إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. إعلام التضليل و"السموم"!!..

 

يوم بعد آخر تنكشف حقيقة الإعلام الغربي، وتعري الوقائع والمستجدات مساوئه، ففي وقت يتدثر برداء المهنية والموضوعية، ويدعي مبادئ الحرفية والأخلاقيات الصحفية، سرعان ما يسقط في المحظور، يتعامل بازدواجية المعايير، ويعمد إلى التضليل ونشر الأكاذيب، لتحركه بوصلة الأجندات والحسابات، كلما تعلق الأمر بملفات تونسية، أو أحداث ومستجدات عربية، فلا مهنية، ولا تعددية، ولا موضوعية، ولا مواثيق شرف صحفية.

الوقائع والأمثلة التي تعكس تناقضاته وتبايناته وازدواجية معاييره، شبه يومية، ولا تحصى ولا تعد، آخرها ما أقدمت عليه القناة الإخبارية الفرنسية "LCI" من ادعاءات حول هبوط طائرة روسية بمطار جربة جرجيس الدولي على متنها عناصر من مجموعة "فاغنر"، وهو ما نفته سفارة تونس بفرنسا قطعيا، بما طرح عديد الاستفهامات حول النوايا المفضوحة والأساليب المكشوفة، لما وراء التضليل، والغايات الخفية لهذه العملية، لاسيما أن القناة المذكورة لم تكلف نفسها أدنى اجتهاد للتحقق مسبقا من مصادر رسمية.

ولعل التساؤلات تزداد أكثر، تزامنا مع اتهام صحيفة "لوموند" الفرنسية تونس بالاصطفاف وراء سياسة المحاور ولما اعتبرته التقارب الحذر والسري مع روسيا، انطلاقا من تحول رئيس الجمهورية قيس سعيد الى إيران لأداء واجب العزاء إثر وفاة الرئيس الإيراني رئيسي في حادث الطائرة المروحية، وهو أسلوب فج، فيه تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، ومس من السيادة الوطنية، وكأن تونس مازالت مجرد مستعمرة، يجب أن تتحكم فرنسا في بوصلة تحالفاتها الخارجية، ومحكوم عليها الاصطفاف وراء المحور الغربي مهما كانت التحولات الإستراتيجية والجيوسياسية.

والحقيقة أن تونس كثيرا ما كانت على مدى الأشهر الماضية، تحت قصف إعلامي ممنهج، وفي مرمى سهام انتقادات موجهة، من الإعلام الغربي ولاسيما الفرنسي، الذي لم يتوان في كل مرة، عن توجيه "قذائفه وحممه" نحو تونس، على خلفية تمسكها بقراراتها السيادية، وموقفها من القضية الفلسطينية، بلغت حد اتهامها من قبل القناة الثانية الفرنسية بـ"معاداة السامية" و"العنصرية"، كما انخرطت بعض وسائل الإعلام الغربية في حملات ممنهجة، أساءت الى صورة تونس وتاريخها، وكأن تونس ليست دولة ذات سيادة، وليس من حقها رفض الإملاءات الخارجية، وكل ما عليها أن تكون مجرد "تابع"، تطبق ما يملى عليها من وراء البحار.

ويبدو أن أسلوب تعاطي الإعلام الغربي والأمريكي، سواء مع الملفات التونسية أو العربية، ليس جديدا ولا مفاجئا، في ظل انحيازه المفضوح الذي نتابعه يوميا، للكيان الغاصب في حرب الإبادة التي يخوضها ضد الشعب الفلسطيني، وتزييفه للحقائق واتباع التلفيق، بشكل يدعو الى الاستغراب وحتى الذهول، وهو ما يكذب شعاراته التي يتشدق بها، حول حرية التعبير والشفافية والمصداقية، والرسالة الصحفية ومضامينها الإنسانية.

وأمام هذا الإعلام المسعور والحاقد، الذي تنتظر نيرانه وقذائفه و"حممه" في كل لحظة، لا مناص من مواجهته بإجراءات، وأساليب تعاطي، تسحب من تحته البساط، تحبط مخططاته، تكذب إشاعاته، تربك سيناريوهاته، تفضح كذبه، تعري ادعاءاته، وتحرجه أمام الرأي العام العالمي، وإلا فإن "أسلحته الفتاكة" ستنجح في بلوغ أهدافها، المحددة بدقة متناهية.

أول خطوة لمواجهة هذا التعاطي الإعلامي الفج والمسموم، تتطلب تحرك الجهات الرسمية والأطراف المسؤولة، في وقت قياسي لتكذيب الإشاعات والحقائق المزيفة، بما من شأنه محاصرتها قبل انتشارها، وكل تأخير في التحرك والتوضيح من الجهات الرسمية قد يكلف غاليا، كما أنه لابد من تسهيل عملية حصول الصحفيين على المعلومات والمعطيات اللازمة في الإبان، بما يمكن من اطلاع الرأي على الحقيقة، بعيدا عن قنوات "التلفيق" الأجنبية، التي لا تحترم الأخلاقيات، ولا السلوك المهني، ويبقى تحلي الإعلام المحلي بمسؤوليته الوطنية وتعاطيه بحرفية، مع مثل هذه الأساليب لدحض الأكاذيب والشائعات، مسألة في غاية الأهمية، باعتبار أن المصلحة الوطنية، تظل بعيدا عن كل الحساسيات، وفوق كل الحسابات والأجندات.

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

يوم بعد آخر تنكشف حقيقة الإعلام الغربي، وتعري الوقائع والمستجدات مساوئه، ففي وقت يتدثر برداء المهنية والموضوعية، ويدعي مبادئ الحرفية والأخلاقيات الصحفية، سرعان ما يسقط في المحظور، يتعامل بازدواجية المعايير، ويعمد إلى التضليل ونشر الأكاذيب، لتحركه بوصلة الأجندات والحسابات، كلما تعلق الأمر بملفات تونسية، أو أحداث ومستجدات عربية، فلا مهنية، ولا تعددية، ولا موضوعية، ولا مواثيق شرف صحفية.

الوقائع والأمثلة التي تعكس تناقضاته وتبايناته وازدواجية معاييره، شبه يومية، ولا تحصى ولا تعد، آخرها ما أقدمت عليه القناة الإخبارية الفرنسية "LCI" من ادعاءات حول هبوط طائرة روسية بمطار جربة جرجيس الدولي على متنها عناصر من مجموعة "فاغنر"، وهو ما نفته سفارة تونس بفرنسا قطعيا، بما طرح عديد الاستفهامات حول النوايا المفضوحة والأساليب المكشوفة، لما وراء التضليل، والغايات الخفية لهذه العملية، لاسيما أن القناة المذكورة لم تكلف نفسها أدنى اجتهاد للتحقق مسبقا من مصادر رسمية.

ولعل التساؤلات تزداد أكثر، تزامنا مع اتهام صحيفة "لوموند" الفرنسية تونس بالاصطفاف وراء سياسة المحاور ولما اعتبرته التقارب الحذر والسري مع روسيا، انطلاقا من تحول رئيس الجمهورية قيس سعيد الى إيران لأداء واجب العزاء إثر وفاة الرئيس الإيراني رئيسي في حادث الطائرة المروحية، وهو أسلوب فج، فيه تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، ومس من السيادة الوطنية، وكأن تونس مازالت مجرد مستعمرة، يجب أن تتحكم فرنسا في بوصلة تحالفاتها الخارجية، ومحكوم عليها الاصطفاف وراء المحور الغربي مهما كانت التحولات الإستراتيجية والجيوسياسية.

والحقيقة أن تونس كثيرا ما كانت على مدى الأشهر الماضية، تحت قصف إعلامي ممنهج، وفي مرمى سهام انتقادات موجهة، من الإعلام الغربي ولاسيما الفرنسي، الذي لم يتوان في كل مرة، عن توجيه "قذائفه وحممه" نحو تونس، على خلفية تمسكها بقراراتها السيادية، وموقفها من القضية الفلسطينية، بلغت حد اتهامها من قبل القناة الثانية الفرنسية بـ"معاداة السامية" و"العنصرية"، كما انخرطت بعض وسائل الإعلام الغربية في حملات ممنهجة، أساءت الى صورة تونس وتاريخها، وكأن تونس ليست دولة ذات سيادة، وليس من حقها رفض الإملاءات الخارجية، وكل ما عليها أن تكون مجرد "تابع"، تطبق ما يملى عليها من وراء البحار.

ويبدو أن أسلوب تعاطي الإعلام الغربي والأمريكي، سواء مع الملفات التونسية أو العربية، ليس جديدا ولا مفاجئا، في ظل انحيازه المفضوح الذي نتابعه يوميا، للكيان الغاصب في حرب الإبادة التي يخوضها ضد الشعب الفلسطيني، وتزييفه للحقائق واتباع التلفيق، بشكل يدعو الى الاستغراب وحتى الذهول، وهو ما يكذب شعاراته التي يتشدق بها، حول حرية التعبير والشفافية والمصداقية، والرسالة الصحفية ومضامينها الإنسانية.

وأمام هذا الإعلام المسعور والحاقد، الذي تنتظر نيرانه وقذائفه و"حممه" في كل لحظة، لا مناص من مواجهته بإجراءات، وأساليب تعاطي، تسحب من تحته البساط، تحبط مخططاته، تكذب إشاعاته، تربك سيناريوهاته، تفضح كذبه، تعري ادعاءاته، وتحرجه أمام الرأي العام العالمي، وإلا فإن "أسلحته الفتاكة" ستنجح في بلوغ أهدافها، المحددة بدقة متناهية.

أول خطوة لمواجهة هذا التعاطي الإعلامي الفج والمسموم، تتطلب تحرك الجهات الرسمية والأطراف المسؤولة، في وقت قياسي لتكذيب الإشاعات والحقائق المزيفة، بما من شأنه محاصرتها قبل انتشارها، وكل تأخير في التحرك والتوضيح من الجهات الرسمية قد يكلف غاليا، كما أنه لابد من تسهيل عملية حصول الصحفيين على المعلومات والمعطيات اللازمة في الإبان، بما يمكن من اطلاع الرأي على الحقيقة، بعيدا عن قنوات "التلفيق" الأجنبية، التي لا تحترم الأخلاقيات، ولا السلوك المهني، ويبقى تحلي الإعلام المحلي بمسؤوليته الوطنية وتعاطيه بحرفية، مع مثل هذه الأساليب لدحض الأكاذيب والشائعات، مسألة في غاية الأهمية، باعتبار أن المصلحة الوطنية، تظل بعيدا عن كل الحساسيات، وفوق كل الحسابات والأجندات.

محمد صالح الربعاوي