إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

زيارة رئيس الجمهورية إلى إيران تحت مجهر الصحافة الغربية .. قراءة مبنية على مسلمات ولا اصطفاف لتونس إلا وراء قضايا الحق

 

تونس- الصباح

أثارت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتقديم واجب العزاء إثر وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في حادث مروحية جد في نهاية الأسبوع غرب إيران، اهتمام الصحافة الغربية التي علقت على الحدث باهتمام وحملت الزيارة رسائل عديدة. وقد استوقفنا في قضية الحال مقال صادر بموقع صحيفة "لوموند" الفرنسية بتوقيع "فريديريك بوبان" يحمل عنوان: " Tunisie : la tentation iranienne de Kaïs Saïed" استخلص فيه صاحبه وجود مؤشرات تؤكد أن تونس قد تكون قد اختارت الاصطفاف وراء سياسة المحاور.

فزيارة الرئيس قيس سعيد إلى إيران يوم الأربعاء واستقباله من طرف القائد الأعلى للثورة الإسلامية آيات الله علي الخامنئي تعتبر تاريخية، فهي ثاني زيارة من رئيس تونسي الى الجمهورية الإسلامية بعد زيارة الرئيس الحبيب بورقيبة لإيران سنة 1965، كما أن تونس ضمن ثلاث بلدان فقط كانت ممثلة في الشخصية الأولى في الدولة في مراسم تشييع جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، وهي كل من قطر وطاجاكستان الى جانب بلادنا، في حين كانت العديد من البلدان العربية والإسلامية والأجنبية ممثلة في شخص وزيرها الأول أو وزير خارجيتها أو من خلال وفد رسمي يضم شخصيات من الصف الثاني.

 وذكرت الصحيفة بالمناسبة بتهنئة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آيات الله علي الخامنئي، للرئيس قيس سعيد اثر انتخابه رئيسا للجمهورية التونسية (انتخابات 2019) مذكرة تحديدا بأنه كان قد وصف رئيس الدولة بأنه "شخصية جامعية فاضلة".

سؤال التموقع الاستراتيجي لتونس

وقد سمحت هذه المعطيات لصاحب المقال بان يطرح السؤال حول التموقع الاستراتيجي التونسي خاصة مع ملاحظة ما اسماه بالتقرب الحذر أو السري (discret بالفرنسية) لتونس مع روسيا بالتوازي مع العلاقات المضطربة أو المتوترة للرئيس التونسي (crispées) مع الغرب وفق وصفه ودعوته مثلا خلال حضوره كضيف شرف في قمة لمصدري الغاز عقدت في مارس بالجزائر، الدول المتحررة من الاستعمار الى فرض سيادتها الكاملة على ثرواتها الطبيعية.

واعتبر صاحب المقال أن اختيارات الرئيس قيس سعيد محكومة بعوامل ذاتية وأخرى موضوعية. فهو يعتبر أن محيطين بالرئيس ومن بينهم شقيقه نوفل سعيد ومستشاره في الكواليس، وفق وصف الصحيفة الفرنسية يقيمون علاقات طويلة الأمد مع دولة إيران وأن شقيقه الذي قالت الصحيفة انه ينحدر تاريخيا من "اليسار الإسلامي" وهي حركة وفق نفس المصدر متأثرة بكتابات علي شريعتي الذي يعتبر أحد الذين مهدوا للثورة الإسلامية في إيران في 1979، معروف بمساندته للمواقف الإيرانية.

أما من الناحية الموضوعية فيرى الكاتب أن الاختيارات ليست كثيرة أمام الرئيس التونسي الذي طلب المساعدة من عدد من بلدان الخليج لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد خاصة بعد رفضه لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمنح تونس بموجبه قرضا بقيمة 1،9 مليار دولار بسبب شروطه غير المقبولة، لكنه اصطدم وفق نفس المصدر برفع هذه الدول بدورها أمامه شروطا للاستجابة لمطالب المساعدة معرجا بنفس المناسبة على مسألة تصادم العلاقات بين بعض بلدان المغرب العربي التي انعكست سلبا على المصلحة التونسية وعطلت حصولها على بعض المساعدات الخليجية.

الرئيس تحول من قبل للخارج لتقديم واجب العزاء

كل ذلك قد سمح للكاتب بأن يستنتج أن تونس ماضية في توجهها للاصطفاف في المحور الذي يضم روسيا وإيران وبقية الحلفاء.

والغريب في الأمر أن هذه القراءة التي تبدو وكأنها مبينة على مسلمات، لم تأخذ في الاعتبار بعض المعطيات الأخرى التي كان من الممكن أن تساعد على قراءة مختلفة أو على الأقل موضوعية أكثر للمسألة.

فهي ليست المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس الجمهورية واجب العزاء لدول عربية أو إسلامية على إثر فقدان زعمائها. فقد تحول مثلا في جانفي 2020 الى سلطنة عمان لتقديم واجب العزاء إثر رحيل السلطان قابوس وتحول الى دولة الإمارات العربية المتحدة في ماي 2022 لتقديم واجب العزاء اثر وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات. وتحول الى الكويت في ديسمبر 2023 لتقديم واجب العزاء إثر وفاة أمير دولة الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح. معنى ذلك أن رئيس الدولة لا يميز بين البلدان العربية والإسلامية عندما يتعلق الأمر بتقديم واجبه تجاه شعوب هذه البلدان ممثلا في ذلك الشعب التونسي الذي لا يحبذ كثيرا فكرة تقسيم الشعوب العربية والإسلامية على أساس المذاهب الدينية والايدولوجيا مع احترامه الكامل لاختيارات هذه البلدان ولقرارها الوطني.

ثم إن تونس يمكنها إن أرادت أن تصطف وراء سياسية المحاور أن تعلن ذلك بوضوح. فليس في الأمر ما يجعل دولة تخجل إن كانت اختياراتها نابعة من قناعة ومن دراسة واقعية لمصلحة البلاد ولمصلحة الوطن والمجتمع. لكن تونس اختارت ألا تصطف وهذا قرارها الذي بنته على معطيات موضوعية. بلادنا كانت ومازالت تحرص على شبكة علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة وكل ما في الأمر أن الوضع اليوم يفرض مزيدا من الحذر في ظل اللخبطة التي تسود العالم وفي ظل المخاوف من التدخلات الأجنبية. ثم من حق الشعوب التي عانت طويلا من الهيمنة، أن تطالب بأن تكون أخيرا وحدها المتحكمة في مقدراتها الوطنية، فهل يعني هذا اصطفافا أو محاولة للاصطفاف؟

تناقض واضح

غير أنه لا بد من الإشارة وفي محاولة للتعقيب على بعض ما جاء في المقال المذكور في صحيفة محترمة مثل جريدة "لوموند" الفرنسية، الى وجود شيء من التناقض في المقال. فكيف يمكن لرئيس دولة "يلام" على مواقفه المنتصرة لسيادة البلدان واستقلالية قرارها أن يزج بالبلاد في سياسة المحاور وأن يعرضها لمخاطر قد تهدد استقلالية قرارها الوطني في النهاية؟ كيف يمكن لرئيس الدولة، وقد تم التذكير بذلك في المقال المذكور، أن يندد بالإمبريالية الغربية وأن يعمل على الزج ببلاده في محور قد يجعل البلاد في مواجهة امبريالية من نوع آخر؟

إنها ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فرضية اصطفاف تونس وراء سياسة المحاور. وقد نبهنا من جانبنا مثلنا مثل العديد من الملاحظين، في عدة مناسبات خاصة عندما لاح في فترة ما سمي بالانتقال الديمقراطي الذي تلا أحداث 14 جانفي 2011، أن سياسة البلاد الخارجية قد تصبح محكومة بعناصر أخرى مثل الانتماء الإيديولوجي مثلا على حساب ثوابت السياسة الخارجية لتونس القائمة على عدم الانحياز وعدم الاصطفاف، وما يمكن أن ينجر عن ذلك أن ثبت طبعا، من جر البلاد الى متاهات غريبة. ولا نعتقد أن الموقف تغير اليوم وأن هناك من يقبل بأن يقع التخلي عن ثوابت سياستنا الخارجية، خاصة إذا كان ذلك يمكن أن يهددها بأي شكل كان.

صحيح، أن زيارة الرئيس قيس سعيد للجمهورية الإيرانية ولو لتقديم واجب العزاء تشكل حدثا وهي تؤكد سعي بلادنا الى تطوير علاقاتها مع كل البلدان العربية والإسلامية بدون حسابات مسبقة، في إطار الالتزام بمصلحة شعبي البلدين التي لا تقبل المساومة بطبيعة الحال، لكن نعتقد أنه لا يمكن تحميلها أكثر مما تحمل. وصحيح كذلك أن الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط يجعل كل خطوة من أي جهة كانت، محل قراءة وتحليل وحتى تفتيش، لكن تونس تدرك مصلحتها جيدا ولا تساوم في ذلك كما لا تساوم في القضايا الإنسانية الحق ومن بينها القضية الفلسطينية.

إنها الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تصطف وراءها بلادنا كلفها ما كلفها وقد أثبت ذلك أمام العالم مجددا بانتصارها الكامل للشعب الفلسطيني في غزة الذي يواجه منذ أشهر العدوان الصهيوني الظالم، ومناصرتها لحق فلسطين في المقاومة الى غاية النصر.

حياة السايب

 

 

 

 

 

زيارة رئيس الجمهورية إلى إيران تحت مجهر الصحافة الغربية .. قراءة مبنية على مسلمات ولا اصطفاف لتونس إلا وراء قضايا الحق

 

تونس- الصباح

أثارت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتقديم واجب العزاء إثر وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في حادث مروحية جد في نهاية الأسبوع غرب إيران، اهتمام الصحافة الغربية التي علقت على الحدث باهتمام وحملت الزيارة رسائل عديدة. وقد استوقفنا في قضية الحال مقال صادر بموقع صحيفة "لوموند" الفرنسية بتوقيع "فريديريك بوبان" يحمل عنوان: " Tunisie : la tentation iranienne de Kaïs Saïed" استخلص فيه صاحبه وجود مؤشرات تؤكد أن تونس قد تكون قد اختارت الاصطفاف وراء سياسة المحاور.

فزيارة الرئيس قيس سعيد إلى إيران يوم الأربعاء واستقباله من طرف القائد الأعلى للثورة الإسلامية آيات الله علي الخامنئي تعتبر تاريخية، فهي ثاني زيارة من رئيس تونسي الى الجمهورية الإسلامية بعد زيارة الرئيس الحبيب بورقيبة لإيران سنة 1965، كما أن تونس ضمن ثلاث بلدان فقط كانت ممثلة في الشخصية الأولى في الدولة في مراسم تشييع جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، وهي كل من قطر وطاجاكستان الى جانب بلادنا، في حين كانت العديد من البلدان العربية والإسلامية والأجنبية ممثلة في شخص وزيرها الأول أو وزير خارجيتها أو من خلال وفد رسمي يضم شخصيات من الصف الثاني.

 وذكرت الصحيفة بالمناسبة بتهنئة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آيات الله علي الخامنئي، للرئيس قيس سعيد اثر انتخابه رئيسا للجمهورية التونسية (انتخابات 2019) مذكرة تحديدا بأنه كان قد وصف رئيس الدولة بأنه "شخصية جامعية فاضلة".

سؤال التموقع الاستراتيجي لتونس

وقد سمحت هذه المعطيات لصاحب المقال بان يطرح السؤال حول التموقع الاستراتيجي التونسي خاصة مع ملاحظة ما اسماه بالتقرب الحذر أو السري (discret بالفرنسية) لتونس مع روسيا بالتوازي مع العلاقات المضطربة أو المتوترة للرئيس التونسي (crispées) مع الغرب وفق وصفه ودعوته مثلا خلال حضوره كضيف شرف في قمة لمصدري الغاز عقدت في مارس بالجزائر، الدول المتحررة من الاستعمار الى فرض سيادتها الكاملة على ثرواتها الطبيعية.

واعتبر صاحب المقال أن اختيارات الرئيس قيس سعيد محكومة بعوامل ذاتية وأخرى موضوعية. فهو يعتبر أن محيطين بالرئيس ومن بينهم شقيقه نوفل سعيد ومستشاره في الكواليس، وفق وصف الصحيفة الفرنسية يقيمون علاقات طويلة الأمد مع دولة إيران وأن شقيقه الذي قالت الصحيفة انه ينحدر تاريخيا من "اليسار الإسلامي" وهي حركة وفق نفس المصدر متأثرة بكتابات علي شريعتي الذي يعتبر أحد الذين مهدوا للثورة الإسلامية في إيران في 1979، معروف بمساندته للمواقف الإيرانية.

أما من الناحية الموضوعية فيرى الكاتب أن الاختيارات ليست كثيرة أمام الرئيس التونسي الذي طلب المساعدة من عدد من بلدان الخليج لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد خاصة بعد رفضه لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمنح تونس بموجبه قرضا بقيمة 1،9 مليار دولار بسبب شروطه غير المقبولة، لكنه اصطدم وفق نفس المصدر برفع هذه الدول بدورها أمامه شروطا للاستجابة لمطالب المساعدة معرجا بنفس المناسبة على مسألة تصادم العلاقات بين بعض بلدان المغرب العربي التي انعكست سلبا على المصلحة التونسية وعطلت حصولها على بعض المساعدات الخليجية.

الرئيس تحول من قبل للخارج لتقديم واجب العزاء

كل ذلك قد سمح للكاتب بأن يستنتج أن تونس ماضية في توجهها للاصطفاف في المحور الذي يضم روسيا وإيران وبقية الحلفاء.

والغريب في الأمر أن هذه القراءة التي تبدو وكأنها مبينة على مسلمات، لم تأخذ في الاعتبار بعض المعطيات الأخرى التي كان من الممكن أن تساعد على قراءة مختلفة أو على الأقل موضوعية أكثر للمسألة.

فهي ليست المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس الجمهورية واجب العزاء لدول عربية أو إسلامية على إثر فقدان زعمائها. فقد تحول مثلا في جانفي 2020 الى سلطنة عمان لتقديم واجب العزاء إثر رحيل السلطان قابوس وتحول الى دولة الإمارات العربية المتحدة في ماي 2022 لتقديم واجب العزاء اثر وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات. وتحول الى الكويت في ديسمبر 2023 لتقديم واجب العزاء إثر وفاة أمير دولة الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح. معنى ذلك أن رئيس الدولة لا يميز بين البلدان العربية والإسلامية عندما يتعلق الأمر بتقديم واجبه تجاه شعوب هذه البلدان ممثلا في ذلك الشعب التونسي الذي لا يحبذ كثيرا فكرة تقسيم الشعوب العربية والإسلامية على أساس المذاهب الدينية والايدولوجيا مع احترامه الكامل لاختيارات هذه البلدان ولقرارها الوطني.

ثم إن تونس يمكنها إن أرادت أن تصطف وراء سياسية المحاور أن تعلن ذلك بوضوح. فليس في الأمر ما يجعل دولة تخجل إن كانت اختياراتها نابعة من قناعة ومن دراسة واقعية لمصلحة البلاد ولمصلحة الوطن والمجتمع. لكن تونس اختارت ألا تصطف وهذا قرارها الذي بنته على معطيات موضوعية. بلادنا كانت ومازالت تحرص على شبكة علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة وكل ما في الأمر أن الوضع اليوم يفرض مزيدا من الحذر في ظل اللخبطة التي تسود العالم وفي ظل المخاوف من التدخلات الأجنبية. ثم من حق الشعوب التي عانت طويلا من الهيمنة، أن تطالب بأن تكون أخيرا وحدها المتحكمة في مقدراتها الوطنية، فهل يعني هذا اصطفافا أو محاولة للاصطفاف؟

تناقض واضح

غير أنه لا بد من الإشارة وفي محاولة للتعقيب على بعض ما جاء في المقال المذكور في صحيفة محترمة مثل جريدة "لوموند" الفرنسية، الى وجود شيء من التناقض في المقال. فكيف يمكن لرئيس دولة "يلام" على مواقفه المنتصرة لسيادة البلدان واستقلالية قرارها أن يزج بالبلاد في سياسة المحاور وأن يعرضها لمخاطر قد تهدد استقلالية قرارها الوطني في النهاية؟ كيف يمكن لرئيس الدولة، وقد تم التذكير بذلك في المقال المذكور، أن يندد بالإمبريالية الغربية وأن يعمل على الزج ببلاده في محور قد يجعل البلاد في مواجهة امبريالية من نوع آخر؟

إنها ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فرضية اصطفاف تونس وراء سياسة المحاور. وقد نبهنا من جانبنا مثلنا مثل العديد من الملاحظين، في عدة مناسبات خاصة عندما لاح في فترة ما سمي بالانتقال الديمقراطي الذي تلا أحداث 14 جانفي 2011، أن سياسة البلاد الخارجية قد تصبح محكومة بعناصر أخرى مثل الانتماء الإيديولوجي مثلا على حساب ثوابت السياسة الخارجية لتونس القائمة على عدم الانحياز وعدم الاصطفاف، وما يمكن أن ينجر عن ذلك أن ثبت طبعا، من جر البلاد الى متاهات غريبة. ولا نعتقد أن الموقف تغير اليوم وأن هناك من يقبل بأن يقع التخلي عن ثوابت سياستنا الخارجية، خاصة إذا كان ذلك يمكن أن يهددها بأي شكل كان.

صحيح، أن زيارة الرئيس قيس سعيد للجمهورية الإيرانية ولو لتقديم واجب العزاء تشكل حدثا وهي تؤكد سعي بلادنا الى تطوير علاقاتها مع كل البلدان العربية والإسلامية بدون حسابات مسبقة، في إطار الالتزام بمصلحة شعبي البلدين التي لا تقبل المساومة بطبيعة الحال، لكن نعتقد أنه لا يمكن تحميلها أكثر مما تحمل. وصحيح كذلك أن الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط يجعل كل خطوة من أي جهة كانت، محل قراءة وتحليل وحتى تفتيش، لكن تونس تدرك مصلحتها جيدا ولا تساوم في ذلك كما لا تساوم في القضايا الإنسانية الحق ومن بينها القضية الفلسطينية.

إنها الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تصطف وراءها بلادنا كلفها ما كلفها وقد أثبت ذلك أمام العالم مجددا بانتصارها الكامل للشعب الفلسطيني في غزة الذي يواجه منذ أشهر العدوان الصهيوني الظالم، ومناصرتها لحق فلسطين في المقاومة الى غاية النصر.

حياة السايب