لا تزال التطلعات إلى استعمال أوسع للذكاء الاصطناعي في تونس في جميع المجالات قائمة لاسيما في ظل التغيرات المتسارعة التي شهدها العالم والإقبال على استعمال هذه التقنيات التكنولوجية المتطورة في جميع المجال نظرا لنجاعتها وأهميتها في ضمان السرعة والنتائج الهامة، في ظل التحديات القانونية والأخلاقية وغيرها المطروحة في المجال لعل من أبرزها "معضلة" الرقمنة، باعتبار أن الذكاء الاصطناعي يتطلب أساسا توفر البيانات والمعلومات. وقد أثبتت أزمة "كوفيد 19 "في السنوات الأخيرة الأزمة التي تعيشها بلادنا في هذا المجال. رغم ما تتوفر عليه بلادنا من مؤشرات ومؤهلات حسب تأكيد عديد المختصين في المجال وتبينه تقارير وتصنيفات عديد المنظمات والهياكل الدولية المختصة في المجال.
ويذكر أن مؤشر أكسفورد الحكومي بيّن في تقريره الأخير أن بلادنا تحتل المركز الثاني إفريقيا والخامس عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، فيما صنف التقرير الصادر عن اليونسكو تونس في المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة الطلبة الدارسين في شعب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بنسبة 43,3% تليها ألمانيا بـ35,6% وسنغافورة بـ34,9%، معتبرة أن التغيرات الجيوسياسية التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة ساهمت في إعادة تشكيل العلوم في العديد من المجالات في حين أن بلادنا تعد رائدة في التكوين في الاختصاصات التكنولوجية والهندسية والعلمية ذات الصلة بالمجال. كما توجد بلادنا في المرتبة 56 ضمن البلدان 62 المصنفة حسب موقع بريطاني خاص بالذكاء الاصطناعي.
لكن في المقابل لا تزال التشريعات المنظمة للمسألة من العوامل التي ساهمت في تعطل مسار توسيع استعمال الذكاء الاصطناعي، رغم تأكيد أحد المختصين أن الإقبال على استعماله يسجل تزايدا متسارعا في القطاع الخاص بشكل والعمومي لكن بنسق بطيء في الثاني لعدة اعتبارات من بينها نقص التحسيس في المجال وعدم وتمسك نسبة كبيرة من أبناء الإدارة والمؤسسات في تونس بالطرق التقليدية في العمل على اعتبار أن التكنولوجيات المتطورة تشكل خطرا يهدد المهن التقليدية ومواطن الشغل.
وكان محمد ناصر عمار، وزير تكنولوجيا الاتصال السابق قد أكد في تصريحه لإحدى الإذاعات الخاصة مؤخرا أن عدة خبراء يؤكدون أن الذكاء الاصطناعي سيعوض 50 بالمائة من المهن ليس فقط الصغرى منها بل التي تهم أيضا اختصاصات خريجي الجامعات وأصحاب الشهائد العليا من بينهم الخبراء المحاسبين والمترجمين والصحفيين.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي أكد مؤخرا أن مشروع المعهد الخاص للذكاء الاصطناعي الذي تم بعثه بهدف مواكبة التطورات في مجالات عديدة تساعد على دفع التنمية الاقتصادية من المنتظر أن ينطلق في العمل بداية من سبتمبر القادم أي الموسم الدراسي 2024 /2025. إضافة إلى إطلاق بعض الجامعات والمعاهد العليا لماجستير الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، خاصة أنه تم إطلاق في سنة 2022 الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وما تتطلبه من عملية رقمنة وتهيئة التشريعات والقوانين لضمان نجاح انخراط بلادنا في عالم الذكاء الاصطناعي. فضلا عن انطلاق استعماله في بعض المجالات على غرار دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة المراقبة لاكتشاف المخالفات المرورية وغيرها.
محمد القسنطيني لـ"الصباح": نعم بدأنا في استعمال الذكاء الاصطناعي
أكد محمد القسنطيني، مهندس مختص في علم البيانات والذكاء الاصطناعي، في حديثه لـ"الصباح"، أن الذكاء الاصطناعي يندرج في إطار الثورة الصناعية الرابعة، وهو لغة العالم اليوم، الأمر الذي جعل هناك تسارعا على كسب هذه التكنولوجيا واستعمالها نظرا لأهميتها ونتائجها الكبيرة والإيجابية التي فاقت كل توقعات. وبين أن 70 % من الإطارات العاملة في البلدان المتقدمة ليست لهم دراية جيدة باستعمال الذكاء الاصطناعي وتطبيقه في أعمالهم.. معتبرا أن التحسيس والتهيئة والتكوين في هذا المجال في تونس اليوم بهدف تغيير "العقليات" السائدة التي تعتبر أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة تشكل خطرا على عمل ومهن البعض، يعد ضرورة على اعتبار أنها تسهل العمل وتمكن من ربح الوقت والجهد وخلق فرص تنافسية أكبر وتفتح آفاق تشغيل لاختصاصات أخرى.
موضحا في سياق متصل أن الثورة الصناعية الرابعة أفزرت التكنولوجيا والرقمنة و"الأتمتة"وهي كلها مرتبطة بالرقمنة في جميع القطاعات العمومية والخاصة.
كما أكد المهندس المختص في علم البيانات والذكاء والاصطناعي أن بلادنا تأخرت نوعا ما في إتمام مرحلة التحول الرقمي في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة ببعض البلدان العربية الأخرى التي أصبحت تحتل مراتب متقدمة عالميا على غرار السعودية والإمارات. وأضاف قائلا: "الآن كل المؤشرات في تونس جد جيدة، ففي 2024 صدرت جملة من الأوامر الحكومية، التي تخدم هذا التوجه، ذات أهمية قصوى لعل أهمها ما يتعلق بالترابط البيني بين الوزارات، وهي مؤشرات هامة تمهد لاستعمال أوسع للذكاء الاصطناعي وإتمام مرحلة الانتقال والتحول الرقمي. لأنه من العيب أن يجد الفرد نفسه اليوم مطالبا بجلب شهادة عمل أو أي وثيقة من نفس المؤسسة". وهو يعتبر أن الإدارة التونسية في طريقها للتحول، وهو ليس خيارا وإنما ضرورة تمليها المرحلة والتحديات المطروحة وطنيا وعالميا، وفق تقديره، مستشهدا في ذلك بعض الإجراءات المعتمدة والتي من شأنها أن تسهل العملية للمواطن والموظف في نفس الوقت مثلا ترسيم الأطفال والتخلي عن استخراج مضامين الولادة وغيرها من الإجراءات المماثلة.
وكشف محدثنا أن تونس بدأت عمليا في تطبيق الذكاء الاصطناعي وهناك موقع "تير تويز" الذي يعنى بتقييم الدول في مستوى الذكاء الاصطناعي في العالم كشف في آخر تصنيف لها أن بلادنا تصنف في المركز 56 من 62 دولة مصنفة من بين 200 دولة، وترد بعدها في المركز 57 المغرب ثم البحرين في المركز 58 فيما تصنف السعودية في المركز 30 وقطر في المرتبة 42 وتحل أمريكا المرتبة الأولى والصين الثانية. والهام في هذا التقييم والتصنيف حسب المهندس المختص في علم البيانات والذكاء والاصطناعي أنه يعتمد 111 مؤشرا من بينها التعليم.
واعتبر من أكبر الإشكاليات المطروحة في بلادنا اليوم هو ظاهرة هجرة الكفاءات التونسية لاسيما منها المهندسون، مقابل غياب سياسة موجهة للاستفادة من هذه الكفاءات. لأنه بإمكانها أن تغير واقع الدولة وتحسن من مقدراتها وإمكانياتها إذا ما وجدت الأرضية الملائمة والسياسة الداعمة التي تراهن على الاستثمار في الكفاءات الوطنية.
كما أفاد محمد القسنيطيني، أن الهام في نفس السياق أنه تم تكوين لجنة من خبراء في القانون لمراجعة القوانين التي تتعارض مع الرقمنة واستعمال الذكاء الاصطناعي ومن ثمة الإسراع في الانتقال الرقمي، الذي يعتمد بالأساس على البيانات والمعلومات بصفة أساسية. ليتم إثر ذلك استخراج المعرفة والحكمة والقرارات. وبين نفس المتحدث أنه من المنتظر أن يتم تقديم مبادرة جديدة للذكاء الاصطناعي وصفها بأنها ستكون فريدة من نوعها ستدخل حيز النفاذ انطلاقا من سبتمبر المقبل تتمثل في إطلاق منصة للذكاء الاصطناعي تحتوي على جميع الوسائل البيداغوجية من الكتب والدروس والدورات التكوينية في شتى مجالات العلوم. وهي بمبادرة من كل من نزار يعيش وزير المالية السابق وكريم بقير وهو مختص مستثمر في المجال ومشاركة كفاءات تونسية أخرى من داخل تونس وخارجها.
كما أفاد أن هناك استعمالا للذكاء الاصطناعي في المؤسسات الناشئة وبعض الشركات الكبرى التي أصبحت تستعمل الذكاء الاصطناعي على غرار قطاع "السراميك" وغيرها. واعتبر في نجاعة استعمال تقنية الذكاء الاصطناعي وما يتيحه من الحصول على نتائج سريعة أكثر دقة ومردودية، موضحا أن استعماله يمكن من زيادة القدرة على التنافسية ونسبة ربح بين 20 و50 % من الوقت والمال.
تطور ونقلة نوعية
في جانب آخر من حديثه أكد القسنطيني أنه رغم دوره في التقليص في اليد العاملة في بعض الاختصاصات التقليدية إلا أن الذكاء الاصطناعي سيفتح المجال لاستقطاب عملة واختصاصات في مجالات تقنية وتكنولوجية أخرى لها علاقة بهذا التخصص. موضحا أن بعض المهن مرشحة أكثر من غيرها للتغيير من بينها الصحافة والإعلام لأنه يرى أن الصحافة التقليدية لم يعد لها وجود بعد أن ظهرت مهن وتخصصات جديدة ستكون بمرور الوقت أكثر إقبالا على غرار صحافة البيانات وصحافة الذكاء الاصطناعي وصحافة المحتوى والميتافرس وغيرها. وأضاف قائلا: "اعترف أنه انطلاقا من تجربتي المهنية ومواكبتي لمؤشرات التغيير والتطور في توجه متسارع لاستعمال الذكاء الاصطناعي، فهو لا يكلف الدولة والمؤسسات في القطاعين العمومي والخاص أي مصاريف إضافية في المقابل يمكن من تحقيق مرابيح كبيرة ومردودية عالية في وقت وجيز. لذلك فإن اعتماد هذه التقنية في تدريس وتكوين الأطباء وغيرهم من الاختصاصات الأخرى من شانه أن يضع حدا للوسائل التقليدية ويرفع من مردودية مخابر البحث في الصحة والبيئة وغيرها من المجالات الهامة".
جيل آخر
ونوه محمد القسنطيني بما تشهده بلادنا من حركية وديناميكية في مجال التهيئة والتحضير لهذه النقلة، بعد دخول الجامعات في تونس في الاشتغال على هذه التكنولوجيا من الناحية التقنية وكذلك على القوانين الخاصة باستعمال الذكاء الاصطناعي. وهو يرى أن الأهم هو خروج هذه المبادرات من مخابر البحث إلى التفعيل.
واستشهد في حديثه حول هذه المسالة بما أدركته بعض البلدان التي انطلقت في استعمال هذه التقنية وقال: "أذكر أنه وصل الأمر في الصين إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي في قراءة الحالة النفسية والسلوكية للمواطنين، ليتم اعتمادها لتحسين جودة الحياة والتخفيف حتى في الضرائب للمواطنين حسب تصنيف ذكي يعتمد على السلوك والمواطنة وكذلك معرفة وترصد الجريمة قبل وقوعها".
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
لا تزال التطلعات إلى استعمال أوسع للذكاء الاصطناعي في تونس في جميع المجالات قائمة لاسيما في ظل التغيرات المتسارعة التي شهدها العالم والإقبال على استعمال هذه التقنيات التكنولوجية المتطورة في جميع المجال نظرا لنجاعتها وأهميتها في ضمان السرعة والنتائج الهامة، في ظل التحديات القانونية والأخلاقية وغيرها المطروحة في المجال لعل من أبرزها "معضلة" الرقمنة، باعتبار أن الذكاء الاصطناعي يتطلب أساسا توفر البيانات والمعلومات. وقد أثبتت أزمة "كوفيد 19 "في السنوات الأخيرة الأزمة التي تعيشها بلادنا في هذا المجال. رغم ما تتوفر عليه بلادنا من مؤشرات ومؤهلات حسب تأكيد عديد المختصين في المجال وتبينه تقارير وتصنيفات عديد المنظمات والهياكل الدولية المختصة في المجال.
ويذكر أن مؤشر أكسفورد الحكومي بيّن في تقريره الأخير أن بلادنا تحتل المركز الثاني إفريقيا والخامس عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، فيما صنف التقرير الصادر عن اليونسكو تونس في المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة الطلبة الدارسين في شعب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بنسبة 43,3% تليها ألمانيا بـ35,6% وسنغافورة بـ34,9%، معتبرة أن التغيرات الجيوسياسية التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة ساهمت في إعادة تشكيل العلوم في العديد من المجالات في حين أن بلادنا تعد رائدة في التكوين في الاختصاصات التكنولوجية والهندسية والعلمية ذات الصلة بالمجال. كما توجد بلادنا في المرتبة 56 ضمن البلدان 62 المصنفة حسب موقع بريطاني خاص بالذكاء الاصطناعي.
لكن في المقابل لا تزال التشريعات المنظمة للمسألة من العوامل التي ساهمت في تعطل مسار توسيع استعمال الذكاء الاصطناعي، رغم تأكيد أحد المختصين أن الإقبال على استعماله يسجل تزايدا متسارعا في القطاع الخاص بشكل والعمومي لكن بنسق بطيء في الثاني لعدة اعتبارات من بينها نقص التحسيس في المجال وعدم وتمسك نسبة كبيرة من أبناء الإدارة والمؤسسات في تونس بالطرق التقليدية في العمل على اعتبار أن التكنولوجيات المتطورة تشكل خطرا يهدد المهن التقليدية ومواطن الشغل.
وكان محمد ناصر عمار، وزير تكنولوجيا الاتصال السابق قد أكد في تصريحه لإحدى الإذاعات الخاصة مؤخرا أن عدة خبراء يؤكدون أن الذكاء الاصطناعي سيعوض 50 بالمائة من المهن ليس فقط الصغرى منها بل التي تهم أيضا اختصاصات خريجي الجامعات وأصحاب الشهائد العليا من بينهم الخبراء المحاسبين والمترجمين والصحفيين.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي أكد مؤخرا أن مشروع المعهد الخاص للذكاء الاصطناعي الذي تم بعثه بهدف مواكبة التطورات في مجالات عديدة تساعد على دفع التنمية الاقتصادية من المنتظر أن ينطلق في العمل بداية من سبتمبر القادم أي الموسم الدراسي 2024 /2025. إضافة إلى إطلاق بعض الجامعات والمعاهد العليا لماجستير الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، خاصة أنه تم إطلاق في سنة 2022 الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وما تتطلبه من عملية رقمنة وتهيئة التشريعات والقوانين لضمان نجاح انخراط بلادنا في عالم الذكاء الاصطناعي. فضلا عن انطلاق استعماله في بعض المجالات على غرار دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة المراقبة لاكتشاف المخالفات المرورية وغيرها.
محمد القسنطيني لـ"الصباح": نعم بدأنا في استعمال الذكاء الاصطناعي
أكد محمد القسنطيني، مهندس مختص في علم البيانات والذكاء الاصطناعي، في حديثه لـ"الصباح"، أن الذكاء الاصطناعي يندرج في إطار الثورة الصناعية الرابعة، وهو لغة العالم اليوم، الأمر الذي جعل هناك تسارعا على كسب هذه التكنولوجيا واستعمالها نظرا لأهميتها ونتائجها الكبيرة والإيجابية التي فاقت كل توقعات. وبين أن 70 % من الإطارات العاملة في البلدان المتقدمة ليست لهم دراية جيدة باستعمال الذكاء الاصطناعي وتطبيقه في أعمالهم.. معتبرا أن التحسيس والتهيئة والتكوين في هذا المجال في تونس اليوم بهدف تغيير "العقليات" السائدة التي تعتبر أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة تشكل خطرا على عمل ومهن البعض، يعد ضرورة على اعتبار أنها تسهل العمل وتمكن من ربح الوقت والجهد وخلق فرص تنافسية أكبر وتفتح آفاق تشغيل لاختصاصات أخرى.
موضحا في سياق متصل أن الثورة الصناعية الرابعة أفزرت التكنولوجيا والرقمنة و"الأتمتة"وهي كلها مرتبطة بالرقمنة في جميع القطاعات العمومية والخاصة.
كما أكد المهندس المختص في علم البيانات والذكاء والاصطناعي أن بلادنا تأخرت نوعا ما في إتمام مرحلة التحول الرقمي في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة ببعض البلدان العربية الأخرى التي أصبحت تحتل مراتب متقدمة عالميا على غرار السعودية والإمارات. وأضاف قائلا: "الآن كل المؤشرات في تونس جد جيدة، ففي 2024 صدرت جملة من الأوامر الحكومية، التي تخدم هذا التوجه، ذات أهمية قصوى لعل أهمها ما يتعلق بالترابط البيني بين الوزارات، وهي مؤشرات هامة تمهد لاستعمال أوسع للذكاء الاصطناعي وإتمام مرحلة الانتقال والتحول الرقمي. لأنه من العيب أن يجد الفرد نفسه اليوم مطالبا بجلب شهادة عمل أو أي وثيقة من نفس المؤسسة". وهو يعتبر أن الإدارة التونسية في طريقها للتحول، وهو ليس خيارا وإنما ضرورة تمليها المرحلة والتحديات المطروحة وطنيا وعالميا، وفق تقديره، مستشهدا في ذلك بعض الإجراءات المعتمدة والتي من شأنها أن تسهل العملية للمواطن والموظف في نفس الوقت مثلا ترسيم الأطفال والتخلي عن استخراج مضامين الولادة وغيرها من الإجراءات المماثلة.
وكشف محدثنا أن تونس بدأت عمليا في تطبيق الذكاء الاصطناعي وهناك موقع "تير تويز" الذي يعنى بتقييم الدول في مستوى الذكاء الاصطناعي في العالم كشف في آخر تصنيف لها أن بلادنا تصنف في المركز 56 من 62 دولة مصنفة من بين 200 دولة، وترد بعدها في المركز 57 المغرب ثم البحرين في المركز 58 فيما تصنف السعودية في المركز 30 وقطر في المرتبة 42 وتحل أمريكا المرتبة الأولى والصين الثانية. والهام في هذا التقييم والتصنيف حسب المهندس المختص في علم البيانات والذكاء والاصطناعي أنه يعتمد 111 مؤشرا من بينها التعليم.
واعتبر من أكبر الإشكاليات المطروحة في بلادنا اليوم هو ظاهرة هجرة الكفاءات التونسية لاسيما منها المهندسون، مقابل غياب سياسة موجهة للاستفادة من هذه الكفاءات. لأنه بإمكانها أن تغير واقع الدولة وتحسن من مقدراتها وإمكانياتها إذا ما وجدت الأرضية الملائمة والسياسة الداعمة التي تراهن على الاستثمار في الكفاءات الوطنية.
كما أفاد محمد القسنيطيني، أن الهام في نفس السياق أنه تم تكوين لجنة من خبراء في القانون لمراجعة القوانين التي تتعارض مع الرقمنة واستعمال الذكاء الاصطناعي ومن ثمة الإسراع في الانتقال الرقمي، الذي يعتمد بالأساس على البيانات والمعلومات بصفة أساسية. ليتم إثر ذلك استخراج المعرفة والحكمة والقرارات. وبين نفس المتحدث أنه من المنتظر أن يتم تقديم مبادرة جديدة للذكاء الاصطناعي وصفها بأنها ستكون فريدة من نوعها ستدخل حيز النفاذ انطلاقا من سبتمبر المقبل تتمثل في إطلاق منصة للذكاء الاصطناعي تحتوي على جميع الوسائل البيداغوجية من الكتب والدروس والدورات التكوينية في شتى مجالات العلوم. وهي بمبادرة من كل من نزار يعيش وزير المالية السابق وكريم بقير وهو مختص مستثمر في المجال ومشاركة كفاءات تونسية أخرى من داخل تونس وخارجها.
كما أفاد أن هناك استعمالا للذكاء الاصطناعي في المؤسسات الناشئة وبعض الشركات الكبرى التي أصبحت تستعمل الذكاء الاصطناعي على غرار قطاع "السراميك" وغيرها. واعتبر في نجاعة استعمال تقنية الذكاء الاصطناعي وما يتيحه من الحصول على نتائج سريعة أكثر دقة ومردودية، موضحا أن استعماله يمكن من زيادة القدرة على التنافسية ونسبة ربح بين 20 و50 % من الوقت والمال.
تطور ونقلة نوعية
في جانب آخر من حديثه أكد القسنطيني أنه رغم دوره في التقليص في اليد العاملة في بعض الاختصاصات التقليدية إلا أن الذكاء الاصطناعي سيفتح المجال لاستقطاب عملة واختصاصات في مجالات تقنية وتكنولوجية أخرى لها علاقة بهذا التخصص. موضحا أن بعض المهن مرشحة أكثر من غيرها للتغيير من بينها الصحافة والإعلام لأنه يرى أن الصحافة التقليدية لم يعد لها وجود بعد أن ظهرت مهن وتخصصات جديدة ستكون بمرور الوقت أكثر إقبالا على غرار صحافة البيانات وصحافة الذكاء الاصطناعي وصحافة المحتوى والميتافرس وغيرها. وأضاف قائلا: "اعترف أنه انطلاقا من تجربتي المهنية ومواكبتي لمؤشرات التغيير والتطور في توجه متسارع لاستعمال الذكاء الاصطناعي، فهو لا يكلف الدولة والمؤسسات في القطاعين العمومي والخاص أي مصاريف إضافية في المقابل يمكن من تحقيق مرابيح كبيرة ومردودية عالية في وقت وجيز. لذلك فإن اعتماد هذه التقنية في تدريس وتكوين الأطباء وغيرهم من الاختصاصات الأخرى من شانه أن يضع حدا للوسائل التقليدية ويرفع من مردودية مخابر البحث في الصحة والبيئة وغيرها من المجالات الهامة".
جيل آخر
ونوه محمد القسنطيني بما تشهده بلادنا من حركية وديناميكية في مجال التهيئة والتحضير لهذه النقلة، بعد دخول الجامعات في تونس في الاشتغال على هذه التكنولوجيا من الناحية التقنية وكذلك على القوانين الخاصة باستعمال الذكاء الاصطناعي. وهو يرى أن الأهم هو خروج هذه المبادرات من مخابر البحث إلى التفعيل.
واستشهد في حديثه حول هذه المسالة بما أدركته بعض البلدان التي انطلقت في استعمال هذه التقنية وقال: "أذكر أنه وصل الأمر في الصين إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي في قراءة الحالة النفسية والسلوكية للمواطنين، ليتم اعتمادها لتحسين جودة الحياة والتخفيف حتى في الضرائب للمواطنين حسب تصنيف ذكي يعتمد على السلوك والمواطنة وكذلك معرفة وترصد الجريمة قبل وقوعها".