاصيله.. مٌجسّمات وشعارات تختصر فضاء رحبا يجمع 3 وحدات جوية (الفوج 14 والفوج 15 والفوج 31).

فالقاعدة الجوية بصفاقس ومن خلال وحداتها الثلاث الى جانب مدرسة الاختصاصات المتعددة والمركز الأول للتدريب بجيش الطيران تمثل رقما صعبا في مجالها..

"فمن هنا مر جميع الضباط الطيارين بجيش الطيران".. يقول العقيد سفيان الرزقي آمر الوحدة الجوية 14 ..

هذه الوحدة التي تأسّست في 31 جويلية 1984 تؤمّنُ تكوين طياري النقل والطيارين المقاتلين علاوة على اضطلاعها بمهام الاستطلاع الجوي والبحث والإنقاذ..

كما أن تدريب الطيارين في الوحدة 14 يقوم على التطور والمواكبة لكل المستجدات التكنولوجية الحاصلة حيث يتم تدريب الطيّارين في الوحدة 14 عبر طائرة SIAI-Marchetti SF260 ، وطائرة T-6C

في الوحدة الجوية 14.. تعرفنا على خصوصية مجال

له سحره وجاذبيته الخاصة.. قائد طائرة.. هذا الحلم الذي يتقاسمه الآلاف كما واكبنا كل المراحل التي ترافق عملية الإقلاع.. من خلال تمرين طيران تابعنا عبره كل حيثيات هذه العملية الدقيقة .

فقبل عملية الإقلاع يتعين المرور بقاعدة العمليات أين يٌجرى التعرف على الأحوال الجوية وطرق الجولان وغيرها من المعلومات الضرورية.. ثم يمر الطيار الى الإمضاء في سجل المهمات الجوية قبل القيام بأية مهمة تعبيرا عن استعداده النفسي والذهني والبدني للإقلاع..

خلية نحل

هنالك في مربض الطائرات وقبيل عملية الإقلاع على متن الـ"ت6" بدا الجميع كخلية نحل يعملون في تناسق وتناغم تام: يتولّى الميكانيكي في البداية تفقد الطائرة يليه التلميذ فالمدرب.. وبعد استكمال جميع الخطوات اللازمة يجلس التلميذ في المقعد الأمامي وخلفه مدربه.. لتنطلق عملية الإقلاع في تناغم ملفت للانتباه.

من جانب آخر جدير بالذكر أن الوحدة الجوية 14 فضاء يحاكي طيرانا يجسد تفاصيل الطيران مثلما هو الحال على ارض الواقع تحت إشراف مدربي طيران ومن خلال هذه المحاكاة يتدرب التلاميذ على الطيران في واقع افتراضي يحاكي مهمة طيران حقيقية. ومن الميزات الأساسية لهذه العملية أنها تمكن التلاميذ المتربصين من تحسين قدراتهم في الطيران والتعامل مع الطائرة وقمرة القيادة علاوة على تدعيم القدرة العملياتية.

هذا بالتوازي مع تدريب التلامذة على الوضعيات التي لا يمكن القيام بها أو إنجازها في مهمة طيران عادية على غرار حالات الطوارئ التي قد يتعرّض لها الطيار في مهمة طيران حقيقية، ليكون قادرا على التعامل معها ومجابهتها.. فمن الوظائف الأساسية للمحاكي هي المحافظة على سلامة التلاميذ المتربصين فضلا على المعدات الجوية الى جانب تخفيض تكلفة التدريب من خلال التحكم في ساعات الطيران..

يؤكد آمر الوحدة الجوية 14 بالقاعدة الجويّة بصفاقس العقيد سفيان الرزقي أنّ الوحدة تتميز بإمكانيات عالية في مجال تكوين الطيارين فضلا عن كونها مزوّدة بأحدث التجهيزات كاشفا أنّ جميع الضباط الطيارين بجيش الطيران تم تكوينهم بهذه الوحدة.. وهو ما لمسناه فعلا فالوحدة ومن حيث التجهيزات التي توفرها بصدد مواكبة نسق التطور التكنولوجي الحاصل الأمر الذي يعكس جودة التكوين الذي تقدمه للتلاميذ..

بين عمق البحر والخطوات الأولى للتحليق عاليا.. انتهت زيارتنا.. زيارة كانت مفعمة بتفاصيل ومعلومات تعكس في جوهرها مدى جاهزية المؤسسة العسكرية ومدى مواكبتها للتطور التقني الحاصل لكن وحدها جملة استقرت في الذاكرة: سواء كان الأمر بحرا أو جوا فإن للوطن حماة أشاوس يقفون حصنا منيعا إزاء كل خطر داهم..

منال حرزي

 

 

 

 

 

 

 

القاعدتان البحرية والجوية بصفاقس.. للوطن حماة وسدا منيعا ..

تونس-الصباح

على بٌعد أميال من اليابسة، تتراءى لك من بعيد سواحل مدينة صفاقس، وهي تٌراقب في خيلاء هدير الأمواج المتلاطمة تتكسر عند أقدام صخورها الصلدة.. هنالك حيث تحيط بك مياه الأزرق الكبير من كل جانب صنعوا المجد فحصدوا الإعجاب والانبهار.. بعد أن وقفوا في عرض المتوسط كالأسود سدّا منيعا يحمونه ويذودون عليه من كل خطر داهم..

يقظة، جاهزية سرعة ودقة عالية في التنفيذ.. هكذا هم فوج طلائع البحرية 52 بالقاعدة البحرية بصفاقس، أسود أشاوس أبطال برهنوا عن عزيمة من فولاذ وقوة خارقة في حماية الوطن والتصدي لكل خطر داهم..

وجه آخر من المهام العسكرية اكتشفناها لدى زيارتنا القاعدة البحرية بصفاقس حيث منحتنا سلسلة الزيارات الميدانية التي تنظمها وزارة الدفاع الوطني لفائدة الصحفيين- فرصة الولوج الى عوالم من طراز خاص.. عوالم لها خصوصيتها وقوانينها وأحكامها فتختلف كل زيارة عن سابقاتها من الزيارات لكنها تشترك في جانب واحد وهو أن للوطن رجالا يحمونه.. للوطن رجال وضعوا حياتهم رهن أمنه واستقراره وسلامته ..

لطالما كانت تدخّلات جيش البحر للتصدّي لكلّ عٌدوان متأت من البحر من الأخبار التي تعترضنا إما على صفحات الجرائد أو نلتقطها على أمواج إذاعة ما لكن أن تشاهدها في سيناريو يحاكي الواقع تماما حتى انك تخال للحظة انك تعيش تفاصيل مداهمة حقيقية.. فهذا يجعلك تدرك مدى دقة وخصوصية المهام الموكولة لجيش البحر هذه المهام التي على صعوبتها وخطورتها إلا أن لجيش البحر أبطالا برهنوا على قوة خارقة وعزيمة من فولاذ ..

وانطلقت الرّحلة..

على متن الجوّالة انطلقنا في رحلة اكتشاف ومٌعاينة لتمرين استباقي كثيرا ما نقلته صٌحفية "كخبر" في إطار عملها اليومي.. لكن الواقع الملموس وما عاينّاه من يقظة وحالة تأهب تام وتنسيق محكم بين جميع الأطراف المتداخلة.. كان أبعد ما يكون عمّا دار في مٌخيّلة صحفية لحظة نقلها لتفاصيل خبر مشابه..

"المراقبة البحرية انتباه.. مركب غير معرّف بالموقع 34 درجة و39 دقيقة شمالا و10 درجات 47 دقيقة شرقا في اتجاه الميناء.. المطلوب التوجه للتثبت من طبيعة النشاط ورّد الخبر".. "نحن في الاتجاه"..

أصل الحكاية تكمن في أنه وبعد أن انطلقت الجوالة تشق عرض البحر حتى تلاشت كليا مدينة صفاقس وميناؤها.. لتستقر الجوالة في عرض البحر فتتماهى زرقة السماء مع زرقة البحر.. يلوح من بعيد مركب صيد اشتبه في أمر الجوالة فيتصل حالا "بالرايس" (ربان السفينة) فيستفسره عن اسم المركب ورقمه وعدد البحّارة على متنه الى جانب تفاصيل أخرى تتعلق بزمن الإبحار ومدته..

لكن يتبين لاحقا أن المعلومات التي أدلى بها "الرايس" مغلوطة ومخالفة لما هو متوفر من معلومات لدى وحدة المراقبة فيتم مجددا التواصل معه ومطالبته بإيقاف المحرك.. لتتولّى إثرها قوات الفوج 52 لطلائع البحرية اقتحام المركب وتفتيشه.

رغم علمنا المسبق بتفاصيل التمرين الذي يحاكي الواقع إلا أن التشويق كان سيد المشهد، فالدقّة في التنفيذ وفي ضبط كل مراحل وآليات العملية تجعلك لا تشك ولو للحظة أن الأمر مجرد تمرين استباقي يٌحاكي الواقع..

دقة.. وجاهزية.. وسيطرة محكمة.. ثلاث كلمات تلخص اقتحام خافرة طلائع البحرية 52 للمركب المشتبه به.. فرغم أن البحر لم يكن يومها هادئا، إلا أن هذه القوات التي تولّت ببسالة تطويق المركب ومحاصرته قبل أن تقوم باقتحامه وتفتيشه بدقة ليتبين أن عدد البحارة المصرح به من طرف الربان غير مطابق للعدد الموجود على متنه ..

هنا تم إنزال فريق ناب لتفتيش المركب فتبين وجود مادة مشبوهة على متنه..

بضع دقائق كانت كفيلة للسيطرة على الوضع وتحويل وجهة مركب الصيد نحو ميناء القاعدة البحرية.. دقائق معدودات كشفت عن حالة تأهّب قصوى لدى طلائع البحرية 52 الذين كانوا عنوانا للتميز والتألق والشجاعة والبطولة ..

يعتبر التصدي للإرهاب والجريمة المنظمة وحماية السواحل وكل المهام ذات الطابع الهام من بين مجالات تدخل فوج الطلائع الذين يحمون حدود تونس بحرا.

ويشير آمر الجوّالة في هذا الخصوص الى أن التمرين هو سيناريو لعملية تفتيش مركب صيد بحري في إطار الدور الموكول الى الوحدات العائمة التابعة لجيش البحر لدى تلقيها لمعلومات مماثلة .

كما تجدر الإشارة الى أن عمليات التفتيش واقتحام السفن هي مهام موكولة لأفواج الطلائع البحرية للتدخل مع أية وحدة عائمة كلما اقتضى الأمر.

من البحر إلى الجو

ومن عرض البحر الى التحليق عاليا في فضاء رحب قوامه التميز والتطور.. فبعد أن غادرنا القاعدة البحرية بصفاقس.. كانت الوجهة الى الوحدة 14 بالقاعدة الجوية بصفاقس أين لامسنا عن كثب الخطوات الأولى نحو السماء ..

لا يمكن لأي زائر الى القاعدة الجوية بصفاقس إلا أن يٌفتتن بسحر المكان وروعته فيتوه في تفاصيله.. مٌجسّمات وشعارات تختصر فضاء رحبا يجمع 3 وحدات جوية (الفوج 14 والفوج 15 والفوج 31).

فالقاعدة الجوية بصفاقس ومن خلال وحداتها الثلاث الى جانب مدرسة الاختصاصات المتعددة والمركز الأول للتدريب بجيش الطيران تمثل رقما صعبا في مجالها..

"فمن هنا مر جميع الضباط الطيارين بجيش الطيران".. يقول العقيد سفيان الرزقي آمر الوحدة الجوية 14 ..

هذه الوحدة التي تأسّست في 31 جويلية 1984 تؤمّنُ تكوين طياري النقل والطيارين المقاتلين علاوة على اضطلاعها بمهام الاستطلاع الجوي والبحث والإنقاذ..

كما أن تدريب الطيارين في الوحدة 14 يقوم على التطور والمواكبة لكل المستجدات التكنولوجية الحاصلة حيث يتم تدريب الطيّارين في الوحدة 14 عبر طائرة SIAI-Marchetti SF260 ، وطائرة T-6C

في الوحدة الجوية 14.. تعرفنا على خصوصية مجال

له سحره وجاذبيته الخاصة.. قائد طائرة.. هذا الحلم الذي يتقاسمه الآلاف كما واكبنا كل المراحل التي ترافق عملية الإقلاع.. من خلال تمرين طيران تابعنا عبره كل حيثيات هذه العملية الدقيقة .

فقبل عملية الإقلاع يتعين المرور بقاعدة العمليات أين يٌجرى التعرف على الأحوال الجوية وطرق الجولان وغيرها من المعلومات الضرورية.. ثم يمر الطيار الى الإمضاء في سجل المهمات الجوية قبل القيام بأية مهمة تعبيرا عن استعداده النفسي والذهني والبدني للإقلاع..

خلية نحل

هنالك في مربض الطائرات وقبيل عملية الإقلاع على متن الـ"ت6" بدا الجميع كخلية نحل يعملون في تناسق وتناغم تام: يتولّى الميكانيكي في البداية تفقد الطائرة يليه التلميذ فالمدرب.. وبعد استكمال جميع الخطوات اللازمة يجلس التلميذ في المقعد الأمامي وخلفه مدربه.. لتنطلق عملية الإقلاع في تناغم ملفت للانتباه.

من جانب آخر جدير بالذكر أن الوحدة الجوية 14 فضاء يحاكي طيرانا يجسد تفاصيل الطيران مثلما هو الحال على ارض الواقع تحت إشراف مدربي طيران ومن خلال هذه المحاكاة يتدرب التلاميذ على الطيران في واقع افتراضي يحاكي مهمة طيران حقيقية. ومن الميزات الأساسية لهذه العملية أنها تمكن التلاميذ المتربصين من تحسين قدراتهم في الطيران والتعامل مع الطائرة وقمرة القيادة علاوة على تدعيم القدرة العملياتية.

هذا بالتوازي مع تدريب التلامذة على الوضعيات التي لا يمكن القيام بها أو إنجازها في مهمة طيران عادية على غرار حالات الطوارئ التي قد يتعرّض لها الطيار في مهمة طيران حقيقية، ليكون قادرا على التعامل معها ومجابهتها.. فمن الوظائف الأساسية للمحاكي هي المحافظة على سلامة التلاميذ المتربصين فضلا على المعدات الجوية الى جانب تخفيض تكلفة التدريب من خلال التحكم في ساعات الطيران..

يؤكد آمر الوحدة الجوية 14 بالقاعدة الجويّة بصفاقس العقيد سفيان الرزقي أنّ الوحدة تتميز بإمكانيات عالية في مجال تكوين الطيارين فضلا عن كونها مزوّدة بأحدث التجهيزات كاشفا أنّ جميع الضباط الطيارين بجيش الطيران تم تكوينهم بهذه الوحدة.. وهو ما لمسناه فعلا فالوحدة ومن حيث التجهيزات التي توفرها بصدد مواكبة نسق التطور التكنولوجي الحاصل الأمر الذي يعكس جودة التكوين الذي تقدمه للتلاميذ..

بين عمق البحر والخطوات الأولى للتحليق عاليا.. انتهت زيارتنا.. زيارة كانت مفعمة بتفاصيل ومعلومات تعكس في جوهرها مدى جاهزية المؤسسة العسكرية ومدى مواكبتها للتطور التقني الحاصل لكن وحدها جملة استقرت في الذاكرة: سواء كان الأمر بحرا أو جوا فإن للوطن حماة أشاوس يقفون حصنا منيعا إزاء كل خطر داهم..

منال حرزي