إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مسرحة "2034".. وللأحلام صخرة اسمها واقع مرّ

 

تونس-الصباح

 

مسرحية "2034" اسم على مسمى فقد قفزت بنا بالزمن 10 سنوات كاملة لنعيش مع بطلتها في سنة 2034.

 

في هذه السنة تحطمت أحلام الشابة نيروز القادمة من ريف الشمال الغربي المتحصلة على الدكتوراه في المشاريع الثقافية من الخارج، بصخرة الواقع لتجد نفسها متهمة في 7 قضايا دفعة واحدة لعملها لـ3 أسابيع فقط أي أقل من شهر كرئيسة لديوان وزير الشؤون الثقافية.

 

وكأن بهذا العمل يريد أن يقول لنا مخرجه المنصف الزهروني أن تونس لا تزال ولادة كفاءات لسنوات قادمة منبها من خطر وأد هذه الكفاءات وعدم انصافها بأي شكل، فلا يكفي أن تعطى لها الفرصة بل يجب دعها بالشكل المناسب وعدم خنقها.

 

مسرحية تخوض بنا في عالم صنع المهرجانات الدولية وكيف تبدأ من الفكرة الصفر إلى الإنجاز وتدخل بنا إلى أروقة ودهاليز وزارة الشؤون الثقافية وما يحاك داخلها.

 

 وقد يبدو اسم المهرجان غريبا وغير متداول وحتى من قد يُصنّف ضمن "الطابوهات" إذ يحيل إلى "البورنو" "مهرجان أيام قرطاج البورنوغرافية"، فهو طرح صبغ بالجرأة، لكنه مهرجان تم اقتراحه مباشرة اثر انتفاضة شعبية في محاولة لتغيير ثقافي بمهرجان من شكل آخر يكون متماشيا مع التغيير السياسي.

 

كما أنه طرح مسرحي يعالج تشابك ماهو سياسي مع ما هو فني من خلال تدخل تقريبا جميع الوزراء في تفاصيل الأفلام التي ستعرض، حتى وزراء الفلاحة والصحة والبيئة، فالكل لهم رؤيتهم الخاصة التي يريدون فرضها، هذا دون إغفال وجود العديد من القضايا التي جاءت في شكل اسقاطات وأراد العمل التعريج عليها على غرار كراء قاعات الأفراح وتحويلها إلى قاعات سينما لوجود عدد ضئيل جدا من قاعات السينما في البلاد وتجميد البويضات والذكاء الاصطناعي والثقافة الجنسية واشكال فتح حساب بنكي بالعملة الصعبة، واسقاطات جعلت جميع هذه الملفات تفتح دفعت واحدة في مسرحية "2034".

 

فاطمة الفالحي ورغم بساطة الديكور وعدم تكلّفه، إلا أنها انتقلت من مشهد إلى آخر بسلاسة بين الغناء بصوتها الذي مثل صرخات موقّعة بخيباتها وعودة إلى جذورها وإلى أغنيات الشمال الغربي وحنينا إلى البدايات الجميلة، وبين دفاعها عن نفسها أمام القاضي فقد تولّت القيام بمهمة لسان الدفاع في نهايات غامضة ومؤلمة، أحاسيس ترجمتها الفالحي من خضرة الشمال الغربي ونسمته إلى تفوقها الدراسي مرورا إلى فرح المهرجان وما صاحبه من عمل دؤوب، وصولا إلى محنة المحاكمة وجميعها أحاسيس متناقضة لا تشبه بعضها البعض تحول الانسان وكينونته من حالة إلى آخرى.

 

أما عن تقنية الفيديو التي تم إضافتها إلى العمل فقد مثلت ميزة طبعت العمل بصبغة جمالية إذ اعتمدت هذه التقنية كشهادات في المحكمة لزملاء نيروز في المهرجان والذين أرادوا تبرئة أنفسهم رغم أنهم خطّاؤون، كما تم ابراز تقنية الفيديو ككواليس تبدو حقيقية لتبيّن مدى تعب فاطمة الفالحي وهي مرهقة من الركح وكيف تتناقش مع ممثل بجانبها حول الطرق والحيل التي يتم اعتمادها لانجاح العمل جماهيريا على غرار الدفع لأحد المتفرجّين ليضحك ويقهقه.

 

وبالنسبة للراقص الكوريغرافي أحمد القرندي الذي شارك الفالحي العمل فقد قدّم لوحات قطعت مع رتابة العمل المحكي وأتت منسجمة مع الأهوال التي عاشتها بطلة العمل، ومثل بمثابة السند القوي للعمل.

 

رسالة قوية دفعت بها المسرحية في نهايتها، عند قول البطلة عند نهاية محاكمتها أن اسمها نيروز ويعني "أول يوم في فصل الربيع فلا تقتلوا الربيع رمز البدايات بعد الظلام".

 

هكذا وقّعت "2023" تأشيرة دخولها إلى الفن الرابع تراجيديا مغلفة بكوميديا سوداء تشرّح واقعا لكفاءات غرقت في دوامة بلا رجعة، تصاحبها مع كل مشهد الضحكات كما الدموع.

 

أستاذة المسرح التي سبق وأن قدّمت مسرحية "روّح" بفضاء التياترو هو نفس الفضاء الذي احتضن مسرحيتها الجديدة "2034".

 

درصاف اللموشي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مسرحة "2034".. وللأحلام صخرة اسمها واقع مرّ

 

تونس-الصباح

 

مسرحية "2034" اسم على مسمى فقد قفزت بنا بالزمن 10 سنوات كاملة لنعيش مع بطلتها في سنة 2034.

 

في هذه السنة تحطمت أحلام الشابة نيروز القادمة من ريف الشمال الغربي المتحصلة على الدكتوراه في المشاريع الثقافية من الخارج، بصخرة الواقع لتجد نفسها متهمة في 7 قضايا دفعة واحدة لعملها لـ3 أسابيع فقط أي أقل من شهر كرئيسة لديوان وزير الشؤون الثقافية.

 

وكأن بهذا العمل يريد أن يقول لنا مخرجه المنصف الزهروني أن تونس لا تزال ولادة كفاءات لسنوات قادمة منبها من خطر وأد هذه الكفاءات وعدم انصافها بأي شكل، فلا يكفي أن تعطى لها الفرصة بل يجب دعها بالشكل المناسب وعدم خنقها.

 

مسرحية تخوض بنا في عالم صنع المهرجانات الدولية وكيف تبدأ من الفكرة الصفر إلى الإنجاز وتدخل بنا إلى أروقة ودهاليز وزارة الشؤون الثقافية وما يحاك داخلها.

 

 وقد يبدو اسم المهرجان غريبا وغير متداول وحتى من قد يُصنّف ضمن "الطابوهات" إذ يحيل إلى "البورنو" "مهرجان أيام قرطاج البورنوغرافية"، فهو طرح صبغ بالجرأة، لكنه مهرجان تم اقتراحه مباشرة اثر انتفاضة شعبية في محاولة لتغيير ثقافي بمهرجان من شكل آخر يكون متماشيا مع التغيير السياسي.

 

كما أنه طرح مسرحي يعالج تشابك ماهو سياسي مع ما هو فني من خلال تدخل تقريبا جميع الوزراء في تفاصيل الأفلام التي ستعرض، حتى وزراء الفلاحة والصحة والبيئة، فالكل لهم رؤيتهم الخاصة التي يريدون فرضها، هذا دون إغفال وجود العديد من القضايا التي جاءت في شكل اسقاطات وأراد العمل التعريج عليها على غرار كراء قاعات الأفراح وتحويلها إلى قاعات سينما لوجود عدد ضئيل جدا من قاعات السينما في البلاد وتجميد البويضات والذكاء الاصطناعي والثقافة الجنسية واشكال فتح حساب بنكي بالعملة الصعبة، واسقاطات جعلت جميع هذه الملفات تفتح دفعت واحدة في مسرحية "2034".

 

فاطمة الفالحي ورغم بساطة الديكور وعدم تكلّفه، إلا أنها انتقلت من مشهد إلى آخر بسلاسة بين الغناء بصوتها الذي مثل صرخات موقّعة بخيباتها وعودة إلى جذورها وإلى أغنيات الشمال الغربي وحنينا إلى البدايات الجميلة، وبين دفاعها عن نفسها أمام القاضي فقد تولّت القيام بمهمة لسان الدفاع في نهايات غامضة ومؤلمة، أحاسيس ترجمتها الفالحي من خضرة الشمال الغربي ونسمته إلى تفوقها الدراسي مرورا إلى فرح المهرجان وما صاحبه من عمل دؤوب، وصولا إلى محنة المحاكمة وجميعها أحاسيس متناقضة لا تشبه بعضها البعض تحول الانسان وكينونته من حالة إلى آخرى.

 

أما عن تقنية الفيديو التي تم إضافتها إلى العمل فقد مثلت ميزة طبعت العمل بصبغة جمالية إذ اعتمدت هذه التقنية كشهادات في المحكمة لزملاء نيروز في المهرجان والذين أرادوا تبرئة أنفسهم رغم أنهم خطّاؤون، كما تم ابراز تقنية الفيديو ككواليس تبدو حقيقية لتبيّن مدى تعب فاطمة الفالحي وهي مرهقة من الركح وكيف تتناقش مع ممثل بجانبها حول الطرق والحيل التي يتم اعتمادها لانجاح العمل جماهيريا على غرار الدفع لأحد المتفرجّين ليضحك ويقهقه.

 

وبالنسبة للراقص الكوريغرافي أحمد القرندي الذي شارك الفالحي العمل فقد قدّم لوحات قطعت مع رتابة العمل المحكي وأتت منسجمة مع الأهوال التي عاشتها بطلة العمل، ومثل بمثابة السند القوي للعمل.

 

رسالة قوية دفعت بها المسرحية في نهايتها، عند قول البطلة عند نهاية محاكمتها أن اسمها نيروز ويعني "أول يوم في فصل الربيع فلا تقتلوا الربيع رمز البدايات بعد الظلام".

 

هكذا وقّعت "2023" تأشيرة دخولها إلى الفن الرابع تراجيديا مغلفة بكوميديا سوداء تشرّح واقعا لكفاءات غرقت في دوامة بلا رجعة، تصاحبها مع كل مشهد الضحكات كما الدموع.

 

أستاذة المسرح التي سبق وأن قدّمت مسرحية "روّح" بفضاء التياترو هو نفس الفضاء الذي احتضن مسرحيتها الجديدة "2034".

 

درصاف اللموشي