إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

76 عاما على استعمار فلسطين: بريطانيا صانعة النكبة والكيان والهولوكوست الفلسطيني المفتوح...!

*نواف الزرو

ما تزال فلسطين من بحرها الى نهرها تتفاعل في فضاءات النكبة التي تحولت الى مستوى هولوكوستي على مدى عقودها الماضية، فمرة أخرى- تعود بنا معطيات المشهد الفلسطيني الماثلة أمامنا في هذه الأيام التي يحيي فيها أهلنا في الداخل الفلسطيني وخارجه الذكرى السادسة والسبعين للنكبة، إلى" درس البديهيات .. العسير ! " كما قال الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش ويضيف:"ليست فلسطين جغرافيا فحسب، بقدر ما هي أيضاً تراجيديا وبطولة، ولا هي فلسطينية فقط، بقدر ما هي إخصاب لفكرة العربي عن نفسه، ومعنى إضافي لمعنى وجوده في صراعه مع خارجه ومع داخله، ليكون جزءاً من تاريخه الخاص ومن التاريخ العام ".

تحملنا هذه الاستخلاصات المكثفة لشاعر فلسطين الى البدايات والمربع الأول للصراع، وتفتح أمامنا كافة الملفات المعلقة والمؤجلة الى حين...؟!!!

فكما هو موثق في صحف التاريخ والجغرافيا والحضارة والتراث، فقد احتلت فلسطين في الوعي الوطني الفلسطيني دائما قمة الهموم والأولويات والاهتمامات، كما احتلت في الوعي القومي العربي صميم الوجدان العربي، وكانت في الوعي الإسلامي على امتداد الأمة دائما سرة الأمة الإسلامية. فكانت وبقيت دوما الجوهر والعنوان الكبير لكل ما يجري على امتداد مساحة الوطن  والأمة، وكانت جزءا من خارطة الوطن الكبير، وكان شعبها جزء من الأمة العريقة .

حملت معركة فلسطين معها دائما كل العناوين وكل العناصر وكل الأبعاد الأخرى المتعلقة بالعقيدة والهوية والانتماء والتاريخ والحضارة والجغرافيا والمستقبل. كلهم كانوا يعرفون ذلك، ولذلك تحالفت وتواطأت قوى الغرب الاستعماري والمؤسسة الاستعمارية البريطانية والحركة الصهيونية من أجل العبث بحقائق التاريخ والجغرافيا والمسميات.. اتفقوا على "تسويق فلسطين" على أنها "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وعلى أنها "الأرض الموعودة" لـ"شعب الله المختار"..؟!

فكانت الجريمة الأولى الكبيرة فكرة في تلك الأدبيات الاقتلاعية الصهيونية، ثم تحولت الى قرارات، ثم الى تنظيمات وآليات عمل على مختلف الجبهات التنظيمية والإعلامية والاقتصادية، ثم كان الاجتياح الصهيوني التهويدي تحت مظلة وحماية ودعم الاستعمار البريطاني.

اقترفوا المجازر الجماعية بالجملة وشردوا أصحاب الأرض والحق والوجود.. واغتصبوا الجغرافيا لإقامة الكيان وسعوا الى "عبرنة وتهويد الأمكنة والمسميات"...لتنقلب كل الموازين والمعادلات التاريخية لصالح ذلك المشروع الصهيوني.

يستحضر الفلسطينيون ومعهم العروبيون كلما حلت الذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية واغتصاب فلسطين وإقامة تلك الدولة الصهيونية على خرابها، في مقدمة ما يستحضرونه ما سمي ب"وعد بلفور"، وبعده بثلاثين عاما "قرار التقسيم"، وكلاهما نتاج بريطاني كامل الدسم لصالح المشروع الصهيوني، فالعلاقة الجدلية ما بين الوعد والقرار قوية عميقة إستراتيجية، فلولا الوعد لما جاء التقسيم، ولولاهما معا لما أنجبت دولة "إسرائيل"، ولولا الاحتضان البريطاني الاستعماري الكامل الشامل للمشروع الصهيوني لما ضاعت فلسطين.

ففي كافة المحطات الرئيسية الكبرى في تاريخ القضية الفلسطينية كان لبريطانيا دائما الدور المركزي في بناء وصناعة الأحداث والمشاريع والدول، ولعل إقامة "إسرائيل" على خراب فلسطين وتشريد أهلها في الشتات تبقى الكارثة الأكبر التي حلت بالأمة العربية في ظل المؤامرة البريطانية –الصهيونية...!.

وتبدأ حكاية الغرام والعشق من قبل بريطانيا بالمشروع الصهيوني و"الوطن القومي لليهود" وبـ"إسرائيل" منذ منتصف القرن الثامن عشر في عهد اللورد بالمرستون، غير انها تطورت على نحو حميمي وعلى وجه الحصر في 1917، حينما اصدر وزير الخارجية البريطاني جيمس آرثر بلفور يوم 2 نوفمبر 1917 تصريحا مكتوبا وجهه باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868-1937)، يتعهد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".

-هل تضيع الحقوق والأوطان هكذا مع التقادم...؟!

- أم أنها يجب أن تعود مركبة...؟!.

- ألم تنضج القناعات الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية...؟!

- الم تنضج الظروف المحلية والإقليمية والدولية لتحقيق هذا الاستحقاق المتأخر ستة وسبعين عاما....؟!

- الظروف الإسرائيلية الرسمية والشعبية غير ناضجة  كما هو واضح للقبول بالدولة الفلسطينية المستقلة، فلماذا يا ترى الرفض الإسرائيلي المطلق للدولة المستقلة...؟!

- ولماذا تجمع الخريطة السياسية الإسرائيلية على عدم السماح بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة...؟!

-ثم لماذا تصطف الإدارة الأمريكية ومن ورائها الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن  وراء الرفض الإسرائيلي المدجج بالتهديد والوعيد والتدمير ضد الدولة...؟!

يزعمون من جهة أولى أن مثل هذه الدولة لن يحصل عليها الفلسطينيون إلا عبر المفاوضات والتسوية، بينما  تراوح المفاوضات مكانها منذ نحو خمسة وعشرين عاما، ويزعمون من جهة ثانية أن الشعب الفلسطيني ليس مؤهلا لإقامة الدولة، وكأنهم قيمون على مقدرات هذا الشعب، ويزعمون من جهة ثالثة إن الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس لا يسمح بإقامة الدولة، وكان هذا الانقسام ليس من صنعهم.. وهكذا...!

هذه هي اللعبة الإسرائيلية في المماطلة وكسب الوقت وإقامة حقائق الأمر الواقع على الأرض التي تدمر مقومات إقامة الدولة.

ولذلك فإنه لمن بالغ الدهشة الحديث أحيانا عن "سلام عادل وشامل ودائم"، والأغرب التمسك العربي بالنواجذ على خيار المفاوضات وخارطة الطريق على وقع المجازر وبناء المستعمرات والجدران الاغتصابية التهويدية.

ونقول في الخاتمة:

لم يكن "وعد بلفور" ليرى النور ويطبق على ارض الواقع في فلسطين لو تحملت الأمة والدول والأنظمة العربية حينئذ مسؤولياتها القومية والتاريخية؟.

ولم تكن فلسطين لتقسم وتضيع وتغتصب وتهوّد لو تصدى العرب لمشروع التقسيم البريطاني - الصهيوني كما يجب، ولم تكن فلسطين لتتحول إلى "وطن قومي لليهود" لو ارتقى العرب إلى مستوى اخطار "الوعد والحدث التقسيمي"؟!!

وما بين "بلفور والتقسيم"  آنذاك وخريطة فلسطين الواقعة بالكامل تحت أنياب البلدوزر الصهيوني، تجري عملية اغتيال الوطن العربي  الفلسطيني والحقوق الفلسطينية المشروعة الراسخة، ومقومات الاستقلال الفلسطيني، في ظل العجز العربي الرهيب وفي ظل هذه الحروب الطائفية والمذهبية  المفتعلة وفق مخطط امريكي صهيوني مبيت....

ولكن، برغم كافة معطيات المشهد النكبوية، فان الشعب العربي الفلسطيني يواصل مسيرة الكفاح والصمود والتصدي التي بدأها مع إقامة أول مستعمرة صهيونية هي مستعمرة "بيتح تكفا" على أراضي قرية الملبس الفلسطينية عام 1878.

76  عاما على استعمار فلسطين: بريطانيا صانعة النكبة والكيان والهولوكوست الفلسطيني المفتوح...!

*نواف الزرو

ما تزال فلسطين من بحرها الى نهرها تتفاعل في فضاءات النكبة التي تحولت الى مستوى هولوكوستي على مدى عقودها الماضية، فمرة أخرى- تعود بنا معطيات المشهد الفلسطيني الماثلة أمامنا في هذه الأيام التي يحيي فيها أهلنا في الداخل الفلسطيني وخارجه الذكرى السادسة والسبعين للنكبة، إلى" درس البديهيات .. العسير ! " كما قال الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش ويضيف:"ليست فلسطين جغرافيا فحسب، بقدر ما هي أيضاً تراجيديا وبطولة، ولا هي فلسطينية فقط، بقدر ما هي إخصاب لفكرة العربي عن نفسه، ومعنى إضافي لمعنى وجوده في صراعه مع خارجه ومع داخله، ليكون جزءاً من تاريخه الخاص ومن التاريخ العام ".

تحملنا هذه الاستخلاصات المكثفة لشاعر فلسطين الى البدايات والمربع الأول للصراع، وتفتح أمامنا كافة الملفات المعلقة والمؤجلة الى حين...؟!!!

فكما هو موثق في صحف التاريخ والجغرافيا والحضارة والتراث، فقد احتلت فلسطين في الوعي الوطني الفلسطيني دائما قمة الهموم والأولويات والاهتمامات، كما احتلت في الوعي القومي العربي صميم الوجدان العربي، وكانت في الوعي الإسلامي على امتداد الأمة دائما سرة الأمة الإسلامية. فكانت وبقيت دوما الجوهر والعنوان الكبير لكل ما يجري على امتداد مساحة الوطن  والأمة، وكانت جزءا من خارطة الوطن الكبير، وكان شعبها جزء من الأمة العريقة .

حملت معركة فلسطين معها دائما كل العناوين وكل العناصر وكل الأبعاد الأخرى المتعلقة بالعقيدة والهوية والانتماء والتاريخ والحضارة والجغرافيا والمستقبل. كلهم كانوا يعرفون ذلك، ولذلك تحالفت وتواطأت قوى الغرب الاستعماري والمؤسسة الاستعمارية البريطانية والحركة الصهيونية من أجل العبث بحقائق التاريخ والجغرافيا والمسميات.. اتفقوا على "تسويق فلسطين" على أنها "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وعلى أنها "الأرض الموعودة" لـ"شعب الله المختار"..؟!

فكانت الجريمة الأولى الكبيرة فكرة في تلك الأدبيات الاقتلاعية الصهيونية، ثم تحولت الى قرارات، ثم الى تنظيمات وآليات عمل على مختلف الجبهات التنظيمية والإعلامية والاقتصادية، ثم كان الاجتياح الصهيوني التهويدي تحت مظلة وحماية ودعم الاستعمار البريطاني.

اقترفوا المجازر الجماعية بالجملة وشردوا أصحاب الأرض والحق والوجود.. واغتصبوا الجغرافيا لإقامة الكيان وسعوا الى "عبرنة وتهويد الأمكنة والمسميات"...لتنقلب كل الموازين والمعادلات التاريخية لصالح ذلك المشروع الصهيوني.

يستحضر الفلسطينيون ومعهم العروبيون كلما حلت الذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية واغتصاب فلسطين وإقامة تلك الدولة الصهيونية على خرابها، في مقدمة ما يستحضرونه ما سمي ب"وعد بلفور"، وبعده بثلاثين عاما "قرار التقسيم"، وكلاهما نتاج بريطاني كامل الدسم لصالح المشروع الصهيوني، فالعلاقة الجدلية ما بين الوعد والقرار قوية عميقة إستراتيجية، فلولا الوعد لما جاء التقسيم، ولولاهما معا لما أنجبت دولة "إسرائيل"، ولولا الاحتضان البريطاني الاستعماري الكامل الشامل للمشروع الصهيوني لما ضاعت فلسطين.

ففي كافة المحطات الرئيسية الكبرى في تاريخ القضية الفلسطينية كان لبريطانيا دائما الدور المركزي في بناء وصناعة الأحداث والمشاريع والدول، ولعل إقامة "إسرائيل" على خراب فلسطين وتشريد أهلها في الشتات تبقى الكارثة الأكبر التي حلت بالأمة العربية في ظل المؤامرة البريطانية –الصهيونية...!.

وتبدأ حكاية الغرام والعشق من قبل بريطانيا بالمشروع الصهيوني و"الوطن القومي لليهود" وبـ"إسرائيل" منذ منتصف القرن الثامن عشر في عهد اللورد بالمرستون، غير انها تطورت على نحو حميمي وعلى وجه الحصر في 1917، حينما اصدر وزير الخارجية البريطاني جيمس آرثر بلفور يوم 2 نوفمبر 1917 تصريحا مكتوبا وجهه باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868-1937)، يتعهد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".

-هل تضيع الحقوق والأوطان هكذا مع التقادم...؟!

- أم أنها يجب أن تعود مركبة...؟!.

- ألم تنضج القناعات الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية...؟!

- الم تنضج الظروف المحلية والإقليمية والدولية لتحقيق هذا الاستحقاق المتأخر ستة وسبعين عاما....؟!

- الظروف الإسرائيلية الرسمية والشعبية غير ناضجة  كما هو واضح للقبول بالدولة الفلسطينية المستقلة، فلماذا يا ترى الرفض الإسرائيلي المطلق للدولة المستقلة...؟!

- ولماذا تجمع الخريطة السياسية الإسرائيلية على عدم السماح بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة...؟!

-ثم لماذا تصطف الإدارة الأمريكية ومن ورائها الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن  وراء الرفض الإسرائيلي المدجج بالتهديد والوعيد والتدمير ضد الدولة...؟!

يزعمون من جهة أولى أن مثل هذه الدولة لن يحصل عليها الفلسطينيون إلا عبر المفاوضات والتسوية، بينما  تراوح المفاوضات مكانها منذ نحو خمسة وعشرين عاما، ويزعمون من جهة ثانية أن الشعب الفلسطيني ليس مؤهلا لإقامة الدولة، وكأنهم قيمون على مقدرات هذا الشعب، ويزعمون من جهة ثالثة إن الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس لا يسمح بإقامة الدولة، وكان هذا الانقسام ليس من صنعهم.. وهكذا...!

هذه هي اللعبة الإسرائيلية في المماطلة وكسب الوقت وإقامة حقائق الأمر الواقع على الأرض التي تدمر مقومات إقامة الدولة.

ولذلك فإنه لمن بالغ الدهشة الحديث أحيانا عن "سلام عادل وشامل ودائم"، والأغرب التمسك العربي بالنواجذ على خيار المفاوضات وخارطة الطريق على وقع المجازر وبناء المستعمرات والجدران الاغتصابية التهويدية.

ونقول في الخاتمة:

لم يكن "وعد بلفور" ليرى النور ويطبق على ارض الواقع في فلسطين لو تحملت الأمة والدول والأنظمة العربية حينئذ مسؤولياتها القومية والتاريخية؟.

ولم تكن فلسطين لتقسم وتضيع وتغتصب وتهوّد لو تصدى العرب لمشروع التقسيم البريطاني - الصهيوني كما يجب، ولم تكن فلسطين لتتحول إلى "وطن قومي لليهود" لو ارتقى العرب إلى مستوى اخطار "الوعد والحدث التقسيمي"؟!!

وما بين "بلفور والتقسيم"  آنذاك وخريطة فلسطين الواقعة بالكامل تحت أنياب البلدوزر الصهيوني، تجري عملية اغتيال الوطن العربي  الفلسطيني والحقوق الفلسطينية المشروعة الراسخة، ومقومات الاستقلال الفلسطيني، في ظل العجز العربي الرهيب وفي ظل هذه الحروب الطائفية والمذهبية  المفتعلة وفق مخطط امريكي صهيوني مبيت....

ولكن، برغم كافة معطيات المشهد النكبوية، فان الشعب العربي الفلسطيني يواصل مسيرة الكفاح والصمود والتصدي التي بدأها مع إقامة أول مستعمرة صهيونية هي مستعمرة "بيتح تكفا" على أراضي قرية الملبس الفلسطينية عام 1878.