أفادت إحصائيات وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أن 69 جريمة قتل ارتكبت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من 1 جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023.
وحسب نفس المصدر تضاعفت جرائم قتل النّساء أربع مرّات خلال الخمس سنوات المذكورة أين قفزت من 6 في 2018 لتصل الى 23 جريمة قتل إلى حدود السّداسي الأوّل من سنة 2023.
وطبقا للقراءة السوسيولوجية الصادرة في التقرير السنوي المقدم من قبل جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف، تعكس حالات قتل النساء بشكل عام، مستوى عدوانية عال من قبل الجاني على الضحية. فطرق القتل، التي تتباين بين الطعن والخنق والضرب على الرأس تم خلالها استعمال قوة جسدية وعنف مادي، يبرز معها درجة قصوى من الممارسة العنيفة. أما القتل عن طريق الضرب على الرأس، فهو يستهدف إلحاق الأذى بشكل مباشر بالمناطق الحساسة والحيوية للجسم، ويعبّر بشكل لا واع عن غيظ وحنق وعن قلق نفسي من تفكير النساء أو تفوقهن على الرجل. وتكشف هذه الطرق عن وحشية الجناة واستباحتهم لأجساد النساء ورغبتهم في السيطرة عليهن وإخضاعهن وترويضهن استجابة لرغبات دفينة في الهيمنة وفرض النفوذ.
ويقول التقرير انه خلال عام 2023، شهدت تونس موجة مفزعة من جرائم قتل النساء بلغت 25 جريمة، ووفقًا للتوثيق الذي قام به عمل جمعية "أصوات نساء" وفريق عمل جمعية "المرأة والمواطنة بالكاف". من بين الضحايا، نجد 13 قتلن على يد أزواجهن، 3 نساء قتلن من طرف آبائهن، 4 نساء قتلن من قبل أقاربهن و5 قتلن من طرف مجهول. وقد قتلت 7 نساء بنفس الطريقة، أي بالطعن بآلات حادة، في حين قتلت 3 ذبحا و6 خنقا و4 قتلن نتيجة للضرب على الرأس.
وتبين المعطيات التي تم جمعها، أن قتل النساء ليس مقتصرًا على منطقة محددة، بل إنه يمتد ليشمل جميع الجهات ومعظم الولايات التونسية. كما يشير الى أن الظاهرة ليست مشكلة محلية معينة، بل هي مشكلة اجتماعية ووطنية تتعلق بالمجتمع بشكل عام. فهذه العيّنة دالة على الواقع وتعطي صورة عامة عن هذه الجرائم التي ترتكب ضد النساء.
كما تظهر حالة تفشي العنف الجنسي وثقافة السيطرة والتفوق التي يمارسها الرجال في المجتمعات الأبوية-الذكورية. وهي سلوكات، ترسّخ التمييز الجنسي وانعدام المساواة بين الجنسين، واعتبار النساء ملكية خاصة يمكن التصرّف فيهن وفي أجسادهن وفقًا لرغبات الرجال دون احترام حقوقهن وكرامتهن.
إضافة إلى ذلك، تتأثر ظاهرة قتل النساء بعوامل اجتماعية متعددة، منها الفقر، المستوى التعليمي، الثقافة، القوانين، التقاليد، والممارسات الدينية. وتتفاوت أسباب هذه الظاهرة من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. وترتبط دائما، بمنسوب العنف الأسري وبقضايا الشرف والسيطرة الرجالية على النساء، وتعدّ هذه الأسباب من أبرز العوامل التي تسهم في حدوثها. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب التركيز على تغيير العقليات وتطوير الممارسات الثقافية ومراجعة الأدوار التقليدية ونشر ثقافة المساواة ومكافحة جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي والقضاء عليه.
فضلا على ذلك توصي الجمعيات المشتغلة على التقرير بالحرص على تطبيق القوانين التي تحمي حقوق النساء وتعاقب المرتكبين ومكافحة الإفلات من العقاب وظاهرة التطبيع مع العنف وتبريره. مع ما يتطلبه من مجهود مشتركة من المجتمع المدني والحكومة والمنظمات غير الحكومية في مجال توعية الناس وتغيير السلوكيات وتعزيز ثقافة المساواة واحترام الحقوق الإنسانية لجميع الأفراد دون تمييز.
وتقول الجمعيات النسوية إن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة.
وتعتبر أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء. علاوة على ذلك، لم تخصص الحكومة موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة للتصدي لظاهرة العنف والقتل. ولا يوجد ما يشير إلى أن وزارة شؤون المرأة قد طالبت بعنوان خاص بهذه المشكل عند الإعداد السنوي للميزانية. ومن المعلوم أن توفير تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.
وتسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. مع غياب الاعتراف الرسمي بجرائم قتل النساء كجريمة مستقلة وخصوصية. وتشير في هذا الإطار الجمعيات إلى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، فإنّها مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.
ريم سوودي
تونس- الصباح
أفادت إحصائيات وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أن 69 جريمة قتل ارتكبت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من 1 جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023.
وحسب نفس المصدر تضاعفت جرائم قتل النّساء أربع مرّات خلال الخمس سنوات المذكورة أين قفزت من 6 في 2018 لتصل الى 23 جريمة قتل إلى حدود السّداسي الأوّل من سنة 2023.
وطبقا للقراءة السوسيولوجية الصادرة في التقرير السنوي المقدم من قبل جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف، تعكس حالات قتل النساء بشكل عام، مستوى عدوانية عال من قبل الجاني على الضحية. فطرق القتل، التي تتباين بين الطعن والخنق والضرب على الرأس تم خلالها استعمال قوة جسدية وعنف مادي، يبرز معها درجة قصوى من الممارسة العنيفة. أما القتل عن طريق الضرب على الرأس، فهو يستهدف إلحاق الأذى بشكل مباشر بالمناطق الحساسة والحيوية للجسم، ويعبّر بشكل لا واع عن غيظ وحنق وعن قلق نفسي من تفكير النساء أو تفوقهن على الرجل. وتكشف هذه الطرق عن وحشية الجناة واستباحتهم لأجساد النساء ورغبتهم في السيطرة عليهن وإخضاعهن وترويضهن استجابة لرغبات دفينة في الهيمنة وفرض النفوذ.
ويقول التقرير انه خلال عام 2023، شهدت تونس موجة مفزعة من جرائم قتل النساء بلغت 25 جريمة، ووفقًا للتوثيق الذي قام به عمل جمعية "أصوات نساء" وفريق عمل جمعية "المرأة والمواطنة بالكاف". من بين الضحايا، نجد 13 قتلن على يد أزواجهن، 3 نساء قتلن من طرف آبائهن، 4 نساء قتلن من قبل أقاربهن و5 قتلن من طرف مجهول. وقد قتلت 7 نساء بنفس الطريقة، أي بالطعن بآلات حادة، في حين قتلت 3 ذبحا و6 خنقا و4 قتلن نتيجة للضرب على الرأس.
وتبين المعطيات التي تم جمعها، أن قتل النساء ليس مقتصرًا على منطقة محددة، بل إنه يمتد ليشمل جميع الجهات ومعظم الولايات التونسية. كما يشير الى أن الظاهرة ليست مشكلة محلية معينة، بل هي مشكلة اجتماعية ووطنية تتعلق بالمجتمع بشكل عام. فهذه العيّنة دالة على الواقع وتعطي صورة عامة عن هذه الجرائم التي ترتكب ضد النساء.
كما تظهر حالة تفشي العنف الجنسي وثقافة السيطرة والتفوق التي يمارسها الرجال في المجتمعات الأبوية-الذكورية. وهي سلوكات، ترسّخ التمييز الجنسي وانعدام المساواة بين الجنسين، واعتبار النساء ملكية خاصة يمكن التصرّف فيهن وفي أجسادهن وفقًا لرغبات الرجال دون احترام حقوقهن وكرامتهن.
إضافة إلى ذلك، تتأثر ظاهرة قتل النساء بعوامل اجتماعية متعددة، منها الفقر، المستوى التعليمي، الثقافة، القوانين، التقاليد، والممارسات الدينية. وتتفاوت أسباب هذه الظاهرة من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. وترتبط دائما، بمنسوب العنف الأسري وبقضايا الشرف والسيطرة الرجالية على النساء، وتعدّ هذه الأسباب من أبرز العوامل التي تسهم في حدوثها. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب التركيز على تغيير العقليات وتطوير الممارسات الثقافية ومراجعة الأدوار التقليدية ونشر ثقافة المساواة ومكافحة جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي والقضاء عليه.
فضلا على ذلك توصي الجمعيات المشتغلة على التقرير بالحرص على تطبيق القوانين التي تحمي حقوق النساء وتعاقب المرتكبين ومكافحة الإفلات من العقاب وظاهرة التطبيع مع العنف وتبريره. مع ما يتطلبه من مجهود مشتركة من المجتمع المدني والحكومة والمنظمات غير الحكومية في مجال توعية الناس وتغيير السلوكيات وتعزيز ثقافة المساواة واحترام الحقوق الإنسانية لجميع الأفراد دون تمييز.
وتقول الجمعيات النسوية إن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة.
وتعتبر أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء. علاوة على ذلك، لم تخصص الحكومة موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة للتصدي لظاهرة العنف والقتل. ولا يوجد ما يشير إلى أن وزارة شؤون المرأة قد طالبت بعنوان خاص بهذه المشكل عند الإعداد السنوي للميزانية. ومن المعلوم أن توفير تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.
وتسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. مع غياب الاعتراف الرسمي بجرائم قتل النساء كجريمة مستقلة وخصوصية. وتشير في هذا الإطار الجمعيات إلى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، فإنّها مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.