إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سرّ صمود الاقتصاد الروسي عند الصين ... حقائق وأرقام…

 

- الحرب الروسية على أوكرانيا رفعت من تكاليف الأمن والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي

بقلم:ريم بالخذيري

الحرب الروسية على أوكرانيا تعدّ الحدث الأبرز الذي غيّر العالم منذ أحداث 11سبتمبر 2001 تاريخ الهجوم الإرهابي على مركزي التجارة الامريكية وما نتج عنها من حرب على الإرهاب واحتلال أفغانستان .

ولئن شمل التغيير الأكبر حينها منطقة الشرق الأوسط حيث تم احتلال العراق بعد أفغانستان وكانت الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الأساسي فيها فان الحرب الروسية على أوكرانيا مسّت أوروبا وأضرّت بها كثيرا وكانت الصين الفاعل المؤثر فيها ومساهمة في إطالة أمدها من خلال منحها متنفسا اقتصاديا كبيرا لروسيا في حين غرقت أوروبا في المستنقع الأوكراني ولم تنجح في إيقاف نزيف أضرارها الاقتصادية جراء العقوبات التي فرضتها على روسيا وقوبلت بعقوبات مماثلة من بكين .

فالاتحاد الأوروبي في هذه الحرب وجد نفسه مجبرا على تمويل جزء مهم من تكاليفها واستقبال ملايين الأوكران اللاجئين مقابل خسارته لألاف المليارات بسبب إيقاف التجارة البينية مع روسيا وحلفائها.

مقابل هذا استغلت الصين هذه الحرب لتكون بمثابة الرئة الثانية التي يتنفس بها الاقتصاد الروسي وهو ما سنبينه لاحقا.

خسائر أوروبا في روسيا

ما ان بدأت أوروبا تلملم اقتصادها الذي أنهكته جائحة الكورونا حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فيفري 2022 وقد نبّه خبراء منذ بداية الحرب أن التكلفة المادية ستكون أشد وطأة وأن روسيا تملك هامش مناورة فيها أكثر من أوروبا .

وبالفعل فقد رفعت الحرب الروسية على أوكرانيا من تكاليف الأمن والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما أدّى الى زيادة التمويل عبر الاستدانة، حيث أقدمت ألمانيا في خطوة غير مسبوقة على تحديث جيوشها بنحو تريليون دولار، فضلا عن الزيادة في ميزانية الدفاع الأوروبي والتي ناهزت 30 بالمائة ..

و الخسارة الأكبر كانت في قطاع الطاقة بسبب توقف امدادات الغاز الروسي الى أوروبا وهي التي تعدّ المصدّر الأول لها .

وقبل الحرب، كان الاتحاد الأوروبي يستورد 2.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام، و1.2 مليون برميل من المنتجات النفطية المكررة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

كما تُظهر البيانات الواردة من وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي شؤون الطاقة، أن العديد من الدول الأوروبية تعتمد بشكل كامل على الغاز الروسي، مثل مقدونيا الشمالية، والبوسنة والهرسك، ومولدوفيا.

كما أنّ الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي، بلغ نسبة تجاوزت الـ 90% بالنسبة لفنلندا ولاتفيا، بينما وصل إلى 89% بالنسبة إلى صربيا. أما بلجيكا فبلغت نسبة تبعيتها للغاز الروسي 77%، وألمانيا 49%، وإيطاليا 46%، وبولندا 40%، وفي فرنسا بلغت النسبة إلى 24%.

وفي وقت سابق حذرت خمسة معاهد اقتصادية كبرى من أنّ ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا ستتكبد وحدها خسائر تقدر بنحو 220 مليار يورو على مدى العامين 2023 و 2024 بسبب الحرب المذكورة.

الصين المنقذ والمستفيد

صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن موسكو وبكين تخلتا بشكل شبه كامل عن الدولار في العلاقات التجارية والاقتصادية حيث يتم تنفيذ أكثر من 90% من المدفوعات بعملات وطنية .وهو ما يترجم قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث تعتبر الصين اليوم المنقذ الحقيقي للاقتصاد الروسي في ظل العقوبات الغربية حيث شكّلت سوقا كبيرا ديمغرافيا بمليار ونصف نسمة وسارعن هذه العقوبات بإبرام صفقات هامة.

واليوم تعدّ بكين المورّد الأول للطاقة الروسية .

وقد قفزت المبادلات التجارية بين البلدين الى 240 مليار دولار في سنة 2023 وهي ضعف القيمة المسجلة في سنة 2220 علما وأنها فاقت التقديرات التي كانت وضعت لسنة 2024 و التي لم تتجاوز 200مليار دولار.

وتمثل الصين الآن نحو من45% إلى 50% من واردات روسيا ويشمل ذلك تجارة ما يسمى بالمواد والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج والسلع ذات التطبيقات المدنية والعسكرية، مثل الطائرات دون طيار والرقائق الدقيقة.

وفي عام 2022، باعت الصين ما قيمته أكثر من 500 مليون دولار من أشباه الموصلات إلى روسيا، مسجلة ارتفاعًا ب 200 مليون دولار في عام 2021. وفي غضون ذلك، باعت الصين ما قيمته أكثر من 12 مليون دولار من الطائرات دون طيار إلى روسيا في العام 2023.

وصدرت روسيا ضعف كمية غاز البترول المسال إلى الصين في عام 2022 مقارنة بالعام السابق.

واتفق البلدان على بناء خط أنابيب غاز جديد (باور سيبيريا 2)، وكان قد بدأ تشغيل المشروع الحالي في عام 2019، بموجب عقد مدته 30 عامًا تبلغ قيمته أكثر من 400 مليار دولار.

وعن التجارة الثنائية، أفاد وزير الخارجية الروسي بأن إمدادات المنتجات الزراعية من روسيا إلى السوق الصينية آخذ في الازدياد، كما يجري تنفيذ مشاريع مشتركة في المجالات الاستثمارية والصناعية.

وفي العام الماضي، توقع نائب رئيس الوزراء الروسي أندريه بيلوسوف ارتفاع حجم التجارة بين روسيا والصين بحلول نهاية العام 2030 إلى مستوى 300 مليار دولار.

دعم سياسي

فضلا عمّا تقدّم بخصوص أهميّة الصين بالنسبة لروسيا على مستوى الاقتصاد فان الدعم السياسي الصيني لروسيا لا غنى عنه وهو موقف في ظاهره محايد من الحرب لكن في باطنه مساند تماما ومشجع على الغزو الروسي لأوكرانيا .

ويأتي هذا الموقف تأكيدا للحلف الجديد الذي يقوده البلدان ضدّ ما يسمونه بالهيمنة الغربية. وقد امتدت تأثيرات هذا الحلف في شرق آسيا وفي افريقيا وفي جزء من الشرق الأوسط.

وبالتالي فالحديث عن شراكة اقتصادية سياسية شاملة بين روسيا والصين والدول المرتبطة بهما أصبح أكثر وضوحا مع التراجع الأوروبي وخاصة الفرنسي في المستعمرات التقليدية القديمة في إفريقيا. وكذلك فقد ساعدت الحرب على غزة وما تتكبده إسرائيل من هزائم على يدي حلفاء ايران في المنطقة وهي الحليف الأكبر لروسيا والصين عزز من حضور هذا الحلف الجديد في الشرق الأوسط وهو اليوم بصدد منافسة الأمريكان على هذا النفوذ التاريخي لهم .

لكن من المهم التأكيد على أن هذا الحلف الجديد وحلم هيمنته على الاقتصاد العالمي لايزال بعيدا ومقومات تحققه لم تتوفر بعد. فأكثر من 70 بالمائة من المبادلات التجارية العالمية لاتزال تتعامل بالدولار واليورو .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سرّ صمود الاقتصاد الروسي عند الصين ...  حقائق وأرقام…

 

- الحرب الروسية على أوكرانيا رفعت من تكاليف الأمن والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي

بقلم:ريم بالخذيري

الحرب الروسية على أوكرانيا تعدّ الحدث الأبرز الذي غيّر العالم منذ أحداث 11سبتمبر 2001 تاريخ الهجوم الإرهابي على مركزي التجارة الامريكية وما نتج عنها من حرب على الإرهاب واحتلال أفغانستان .

ولئن شمل التغيير الأكبر حينها منطقة الشرق الأوسط حيث تم احتلال العراق بعد أفغانستان وكانت الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الأساسي فيها فان الحرب الروسية على أوكرانيا مسّت أوروبا وأضرّت بها كثيرا وكانت الصين الفاعل المؤثر فيها ومساهمة في إطالة أمدها من خلال منحها متنفسا اقتصاديا كبيرا لروسيا في حين غرقت أوروبا في المستنقع الأوكراني ولم تنجح في إيقاف نزيف أضرارها الاقتصادية جراء العقوبات التي فرضتها على روسيا وقوبلت بعقوبات مماثلة من بكين .

فالاتحاد الأوروبي في هذه الحرب وجد نفسه مجبرا على تمويل جزء مهم من تكاليفها واستقبال ملايين الأوكران اللاجئين مقابل خسارته لألاف المليارات بسبب إيقاف التجارة البينية مع روسيا وحلفائها.

مقابل هذا استغلت الصين هذه الحرب لتكون بمثابة الرئة الثانية التي يتنفس بها الاقتصاد الروسي وهو ما سنبينه لاحقا.

خسائر أوروبا في روسيا

ما ان بدأت أوروبا تلملم اقتصادها الذي أنهكته جائحة الكورونا حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فيفري 2022 وقد نبّه خبراء منذ بداية الحرب أن التكلفة المادية ستكون أشد وطأة وأن روسيا تملك هامش مناورة فيها أكثر من أوروبا .

وبالفعل فقد رفعت الحرب الروسية على أوكرانيا من تكاليف الأمن والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما أدّى الى زيادة التمويل عبر الاستدانة، حيث أقدمت ألمانيا في خطوة غير مسبوقة على تحديث جيوشها بنحو تريليون دولار، فضلا عن الزيادة في ميزانية الدفاع الأوروبي والتي ناهزت 30 بالمائة ..

و الخسارة الأكبر كانت في قطاع الطاقة بسبب توقف امدادات الغاز الروسي الى أوروبا وهي التي تعدّ المصدّر الأول لها .

وقبل الحرب، كان الاتحاد الأوروبي يستورد 2.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام، و1.2 مليون برميل من المنتجات النفطية المكررة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

كما تُظهر البيانات الواردة من وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي شؤون الطاقة، أن العديد من الدول الأوروبية تعتمد بشكل كامل على الغاز الروسي، مثل مقدونيا الشمالية، والبوسنة والهرسك، ومولدوفيا.

كما أنّ الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي، بلغ نسبة تجاوزت الـ 90% بالنسبة لفنلندا ولاتفيا، بينما وصل إلى 89% بالنسبة إلى صربيا. أما بلجيكا فبلغت نسبة تبعيتها للغاز الروسي 77%، وألمانيا 49%، وإيطاليا 46%، وبولندا 40%، وفي فرنسا بلغت النسبة إلى 24%.

وفي وقت سابق حذرت خمسة معاهد اقتصادية كبرى من أنّ ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا ستتكبد وحدها خسائر تقدر بنحو 220 مليار يورو على مدى العامين 2023 و 2024 بسبب الحرب المذكورة.

الصين المنقذ والمستفيد

صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن موسكو وبكين تخلتا بشكل شبه كامل عن الدولار في العلاقات التجارية والاقتصادية حيث يتم تنفيذ أكثر من 90% من المدفوعات بعملات وطنية .وهو ما يترجم قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث تعتبر الصين اليوم المنقذ الحقيقي للاقتصاد الروسي في ظل العقوبات الغربية حيث شكّلت سوقا كبيرا ديمغرافيا بمليار ونصف نسمة وسارعن هذه العقوبات بإبرام صفقات هامة.

واليوم تعدّ بكين المورّد الأول للطاقة الروسية .

وقد قفزت المبادلات التجارية بين البلدين الى 240 مليار دولار في سنة 2023 وهي ضعف القيمة المسجلة في سنة 2220 علما وأنها فاقت التقديرات التي كانت وضعت لسنة 2024 و التي لم تتجاوز 200مليار دولار.

وتمثل الصين الآن نحو من45% إلى 50% من واردات روسيا ويشمل ذلك تجارة ما يسمى بالمواد والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج والسلع ذات التطبيقات المدنية والعسكرية، مثل الطائرات دون طيار والرقائق الدقيقة.

وفي عام 2022، باعت الصين ما قيمته أكثر من 500 مليون دولار من أشباه الموصلات إلى روسيا، مسجلة ارتفاعًا ب 200 مليون دولار في عام 2021. وفي غضون ذلك، باعت الصين ما قيمته أكثر من 12 مليون دولار من الطائرات دون طيار إلى روسيا في العام 2023.

وصدرت روسيا ضعف كمية غاز البترول المسال إلى الصين في عام 2022 مقارنة بالعام السابق.

واتفق البلدان على بناء خط أنابيب غاز جديد (باور سيبيريا 2)، وكان قد بدأ تشغيل المشروع الحالي في عام 2019، بموجب عقد مدته 30 عامًا تبلغ قيمته أكثر من 400 مليار دولار.

وعن التجارة الثنائية، أفاد وزير الخارجية الروسي بأن إمدادات المنتجات الزراعية من روسيا إلى السوق الصينية آخذ في الازدياد، كما يجري تنفيذ مشاريع مشتركة في المجالات الاستثمارية والصناعية.

وفي العام الماضي، توقع نائب رئيس الوزراء الروسي أندريه بيلوسوف ارتفاع حجم التجارة بين روسيا والصين بحلول نهاية العام 2030 إلى مستوى 300 مليار دولار.

دعم سياسي

فضلا عمّا تقدّم بخصوص أهميّة الصين بالنسبة لروسيا على مستوى الاقتصاد فان الدعم السياسي الصيني لروسيا لا غنى عنه وهو موقف في ظاهره محايد من الحرب لكن في باطنه مساند تماما ومشجع على الغزو الروسي لأوكرانيا .

ويأتي هذا الموقف تأكيدا للحلف الجديد الذي يقوده البلدان ضدّ ما يسمونه بالهيمنة الغربية. وقد امتدت تأثيرات هذا الحلف في شرق آسيا وفي افريقيا وفي جزء من الشرق الأوسط.

وبالتالي فالحديث عن شراكة اقتصادية سياسية شاملة بين روسيا والصين والدول المرتبطة بهما أصبح أكثر وضوحا مع التراجع الأوروبي وخاصة الفرنسي في المستعمرات التقليدية القديمة في إفريقيا. وكذلك فقد ساعدت الحرب على غزة وما تتكبده إسرائيل من هزائم على يدي حلفاء ايران في المنطقة وهي الحليف الأكبر لروسيا والصين عزز من حضور هذا الحلف الجديد في الشرق الأوسط وهو اليوم بصدد منافسة الأمريكان على هذا النفوذ التاريخي لهم .

لكن من المهم التأكيد على أن هذا الحلف الجديد وحلم هيمنته على الاقتصاد العالمي لايزال بعيدا ومقومات تحققه لم تتوفر بعد. فأكثر من 70 بالمائة من المبادلات التجارية العالمية لاتزال تتعامل بالدولار واليورو .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews