افتتح مهرجان "كان" السينمائي الدولي في دورته الجديدة (الدورة 77) يوم الثلاثاء 14 ماي الجاري ويتواصل إلى غاية السبت القادم 25 من نفس الشهر. ولئن تكتسي كل فقرات المهرجان، أهمية، الا أن حفلي الافتتاح والاختتام يعتبران مفتاح نجاح التظاهرة التي يتسابق كبار نجوم الفن السابع وصناعه ومشاهير العالم لتسجيل حضورهم بالمناسبة.
وقد عاشت النخبة المحظوظة التي حظيت بحضور حفل افتتاح المهرجان هذا العام بلحظات اقل ما يقال فيها أنها لا تنسى بسهولة. فقد توفرت كل الظروف، على غرار الفخامة وحسن التنظيم والترتيب الجيد لفقرات الحفل مع الحضور المهيب للنجمة الاستثنائية "ميريل ستريب" التي كرمها المهرجان بمنحها السعفة الذهبية عن مسيرتها الطويلة (بدأت في أواسط السبعينات من القرن الماضي)، لتتحول المناسبة إلى لحظة مبهجة تزيد عشاق السينما شغفا بهذا الفن وتزيد المهرجان قيمة وترسخ وجوده في ساحة المهرجانات العالمية.
ولئن تمكن الثورة التكنولوجية لوسائل الاتصال جماهير كثيرة من العالم ومن بينها عشاق السينما من التونسيين من تقاسم هذه اللحظات مع الحضور في مسرح " القصر الكبير " بمدينة "كان" الساحلية جنوبي فرنسا، من خلال متابعة الحفل على الفضائيات التلفزيونية او عبر الانترنيت، الا أننا صراحة لا نستطيع أن نتجنب المقارنة مع ما يحدث عندنا في المناسبات الاحتفالية الوطنية التي تعتبر واجهة البلاد وخاصة حفلات الافتتاح والاختتام لمهرجاناتنا الكبرى.
إن المسألة ليست مادية بالأساس ولا تتطلب بذخا كبيرا وإنما هي مسألة حسن تصرف وحسن تنظيم ووعي بقيمة اللحظة وإحساس بأن سمعة البلاد في الميزان. فالمهرجانات بالإضافة إلى قيمتها وأهميتها كتظاهرات فنية ، تمثل كذلك واجهة خارجية للبلاد و مرآة تعكس مدى التطور الثقافي و الحضاري، وتروج لصورتها في الخارج، لذلك تتسابق البلدان إلى تنظيم المهرجانات التي تستقطب بها أنظار العالم. في المقابل تظل اغلب مناسباتنا باهتة في لونها وشكلها رغم أن بعضها عريق على غرار أيام قرطاج السينمائية وأيام قرطاج المسرحية، بل أصبحت حفلات الافتتاح مع تعاقب الدورات مزعجة لرتابتها ولخلوها من كل عناصر التشويق والبهجة. ورويدا رويدا تطبّعت تظاهراتنا مع الرتابة والفوضى وقلة الذوق، إلى درجة أصبح فيها حضورها وغيابها في نظر الكثير من الملاحظين وللأسف،سيّان، في انتظار ربما أن تتحقق الوعود بمراجعة منظومة المهرجانات بشكل عام ومهرجاناتنا الدولية بشكل خاص.
وبالعودة إلى حفل افتتاح مهرجان "كان" السينمائي الدولي في دورته لهذا العام، فإننا نذكر بأنه ارتقى كثيرا بحضور النجمة العالمية "ميريل ستريب" الفنانة المتكاملة التي جمعت بين المسيرة الفنية الثرية والكاريزما والهيبة التي قلما تجتمع في فنان واحد. فميريل ستريب الفائزة بعشرات الجوائز القيمة من بينها عدة جوائز اوسكار وغولدن غلوب كأفضل ممثلة ولها في رصيدها مجموعة كبيرة من الأفلام القيمة ووقفت أمام ابرز نجوم السينما في هوليود، تتميز بحضور مهيب وقد فرضت الاحترام بعد أن رفضت تقديم تنازلات من نوع تلك التي تطلب عادة من نجمات التمثيل اللاتي يتقدمن نسبيا في السن للبقاء في السباق.
وهي اليوم تعتبر نموذجا لدى الكثير من نساء العالم في احترام ذات المرأة وانسانيتها واجتيازها لمراحل العمر بدون تشنج بل بسكينة وهدوء وبحكمة وقناعة وخاصة بعيدا عن مشرط جراح التجميل، حتى ولو كانت نجمة سينمائية لامعة، الأمر الذي جعل ممثلة فرنسية شهيرة في مستوى حوليات بينوش تبكي في حضرتها وتبدو غير مصدقة أنها واقفة على نفس الركح مع ميريل ستريب بلحمها ودمها. مثل هذه اللحظات المكثفة التي تسمو بالجمهور وتسرقه من الزمن الحقيقي لتأخذه في رحلة إلى زمن آخر حيث يكون الحلم ممكنا، مفقودة في تظاهراتنا الباهتة والمصطنعة والمركّبة. ونكتفي بهذا كي لا نقول أكثر.
حياة السايب
افتتح مهرجان "كان" السينمائي الدولي في دورته الجديدة (الدورة 77) يوم الثلاثاء 14 ماي الجاري ويتواصل إلى غاية السبت القادم 25 من نفس الشهر. ولئن تكتسي كل فقرات المهرجان، أهمية، الا أن حفلي الافتتاح والاختتام يعتبران مفتاح نجاح التظاهرة التي يتسابق كبار نجوم الفن السابع وصناعه ومشاهير العالم لتسجيل حضورهم بالمناسبة.
وقد عاشت النخبة المحظوظة التي حظيت بحضور حفل افتتاح المهرجان هذا العام بلحظات اقل ما يقال فيها أنها لا تنسى بسهولة. فقد توفرت كل الظروف، على غرار الفخامة وحسن التنظيم والترتيب الجيد لفقرات الحفل مع الحضور المهيب للنجمة الاستثنائية "ميريل ستريب" التي كرمها المهرجان بمنحها السعفة الذهبية عن مسيرتها الطويلة (بدأت في أواسط السبعينات من القرن الماضي)، لتتحول المناسبة إلى لحظة مبهجة تزيد عشاق السينما شغفا بهذا الفن وتزيد المهرجان قيمة وترسخ وجوده في ساحة المهرجانات العالمية.
ولئن تمكن الثورة التكنولوجية لوسائل الاتصال جماهير كثيرة من العالم ومن بينها عشاق السينما من التونسيين من تقاسم هذه اللحظات مع الحضور في مسرح " القصر الكبير " بمدينة "كان" الساحلية جنوبي فرنسا، من خلال متابعة الحفل على الفضائيات التلفزيونية او عبر الانترنيت، الا أننا صراحة لا نستطيع أن نتجنب المقارنة مع ما يحدث عندنا في المناسبات الاحتفالية الوطنية التي تعتبر واجهة البلاد وخاصة حفلات الافتتاح والاختتام لمهرجاناتنا الكبرى.
إن المسألة ليست مادية بالأساس ولا تتطلب بذخا كبيرا وإنما هي مسألة حسن تصرف وحسن تنظيم ووعي بقيمة اللحظة وإحساس بأن سمعة البلاد في الميزان. فالمهرجانات بالإضافة إلى قيمتها وأهميتها كتظاهرات فنية ، تمثل كذلك واجهة خارجية للبلاد و مرآة تعكس مدى التطور الثقافي و الحضاري، وتروج لصورتها في الخارج، لذلك تتسابق البلدان إلى تنظيم المهرجانات التي تستقطب بها أنظار العالم. في المقابل تظل اغلب مناسباتنا باهتة في لونها وشكلها رغم أن بعضها عريق على غرار أيام قرطاج السينمائية وأيام قرطاج المسرحية، بل أصبحت حفلات الافتتاح مع تعاقب الدورات مزعجة لرتابتها ولخلوها من كل عناصر التشويق والبهجة. ورويدا رويدا تطبّعت تظاهراتنا مع الرتابة والفوضى وقلة الذوق، إلى درجة أصبح فيها حضورها وغيابها في نظر الكثير من الملاحظين وللأسف،سيّان، في انتظار ربما أن تتحقق الوعود بمراجعة منظومة المهرجانات بشكل عام ومهرجاناتنا الدولية بشكل خاص.
وبالعودة إلى حفل افتتاح مهرجان "كان" السينمائي الدولي في دورته لهذا العام، فإننا نذكر بأنه ارتقى كثيرا بحضور النجمة العالمية "ميريل ستريب" الفنانة المتكاملة التي جمعت بين المسيرة الفنية الثرية والكاريزما والهيبة التي قلما تجتمع في فنان واحد. فميريل ستريب الفائزة بعشرات الجوائز القيمة من بينها عدة جوائز اوسكار وغولدن غلوب كأفضل ممثلة ولها في رصيدها مجموعة كبيرة من الأفلام القيمة ووقفت أمام ابرز نجوم السينما في هوليود، تتميز بحضور مهيب وقد فرضت الاحترام بعد أن رفضت تقديم تنازلات من نوع تلك التي تطلب عادة من نجمات التمثيل اللاتي يتقدمن نسبيا في السن للبقاء في السباق.
وهي اليوم تعتبر نموذجا لدى الكثير من نساء العالم في احترام ذات المرأة وانسانيتها واجتيازها لمراحل العمر بدون تشنج بل بسكينة وهدوء وبحكمة وقناعة وخاصة بعيدا عن مشرط جراح التجميل، حتى ولو كانت نجمة سينمائية لامعة، الأمر الذي جعل ممثلة فرنسية شهيرة في مستوى حوليات بينوش تبكي في حضرتها وتبدو غير مصدقة أنها واقفة على نفس الركح مع ميريل ستريب بلحمها ودمها. مثل هذه اللحظات المكثفة التي تسمو بالجمهور وتسرقه من الزمن الحقيقي لتأخذه في رحلة إلى زمن آخر حيث يكون الحلم ممكنا، مفقودة في تظاهراتنا الباهتة والمصطنعة والمركّبة. ونكتفي بهذا كي لا نقول أكثر.