إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشاعرة نوارة الوصيف لـ"الصباح": "كاحل عند شفيف النبع" صرخة في وجه المعاناة

 

 

تونس-الصباح

من المفارقات اليوم أن تونس بلد المليون شاعر مازالت تشكو غياب الجماهير المتابعة لإبداعات الشعراء.. والحال أن أي شاعر لا يمكنه الإبداع دون التعبير عن واقع الإنسان، أحلامه وتطلعاته ليكون بذلك صدى صوت أعماقه ووجدانه، باعتبار أن الشعر يبقى أحد أهم الادوات الثرية في عالم الإنسان..وترجمان لمعاناة البشر ..

وهو ما أكدته الشاعرة نوارة الوصيف خلال لقاء بـ"الصباح" للحديث عن آخر إصداراتها الشعرية "كاحل عند شفيف النبع"..

نوارة الوصيف التي أكدت أنّ المعاناة في معانيها الشاملة ليست بالضرورة تلك المتعلقة بالآلام الشخصية وإن كان دافع كتابة ديوانها الأخير -الذي نفدت كل نسخه في المعرض الدولي للكتاب الأخير- فقدان ابنتها البكر إثر حادث مرور.. وفيما يلي نص الحوار:

حاورها : وليد عبداللاوي       

*نفدت كل نسخ ديوانك الأخير "كاحل عند شفيف النبع" في المعرض الدولي للكتاب في دورته 38، لو تحدثينا عن مضمونه والأفكار التي قادتك الى تأليفه؟

- "كاحل عند شفيف النبع" عنوان مجموعة شعرية تتضمن تسعة وأربعون قصيدة مختلفة الأجناس ومختلفة الأغراض.. حين أقول كتبت في مختلف الأجناس يعني أني كتبت في القصيدة العمودية ، في قصيدة النثر التي لا التزام فيها لا وحدة الوزن ولا لوحدة القافية.. كما وردت كذلك في المجموعة قصائد من الشعر الحر .. وقد بدأت هذه التجربة مع بداية النظم والكتابة والشعر  لأفعلها بشكل جدي وجاد تقريبا منذ سنتين من خلال الالتحاق بالصالونات والنوادي والجمعيات الثقافية فضلا عن النشاط في ملتقيات عديدة شعرية وأدبية، وفي حقيقة الأمر ما جعلني أكثر جدية كي ترى قصائدي النور هو وفاة ابنتي البكر في حادث مرور ، وكانت ربما الإشارة التي حسمت الأمر ودفعتني فعلا الى أن اشرع في المراحل العملية لإخراج هذه المجموعة الشعرية والعمل عليها بشكل منتظم ونشرها لتلقى حظها بمعرض الكتاب حتى أن مجموعة النسخ التي وضعت يوم التوقيع بتاريخ 28 افريل 2024 بيعت جميعها ولم تبق ولو نسخة واحدة، وانا على اتصال بالناشر حتى يمكنني من نسخ أخرى ..

و"كاحل عند شفيف النبع" هي صرخة في وجه المعاناة، وكما يقول ألبار كامو "دور الكاتب لا يخلو من المهام الصعبة ولا وجودها فهي ميكانيزماته الدفاعية أمام إحساسه الابدي بالمعاناة، أما شوبنهاور فيقول: الإبداع وليد المعاناة ولا إبداع بلا معاناة" ، أما ميلن كانديرا فيقول في كتابه "الرواية " :  الفن انتقام إنساني من الطبيعة غير الشخصية فكل كتابة أدبية لا تعبر عن ماساة الإنسان بعيدا عن التشاؤمية الفلسفية  لا تسمى عملا إبداعيا..وإن شئت تاريخيا نجد رسائل كافكا، طه حسين، محمود درويش، ولكل منهم مساحة من الألم.. ليس بالضرورة أن تكون متصلة بشكل ذاتي..وانا قلت ذات حين "الجرح بين نبضة واستكانة والحرف بين وأد واستدامة وسنظل نكتب ثم نكتب  ثم نكتب .. قلت أثناء امسية شعرية ذات مرة "لست بحاجة لأن احلق بعيدا خارج حدود هذا الوطن لأبرر كتابتي أو كتابة غيري .. وهنا أحيل الى ما قاله الدكتور مبروك المناعي: الشعر ضرورة قصوى من ضرورات العيش كلما اشتدت بالإنسان ظروف الحياة وقست عليه .. ومن هذا المنطلق نحن نكتب للأمل ، نكتب للفرح، لكن لا ننكر على انفسنا وعلى الٱخر أننا نكتب أكثر كلما شعرنا بالمعاناة .. والمعاناة ليست تلك المتعلقة بالكاتب شخصيا ففلسطين مثلا هي أم القضايا ولابد من مناصرتها ولو بالكتابة..

*هل لفلسطين "المكلومة" حضور في "كاحل عند شفيف النبع" ؟

- كتبت على فلسطين في المجموعة الشعرية أربع قصائد؛ "فلسطين لنا" و "سننبت" و"مديح الفجر" و"ساعة الصفر" و"للقدس فجر" ص65 أقول: "يا امة خجل الزمان بجرمها/ للقدس فجر وهيج النور والدرب / الأم تشدو بصوت اجهش نحبا ..ففي غزة وفيما يتعلق بالجرائم الوحشية أقول: "هو في القطاع طبيب يخيط جراح الزمن ولا يدري أن عذاب الفراق به قد يُلم ففي غرفة الموتى نام اخوه ابوه وابن وام ،لقد جاؤوا من ساحة القتال  بقايا حقيقة لحرب وظيعة وأشلاء تسأل: ترى هل نلم ؟!  فهذه يد تنادي لجبه تنادي لساق تنادي لفم تعالوا نلملم كل متلاشى نسوي وريدا به يسري دم وجلدا جديدا يكسو عظاما تطير سهاما بنصر فلسطين ..يعني تحدثت عن كل الصور التي نقلتها وسائل الاعلام على غرار ذلك الطفل الذي يلقن أخاه الشهادة، وتلك الطفلة التي شوه القصف خديها وشبهت النقاط التي شوهت وجهها بوعد بلفور الذي  اثقلنا وجثم على صدورنا منذ قرن وسبع سنوات .. تحدثت كذلك عن المجازر الجماعية عن الدفن الجماعي ،عن قلة الموارد، عن قلة الأكل وغيرها في قصيدة "سننبت" تحديدا..

*حسب رأيك، هل مازال الشعر على أجناس أخرى يشكو صعوبات؟

- طبعا هناك صعوبات كثيرة يواجهها جنس الشعر وهو في مرحلة البحث عن الفئة والشرائح التي تتابع الشعراء والشعر .. إن شئت هي الحداثة كذلك الإعلام -مع احترام الاعلام الذي ينشط ويواكب - ذلك انه لا توجد متابعة حقيقية وجدية وحتى الاستضافات في البرامج التلفزية الاذاعية فضلا عن المشاكل المادية التي قد يعاني منها الشاعر مما يصعب عملية انتشار أعماله الإبداعية .. وإجمالا هناك اسباب موضوعية كما الذاتية وهو كل لا يتجزأ.. لكن في نهاية الأمر اقول أن فجر الإبداع سيشرق على هذا الوطن وهناك من المتابعين من يشجع الأقلام ، وحتما سيتغير الأمر.. ٱمل ذلك..

الشاعرة نوارة الوصيف لـ"الصباح":  "كاحل عند شفيف النبع" صرخة في وجه المعاناة

 

 

تونس-الصباح

من المفارقات اليوم أن تونس بلد المليون شاعر مازالت تشكو غياب الجماهير المتابعة لإبداعات الشعراء.. والحال أن أي شاعر لا يمكنه الإبداع دون التعبير عن واقع الإنسان، أحلامه وتطلعاته ليكون بذلك صدى صوت أعماقه ووجدانه، باعتبار أن الشعر يبقى أحد أهم الادوات الثرية في عالم الإنسان..وترجمان لمعاناة البشر ..

وهو ما أكدته الشاعرة نوارة الوصيف خلال لقاء بـ"الصباح" للحديث عن آخر إصداراتها الشعرية "كاحل عند شفيف النبع"..

نوارة الوصيف التي أكدت أنّ المعاناة في معانيها الشاملة ليست بالضرورة تلك المتعلقة بالآلام الشخصية وإن كان دافع كتابة ديوانها الأخير -الذي نفدت كل نسخه في المعرض الدولي للكتاب الأخير- فقدان ابنتها البكر إثر حادث مرور.. وفيما يلي نص الحوار:

حاورها : وليد عبداللاوي       

*نفدت كل نسخ ديوانك الأخير "كاحل عند شفيف النبع" في المعرض الدولي للكتاب في دورته 38، لو تحدثينا عن مضمونه والأفكار التي قادتك الى تأليفه؟

- "كاحل عند شفيف النبع" عنوان مجموعة شعرية تتضمن تسعة وأربعون قصيدة مختلفة الأجناس ومختلفة الأغراض.. حين أقول كتبت في مختلف الأجناس يعني أني كتبت في القصيدة العمودية ، في قصيدة النثر التي لا التزام فيها لا وحدة الوزن ولا لوحدة القافية.. كما وردت كذلك في المجموعة قصائد من الشعر الحر .. وقد بدأت هذه التجربة مع بداية النظم والكتابة والشعر  لأفعلها بشكل جدي وجاد تقريبا منذ سنتين من خلال الالتحاق بالصالونات والنوادي والجمعيات الثقافية فضلا عن النشاط في ملتقيات عديدة شعرية وأدبية، وفي حقيقة الأمر ما جعلني أكثر جدية كي ترى قصائدي النور هو وفاة ابنتي البكر في حادث مرور ، وكانت ربما الإشارة التي حسمت الأمر ودفعتني فعلا الى أن اشرع في المراحل العملية لإخراج هذه المجموعة الشعرية والعمل عليها بشكل منتظم ونشرها لتلقى حظها بمعرض الكتاب حتى أن مجموعة النسخ التي وضعت يوم التوقيع بتاريخ 28 افريل 2024 بيعت جميعها ولم تبق ولو نسخة واحدة، وانا على اتصال بالناشر حتى يمكنني من نسخ أخرى ..

و"كاحل عند شفيف النبع" هي صرخة في وجه المعاناة، وكما يقول ألبار كامو "دور الكاتب لا يخلو من المهام الصعبة ولا وجودها فهي ميكانيزماته الدفاعية أمام إحساسه الابدي بالمعاناة، أما شوبنهاور فيقول: الإبداع وليد المعاناة ولا إبداع بلا معاناة" ، أما ميلن كانديرا فيقول في كتابه "الرواية " :  الفن انتقام إنساني من الطبيعة غير الشخصية فكل كتابة أدبية لا تعبر عن ماساة الإنسان بعيدا عن التشاؤمية الفلسفية  لا تسمى عملا إبداعيا..وإن شئت تاريخيا نجد رسائل كافكا، طه حسين، محمود درويش، ولكل منهم مساحة من الألم.. ليس بالضرورة أن تكون متصلة بشكل ذاتي..وانا قلت ذات حين "الجرح بين نبضة واستكانة والحرف بين وأد واستدامة وسنظل نكتب ثم نكتب  ثم نكتب .. قلت أثناء امسية شعرية ذات مرة "لست بحاجة لأن احلق بعيدا خارج حدود هذا الوطن لأبرر كتابتي أو كتابة غيري .. وهنا أحيل الى ما قاله الدكتور مبروك المناعي: الشعر ضرورة قصوى من ضرورات العيش كلما اشتدت بالإنسان ظروف الحياة وقست عليه .. ومن هذا المنطلق نحن نكتب للأمل ، نكتب للفرح، لكن لا ننكر على انفسنا وعلى الٱخر أننا نكتب أكثر كلما شعرنا بالمعاناة .. والمعاناة ليست تلك المتعلقة بالكاتب شخصيا ففلسطين مثلا هي أم القضايا ولابد من مناصرتها ولو بالكتابة..

*هل لفلسطين "المكلومة" حضور في "كاحل عند شفيف النبع" ؟

- كتبت على فلسطين في المجموعة الشعرية أربع قصائد؛ "فلسطين لنا" و "سننبت" و"مديح الفجر" و"ساعة الصفر" و"للقدس فجر" ص65 أقول: "يا امة خجل الزمان بجرمها/ للقدس فجر وهيج النور والدرب / الأم تشدو بصوت اجهش نحبا ..ففي غزة وفيما يتعلق بالجرائم الوحشية أقول: "هو في القطاع طبيب يخيط جراح الزمن ولا يدري أن عذاب الفراق به قد يُلم ففي غرفة الموتى نام اخوه ابوه وابن وام ،لقد جاؤوا من ساحة القتال  بقايا حقيقة لحرب وظيعة وأشلاء تسأل: ترى هل نلم ؟!  فهذه يد تنادي لجبه تنادي لساق تنادي لفم تعالوا نلملم كل متلاشى نسوي وريدا به يسري دم وجلدا جديدا يكسو عظاما تطير سهاما بنصر فلسطين ..يعني تحدثت عن كل الصور التي نقلتها وسائل الاعلام على غرار ذلك الطفل الذي يلقن أخاه الشهادة، وتلك الطفلة التي شوه القصف خديها وشبهت النقاط التي شوهت وجهها بوعد بلفور الذي  اثقلنا وجثم على صدورنا منذ قرن وسبع سنوات .. تحدثت كذلك عن المجازر الجماعية عن الدفن الجماعي ،عن قلة الموارد، عن قلة الأكل وغيرها في قصيدة "سننبت" تحديدا..

*حسب رأيك، هل مازال الشعر على أجناس أخرى يشكو صعوبات؟

- طبعا هناك صعوبات كثيرة يواجهها جنس الشعر وهو في مرحلة البحث عن الفئة والشرائح التي تتابع الشعراء والشعر .. إن شئت هي الحداثة كذلك الإعلام -مع احترام الاعلام الذي ينشط ويواكب - ذلك انه لا توجد متابعة حقيقية وجدية وحتى الاستضافات في البرامج التلفزية الاذاعية فضلا عن المشاكل المادية التي قد يعاني منها الشاعر مما يصعب عملية انتشار أعماله الإبداعية .. وإجمالا هناك اسباب موضوعية كما الذاتية وهو كل لا يتجزأ.. لكن في نهاية الأمر اقول أن فجر الإبداع سيشرق على هذا الوطن وهناك من المتابعين من يشجع الأقلام ، وحتما سيتغير الأمر.. ٱمل ذلك..

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews