في انتظار مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بعطلة الأمومة والأبوة وإحالته إلى مجلس نواب الشعب، قررت لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024 المتعلّق بتنظيم عطل الأمومة والأبوة والوالدية في القطاعين العام والخاص، ومقترح القانون عدد 16 لسنة 2024 المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 112 لسنة 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية المعروضين على أنظارها منذ ثلاثة أشهر وستعقد للغرض جلسة استماع إلى ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وممثلين عن كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية.
ويتمثل الاتجاه الأغلبي داخل البرلمان في تكريس المساواة بين العاملين في القطاع العام والمعاملين في القطاع الخاص، ولا شك أن جلسة الاستماع إلى منظمة الأعراف ومنظمة كوناكت ستكون حاسمة في تحديد الخيار النهائي الذي ستتجه إليه اللجنة، فإما أنها ستقتصر على القطاع العام من خلال إدخال بعض التعديلات على قانون الوظيفة العمومية وهو أمر مستبعد، أو أنها ستعمل على الاستجابة إلى تطلعات آلاف التونسيات والتونسيين الذين ينتظرون منذ عقود سحب نفس الحقوق والواجبات والمدد الزمنية لعطلة الأمومة والأبوة على القطاعين العام والخاص على حد السواء، أو لعلها ستتريث وتؤجل النظر في المبادرتين التشريعيتين إلى حين تقديم رئاسة الجمهورية مشروعها، وهو مشروع تدارسته مختلف الحكومات منذ سنة 2016 لتتوصل حكومة أحمد الحشاني لصيغة تم عرضها يوم 14 ماي الجاري على مجلس وزاري مضيق بحضور وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى ووزير الداخلية كمال الفقي، ووزيرة المالية سهام البوغديري ووزير الصحة علي المرابط.
ويذكر أنه حينما حلت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أول أمس بقصر باردو لإبداء الرأي في مقترحي القانونين المقدمين من قبل عدد من النواب، أكدت أن وزارتها توصلت إلى إعداد الصيغة النهائية لمشروع القانون وهي في انتظار المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس نواب الشعب في أقرب الآجال، ويتضمن مشروع القانون حسب وصفها آجالا معقولة لعطلة الأبوة والأمومة. واستنادا إلى ما ورد في بلاغ تم نشره على موقع مجلس نواب الشعب، قالت بلحاج موسى إنه لم يقع التنصيص في مشروع القانون الذي أعدته الوزارة على العطلة الوالدية كالتي تضمنها مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024 المعروض على اللجنة. وسيشمل مشروع القانون حسب تأكيدها القطاعين العام والخاص تكريسا لمبدأ المساواة وضمانا لحقوق المرأة في كلا القطاعين.
وفسرت الوزيرة لنواب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد سبب التأخر في إعداد مشروع القانون وقالت إن مرد ذلك يعود بالأساس إلى تدارس الأثر المالي المرتبط بتطبيقه، ولاحظت أن الجانب الثوري في هذا المشروع يتجلى بالخصوص في توحيد عطل الأمومة والأبوة بين القطاعين العام والخاص بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، كما طمأنت الوزيرة النواب بأنه توجد إرادة سياسية لاعتماد مقاربة تشمل القطاعين معا رغم الإكراهات المالية المنجرة عن هذا الخيار.
أعباء مالية
وفي علاقة بالأعباء المالية أو كما وصفتها الوزيرة أمال بالحاج موسى بالإكراهات المالية، كانت اللجنة بمناسبة دراستها للمبادرتين التشريعيتين المتعلقتين لعطلة الأمومة والأبوة المقدمتين من قبل النواب، استمعت إلى ممثلين عن وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية، ففي جلستها المنعقدة يوم 29 أفريل 2024 دعا ممثلو وزارة الشؤون الاجتماعية، إلى ضرورة اعتماد سياسة المرحلية والتدرج في تطبيق الإجراءات المتصلة بعطلة الأمومة في القطاع العام على أن يتم تعميمها لاحقا على القطاع الخاص، بما من شأنه أن يضمن تبني مشروع القانون من جهة، والتعرف على تأثيراته المالية الكبيرة من جهة أخرى، وذلك رغم التحفظات المرتبطة بهذا الخيار الذي من شأنه أن يكرّس تمييزا بين العاملين في القطاع العام والعاملين في القطاع الخاص. كما أشاروا إلى وجود إكراهات مالية في تطبيق مقترحي القانونين على أنظمة الضمان الاجتماعي وهي إكراهات مرتبطة مباشرة بالتوازنات المالية للمنظومة واستمراريتها، وأكدوا أنه تم تقديم بعض المقترحات لتغطية التكلفة المالية عند تطبيق المشروع وفسروا أن أي مساس بتوزيع المساهمات سيؤثر على توازنات نظام التأمين على المرض.
وبالإطلاع على محضر جلسة اللجنة بتاريخ 29 أفريل 2024 يمكن الإشارة إلى أن المدير العام للضمان الاجتماعي أشار إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتكفل حاليا بدفع المستحقات المالية الناتجة عن عطل الأمومة بالأوبة وراحة الرضاعة على أساس أنها منح مرض وقال إن الكلفة المالية قدرت سنة 2023 بحوالي 21 فاصل 2 مليون دينار الأمر الذي يفرض اعتماد المرحلية، وذكر أن الكلفة التي يتحملها الصندوق في مرحلة ما قبل الولادة لا يمكن احتسابها لأنها تقدم على أساس عطل مرض عادي، وأوضح أن 75 بالمائة من نظام التأمين على المرض ممول في شكل مساهمات اجتماعية تحمل على كاهل المضمون الاجتماعي وعلى المشغل، وأضاف أن وزارة الشؤون الاجتماعية تقدمت بمقترح يتمثل في الترفيع في هذه المساهمات بنسبة صفر فاصل ستة بالمائة من المرتب اخصص مواردها لتمويل الإصلاحات المقترحة وقال إنه لا بد من تنويع مصادر التمويل لضمان توازن منظومة الضمان الاجتماعي واستمراريتها مشيرا إلى أن النظام الفرنسي يفرض حوالي 54 ضريبة مخصصة لتمويل الصناديق الاجتماعية. ولدى حديثه عن القطاع الخاص بين أن الحلول المالية تكاد تكون منعدمة نظرا لرفض منظمة الأعراف الترفيع في نسبة المساهمات بسبب الظرف الاقتصادي وعجز الدولة في الوقت الراهن عن التكفل بدفع الكلفة المالية المستوجبة في ظل العجز المالي للصناديق الاجتماعية الذي يقدر بحوالي 2200 مليار.
مراعاة الأنظمة الخاصة
أما بالنسبة إلى وزارة المالية فأشار ممثلوها خلال اللقاء الذي جمعهم بنواب اللجنة يوم 25 أفريل الماضي إلى أنه إضافة إلى مشروع القانون الذي أعدته وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن حول عطلتي الولادة والأمومة وعطلة الأبوة، والذي تضمّن مراجعة لمدة العطل والامتيازات الممنوحة، يجري العمل على إعداد مشروع قانون لتنقيح النظام الأساسي العام المتعلق بالوظيفة العمومية وهو مشروع يعكس رؤية جديدة للحكومة لهذا القطاع. ولاحظوا أن تأثير مقترحي القانونين لا يطرح مشكلا على مستوى التوازنات المالية للدولة على معنى الفصل 69 من الدستور لأن التأثير المالي سيكون غير مباشر في ما يتعلّق بعدد أيام العمل المنجزة ونوعية العمل المنجز ما يعني الأخذ في الاعتبار في عملية التقدير التوازنات الاجتماعية والاقتصادية بشكل واسع. واقترح ممثلو وزارة المالية توسيع أحكام المبادرتين التشريعيتين لتشمل بعض الأنظمة الخاصة مثل القضاة وأعوان الأمن الداخلي والديوانة والتطرق إلى وضعيات أخرى مثل ولادة توأم أو طفل ذي إعاقة أو ولادة طفل متوف.. وبخصوص تعميم التمديد في المدد على نظامي العطل في القطاعين العام والخاص أبدوا موافقتهم عليه من حيث المبدأ لارتباطه بالعدالة الاجتماعية لكنهم بينوا أن الدعوة إلى فصل بين نظامي العطل في القطاعين العام والخاص تجد تبريرها فيما أبداه القطاع الخاص من عدم استعداد لتحمل الكلفة المالية الناجمة عن تطبيق أحكام مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024، فضلا عن عدم جاهزية الصندوق الوطني للتأمين على المرض لتحمّل العبء المالي الذي سيستتبعه.
أما في ما يتعلّق بمضامين مقترح القانون عدد 16 لسنة 2024 فاعتبر ممثلو وزارة المالية أن مدّة شهر المقترحة لعطلة الأبوة طويلة نسبيا وقد تؤثر على السير العادي للعمل خاصة في بعض القطاعات الحساسة مثل الصحة والتعليم .
المساواة بين الجميع
طيلة النقاشات التي دارت خلال الأشهر الثلاثة المنقضية صلب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد حول المبادرتين التشريعيتين، تمسك أغلب النواب بنفس الرأي وهو المساواة بين الجميع وإنصاف العاملات في القطاع الخاص لأنهن الأكثر عرضة لظروف مهنية صعبة وغير إنسانية أثناء فترة الحمل وبعد الولادة، كما شددوا على ضرورة التفكير في كيفية المحافظة على استقرار الأسرة وحماية المرأة الحامل والرضيع قبل الحديث عن الأعباء لأنه بالمفاوضات يمكن التوصل إلى اتفاق مع منظمة الأعراف.
وللتذكير فقد تم تقديم مقترح القانون الأول من قبل النواب يوسف طرشون ونبيه ثابت ومحمد علي وماهر الكتاري ووليد الحاجي وفوزي الدعاس ونجيب عكرمي وحاتم لباوي وعبد الرزاق عويدات ومسعود قريرة وعواطف الشنيتي وريم المعشاوي والفاضل بن تركية وحسن جربوعي وعصام شوشان وعبد الحافظ الوحيشي وطارق الربعي وعبد السلام الحمروني وأيمن بن صالح وفيصل الصغير والطاهر بن منصور والمختار عبد المولى وجلال الخدمي وعلي بوزوزية. وهو يهدف إلى حماية الأمومة بما في ذلك الحق في عطلة الأمومة، قبل وبعد الولادة والعطلة الوالدية وراحة الرضاعة في القطاع العام والقطاع الخاص وتتكون عطلة الأمومة من عطلة ما قبل الولادة وعطلة ما بعد الولادة تسند للأم البيولوجية أو الأم المتبنية حيث تتمتع بأجر كامل قبل وبعد الوضع لمدة لا تقل عن 3 أسابيع قبل الوضع قابلة للتمديد بأسبوعين إن اقتضت حالتها الصحية ذلك ولا تقل عن 14 أسبوعا، بعد الوضع ولا تتجاوز 17 أسبوعا متتالية بداية من عطلة ما قبل الولادة مع استحقاق كامل المرتب بالنسبة للعاملات في القطاع العام وثلثي الأجر اليومي المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص، ودون أن يكون أقل من الأجر الأدنى السنوي للسنة التي وقع فيها الحمل بالنسبة إلى القطاعين الفلاحي والصناعي، وتمنح الأم العاملة عطلة مرضية خاصة لا تحتسب ضمن الإجازات المرضية وتنتفع براحة رضاعة مدتها ساعة، وإذا كان العمل موزعا على حصتين تصبح المدة ساعتين وذلك طيلة ستة أشهر ابتداء من تاريخ عطلة الأمومة. أما بالنسبة إلى الأب فينتفع بعطلة مدتها 10 أيام خالصة الأجر، أما العطلة الوالدية فيمكن لأحد الوالدين أن ينتفع مباشرة بعد انقضاء عطلة الأمومة بهذه العطلة لمدة تتراوح بين 4 أسابيع و16 أسبوعا متتالية مع استحقاق نصف الأجر بالنسبة للقطاع العام ومنحة تعادل ثلث الأجر اليومي المعتاد المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص ويمكن للوالدين تقاسم العطلة الوالدية.
وتم تقديم مقترح القانون الثاني المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية من قبل النواب ريم الصغير وأسماء الدرويش وسيرين بوصندل وماجدة الورغمي ومها عامر وعزيز بن الأخضر وآمال المؤدب وعز الذين التايب وسيرين مرابط ونبيل حامدي وعواطف الشنيتي. ويهدف هذا المقترح إلى تمتيع الموظفة بعد الإدلاء بشهادة طبية بعطلة ولادة مدتها 6 أشهر مع استحقاق كامل المرتب لمدة 4 أشهر ونصف المرتب لمدة شهرين ونصف وتمنح هذه العطلة مباشرة من طرف الإدارة مع إمكانية الجمع بين هذه العطلة وعطلة الاستراحة السنوية، إضافة إلى احتساب ساعة الرضاعة بداية من تاريخ انتهاء عطلة الولادة ولمدة 18 شهرا، مع تمتيع الأب بعطلة أبوة مدتها شهر تكون خالصة الأجر ويمكن توزيعها بصفة اختيارية طيلة فترة راحة الأمومة.
فوضى تشريعية
ولتلافي الفوضى التشريعية، دعا المكلف بتسيير الهيئة العامة للوظيفة العمومية برئاسة الحكومة لجنة تنظيم الإدارة تطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد منذ جلسة اللجنة بتاريخ 28 مارس 2024 إلى التريث قليلا، وانتظار مشروع القانون الذي أعدته وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، لأنه حسب وصفه أكثر نضجا من المبادرتين التشريعيتين المقدمتين من قبل النواب نظرا لاعتماده على دراسات معمقة، وذكر أنه حين ورود هذا المشرع يمكن للجنة أن تعمل على إدماج النصوص الثلاثة للخروج بمشروع واحد يستجيب لتطلعات الأسرة التونسية.
ورغم أهمية المقترحات المعروضة عليها تواصل اللجنة التي يرأسها النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي رضا دلاعي عقد جلستها بصفة مغلقة مثلها مثل بقية اللجان وهو ما حرم الصحفيين من مواكبة أشغالها، ويتساءل العديد من النواب متى سيعدل مكتب مجلس نواب الشعب عن قراره القاضي بغلق اللجان في وجوه ممثلي وسائل الإعلام لأنه ضرب حق المواطن في النفاذ إلى المعلومة وحق الناخب في متابعة النائب الذي منحه صوته وحق النائب في إيصال صوته إلى ناخبيه.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
في انتظار مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بعطلة الأمومة والأبوة وإحالته إلى مجلس نواب الشعب، قررت لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد مواصلة النظر في مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024 المتعلّق بتنظيم عطل الأمومة والأبوة والوالدية في القطاعين العام والخاص، ومقترح القانون عدد 16 لسنة 2024 المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 112 لسنة 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية المعروضين على أنظارها منذ ثلاثة أشهر وستعقد للغرض جلسة استماع إلى ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وممثلين عن كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية.
ويتمثل الاتجاه الأغلبي داخل البرلمان في تكريس المساواة بين العاملين في القطاع العام والمعاملين في القطاع الخاص، ولا شك أن جلسة الاستماع إلى منظمة الأعراف ومنظمة كوناكت ستكون حاسمة في تحديد الخيار النهائي الذي ستتجه إليه اللجنة، فإما أنها ستقتصر على القطاع العام من خلال إدخال بعض التعديلات على قانون الوظيفة العمومية وهو أمر مستبعد، أو أنها ستعمل على الاستجابة إلى تطلعات آلاف التونسيات والتونسيين الذين ينتظرون منذ عقود سحب نفس الحقوق والواجبات والمدد الزمنية لعطلة الأمومة والأبوة على القطاعين العام والخاص على حد السواء، أو لعلها ستتريث وتؤجل النظر في المبادرتين التشريعيتين إلى حين تقديم رئاسة الجمهورية مشروعها، وهو مشروع تدارسته مختلف الحكومات منذ سنة 2016 لتتوصل حكومة أحمد الحشاني لصيغة تم عرضها يوم 14 ماي الجاري على مجلس وزاري مضيق بحضور وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى ووزير الداخلية كمال الفقي، ووزيرة المالية سهام البوغديري ووزير الصحة علي المرابط.
ويذكر أنه حينما حلت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أول أمس بقصر باردو لإبداء الرأي في مقترحي القانونين المقدمين من قبل عدد من النواب، أكدت أن وزارتها توصلت إلى إعداد الصيغة النهائية لمشروع القانون وهي في انتظار المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس نواب الشعب في أقرب الآجال، ويتضمن مشروع القانون حسب وصفها آجالا معقولة لعطلة الأبوة والأمومة. واستنادا إلى ما ورد في بلاغ تم نشره على موقع مجلس نواب الشعب، قالت بلحاج موسى إنه لم يقع التنصيص في مشروع القانون الذي أعدته الوزارة على العطلة الوالدية كالتي تضمنها مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024 المعروض على اللجنة. وسيشمل مشروع القانون حسب تأكيدها القطاعين العام والخاص تكريسا لمبدأ المساواة وضمانا لحقوق المرأة في كلا القطاعين.
وفسرت الوزيرة لنواب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد سبب التأخر في إعداد مشروع القانون وقالت إن مرد ذلك يعود بالأساس إلى تدارس الأثر المالي المرتبط بتطبيقه، ولاحظت أن الجانب الثوري في هذا المشروع يتجلى بالخصوص في توحيد عطل الأمومة والأبوة بين القطاعين العام والخاص بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، كما طمأنت الوزيرة النواب بأنه توجد إرادة سياسية لاعتماد مقاربة تشمل القطاعين معا رغم الإكراهات المالية المنجرة عن هذا الخيار.
أعباء مالية
وفي علاقة بالأعباء المالية أو كما وصفتها الوزيرة أمال بالحاج موسى بالإكراهات المالية، كانت اللجنة بمناسبة دراستها للمبادرتين التشريعيتين المتعلقتين لعطلة الأمومة والأبوة المقدمتين من قبل النواب، استمعت إلى ممثلين عن وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية، ففي جلستها المنعقدة يوم 29 أفريل 2024 دعا ممثلو وزارة الشؤون الاجتماعية، إلى ضرورة اعتماد سياسة المرحلية والتدرج في تطبيق الإجراءات المتصلة بعطلة الأمومة في القطاع العام على أن يتم تعميمها لاحقا على القطاع الخاص، بما من شأنه أن يضمن تبني مشروع القانون من جهة، والتعرف على تأثيراته المالية الكبيرة من جهة أخرى، وذلك رغم التحفظات المرتبطة بهذا الخيار الذي من شأنه أن يكرّس تمييزا بين العاملين في القطاع العام والعاملين في القطاع الخاص. كما أشاروا إلى وجود إكراهات مالية في تطبيق مقترحي القانونين على أنظمة الضمان الاجتماعي وهي إكراهات مرتبطة مباشرة بالتوازنات المالية للمنظومة واستمراريتها، وأكدوا أنه تم تقديم بعض المقترحات لتغطية التكلفة المالية عند تطبيق المشروع وفسروا أن أي مساس بتوزيع المساهمات سيؤثر على توازنات نظام التأمين على المرض.
وبالإطلاع على محضر جلسة اللجنة بتاريخ 29 أفريل 2024 يمكن الإشارة إلى أن المدير العام للضمان الاجتماعي أشار إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتكفل حاليا بدفع المستحقات المالية الناتجة عن عطل الأمومة بالأوبة وراحة الرضاعة على أساس أنها منح مرض وقال إن الكلفة المالية قدرت سنة 2023 بحوالي 21 فاصل 2 مليون دينار الأمر الذي يفرض اعتماد المرحلية، وذكر أن الكلفة التي يتحملها الصندوق في مرحلة ما قبل الولادة لا يمكن احتسابها لأنها تقدم على أساس عطل مرض عادي، وأوضح أن 75 بالمائة من نظام التأمين على المرض ممول في شكل مساهمات اجتماعية تحمل على كاهل المضمون الاجتماعي وعلى المشغل، وأضاف أن وزارة الشؤون الاجتماعية تقدمت بمقترح يتمثل في الترفيع في هذه المساهمات بنسبة صفر فاصل ستة بالمائة من المرتب اخصص مواردها لتمويل الإصلاحات المقترحة وقال إنه لا بد من تنويع مصادر التمويل لضمان توازن منظومة الضمان الاجتماعي واستمراريتها مشيرا إلى أن النظام الفرنسي يفرض حوالي 54 ضريبة مخصصة لتمويل الصناديق الاجتماعية. ولدى حديثه عن القطاع الخاص بين أن الحلول المالية تكاد تكون منعدمة نظرا لرفض منظمة الأعراف الترفيع في نسبة المساهمات بسبب الظرف الاقتصادي وعجز الدولة في الوقت الراهن عن التكفل بدفع الكلفة المالية المستوجبة في ظل العجز المالي للصناديق الاجتماعية الذي يقدر بحوالي 2200 مليار.
مراعاة الأنظمة الخاصة
أما بالنسبة إلى وزارة المالية فأشار ممثلوها خلال اللقاء الذي جمعهم بنواب اللجنة يوم 25 أفريل الماضي إلى أنه إضافة إلى مشروع القانون الذي أعدته وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن حول عطلتي الولادة والأمومة وعطلة الأبوة، والذي تضمّن مراجعة لمدة العطل والامتيازات الممنوحة، يجري العمل على إعداد مشروع قانون لتنقيح النظام الأساسي العام المتعلق بالوظيفة العمومية وهو مشروع يعكس رؤية جديدة للحكومة لهذا القطاع. ولاحظوا أن تأثير مقترحي القانونين لا يطرح مشكلا على مستوى التوازنات المالية للدولة على معنى الفصل 69 من الدستور لأن التأثير المالي سيكون غير مباشر في ما يتعلّق بعدد أيام العمل المنجزة ونوعية العمل المنجز ما يعني الأخذ في الاعتبار في عملية التقدير التوازنات الاجتماعية والاقتصادية بشكل واسع. واقترح ممثلو وزارة المالية توسيع أحكام المبادرتين التشريعيتين لتشمل بعض الأنظمة الخاصة مثل القضاة وأعوان الأمن الداخلي والديوانة والتطرق إلى وضعيات أخرى مثل ولادة توأم أو طفل ذي إعاقة أو ولادة طفل متوف.. وبخصوص تعميم التمديد في المدد على نظامي العطل في القطاعين العام والخاص أبدوا موافقتهم عليه من حيث المبدأ لارتباطه بالعدالة الاجتماعية لكنهم بينوا أن الدعوة إلى فصل بين نظامي العطل في القطاعين العام والخاص تجد تبريرها فيما أبداه القطاع الخاص من عدم استعداد لتحمل الكلفة المالية الناجمة عن تطبيق أحكام مقترح القانون عدد 13 لسنة 2024، فضلا عن عدم جاهزية الصندوق الوطني للتأمين على المرض لتحمّل العبء المالي الذي سيستتبعه.
أما في ما يتعلّق بمضامين مقترح القانون عدد 16 لسنة 2024 فاعتبر ممثلو وزارة المالية أن مدّة شهر المقترحة لعطلة الأبوة طويلة نسبيا وقد تؤثر على السير العادي للعمل خاصة في بعض القطاعات الحساسة مثل الصحة والتعليم .
المساواة بين الجميع
طيلة النقاشات التي دارت خلال الأشهر الثلاثة المنقضية صلب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد حول المبادرتين التشريعيتين، تمسك أغلب النواب بنفس الرأي وهو المساواة بين الجميع وإنصاف العاملات في القطاع الخاص لأنهن الأكثر عرضة لظروف مهنية صعبة وغير إنسانية أثناء فترة الحمل وبعد الولادة، كما شددوا على ضرورة التفكير في كيفية المحافظة على استقرار الأسرة وحماية المرأة الحامل والرضيع قبل الحديث عن الأعباء لأنه بالمفاوضات يمكن التوصل إلى اتفاق مع منظمة الأعراف.
وللتذكير فقد تم تقديم مقترح القانون الأول من قبل النواب يوسف طرشون ونبيه ثابت ومحمد علي وماهر الكتاري ووليد الحاجي وفوزي الدعاس ونجيب عكرمي وحاتم لباوي وعبد الرزاق عويدات ومسعود قريرة وعواطف الشنيتي وريم المعشاوي والفاضل بن تركية وحسن جربوعي وعصام شوشان وعبد الحافظ الوحيشي وطارق الربعي وعبد السلام الحمروني وأيمن بن صالح وفيصل الصغير والطاهر بن منصور والمختار عبد المولى وجلال الخدمي وعلي بوزوزية. وهو يهدف إلى حماية الأمومة بما في ذلك الحق في عطلة الأمومة، قبل وبعد الولادة والعطلة الوالدية وراحة الرضاعة في القطاع العام والقطاع الخاص وتتكون عطلة الأمومة من عطلة ما قبل الولادة وعطلة ما بعد الولادة تسند للأم البيولوجية أو الأم المتبنية حيث تتمتع بأجر كامل قبل وبعد الوضع لمدة لا تقل عن 3 أسابيع قبل الوضع قابلة للتمديد بأسبوعين إن اقتضت حالتها الصحية ذلك ولا تقل عن 14 أسبوعا، بعد الوضع ولا تتجاوز 17 أسبوعا متتالية بداية من عطلة ما قبل الولادة مع استحقاق كامل المرتب بالنسبة للعاملات في القطاع العام وثلثي الأجر اليومي المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص، ودون أن يكون أقل من الأجر الأدنى السنوي للسنة التي وقع فيها الحمل بالنسبة إلى القطاعين الفلاحي والصناعي، وتمنح الأم العاملة عطلة مرضية خاصة لا تحتسب ضمن الإجازات المرضية وتنتفع براحة رضاعة مدتها ساعة، وإذا كان العمل موزعا على حصتين تصبح المدة ساعتين وذلك طيلة ستة أشهر ابتداء من تاريخ عطلة الأمومة. أما بالنسبة إلى الأب فينتفع بعطلة مدتها 10 أيام خالصة الأجر، أما العطلة الوالدية فيمكن لأحد الوالدين أن ينتفع مباشرة بعد انقضاء عطلة الأمومة بهذه العطلة لمدة تتراوح بين 4 أسابيع و16 أسبوعا متتالية مع استحقاق نصف الأجر بالنسبة للقطاع العام ومنحة تعادل ثلث الأجر اليومي المعتاد المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص ويمكن للوالدين تقاسم العطلة الوالدية.
وتم تقديم مقترح القانون الثاني المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية من قبل النواب ريم الصغير وأسماء الدرويش وسيرين بوصندل وماجدة الورغمي ومها عامر وعزيز بن الأخضر وآمال المؤدب وعز الذين التايب وسيرين مرابط ونبيل حامدي وعواطف الشنيتي. ويهدف هذا المقترح إلى تمتيع الموظفة بعد الإدلاء بشهادة طبية بعطلة ولادة مدتها 6 أشهر مع استحقاق كامل المرتب لمدة 4 أشهر ونصف المرتب لمدة شهرين ونصف وتمنح هذه العطلة مباشرة من طرف الإدارة مع إمكانية الجمع بين هذه العطلة وعطلة الاستراحة السنوية، إضافة إلى احتساب ساعة الرضاعة بداية من تاريخ انتهاء عطلة الولادة ولمدة 18 شهرا، مع تمتيع الأب بعطلة أبوة مدتها شهر تكون خالصة الأجر ويمكن توزيعها بصفة اختيارية طيلة فترة راحة الأمومة.
فوضى تشريعية
ولتلافي الفوضى التشريعية، دعا المكلف بتسيير الهيئة العامة للوظيفة العمومية برئاسة الحكومة لجنة تنظيم الإدارة تطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد منذ جلسة اللجنة بتاريخ 28 مارس 2024 إلى التريث قليلا، وانتظار مشروع القانون الذي أعدته وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، لأنه حسب وصفه أكثر نضجا من المبادرتين التشريعيتين المقدمتين من قبل النواب نظرا لاعتماده على دراسات معمقة، وذكر أنه حين ورود هذا المشرع يمكن للجنة أن تعمل على إدماج النصوص الثلاثة للخروج بمشروع واحد يستجيب لتطلعات الأسرة التونسية.
ورغم أهمية المقترحات المعروضة عليها تواصل اللجنة التي يرأسها النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي رضا دلاعي عقد جلستها بصفة مغلقة مثلها مثل بقية اللجان وهو ما حرم الصحفيين من مواكبة أشغالها، ويتساءل العديد من النواب متى سيعدل مكتب مجلس نواب الشعب عن قراره القاضي بغلق اللجان في وجوه ممثلي وسائل الإعلام لأنه ضرب حق المواطن في النفاذ إلى المعلومة وحق الناخب في متابعة النائب الذي منحه صوته وحق النائب في إيصال صوته إلى ناخبيه.