إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. السّيادة الوطنيّة خطّ أحمر

مرّة أخرى يتحرك الشّارع التّونسي مندّدا بالتدخل الأجنبي في الشّؤون الداخلية للبلاد، مشدّدا على الدفاع عن سيادة تونس وحريّة قرارها، وذلك بعد أن عمدت بعض الدول والمنظمات الى تناول الشأن الداخلي التّونسي والإفتاء فيه وبث المغالطات في ما يتعلق بملفات سياسية وقضائية وحقوقية، لا نعتقد أنها تعني غير التونسيين، الذين أكّدوا تمسكهم بحرية التعبير والتنّظم والتظاهر لكن دون السقوط في مربعات خدمة الأجندات والمصالح الخارجية والاستقواء بالأجنبي.

إنّ تونس التي تخوض منذ سنوات معركة السيادة وحرية القرار، لم تتردّد في أواخر جويلية 2022 في استدعاء، عبر وزارة خارجيتها، القائمة بالأعمال الأمريكية ناتاشا فرانشيسكي، للاعتراض على تدخل بلادها في شؤوننا الداخلية، كما لم تتأخر في التنبيه على بعض السفراء الأجانب وإعادتهم الى المربع الذي من حقهم التحرك فيه، دون تخطيه، كما سارعت بالرد على بيانات الاتحاد الأوروبي التي تعرضت للمسار السياسي والقضائي في تونس واعتبرت ذلك "تدخلا سافرا في شؤون البلاد الداخلية ومغالطات مقصودة..".

الغريب أن بعض الدول، وفي الوقت الذي تلتفت فيه الى تونس ممارسة الوصاية وملوحة بشعارات الحريات وحقوق الإنسان واستقلال القضاء، وهي مبادئ نص عليها ويضمنها الدستور التونسي، نجدها هي نفسها غارقة ومتورطة في ممارسات عكسية بعيدة كل البعد عن هذه الشعارات ولنا في فرنسا حاملة شعار "الحرية، المساواة، الإخاء"، المصطلحات الثلاثة التي تمثل المبادئ الثلاثة الأساسية التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية، أحسن مثال.. ففرنسا التي ما انفكت تمارس الوصاية على بلادنا وغيرها من الدول، تمارس اليوم كل أنواع التضييق على الحريات في أرخبيل كاليدونيا الجديدة، الإقليم التابع لفرنسا في المحيط الهادئ والذي حظرت فيه بداية من الأسبوع الماضي تطبيق "تيك توك" مع فرض حالة الطوارئ هناك، ووضع عدد من الناشطين رهن الإقامة الجبرية، في محاولة لإخماد أعمال شغب. كما أن إعلان حالة الطوارئ في أرخبيل كاليدونيا الجديدة، أتاح للسلطات الفرنسية اتخاذ تدابير استثنائية، بما في ذلك تقييد الحريات العامة وحظر خدمة الاتصالات عبر الإنترنت..

كذلك لا ننسى للسلطات الفرنسية ما مارسته من أعمال قمعية ضد ثورة أصحاب "السترات الصفراء" وكذلك موجة الاعتقالات الكبيرة ضد المناهضين لإرهاب الكيان الصهيوني في غزة ومنع وقمع المظاهرات والمسيرات الداعمة للشعب الفلسطيني في باريس وغيرها من المدن الفرنسية أو كذلك "الاستخدام المفرط للقوة" في مارس من السنة الماضية ضد المتظاهرين المحتجين على تعديل نظام التقاعد..

أما في "أرض الحرية والشجعان" الولايات المتحدة، فقد تدخلت القوات المدججة بالسلاح لقمع واعتقال الطلبة والأساتذة المحتجين سلميا في حرم الجامعات الأمريكية ضد ممارسات وإرهاب آلة القتل الإسرائيلية في غزة ونفس الشيء حدث في عديد العواصم والمدن الغربية..

فهل يمكن لوزارة خارجيتنا، أمام ما يجري على تلك الأراضي، إصدار بيانات تندد بالقمع والاعتداء والتضييق على الحريات الممارس من قبل السلطات الفرنسية في أرخبيل كاليدونيا الجديدة أو من قبل القوات الأمريكية وغيرها ضد المواطنين من أجل إسكاتهم وقمعهم وكبت حرياتهم ومنعهم من التعبير الحر في إطار الحرية والديمقراطية؟؟

إن السيادة الوطنية واستقلالية قرارنا الوطني مسألة غير قابلة للنقاش وعلى بعض الدول والأطراف أن تعود الى صلح Westphalie في 24 أكتوبر 1648 عند نهاية حرب الثلاثين سنة في أوروبا، وهي أول اتفاقيه ديبلوماسية في العصر الحديث والتي أرست نظاما جديدا في أوروبا الوسطى والغربية مبني على مبدإ سيادةِ الدولِ، لتعي جيدا مفهوم السيادة الوطنية للدول بعيدا عن النظرة الاستعمارية وسياسة وضع اليد وتحريك بعض الدمى الخاضعة للسيطرة والقابلة للعمالة.

سفيان رجب

مرّة أخرى يتحرك الشّارع التّونسي مندّدا بالتدخل الأجنبي في الشّؤون الداخلية للبلاد، مشدّدا على الدفاع عن سيادة تونس وحريّة قرارها، وذلك بعد أن عمدت بعض الدول والمنظمات الى تناول الشأن الداخلي التّونسي والإفتاء فيه وبث المغالطات في ما يتعلق بملفات سياسية وقضائية وحقوقية، لا نعتقد أنها تعني غير التونسيين، الذين أكّدوا تمسكهم بحرية التعبير والتنّظم والتظاهر لكن دون السقوط في مربعات خدمة الأجندات والمصالح الخارجية والاستقواء بالأجنبي.

إنّ تونس التي تخوض منذ سنوات معركة السيادة وحرية القرار، لم تتردّد في أواخر جويلية 2022 في استدعاء، عبر وزارة خارجيتها، القائمة بالأعمال الأمريكية ناتاشا فرانشيسكي، للاعتراض على تدخل بلادها في شؤوننا الداخلية، كما لم تتأخر في التنبيه على بعض السفراء الأجانب وإعادتهم الى المربع الذي من حقهم التحرك فيه، دون تخطيه، كما سارعت بالرد على بيانات الاتحاد الأوروبي التي تعرضت للمسار السياسي والقضائي في تونس واعتبرت ذلك "تدخلا سافرا في شؤون البلاد الداخلية ومغالطات مقصودة..".

الغريب أن بعض الدول، وفي الوقت الذي تلتفت فيه الى تونس ممارسة الوصاية وملوحة بشعارات الحريات وحقوق الإنسان واستقلال القضاء، وهي مبادئ نص عليها ويضمنها الدستور التونسي، نجدها هي نفسها غارقة ومتورطة في ممارسات عكسية بعيدة كل البعد عن هذه الشعارات ولنا في فرنسا حاملة شعار "الحرية، المساواة، الإخاء"، المصطلحات الثلاثة التي تمثل المبادئ الثلاثة الأساسية التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية، أحسن مثال.. ففرنسا التي ما انفكت تمارس الوصاية على بلادنا وغيرها من الدول، تمارس اليوم كل أنواع التضييق على الحريات في أرخبيل كاليدونيا الجديدة، الإقليم التابع لفرنسا في المحيط الهادئ والذي حظرت فيه بداية من الأسبوع الماضي تطبيق "تيك توك" مع فرض حالة الطوارئ هناك، ووضع عدد من الناشطين رهن الإقامة الجبرية، في محاولة لإخماد أعمال شغب. كما أن إعلان حالة الطوارئ في أرخبيل كاليدونيا الجديدة، أتاح للسلطات الفرنسية اتخاذ تدابير استثنائية، بما في ذلك تقييد الحريات العامة وحظر خدمة الاتصالات عبر الإنترنت..

كذلك لا ننسى للسلطات الفرنسية ما مارسته من أعمال قمعية ضد ثورة أصحاب "السترات الصفراء" وكذلك موجة الاعتقالات الكبيرة ضد المناهضين لإرهاب الكيان الصهيوني في غزة ومنع وقمع المظاهرات والمسيرات الداعمة للشعب الفلسطيني في باريس وغيرها من المدن الفرنسية أو كذلك "الاستخدام المفرط للقوة" في مارس من السنة الماضية ضد المتظاهرين المحتجين على تعديل نظام التقاعد..

أما في "أرض الحرية والشجعان" الولايات المتحدة، فقد تدخلت القوات المدججة بالسلاح لقمع واعتقال الطلبة والأساتذة المحتجين سلميا في حرم الجامعات الأمريكية ضد ممارسات وإرهاب آلة القتل الإسرائيلية في غزة ونفس الشيء حدث في عديد العواصم والمدن الغربية..

فهل يمكن لوزارة خارجيتنا، أمام ما يجري على تلك الأراضي، إصدار بيانات تندد بالقمع والاعتداء والتضييق على الحريات الممارس من قبل السلطات الفرنسية في أرخبيل كاليدونيا الجديدة أو من قبل القوات الأمريكية وغيرها ضد المواطنين من أجل إسكاتهم وقمعهم وكبت حرياتهم ومنعهم من التعبير الحر في إطار الحرية والديمقراطية؟؟

إن السيادة الوطنية واستقلالية قرارنا الوطني مسألة غير قابلة للنقاش وعلى بعض الدول والأطراف أن تعود الى صلح Westphalie في 24 أكتوبر 1648 عند نهاية حرب الثلاثين سنة في أوروبا، وهي أول اتفاقيه ديبلوماسية في العصر الحديث والتي أرست نظاما جديدا في أوروبا الوسطى والغربية مبني على مبدإ سيادةِ الدولِ، لتعي جيدا مفهوم السيادة الوطنية للدول بعيدا عن النظرة الاستعمارية وسياسة وضع اليد وتحريك بعض الدمى الخاضعة للسيطرة والقابلة للعمالة.

سفيان رجب