هُنَا فِي الْقِطَاعِ
طَبِيبٌ يَخِيطُ جِرَاحَ الزَّمَنْ
وَلَا يَدْرِي أَنَّ عَذَابَ الْفِرَاقِ
بِهِ قَدْ يُلِمْ . .
فَفِي غَرْفَةِ الْمَوْتَى
نَامَ أَبُوهُ ، أَخُوهُ ، وَابْنٌ وَأُمْ
لَقَدْ جَاؤُوا مِنْ سَاحَةِ الْاِقْتِتَالِ
بَقَايَا حَقِيقَهْ، لِحَرْبٍ وَضِيعَهْ
وَأَشْلَاءَ تَسْأَلُ
تُرَى هَلْ نُلَمْ ؟ !
فَهَذِي يَدٌ تُنَادِي لِجِذْعٍ
يُنَادِي لِسَاقٍ
تُنَادِي لِفَمْ
تَعَالَوْا نُلَمْلِمْ كُلاًّ تَلاَشَى
نُسَوِّي وَرِيداً بِهِ يَسْرِي دَمْ
وَجِلْداً جَدِيدًا. . يَكْسُو عِظَامًا
تَطِيرُ سِهَامًا بِنَصْرِ
فَلَسْطِينِنَا وَالْعَلَمْ
تَنَهَّدَ أَنْفٌ يَشُمُّ دِمَاءً كَمِسْكٍ
لِطِفْلٍ مُسَجَّى بِثَغْرٍ يُعَانِقُ
رَحْبَ الْجِنَانِ وَفِي الْحَلْقِ عَزْفٌ
تَغَنَّى وَعَلَّى بِأَعْتَى نَغَمْ
"فِدَائِي ،يَا أرضِي يا أرْضَ الجُدُودْ"
تُنَادِيهِ عَيْنٌ رَأَتْ
فِي بَقَايَا الرُّكَامِ بُرَيْعِمْ
يُرَجْرِجُ بِالنَّبْضِ بَطْنًا
لِحُبْلَى بَكَتْ مِنْ أَلَمْ
لَقَدْ شَقَّ عُودٌ بِحَدٍّ مُسَنَّنْ
جَنِينًا تَخَبَّى عَنِ الْوَحْشِ
لَاذَ بِدِفْءِ الرَّحِمْ
وَطِفْلاً يُلَقِّنُ حِينَ احْتِضَارٍ
أَخَاهُ الشَّهَادَهْ . . أَبْكَى قُلُوبًا
وَغَذَّى شُعُورًا بِنَارِ النِّقَمْ
سَنُلْحِقُ مُغْتَالَ عُمْرِ الزُّهُورِ
بِلَعْنَاتِ غُصْنٍ تَعَرَّى
وَبَاتَ رَمَادًا تَأَذَّى
بِسَيْلِ الْحِمَمْ
وَنُشْفِي الْغَلِيلَ بِثَأْرٍ يَرُدُّ
اعْتِبَارَ الثَّكَالَى وَطُهْرَ الْعَذَارَى
وَنَحْفِرُ فِي الصَّلْدِ
نَقْشَ الْكَلَمْ
لَقَدْ شَوَّهَ الْقَصْفُ وَجْهَ الْمَلَاكِ
بِوَشْمِ الرَّصَاصِ نِقَاطًا تَعُدُّ
اغْتِصَابًا لِقَرْنٍ وَسِتِّ سِنِينَ
تَعُدُّ صُمُودًا وَرَفْضًا
لِوَعْدٍ ظَلَمْ
أَيَا عُرْبُ حُزْتُمْ بَرَاحَ الْقُصُورِ
سُلَافَ الْخُمُورِ
نَسَجْتُمْ عَبَاءَاتِكُمْ مِنْ حَرِيرْ
وَنَحْنُ نُدَسُّ بِضِيقِ الْقُبُورِ
وَبَيْنَ الْحَوَاشِي وَتَحْتَ السَّرِيرْ
نُلَفُّ ثَلَاثًا وَخَمْسًا وَسِتًّا . .
بِذَاتِ الْكَفَنْ
سَتُخْبِرُ أَشْلَاؤُنَا الشَّامِخَاتُ بِكِيسٍ
بِأَنَّا دُفِنَّا بِأَرْضٍ سَتَسْمُو
كَصَرْحٍ أَبِيٍّ ، كَطَوْدٍ أَشَمْ
سَنُشْرِقُ فَجْرًا
وَنَنْبُتُ زَهْرًا
لِبذْرٍ رَبَا مِنْ شُقُوقِ الْعَدَمْ
للشاعرة:نوّارة الوصيّف