إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حول تنفّذ بعض العائلات .. مظهر من أزمة الاقتصاد الريعي.. فماذا عن مسؤولية الدولة؟

تونس-الصباح

في إشارة جديدة منه للعائلات المتحكمة في الإدارة والاقتصاد اتهم رئيس الجمهورية قيس سعيّد هذه الأطراف بالعمل على تأجيج الأوضاع وضرب الدولة.

وقال رئيس الجمهورية خلال لقائه أول أمس بليلى جفال وزيرة العدل “.. يريدون تأجيج الأوضاع والهدف اليوم هو ضرب الدولة.. كل القضايا مفتعلة ولا تتعلق بهذا الحزب أو بذاك.. تتعلق بـ40 أو 50 عائلة تسيطر على البلاد… يتباكون ولهم امتدادات داخل البلاد ولوبيات تخدمها وداخل الإدارة وسوف يتحملون مسؤولياتهم كاملة من هم داخل الإدارة.. “، على حد تعبيره

قال الرئيس أيضا إن "القضية ليست يسارا ولا يمينا ولا نهضة ولا تجمع هي قضية لوبيات لها امتداد في الإدارة …هذا هو المشكل الكبير في تونس ولهم بطبيعة الحال الصحف المأجورة والألسن المسعورة" .. مضيفا "يا حبذا لو تطلعنا الإذاعة والتلفزة ماذا كان موجودا في البرلمان قبل 25 جويلية وكم من نص دخل وخرج لخدمة اللوبيات.. نحن لم نأت لخدمة اللوبيات بل جئنا من اجل تحرير تونس.."

الاقتصاد الريعي

ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس الجمهورية لموضوع العائلات النافذة في البلاد ومن وراء ذلك الاقتصاد الريعي فقد أشار في أفريل الفارط خلال لقائه بوزيرة الاقتصاد والتخطيط، فريال الورغي السبعي، إلى أن "الاقتصاد الريعي لا يخلق الثروة أبدا ولا يمكن أن يكون ركيزة من ركائز الاقتصاد والنمو" مشيرا إلى أن الذين استفادوا منه هم "بضع عائلات".

وذكر سعيّد حينها أن "الجهات التي نصّبت نفسها للتصنيف والترقيم كانت تضع تونس في مراتب متقدمة وتمنحها علامات الاستحسان بارتباط هذه العائلات بدوائر خارجية" مشددا بالمناسبة على "ضرورة أن تكون الخيارات الاقتصادية خيارات وطنية خالصة بناء على تصورات جديدة تقطع مع ما كان سائدا في السابق".

نفوذ العائلات

إن موضوع تحكم عائلات بعينها في الاقتصاد والإدارة وحتى في القرار السياسي والتشريعي في مرحلة ما، ليس بالموضوع المستجد بل تناولته عديد الأطراف سابقا ونبهت جمعيات وأحزاب وحتى جهات خارجية من التداعيات السلبية لتواصل منظومة الاقتصاد الريعي ومنها عرقلة المنافسة والنمو في البلاد لكن ظل الوضع على ما هو عليه ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في تغيير هذا الواقع كما لم تتحلى الدولة في الكثير من الأحيان بالشجاعة الكافية لإقرار إجراءات ثورية واتخاذ قرارات تفكك منظومة الريع أو تحد منها.

يذكر الجميع ذلك التصريح الشهير في جويلية 2019، للسفير السابق للاتحاد الأوروبي في تونس باتريس بارغاميني، حين قال "إن مفاصل الدولة التونسية تحكمها 40 عائلة وإن الاقتصاد التونسي أصبح اقتصادا ريعيا، لا يمنح فرصا للشباب لخوض غمار الاستثمار وبعث المشاريع".

يشير كثيرون أيضا في الداخل والخارج إلى نفوذ العائلات المهيمنة على القطاع البنكي في تونس مما يعرقل دفع عجلة الاقتصاد ودعم المنافسة، ويكرس حالة من الانغلاق.

يقول هنا الخبير الاقتصادي مراد حطاب إن "اقتصاد الريع يحتكر 60 بالمائة من الاقتصاد التونسي في القطاع الخاص ويتسم بوضع حواجز تخل بقواعد المنافسة وتخلق امتيازات مالية وإدارية خاصة بأطراف معينة على حساب أطراف أخرى" مضيفا في تصريح إعلامي أن هناك "5 مجمعات مالية كبرى تسيطر على الاقتصاد التونسي في سياق ريعي وتسعى إلى تكريس منوال تنموي مختل وخاص" وفق تعبيره.

مسؤولية الدولة

من جهته أوضح رئيس منظمة "آلارت"، لؤي الشابي أن ''الاقتصاد الريعي يعني عادة أن الدولة تختار بموجب القانون عائلات معينة لخلق الثروة وتضحي بالمجموعة من أجل تمكين هذه العائلات من مزيد الثراء ".. حيث نجد شخصا واحد في تونس يتحكم في 40% من سوق مادة معينة.. وشخصا آخر يتحكم لوحده في 70 % من سوق منتوج آخر ..

ويعتبر الشابي في تصريح إعلامي سابق أنّ "مجلس المنافسة التابع لوزارة التجارة لا قدرة له على إيقاف هذه المهازل"، وفق قوله.

مشددا على "ضرورة إلغاء فصول معينة في كل قطاع والقطع معها تماما، كخطوة أولى نحو القضاء على الاقتصاد الريعي".

م.ي

 

 

 

 

حول تنفّذ بعض العائلات .. مظهر من أزمة الاقتصاد الريعي.. فماذا عن مسؤولية الدولة؟

تونس-الصباح

في إشارة جديدة منه للعائلات المتحكمة في الإدارة والاقتصاد اتهم رئيس الجمهورية قيس سعيّد هذه الأطراف بالعمل على تأجيج الأوضاع وضرب الدولة.

وقال رئيس الجمهورية خلال لقائه أول أمس بليلى جفال وزيرة العدل “.. يريدون تأجيج الأوضاع والهدف اليوم هو ضرب الدولة.. كل القضايا مفتعلة ولا تتعلق بهذا الحزب أو بذاك.. تتعلق بـ40 أو 50 عائلة تسيطر على البلاد… يتباكون ولهم امتدادات داخل البلاد ولوبيات تخدمها وداخل الإدارة وسوف يتحملون مسؤولياتهم كاملة من هم داخل الإدارة.. “، على حد تعبيره

قال الرئيس أيضا إن "القضية ليست يسارا ولا يمينا ولا نهضة ولا تجمع هي قضية لوبيات لها امتداد في الإدارة …هذا هو المشكل الكبير في تونس ولهم بطبيعة الحال الصحف المأجورة والألسن المسعورة" .. مضيفا "يا حبذا لو تطلعنا الإذاعة والتلفزة ماذا كان موجودا في البرلمان قبل 25 جويلية وكم من نص دخل وخرج لخدمة اللوبيات.. نحن لم نأت لخدمة اللوبيات بل جئنا من اجل تحرير تونس.."

الاقتصاد الريعي

ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس الجمهورية لموضوع العائلات النافذة في البلاد ومن وراء ذلك الاقتصاد الريعي فقد أشار في أفريل الفارط خلال لقائه بوزيرة الاقتصاد والتخطيط، فريال الورغي السبعي، إلى أن "الاقتصاد الريعي لا يخلق الثروة أبدا ولا يمكن أن يكون ركيزة من ركائز الاقتصاد والنمو" مشيرا إلى أن الذين استفادوا منه هم "بضع عائلات".

وذكر سعيّد حينها أن "الجهات التي نصّبت نفسها للتصنيف والترقيم كانت تضع تونس في مراتب متقدمة وتمنحها علامات الاستحسان بارتباط هذه العائلات بدوائر خارجية" مشددا بالمناسبة على "ضرورة أن تكون الخيارات الاقتصادية خيارات وطنية خالصة بناء على تصورات جديدة تقطع مع ما كان سائدا في السابق".

نفوذ العائلات

إن موضوع تحكم عائلات بعينها في الاقتصاد والإدارة وحتى في القرار السياسي والتشريعي في مرحلة ما، ليس بالموضوع المستجد بل تناولته عديد الأطراف سابقا ونبهت جمعيات وأحزاب وحتى جهات خارجية من التداعيات السلبية لتواصل منظومة الاقتصاد الريعي ومنها عرقلة المنافسة والنمو في البلاد لكن ظل الوضع على ما هو عليه ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في تغيير هذا الواقع كما لم تتحلى الدولة في الكثير من الأحيان بالشجاعة الكافية لإقرار إجراءات ثورية واتخاذ قرارات تفكك منظومة الريع أو تحد منها.

يذكر الجميع ذلك التصريح الشهير في جويلية 2019، للسفير السابق للاتحاد الأوروبي في تونس باتريس بارغاميني، حين قال "إن مفاصل الدولة التونسية تحكمها 40 عائلة وإن الاقتصاد التونسي أصبح اقتصادا ريعيا، لا يمنح فرصا للشباب لخوض غمار الاستثمار وبعث المشاريع".

يشير كثيرون أيضا في الداخل والخارج إلى نفوذ العائلات المهيمنة على القطاع البنكي في تونس مما يعرقل دفع عجلة الاقتصاد ودعم المنافسة، ويكرس حالة من الانغلاق.

يقول هنا الخبير الاقتصادي مراد حطاب إن "اقتصاد الريع يحتكر 60 بالمائة من الاقتصاد التونسي في القطاع الخاص ويتسم بوضع حواجز تخل بقواعد المنافسة وتخلق امتيازات مالية وإدارية خاصة بأطراف معينة على حساب أطراف أخرى" مضيفا في تصريح إعلامي أن هناك "5 مجمعات مالية كبرى تسيطر على الاقتصاد التونسي في سياق ريعي وتسعى إلى تكريس منوال تنموي مختل وخاص" وفق تعبيره.

مسؤولية الدولة

من جهته أوضح رئيس منظمة "آلارت"، لؤي الشابي أن ''الاقتصاد الريعي يعني عادة أن الدولة تختار بموجب القانون عائلات معينة لخلق الثروة وتضحي بالمجموعة من أجل تمكين هذه العائلات من مزيد الثراء ".. حيث نجد شخصا واحد في تونس يتحكم في 40% من سوق مادة معينة.. وشخصا آخر يتحكم لوحده في 70 % من سوق منتوج آخر ..

ويعتبر الشابي في تصريح إعلامي سابق أنّ "مجلس المنافسة التابع لوزارة التجارة لا قدرة له على إيقاف هذه المهازل"، وفق قوله.

مشددا على "ضرورة إلغاء فصول معينة في كل قطاع والقطع معها تماما، كخطوة أولى نحو القضاء على الاقتصاد الريعي".

م.ي