إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كاتب عام حزب مسار 25 جويلية لـ"الصباح": لدينا تحفظات على بودربالة.. ومطلوب تنقيح مرسومي الأحزاب والجمعيات..

تونس- الصباح

عبر بدر الدين الغرسلاوي الكاتب العام الوطني لحزب مسار 25 جويلية عن قلقه الكبير من تداعيات هجرة الأفارقة إلى تونس، وقال إن هناك جمعيات تعمل من أجل توطينهم في العديد من المدن مقابل حصولها على تمويلات أجنبية، ودعا رئيس الجمهورية إلى إعلان حالة الطوارئ  وتفعيل الفصل 90 من الدستور نظرا لوجود خطر داهم، ونص هذا الفصل على أنه إذا تعذر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها.

وأضاف الغرسلاوي في حوار أدلى به لـ"الصباح" أنه حتى في صورة تنظيم الانتخابات في خريف 2024 فإن الحزب جاهز للحملة الانتخابية لمرشحه قيس سعيد كما أنه دخل في مشاورات مع أحزاب أخرى وجمعيات من أجل تكوين جبهة لدعم مسار 25 جويلية ودعم مرشحها قيس سعيد للانتخابات الرئاسية. وتحدث عن موقف الحزب من المرسوم عدد 54 وعن أداء الحكومة ومجلس نواب الشعب، وقال إنه لا يوجد ضغط على القضاء، كما تطرق إلى الوضع الاقتصادي الصعب والحلول البديلة لتمويل الميزانية ودعا إلى المضي في الإصلاحات الكبرى وفي مقدمتها الإصلاح التربوي .

حوار: سعيدة بوهلال

 

* شرعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الاستعداد للاستحقاقات القادمة فهل تعتقدون أن الوضع العام في البلاد وخاصة الوضع السياسي ملائم لتنظيم الانتخابات الرئاسية علما وأن قيادات بعض الأحزاب المعارضة موجودة حاليا في السجون؟

ـ نحن في حزب مسار 25 جويلية نرى أن الظروف الحالية غير ملائمة لتنظيم الاستحقاق الانتخابي نظرا لوجود أزمة المهاجرين الأفارقة الذين أصبحوا أشبه بالقنبلة الموقوتة، ونعقد أن قدومهم إلى تونس ليس بريئا  بل مخطط له من الداخل والخارج لغايات مريبة، فمن يقفون وراء هجرتهم يريدون إدخال بلادنا في متاهة كبيرة وهناك حديث عن جماعة بوكو حرام وعن الإجاصيين وبالتالي نعتقد أن هناك أجندا معادية لتونس وتنسيقا مع أطراف داخلية من أجل توطين المهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وغيرها من الدول في تونس بهدف توتير الأجواء، وأبرز دليل على ذلك ما يعانيه أهالي العامرة وجبنيانة من اعتداءات على ممتلكاتهم واقتحام لمنازلهم في الليل والنهار للسطو على المؤمنة والاستحواذ على المواد الغذائية الموجودة في ثلاجاتهم وافتكاك الطعام من أياديهم فضلا عن أن المهاجرين الأفارقة تحوزوا بالقوة على أراض هي على ملك الخواص ونصبوا فيها الخيام وهناك منهم من لا يتردد في قطع أشجار الزيتون، ولكن رغم كل هذه التجاوزات نلاحظ أنه عندما ترتفع أصوات البعض للمطالبة بإرجاع الأفارقة إلى أوطانهم يتم اتهامهم بالعنصرية.. وخلاصة القول، وبسبب هجرة الأفارقة نرى أن الوضع العام في البلاد غير ملائم لتنظيم الانتخابات، وخلافا لذلك، لا يوجد أي عائق آخر أمام تنظيمها لأن الوضع السياسي مستقر ولا يوجد تضييق على الأحزاب فهي تعبر عن آرائها وتحتج وتعتصم بحرية، أما بالنسبة إلى القيادات السياسية الموجودة حاليا في السجن فذلك على خلفية قضية التآمر على أمن الدولة وهي قضية تم منع التداول فيها ولكننا سنكتفي بالإشارة إلى أنه لا يوجد عائق سياسي أمام تنظيم الانتخابات وإنما هناك مشكل مقلق للغاية وهو هجرة الأفارقة فهو يمس بالأمن القومي وعلى الدولة أن تتحرك بكل ثقلها لمجابهته وعلى رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ في البلاد واتخاذ تدابير عاجلة.

الخطر الداهم

ـ يعلم الجميع أن البلاد في حالة طوارئ منذ سنوات وأن رئيس الجمهورية قرر منذ موفى جانفي الماضي التمديد في حالة الطوارئ إلى نهاية سنة 2024، ولكن ما هي التدابير الاستثنائية التي تريدون منه اتخاذها في ظل الأزمة الناجمة عن هجرة الأفارقة؟

ـ إننا في حزب مسار 25 جويلية نطالب رئيس الجمهورية بالإعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن الوضع الأمني لا يسمح بتنظيمها، وكنا منذ أشهر عديدة، وانطلاقا من وجهة نظر دستورية وقانونية، أكدنا على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب أن تجرى خلال سنة 2027 وليس في خريف سنة 2024، لأننا أصبحنا تحت طائلة دستور 2022 وليس من المنطقي تطبيق هذا الدستور على الانتخابات التشريعية ثم الانتخابات المحلية، وفي المقابل إجراء انتخابات رئاسية على أساس دستور 2014، وبالتالي هناك أزمة دستورية إضافة إلى الأزمة الناجمة عن الوضع الأمني الخطير جراء هجرة الأفارقة، ونرى أن مشكل هجرة الأفارقة لا يمكن لتونس أن تجابهه بمفردها بل لا بد من التنسيق مع الجزائر وليبيا وإيطاليا وفرنسا لأن هذه القضية تعني بلدان شمال المتوسط وجنوبه ولا بد من معالجتها بصفة تشاركية مع الأخذ بعين الاعتبار أن أوروبا استنزفت خيرات العديد من البلدان الإفريقية وعليها أن تساهم في إيجاد الحل وخلق استقرار في بلدان الأفارقة الوافدين على تونس، ونحن نرفض ما تقوم به بعض الجمعيات من مساع لتوطين الأفارقة في بلادنا مقابل ما تحصل عليه من تمويلات أجنبية ونرى أن دفاعها من منطلق حقوقي وإنساني على المهاجرين غير النظاميين حق أريد به باطل لأن تونس ليست مسؤولة عما واجهه هؤلاء في بلدانهم و لا يمكنها أن تتحمل تداعيات الأزمات الموجودة في إفريقيا. ونحن اليوم نطالب رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ وتفعيل الفصل 90 من الدستور لوجود خطر داهم يتعذر معه إجراء الانتخابات ، وندعوه إلى تأجيل الانتخابات إلى حين توفر الظروف الآمنة التي تجعل الناخب يذهب إلى صندوق الاقتراع وهو مطمئن على حياته.

ترشيح قيس سعيد

* ماذا لو قرر رئيس الجمهورية دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية في خريف السنة الجارية، فهل ستشاركون فيها؟ وهل تعتقدون أن هيئة الانتخابات الحالية قادرة على إدارتها؟ وهل هناك حاجة لتنقيح القانون الانتخابي في اتجاه ملاءمته مع أحكام الدستور خاصة في علاقة بشروط الترشح لتجنيب الهيئة مطبات تأويل الدستور؟

ـ بصرف النظر عن موعدها، فنحن في حزب مسار 25 جويلية رشحنا الأستاذ قيس سعيد للانتخابات الرئاسية المرتقبة، ونعمل بنسق حثيث على استكمال تركيز مكاتبنا الجهوية بعد أن ركزنا في كل بلدية مكتبا محليا وسنعلن قريبا عن تركيز مكاتب في باريس وتولوز ومرسيليا وألمانيا وإيطاليا وعدد من الدول عربية ويريد حزبنا أن ينزل بكل ثقله خلال الحملة الانتخابية لمرشحه قيس سعيد، ، ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن مسار تونس الجديدة هو مشروع متكامل يتكون من أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية، ونحن اليوم بصدد التشاور والتنسيق مع بعضنا البعض من أجل إطلاق جبهة لدعم مسار 25 جويلية لأننا متفقون على ترشيح سعيد للانتخابات الرئاسية وستتكون الجبهة من جمعيات وأحزاب في مقدمتها حزب مسار 25 جويلية، وحراك 25 جويلية الذي يقوده صالح بوكراوعية أما ثامر بديدة فليست لنا علاقة به.

وبخصوص القانون الانتخابي ففي الوقت الراهن لا يرى حزبنا ضرورة لتنقيحه لأن شروط الترشح المنصوص عليها في الدستور واضحة ولا تحتمل التأويل من قبل الهيئة وفي كل الحالات يمكن لأي شخص ترفض الهيئة مطلب ترشحه اللجوء إلى القضاء وهو الفيصل. كما نرى أن الهيئة قادرة على انجاز الاستحقاق الانتخابي القادم لأنها أثبتت جدارتها ونظمت استفتاء وانتخابات تشريعية وأخرى محلة شفافة بشهادة الملاحظين في الداخل والخارج ولا يوجد أي مبرر لتغييرها أما نسبة المشاركة فهي ليست مسؤولة عنها وإنما الأطراف السياسية التي أعلنت مقاطعتها للاستفتاء وللانتخابات بهدف إفشال مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد، وخلافا لما حدث في المحطات السابقة نعتقد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية ستكون عالية جدا لأن هناك من يقومون بمساع حثيثة واجتماعات مكثفة داخل البلاد وخارجها من أجل تقريب وجهات النظر لاختيار مرشحهم لهذه الانتخابات.

أداء ضعيف

* بعد مرور أكثر من 9 أشهر عن تعيين أحمد الحشاني رئيسا للحكومة وإنهاء مهام نجلاء بودن يوم غرة أوت 2023 ما هو تقييمكم لأداء الحكومة الحالية؟

ـ نعتقد أن أداء الحكومة ضعيف ولهذا السبب ندعو رئيس الجمهورية إلى القيام بمراجعات وتعويض بعض الوزراء لأنهم لم يستجيبوا للانتظارات بل هناك تعيينات لأشخاص ينتمون إلى حركة النهضة وهؤلاء يعملون على تعطيل مسار 25 جويلية ويسعون إلى إفشال مشروع رئيس الجمهورية وهذا مرفوض ونحن نريد من الإدارة أن تكون مؤمنة بالمسار من أجل التأسيس لتونس الجديدة ونطالب بأن تعطى المسؤوليات فيها لأشخاص يؤتمنون على المسار، وبالتالي يجب أن تكون الحكومة في انسجام مع رئيس الجمهورية، وحكومة حرب مدنية على المحتكرين والمضاربين والمتلاعبين بمسالك التوزيع ومن عطلوا انجاز المشاريع التي كان بإمكانها أن تغير وجه البلاد وتحل مشكل البطالة.

تحفظات على بودربالة

*تم مؤخرا تركيز الغرفة النيابية الثانية بعد مسار انتخابي طويل وفي انتظار إحالة مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ما هي انتظاراتكم من نظام الغرفتين؟

ـ أريد أن أشير في بداية الأمر إلى أن حزبنا لديه بعض التحفظات على إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب الذي كنا ساندناه سابقا لكن في السياسة الموقف يمكن أن يتغير حسب ما تقتضيه مصلحة البلاد ونحن عندما نرى شخصا لا يملأ كرسيه نعلن دون تردد عن تحفظاتنا عليه ونحن متحفظون على بودربالة بسبب البطء في عمل البرلمان وعدم التنسيق بين النواب، أما العلاقة بين المجلسين فنتطلع إلى أن تكون علاقة تكامل وانسجام وليست علاقة تصادم وتنازع اختصاص لأن الدستور أوكل لكل غرفة نيابية صلاحيات محددة وبمقتضاها فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم سيلعب دوره في الجهات وفي الأقاليم ويقدم رؤيته للتنمية على المستوى الجهوي وعلى مستوى كل إقليم ونحن نرى أن دور الغرفة النيابية الأولى هو دور تشريعي أما الغرفة النيابية الثانية فدورها هو الالتحام بالمواطن في الجهات والاستماع إلى مشاغله ومطالبه والتعبير عنها والمطلوب منهما التنسيق المحكم.

* أعلنتم عن ترشيح الرئيس قيس سعيد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة سواء كان تاريخ هذه الانتخابات في خريف 2024 أو خلال سنة 2027 في وقت وجهت فيه المعارضة انتقادات لسعيد واتهمته بعدم الوفاء بوعوده وبأنه لا يريد تركيز المحكمة الدستورية ويريد وضع اليد على القضاء فما هو رأيكم؟

ـ لا بد من التأكيد على أن قيس سعيد رئيس الجمهورية أوفى بجميع الوعود التي قدمها للتونسيين، وحرص على تنظيم الاستشارة الوطنية والاستفتاء حول مشروع الدستور والانتخابات التشريعية والانتخابات المحلية في الموعد، أما بالنسبة إلى المحكمة الدستورية فإن تركيبتها في دستور 2022 واضحة ويريد الرئيس أخذ الحيطة اللازمة من أجل أن تكون هذه المحكمة بعيدة عن التجاذبات وهو لا يخاف من المحكمة الدستورية وغياب هذه المحكمة لا يعني أنه يريد احتكار تأويل الدستور. أما بخصوص القضاء فعندما يلاحظ رئيس السلطة التنفيذية وجود بطء مقصود في الفصل في بعض القضايا أو عدم احترام الإجراءات فإنه يتدخل للفت انتباه وزيرة العدل وهذا من صميم اختصاصه وليس ضغطا على القضاء أو تدخلا في شأنه، وبالنسبة إلى المجلس الأعلى للقضاء فنرى أنه حان الوقت لتغيير المجلس المؤقت بمجلس دائم وفق ما يضبطه دستور 2022.

المرسوم 54

* في اليوم العالمي لحرية الصحافة جددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الثالث من ماي الجاري التعبير عن رفضها للمرسوم عدد 54 المتعلق بتجريم الأفعال المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال لصبغته الزجرية من ناحية ولأنه أدى إلى ضرب حرية التعبير من ناحية أخرى فهل تشاطرونها الرأي؟ وماذا عن مرسومي الأحزاب والجمعيات فهل ترون ضرورة لتعديلهما.

ـ منذ صدوره، أثار المرسوم عدد 54 جدلا ونحن في حزب مسار 25 جويلية مع تعديل بعض أحكامه خاصة الفصل 24 الذي جاء لتجريم الأخبار الكاذبة، ونحن ضد المغالطات ونشر الإشاعات والأخبار الزائفة ونرفض السب والشتم وهتك الأعراض لأننا كنا عرضة لها ورغم ذلك خيرنا التسامح إدراكا منا بأن هذا المرسوم فيه عقوبة قاسية بالسحن مدة خمس سنوات مع خطية مالية مشطة ولأننا لاحظنا إسهالا في تطبيق هذا المرسوم على الصحفيين، ونفس الشيء نرى أن هناك حاجة لتنقيح مرسومي الجمعيات والأحزاب وندعو رئيس الجمهورية إلى تقديم مبادرات في هذا الاتجاه لمجلس نواب الشعب.

تمويل الميزانية

* عندما اقترحت الحكومة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 أشارت إلى أنه سيتم تمويل هذه الميزانية في قسط منها بالقروض الخارجية، ولكنها تواجه صعوبة في الحصول على القروض الخارجية ولم تتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي فما هي البدائل حسب رأيكم؟

ـ إن البديل الوحيد للتداين الخارجي هو التعويل على الذات وإرجاع قيمة العمل ودفع الاستثمار أما شروط صندوق النقد الدولي التي من شأنها أن تمس بالسلم الاجتماعي والمقدرة الشرائية للمواطن فهي مرفوضة وتونس في غنى عن هذا الصندوق وندعو الحكومة إلى البحث عن موارد أخرى لدعم الميزانية وعليها أن تجتهد أكثر في إيجاد البدائل وفي مقدمتها إدماج السوق الموازي لأنه من غير المقبول أن يبقى نصف الاقتصاد الوطني خارج عن القانون، كما يتعين التسريع في تنقيح المجلة التجارية في اتجاه مراجعة الفصل 411 المتعلق بالشيك دون رصيد لأنه تسبب في شلل اقتصادي فتونس من البلدان القليلة التي تطبق العقوبة السجنية على مرتكبي جرائم الشيك دون رصيد ونريد إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتحميل البنوك المسؤولية إذ يوجد لوبي بنكي يسعى إلى إفشال محاولات تنقيح أحكام الشيك لأن البنوك بفضلها تجني المليارات.. وعلى الحكومة أن تضاعف من جهودها وتسرع من نسق أعمالها وتواكب القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية وتحرص على تنفيذها بصفة فورية لأنه من غير المقبول أن يعلن أعلى هرم في السلطة عن قرارات ثورية لكن يتم التباطؤ في تطبيقها وخير دليل على ذلك الصلح الجزائي الذي تعطل كثيرا وكان هذا الإجراء سيساهم في توفير آلاف المليارات لخزينة الدولة ويجب أن يتم غلق ملف الصلح الجزائي قبل موفى السنة الجارية ونفس الشيء بالنسبة لملف الشيك دون رصيد  كما يتعين مراجعة مجلة الاستثمار وإصدار قانون الصرف وحذف الرخص وتعديل كراسات الشروط وبهذه الكيفية يمكن دفع عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار واستقطاب المستثمرين الأجانب بما يمكن من إحداث مواطن شغل ويساعد على التقليص في نسبة البطالة.

الشركات الأهلية

* في علاقة بالبطالة، هل أنتم موافقون على التوجه نحو إحداث الشركات الأهلية وهل تعتبرونه بديلا للقانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العام؟

ـ نرى أن الشركات الأهلية هي حل من جملة الحلول الأخرى الممكنة لمشكل البطالة خاصة بطالة أصحاب الشهادات، وفي تقييمنا لهذه التجربة رأينا أن هناك شركات أثبتت جدارتها وتمكنت من استقطاب اليد العاملة ونحن ندعمها بشدة، ولهذا السبب ارتأينا في حزب مسار 25 جويلية عند تشكيل مكاتب الحزب المحلية والجهوية تعيين أعضاء مكلفين بمتابعة الشركات الأهلية لكي يعمل هؤلاء على التواصل المباشر مع المواطنين لتفسير خصوصيات الشركات الأهلية وحدثهم على بعثها، كما أردنا منهم لعب دور حلقة الوصل بين المواطن والبنوك والوزارات المعنية، وحتى بالنسبة إلى المرأة فقد قررنا في الحزب تكوين لجنة وطنية للمرأة وتوجد في هذه اللجنة مسؤولة عن متابعة الشركات الأهلية التي يقع بعثها من طرف نساء، وسيتم قريبا تعيين رئيسة لهذه اللجنة الوطنية لكي تعمل على تكوين مكاتب جهوية للمرأة ولدينا في حزب المسار 490 قيادية وفي كل لجنة جهوية سيتم تعيين مسؤولة عن الشركات الأهلية النسائية إيمانا منها بأن مثل هذه المبادرات كفيلة بخلق الثروة والحد من البطالة، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الشركات الأهلية لا تكفي بل لا بد من اتخاذ إجراءات أخرى وأهمها تغيير المنوال التنموي بناء على التوجهات التي يضعها رئيس الجمهورية ونحن سنعمل خلال السنوات القادمة مع الرئيس من أجل تفعيل منوال تنموي جديد لتونس الجديدة، ونعتبر أن فترة البناء السياسي قد تمت بنجاح، وحان الوقت للبناء الاقتصادي والاجتماعي وإنقاذ المؤسسات ودعم المرفق العام من صحة وتعليم ونقل إلى جانب تكثيف الاهتمام بالتونسيين بالخارج وتمتيعهم بمزيد من الحوافز وتشجيعهم على تحويل الأموال وتسهيل عودتهم إلى أرض الوطن.

تدريس مادة الأخلاق

* هل تعتقدون أن هناك إمكانية لإنقاذ المؤسسات العمومية والمنشآت التي تمر بصعوبات كبيرة واستعادة دور المرافق العمومية للصحة والتعليم والنقل وهي مرافق تم تدميرها مما جعل المواطن التونسي مضطرا  إلى اللجوء إلى القطاع الخاص رغم الكلفة المشطة لخدماته ؟

ـ إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقة فكل شيء ممكن، ونرى أن هذه الإرادة قبل 25 جويلية كانت غائبة تماما، والدليل على ذلك الحالة التي وصلت إليها أغلب المؤسسات العمومية، ففي العشرية السابقة تم تدمير قطاعات النقل والصحة والتعليم العمومي وتخريبها بصفة ممنهجة، وتكفي الإشارة إلى أنه لم يقع تجديد أسطول النقل رغم اهترائه وتم الاكتفاء باقتناء حافلات مستعملة ولم يقع تحسين البنية التحتية وتطويرها لكل تتلاءم مع التحولات الديمغرافية والعمرانية فضلا عن تغول النقابات، أما في مجال التعليم فقد تعطلت محاولات الإصلاح وبرزت سوق ضخمة للدروس الخصوصية مما أدى إلى ضرب مبدأ تكافؤ الفرص، واليوم بعد تنظيم الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم نحن نشجع على المضي في إصلاح تربوي شامل ونقترح في إطاره إرجاع المدرسة العمومية كمصعد اجتماعي وتحسين وضعية المدرسين ومراقبة الدروس الخصوصية الموازية، ونطالب بتغيير البرامج وتدريس مادة الأخلاق لتلاميذ المرحلة الابتدائية مثلما هو الشأن في اليابان وبعض البلدان المتقدمة إدراكا منها لأهمية الوازع الأخلاقي في بناء شخصية الطفل، كما ندعو إلى إعادة الاعتبار للجانب الديني لأننا لاحظنا أن الناشئة أفرغت عقائديا ودينيا وأخلاقيا ونعتقد أنه عندما نعالج هذا الفراغ يمكن وقتها أن نضمن تنشئة مواطن لا يخون وطنه ولا يتآمر عليه في الداخل والخارج ولا يتم استقطابه من قبل الجماعات الإرهابية، ونريد من النظام التربوي الجديد أن يخرج مواطنا يدرك أن دينه دين أخلاق وعمل واعتدال ووسطية، مواطنا متشبعا بفكر الفاضل بن عاشور والمدرسة الزيتونية، مواطنا يؤمن بتونس ويفخر بالانتماء إليها ويقدس علمها ويعتز بتاريخها ويحب زيتونها ونخلها وبحرها وشعبها كما نريد من الإصلاح التربوي أن يركز على العلوم وأن تكون فيها تقاطعات بين مسالك التعليم والتكوين وأن يساهم في ثورة تعليمية في تونس ، ثورة يقودها رئيس الجمهورية بمعية المجلس الأعلى للتربية الذي نرغب في أن يقع فتحه أمام مختلف مكونات الأسرة التربوية والمجتمع المدني والمختصين في علم الاجتماع والنفس ورجال الدين والأولياء،  وأن لا يكون هذا المجلس حكرا على الخبراء والمختصين في علوم التربية.

كاتب عام حزب مسار 25 جويلية لـ"الصباح":  لدينا تحفظات على بودربالة.. ومطلوب تنقيح مرسومي الأحزاب والجمعيات..

تونس- الصباح

عبر بدر الدين الغرسلاوي الكاتب العام الوطني لحزب مسار 25 جويلية عن قلقه الكبير من تداعيات هجرة الأفارقة إلى تونس، وقال إن هناك جمعيات تعمل من أجل توطينهم في العديد من المدن مقابل حصولها على تمويلات أجنبية، ودعا رئيس الجمهورية إلى إعلان حالة الطوارئ  وتفعيل الفصل 90 من الدستور نظرا لوجود خطر داهم، ونص هذا الفصل على أنه إذا تعذر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها.

وأضاف الغرسلاوي في حوار أدلى به لـ"الصباح" أنه حتى في صورة تنظيم الانتخابات في خريف 2024 فإن الحزب جاهز للحملة الانتخابية لمرشحه قيس سعيد كما أنه دخل في مشاورات مع أحزاب أخرى وجمعيات من أجل تكوين جبهة لدعم مسار 25 جويلية ودعم مرشحها قيس سعيد للانتخابات الرئاسية. وتحدث عن موقف الحزب من المرسوم عدد 54 وعن أداء الحكومة ومجلس نواب الشعب، وقال إنه لا يوجد ضغط على القضاء، كما تطرق إلى الوضع الاقتصادي الصعب والحلول البديلة لتمويل الميزانية ودعا إلى المضي في الإصلاحات الكبرى وفي مقدمتها الإصلاح التربوي .

حوار: سعيدة بوهلال

 

* شرعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الاستعداد للاستحقاقات القادمة فهل تعتقدون أن الوضع العام في البلاد وخاصة الوضع السياسي ملائم لتنظيم الانتخابات الرئاسية علما وأن قيادات بعض الأحزاب المعارضة موجودة حاليا في السجون؟

ـ نحن في حزب مسار 25 جويلية نرى أن الظروف الحالية غير ملائمة لتنظيم الاستحقاق الانتخابي نظرا لوجود أزمة المهاجرين الأفارقة الذين أصبحوا أشبه بالقنبلة الموقوتة، ونعقد أن قدومهم إلى تونس ليس بريئا  بل مخطط له من الداخل والخارج لغايات مريبة، فمن يقفون وراء هجرتهم يريدون إدخال بلادنا في متاهة كبيرة وهناك حديث عن جماعة بوكو حرام وعن الإجاصيين وبالتالي نعتقد أن هناك أجندا معادية لتونس وتنسيقا مع أطراف داخلية من أجل توطين المهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وغيرها من الدول في تونس بهدف توتير الأجواء، وأبرز دليل على ذلك ما يعانيه أهالي العامرة وجبنيانة من اعتداءات على ممتلكاتهم واقتحام لمنازلهم في الليل والنهار للسطو على المؤمنة والاستحواذ على المواد الغذائية الموجودة في ثلاجاتهم وافتكاك الطعام من أياديهم فضلا عن أن المهاجرين الأفارقة تحوزوا بالقوة على أراض هي على ملك الخواص ونصبوا فيها الخيام وهناك منهم من لا يتردد في قطع أشجار الزيتون، ولكن رغم كل هذه التجاوزات نلاحظ أنه عندما ترتفع أصوات البعض للمطالبة بإرجاع الأفارقة إلى أوطانهم يتم اتهامهم بالعنصرية.. وخلاصة القول، وبسبب هجرة الأفارقة نرى أن الوضع العام في البلاد غير ملائم لتنظيم الانتخابات، وخلافا لذلك، لا يوجد أي عائق آخر أمام تنظيمها لأن الوضع السياسي مستقر ولا يوجد تضييق على الأحزاب فهي تعبر عن آرائها وتحتج وتعتصم بحرية، أما بالنسبة إلى القيادات السياسية الموجودة حاليا في السجن فذلك على خلفية قضية التآمر على أمن الدولة وهي قضية تم منع التداول فيها ولكننا سنكتفي بالإشارة إلى أنه لا يوجد عائق سياسي أمام تنظيم الانتخابات وإنما هناك مشكل مقلق للغاية وهو هجرة الأفارقة فهو يمس بالأمن القومي وعلى الدولة أن تتحرك بكل ثقلها لمجابهته وعلى رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ في البلاد واتخاذ تدابير عاجلة.

الخطر الداهم

ـ يعلم الجميع أن البلاد في حالة طوارئ منذ سنوات وأن رئيس الجمهورية قرر منذ موفى جانفي الماضي التمديد في حالة الطوارئ إلى نهاية سنة 2024، ولكن ما هي التدابير الاستثنائية التي تريدون منه اتخاذها في ظل الأزمة الناجمة عن هجرة الأفارقة؟

ـ إننا في حزب مسار 25 جويلية نطالب رئيس الجمهورية بالإعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن الوضع الأمني لا يسمح بتنظيمها، وكنا منذ أشهر عديدة، وانطلاقا من وجهة نظر دستورية وقانونية، أكدنا على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب أن تجرى خلال سنة 2027 وليس في خريف سنة 2024، لأننا أصبحنا تحت طائلة دستور 2022 وليس من المنطقي تطبيق هذا الدستور على الانتخابات التشريعية ثم الانتخابات المحلية، وفي المقابل إجراء انتخابات رئاسية على أساس دستور 2014، وبالتالي هناك أزمة دستورية إضافة إلى الأزمة الناجمة عن الوضع الأمني الخطير جراء هجرة الأفارقة، ونرى أن مشكل هجرة الأفارقة لا يمكن لتونس أن تجابهه بمفردها بل لا بد من التنسيق مع الجزائر وليبيا وإيطاليا وفرنسا لأن هذه القضية تعني بلدان شمال المتوسط وجنوبه ولا بد من معالجتها بصفة تشاركية مع الأخذ بعين الاعتبار أن أوروبا استنزفت خيرات العديد من البلدان الإفريقية وعليها أن تساهم في إيجاد الحل وخلق استقرار في بلدان الأفارقة الوافدين على تونس، ونحن نرفض ما تقوم به بعض الجمعيات من مساع لتوطين الأفارقة في بلادنا مقابل ما تحصل عليه من تمويلات أجنبية ونرى أن دفاعها من منطلق حقوقي وإنساني على المهاجرين غير النظاميين حق أريد به باطل لأن تونس ليست مسؤولة عما واجهه هؤلاء في بلدانهم و لا يمكنها أن تتحمل تداعيات الأزمات الموجودة في إفريقيا. ونحن اليوم نطالب رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ وتفعيل الفصل 90 من الدستور لوجود خطر داهم يتعذر معه إجراء الانتخابات ، وندعوه إلى تأجيل الانتخابات إلى حين توفر الظروف الآمنة التي تجعل الناخب يذهب إلى صندوق الاقتراع وهو مطمئن على حياته.

ترشيح قيس سعيد

* ماذا لو قرر رئيس الجمهورية دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية في خريف السنة الجارية، فهل ستشاركون فيها؟ وهل تعتقدون أن هيئة الانتخابات الحالية قادرة على إدارتها؟ وهل هناك حاجة لتنقيح القانون الانتخابي في اتجاه ملاءمته مع أحكام الدستور خاصة في علاقة بشروط الترشح لتجنيب الهيئة مطبات تأويل الدستور؟

ـ بصرف النظر عن موعدها، فنحن في حزب مسار 25 جويلية رشحنا الأستاذ قيس سعيد للانتخابات الرئاسية المرتقبة، ونعمل بنسق حثيث على استكمال تركيز مكاتبنا الجهوية بعد أن ركزنا في كل بلدية مكتبا محليا وسنعلن قريبا عن تركيز مكاتب في باريس وتولوز ومرسيليا وألمانيا وإيطاليا وعدد من الدول عربية ويريد حزبنا أن ينزل بكل ثقله خلال الحملة الانتخابية لمرشحه قيس سعيد، ، ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن مسار تونس الجديدة هو مشروع متكامل يتكون من أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية، ونحن اليوم بصدد التشاور والتنسيق مع بعضنا البعض من أجل إطلاق جبهة لدعم مسار 25 جويلية لأننا متفقون على ترشيح سعيد للانتخابات الرئاسية وستتكون الجبهة من جمعيات وأحزاب في مقدمتها حزب مسار 25 جويلية، وحراك 25 جويلية الذي يقوده صالح بوكراوعية أما ثامر بديدة فليست لنا علاقة به.

وبخصوص القانون الانتخابي ففي الوقت الراهن لا يرى حزبنا ضرورة لتنقيحه لأن شروط الترشح المنصوص عليها في الدستور واضحة ولا تحتمل التأويل من قبل الهيئة وفي كل الحالات يمكن لأي شخص ترفض الهيئة مطلب ترشحه اللجوء إلى القضاء وهو الفيصل. كما نرى أن الهيئة قادرة على انجاز الاستحقاق الانتخابي القادم لأنها أثبتت جدارتها ونظمت استفتاء وانتخابات تشريعية وأخرى محلة شفافة بشهادة الملاحظين في الداخل والخارج ولا يوجد أي مبرر لتغييرها أما نسبة المشاركة فهي ليست مسؤولة عنها وإنما الأطراف السياسية التي أعلنت مقاطعتها للاستفتاء وللانتخابات بهدف إفشال مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد، وخلافا لما حدث في المحطات السابقة نعتقد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية ستكون عالية جدا لأن هناك من يقومون بمساع حثيثة واجتماعات مكثفة داخل البلاد وخارجها من أجل تقريب وجهات النظر لاختيار مرشحهم لهذه الانتخابات.

أداء ضعيف

* بعد مرور أكثر من 9 أشهر عن تعيين أحمد الحشاني رئيسا للحكومة وإنهاء مهام نجلاء بودن يوم غرة أوت 2023 ما هو تقييمكم لأداء الحكومة الحالية؟

ـ نعتقد أن أداء الحكومة ضعيف ولهذا السبب ندعو رئيس الجمهورية إلى القيام بمراجعات وتعويض بعض الوزراء لأنهم لم يستجيبوا للانتظارات بل هناك تعيينات لأشخاص ينتمون إلى حركة النهضة وهؤلاء يعملون على تعطيل مسار 25 جويلية ويسعون إلى إفشال مشروع رئيس الجمهورية وهذا مرفوض ونحن نريد من الإدارة أن تكون مؤمنة بالمسار من أجل التأسيس لتونس الجديدة ونطالب بأن تعطى المسؤوليات فيها لأشخاص يؤتمنون على المسار، وبالتالي يجب أن تكون الحكومة في انسجام مع رئيس الجمهورية، وحكومة حرب مدنية على المحتكرين والمضاربين والمتلاعبين بمسالك التوزيع ومن عطلوا انجاز المشاريع التي كان بإمكانها أن تغير وجه البلاد وتحل مشكل البطالة.

تحفظات على بودربالة

*تم مؤخرا تركيز الغرفة النيابية الثانية بعد مسار انتخابي طويل وفي انتظار إحالة مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ما هي انتظاراتكم من نظام الغرفتين؟

ـ أريد أن أشير في بداية الأمر إلى أن حزبنا لديه بعض التحفظات على إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب الذي كنا ساندناه سابقا لكن في السياسة الموقف يمكن أن يتغير حسب ما تقتضيه مصلحة البلاد ونحن عندما نرى شخصا لا يملأ كرسيه نعلن دون تردد عن تحفظاتنا عليه ونحن متحفظون على بودربالة بسبب البطء في عمل البرلمان وعدم التنسيق بين النواب، أما العلاقة بين المجلسين فنتطلع إلى أن تكون علاقة تكامل وانسجام وليست علاقة تصادم وتنازع اختصاص لأن الدستور أوكل لكل غرفة نيابية صلاحيات محددة وبمقتضاها فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم سيلعب دوره في الجهات وفي الأقاليم ويقدم رؤيته للتنمية على المستوى الجهوي وعلى مستوى كل إقليم ونحن نرى أن دور الغرفة النيابية الأولى هو دور تشريعي أما الغرفة النيابية الثانية فدورها هو الالتحام بالمواطن في الجهات والاستماع إلى مشاغله ومطالبه والتعبير عنها والمطلوب منهما التنسيق المحكم.

* أعلنتم عن ترشيح الرئيس قيس سعيد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة سواء كان تاريخ هذه الانتخابات في خريف 2024 أو خلال سنة 2027 في وقت وجهت فيه المعارضة انتقادات لسعيد واتهمته بعدم الوفاء بوعوده وبأنه لا يريد تركيز المحكمة الدستورية ويريد وضع اليد على القضاء فما هو رأيكم؟

ـ لا بد من التأكيد على أن قيس سعيد رئيس الجمهورية أوفى بجميع الوعود التي قدمها للتونسيين، وحرص على تنظيم الاستشارة الوطنية والاستفتاء حول مشروع الدستور والانتخابات التشريعية والانتخابات المحلية في الموعد، أما بالنسبة إلى المحكمة الدستورية فإن تركيبتها في دستور 2022 واضحة ويريد الرئيس أخذ الحيطة اللازمة من أجل أن تكون هذه المحكمة بعيدة عن التجاذبات وهو لا يخاف من المحكمة الدستورية وغياب هذه المحكمة لا يعني أنه يريد احتكار تأويل الدستور. أما بخصوص القضاء فعندما يلاحظ رئيس السلطة التنفيذية وجود بطء مقصود في الفصل في بعض القضايا أو عدم احترام الإجراءات فإنه يتدخل للفت انتباه وزيرة العدل وهذا من صميم اختصاصه وليس ضغطا على القضاء أو تدخلا في شأنه، وبالنسبة إلى المجلس الأعلى للقضاء فنرى أنه حان الوقت لتغيير المجلس المؤقت بمجلس دائم وفق ما يضبطه دستور 2022.

المرسوم 54

* في اليوم العالمي لحرية الصحافة جددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الثالث من ماي الجاري التعبير عن رفضها للمرسوم عدد 54 المتعلق بتجريم الأفعال المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال لصبغته الزجرية من ناحية ولأنه أدى إلى ضرب حرية التعبير من ناحية أخرى فهل تشاطرونها الرأي؟ وماذا عن مرسومي الأحزاب والجمعيات فهل ترون ضرورة لتعديلهما.

ـ منذ صدوره، أثار المرسوم عدد 54 جدلا ونحن في حزب مسار 25 جويلية مع تعديل بعض أحكامه خاصة الفصل 24 الذي جاء لتجريم الأخبار الكاذبة، ونحن ضد المغالطات ونشر الإشاعات والأخبار الزائفة ونرفض السب والشتم وهتك الأعراض لأننا كنا عرضة لها ورغم ذلك خيرنا التسامح إدراكا منا بأن هذا المرسوم فيه عقوبة قاسية بالسحن مدة خمس سنوات مع خطية مالية مشطة ولأننا لاحظنا إسهالا في تطبيق هذا المرسوم على الصحفيين، ونفس الشيء نرى أن هناك حاجة لتنقيح مرسومي الجمعيات والأحزاب وندعو رئيس الجمهورية إلى تقديم مبادرات في هذا الاتجاه لمجلس نواب الشعب.

تمويل الميزانية

* عندما اقترحت الحكومة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 أشارت إلى أنه سيتم تمويل هذه الميزانية في قسط منها بالقروض الخارجية، ولكنها تواجه صعوبة في الحصول على القروض الخارجية ولم تتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي فما هي البدائل حسب رأيكم؟

ـ إن البديل الوحيد للتداين الخارجي هو التعويل على الذات وإرجاع قيمة العمل ودفع الاستثمار أما شروط صندوق النقد الدولي التي من شأنها أن تمس بالسلم الاجتماعي والمقدرة الشرائية للمواطن فهي مرفوضة وتونس في غنى عن هذا الصندوق وندعو الحكومة إلى البحث عن موارد أخرى لدعم الميزانية وعليها أن تجتهد أكثر في إيجاد البدائل وفي مقدمتها إدماج السوق الموازي لأنه من غير المقبول أن يبقى نصف الاقتصاد الوطني خارج عن القانون، كما يتعين التسريع في تنقيح المجلة التجارية في اتجاه مراجعة الفصل 411 المتعلق بالشيك دون رصيد لأنه تسبب في شلل اقتصادي فتونس من البلدان القليلة التي تطبق العقوبة السجنية على مرتكبي جرائم الشيك دون رصيد ونريد إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتحميل البنوك المسؤولية إذ يوجد لوبي بنكي يسعى إلى إفشال محاولات تنقيح أحكام الشيك لأن البنوك بفضلها تجني المليارات.. وعلى الحكومة أن تضاعف من جهودها وتسرع من نسق أعمالها وتواكب القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية وتحرص على تنفيذها بصفة فورية لأنه من غير المقبول أن يعلن أعلى هرم في السلطة عن قرارات ثورية لكن يتم التباطؤ في تطبيقها وخير دليل على ذلك الصلح الجزائي الذي تعطل كثيرا وكان هذا الإجراء سيساهم في توفير آلاف المليارات لخزينة الدولة ويجب أن يتم غلق ملف الصلح الجزائي قبل موفى السنة الجارية ونفس الشيء بالنسبة لملف الشيك دون رصيد  كما يتعين مراجعة مجلة الاستثمار وإصدار قانون الصرف وحذف الرخص وتعديل كراسات الشروط وبهذه الكيفية يمكن دفع عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار واستقطاب المستثمرين الأجانب بما يمكن من إحداث مواطن شغل ويساعد على التقليص في نسبة البطالة.

الشركات الأهلية

* في علاقة بالبطالة، هل أنتم موافقون على التوجه نحو إحداث الشركات الأهلية وهل تعتبرونه بديلا للقانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العام؟

ـ نرى أن الشركات الأهلية هي حل من جملة الحلول الأخرى الممكنة لمشكل البطالة خاصة بطالة أصحاب الشهادات، وفي تقييمنا لهذه التجربة رأينا أن هناك شركات أثبتت جدارتها وتمكنت من استقطاب اليد العاملة ونحن ندعمها بشدة، ولهذا السبب ارتأينا في حزب مسار 25 جويلية عند تشكيل مكاتب الحزب المحلية والجهوية تعيين أعضاء مكلفين بمتابعة الشركات الأهلية لكي يعمل هؤلاء على التواصل المباشر مع المواطنين لتفسير خصوصيات الشركات الأهلية وحدثهم على بعثها، كما أردنا منهم لعب دور حلقة الوصل بين المواطن والبنوك والوزارات المعنية، وحتى بالنسبة إلى المرأة فقد قررنا في الحزب تكوين لجنة وطنية للمرأة وتوجد في هذه اللجنة مسؤولة عن متابعة الشركات الأهلية التي يقع بعثها من طرف نساء، وسيتم قريبا تعيين رئيسة لهذه اللجنة الوطنية لكي تعمل على تكوين مكاتب جهوية للمرأة ولدينا في حزب المسار 490 قيادية وفي كل لجنة جهوية سيتم تعيين مسؤولة عن الشركات الأهلية النسائية إيمانا منها بأن مثل هذه المبادرات كفيلة بخلق الثروة والحد من البطالة، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الشركات الأهلية لا تكفي بل لا بد من اتخاذ إجراءات أخرى وأهمها تغيير المنوال التنموي بناء على التوجهات التي يضعها رئيس الجمهورية ونحن سنعمل خلال السنوات القادمة مع الرئيس من أجل تفعيل منوال تنموي جديد لتونس الجديدة، ونعتبر أن فترة البناء السياسي قد تمت بنجاح، وحان الوقت للبناء الاقتصادي والاجتماعي وإنقاذ المؤسسات ودعم المرفق العام من صحة وتعليم ونقل إلى جانب تكثيف الاهتمام بالتونسيين بالخارج وتمتيعهم بمزيد من الحوافز وتشجيعهم على تحويل الأموال وتسهيل عودتهم إلى أرض الوطن.

تدريس مادة الأخلاق

* هل تعتقدون أن هناك إمكانية لإنقاذ المؤسسات العمومية والمنشآت التي تمر بصعوبات كبيرة واستعادة دور المرافق العمومية للصحة والتعليم والنقل وهي مرافق تم تدميرها مما جعل المواطن التونسي مضطرا  إلى اللجوء إلى القطاع الخاص رغم الكلفة المشطة لخدماته ؟

ـ إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقة فكل شيء ممكن، ونرى أن هذه الإرادة قبل 25 جويلية كانت غائبة تماما، والدليل على ذلك الحالة التي وصلت إليها أغلب المؤسسات العمومية، ففي العشرية السابقة تم تدمير قطاعات النقل والصحة والتعليم العمومي وتخريبها بصفة ممنهجة، وتكفي الإشارة إلى أنه لم يقع تجديد أسطول النقل رغم اهترائه وتم الاكتفاء باقتناء حافلات مستعملة ولم يقع تحسين البنية التحتية وتطويرها لكل تتلاءم مع التحولات الديمغرافية والعمرانية فضلا عن تغول النقابات، أما في مجال التعليم فقد تعطلت محاولات الإصلاح وبرزت سوق ضخمة للدروس الخصوصية مما أدى إلى ضرب مبدأ تكافؤ الفرص، واليوم بعد تنظيم الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم نحن نشجع على المضي في إصلاح تربوي شامل ونقترح في إطاره إرجاع المدرسة العمومية كمصعد اجتماعي وتحسين وضعية المدرسين ومراقبة الدروس الخصوصية الموازية، ونطالب بتغيير البرامج وتدريس مادة الأخلاق لتلاميذ المرحلة الابتدائية مثلما هو الشأن في اليابان وبعض البلدان المتقدمة إدراكا منها لأهمية الوازع الأخلاقي في بناء شخصية الطفل، كما ندعو إلى إعادة الاعتبار للجانب الديني لأننا لاحظنا أن الناشئة أفرغت عقائديا ودينيا وأخلاقيا ونعتقد أنه عندما نعالج هذا الفراغ يمكن وقتها أن نضمن تنشئة مواطن لا يخون وطنه ولا يتآمر عليه في الداخل والخارج ولا يتم استقطابه من قبل الجماعات الإرهابية، ونريد من النظام التربوي الجديد أن يخرج مواطنا يدرك أن دينه دين أخلاق وعمل واعتدال ووسطية، مواطنا متشبعا بفكر الفاضل بن عاشور والمدرسة الزيتونية، مواطنا يؤمن بتونس ويفخر بالانتماء إليها ويقدس علمها ويعتز بتاريخها ويحب زيتونها ونخلها وبحرها وشعبها كما نريد من الإصلاح التربوي أن يركز على العلوم وأن تكون فيها تقاطعات بين مسالك التعليم والتكوين وأن يساهم في ثورة تعليمية في تونس ، ثورة يقودها رئيس الجمهورية بمعية المجلس الأعلى للتربية الذي نرغب في أن يقع فتحه أمام مختلف مكونات الأسرة التربوية والمجتمع المدني والمختصين في علم الاجتماع والنفس ورجال الدين والأولياء،  وأن لا يكون هذا المجلس حكرا على الخبراء والمختصين في علوم التربية.