إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حصيلة الاحتجاجات في 2023 .. تراجع نسق المطلبية النقابية.. والتونسي عول على الحلول الفردية

 

تونس -الصباح

لم تشهد الساحات النسق السابق للتحركات النقابية، وعرفت السنة المنقضية 2023، حالة من الهدوء الحذر من قبل غالبية الجامعات العمالية للاتحاد العام التونسي للشغل. فلم يخض الاتحاد بمختلف تمثيلياته القطاعية مسار مفاوضات جديدة، رغم أن آخر الاتفاقات التي أمضاها للزيادات في الأجور كانت في سبتمبر 2022 مع حكومة نجلاء بودن.

 وحتى في خصوص المكاسب التي حققها وتعلقت بملفات عمالية ثقيلة ومعقدة على غرار وضعية الأساتذة والمعلمين النواب أو ملف عمال وعاملات الحضائر، اختار التريث والصمت أمام التلكؤ أو المماطلة والتنكر للتعهدات..

ولم يشفع غلاء المعيشة والتصاعد في نسب التضخم المسجلة على امتداد السنة الماضية، لعمال تونس وموظفيها في القطاع العام والخاص.. لتعرف السنة الإحصائيات الأضعف من ناحية التحركات والأقل في سقف مطلبية النقابات على امتداد العشر سنوات الماضية.

وتحصل موظفو القطاع العمومي على زيادات بنسبة 5% تم الانتفاع بالقسط الأول منها في افريل2023، فيما يصرف القسط الثاني في شهر جانفي2024 وبداية السنة القادمة يكون موعد صرف القسط الثالث. زيادات يفترض أن تكون مصحوبة بمسار مفاوضات اجتماعية جديدة تمكن عمال وموظفي تونس من زيادات دورية سنوية في أجورهم تساعدهم على مواجهة النسق المتسارع للمعيشة.

وتعرف العلاقة بين الاتحاد العام التونسي والشغل والسلطة، ما يمكن تسميته بقطيعة غير معلنة، فلم تسجل السنة لقاءات أو تواصل يذكر بين الجانبين رغم دعوة المنظمة الشغيلة إلى استئناف الحوار وبناء عقد اجتماعي جديد.

وبالتوازي مع تراجع الحركة العمالية، سجلت السنة ملاحقة قضائية لعدد بارز من القيادات النقابية.. ويفسر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، في تصريح له أن تراجع الحركة النقابية وعدم تقديم النقابات لمطالب جديدة من اجل زيادات في الرواتب أو تحسين في ظروف العمل، يعود "إلى إغلاق الحكومة لباب الحوار الاجتماعي"، على حد توصيفه .

وذكر أن اتفاق سابق بين الاتحاد والحكومة نص على عقد جلسات تقييمية سنوية للوضع الاجتماعي والاقتصادي يكون هدفها البحث عن الآليات الكفيلة بالتخفيف من وقع نسب التضخم وغلاء المعيشة المسجل. لم يتم الالتزام به وتنكرت له الحكومة السابقة والحالية.

وأشار الطاهري في نفس التصريح إلى أن الأزمة التي تعيش على وقعها البلاد تركت لدى جزء واسع من التونسيين شعورا بصعوبة تحقيق مطالبهم خاصة أن السنة لم تسجل تقدما يذكر في تنفيذ اتفاقات سابقة.

في المقابل يعتبر "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" في قراءة للتراجع المسجل في نسق المطلبية والتحركات الاجتماعية، أن

التراجع الكمي والكيفي للحركات الاحتجاجية الذي يصاحبه تحسّن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ليس استثناء تونسيا رغم سياقات الأزمة ويمكن ملاحظة ذلك في وضعيات مشابهة على غرار لبنان أو إيران أو العراق، وفق توصيفه ..

كما "يقول" المنتدى أن ضعف المشاركة السياسية وعجز النخب السياسية عن توسيع دوائر المنخرطين، كلها، عوامل تحفّز الحركات الاحتجاجية على الاندلاع وتساهم في انتشارها لكنها في السياق التونسي (بعد جويلية 2021) ساهمت في انحسارها.

ويعتبر أن السنتين قد شهدتا احتواء ناعما للفعل الاجتماعي، ويعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أن التونسيين اتجهوا إلى البحث عن حلولهم الفردية بعد تراجع دور الوسائط التقليدية من أحزاب ومنظمات ونقابات في إيجاد حلول لها.

ويرى بن عمر أن الحركات الاحتجاجية تستمد قوتها وجاذبيتها من عدالة مطالبها لكنها فقدت في تونس في السنوات الأخيرة قدرتها التعبئة نتيجة الإنهاك الذي طال الفاعلين والخوف من ردة فعل الدولة وأجهزتها التي حافظت على التعامل القمعي مع الحركات الاحتجاجية المنظمة، على غرار ما وقع في عقارب ثم في جرجيس. ومع صدور المرسوم 54 الذي أصبح سيفا مسلطا على الجميع وساهم في تكبيل الفاعلين الاجتماعيين في التعبير عن مطالبهم. فكيف لمواطن محروم من الماء أو من الخدمات الصحية أو غيرها من الحقوق أن يدعو للاحتجاج ضد الدولة ومسؤوليها وهو يتابع ما يفعله الفصل 24 من المرسوم 54 بالنخب السياسية والإعلامية والمدنية.

وللإشارة تغيب كل إحصائيات رسمية عن عدد التحركات التي خاضتها النقابات خلال السنة الماضية 2023، في نفس الوقت تشير الأرقام الصادرة عن المرصد الاجتماعي التونسي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن نسق التحركات الاجتماعية قد تقلص بنحو الـ 60% مقارنة بالسنة التي سبقتها وهي 2022.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

حصيلة الاحتجاجات في 2023 .. تراجع نسق المطلبية النقابية.. والتونسي عول على الحلول الفردية

 

تونس -الصباح

لم تشهد الساحات النسق السابق للتحركات النقابية، وعرفت السنة المنقضية 2023، حالة من الهدوء الحذر من قبل غالبية الجامعات العمالية للاتحاد العام التونسي للشغل. فلم يخض الاتحاد بمختلف تمثيلياته القطاعية مسار مفاوضات جديدة، رغم أن آخر الاتفاقات التي أمضاها للزيادات في الأجور كانت في سبتمبر 2022 مع حكومة نجلاء بودن.

 وحتى في خصوص المكاسب التي حققها وتعلقت بملفات عمالية ثقيلة ومعقدة على غرار وضعية الأساتذة والمعلمين النواب أو ملف عمال وعاملات الحضائر، اختار التريث والصمت أمام التلكؤ أو المماطلة والتنكر للتعهدات..

ولم يشفع غلاء المعيشة والتصاعد في نسب التضخم المسجلة على امتداد السنة الماضية، لعمال تونس وموظفيها في القطاع العام والخاص.. لتعرف السنة الإحصائيات الأضعف من ناحية التحركات والأقل في سقف مطلبية النقابات على امتداد العشر سنوات الماضية.

وتحصل موظفو القطاع العمومي على زيادات بنسبة 5% تم الانتفاع بالقسط الأول منها في افريل2023، فيما يصرف القسط الثاني في شهر جانفي2024 وبداية السنة القادمة يكون موعد صرف القسط الثالث. زيادات يفترض أن تكون مصحوبة بمسار مفاوضات اجتماعية جديدة تمكن عمال وموظفي تونس من زيادات دورية سنوية في أجورهم تساعدهم على مواجهة النسق المتسارع للمعيشة.

وتعرف العلاقة بين الاتحاد العام التونسي والشغل والسلطة، ما يمكن تسميته بقطيعة غير معلنة، فلم تسجل السنة لقاءات أو تواصل يذكر بين الجانبين رغم دعوة المنظمة الشغيلة إلى استئناف الحوار وبناء عقد اجتماعي جديد.

وبالتوازي مع تراجع الحركة العمالية، سجلت السنة ملاحقة قضائية لعدد بارز من القيادات النقابية.. ويفسر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، في تصريح له أن تراجع الحركة النقابية وعدم تقديم النقابات لمطالب جديدة من اجل زيادات في الرواتب أو تحسين في ظروف العمل، يعود "إلى إغلاق الحكومة لباب الحوار الاجتماعي"، على حد توصيفه .

وذكر أن اتفاق سابق بين الاتحاد والحكومة نص على عقد جلسات تقييمية سنوية للوضع الاجتماعي والاقتصادي يكون هدفها البحث عن الآليات الكفيلة بالتخفيف من وقع نسب التضخم وغلاء المعيشة المسجل. لم يتم الالتزام به وتنكرت له الحكومة السابقة والحالية.

وأشار الطاهري في نفس التصريح إلى أن الأزمة التي تعيش على وقعها البلاد تركت لدى جزء واسع من التونسيين شعورا بصعوبة تحقيق مطالبهم خاصة أن السنة لم تسجل تقدما يذكر في تنفيذ اتفاقات سابقة.

في المقابل يعتبر "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" في قراءة للتراجع المسجل في نسق المطلبية والتحركات الاجتماعية، أن

التراجع الكمي والكيفي للحركات الاحتجاجية الذي يصاحبه تحسّن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ليس استثناء تونسيا رغم سياقات الأزمة ويمكن ملاحظة ذلك في وضعيات مشابهة على غرار لبنان أو إيران أو العراق، وفق توصيفه ..

كما "يقول" المنتدى أن ضعف المشاركة السياسية وعجز النخب السياسية عن توسيع دوائر المنخرطين، كلها، عوامل تحفّز الحركات الاحتجاجية على الاندلاع وتساهم في انتشارها لكنها في السياق التونسي (بعد جويلية 2021) ساهمت في انحسارها.

ويعتبر أن السنتين قد شهدتا احتواء ناعما للفعل الاجتماعي، ويعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أن التونسيين اتجهوا إلى البحث عن حلولهم الفردية بعد تراجع دور الوسائط التقليدية من أحزاب ومنظمات ونقابات في إيجاد حلول لها.

ويرى بن عمر أن الحركات الاحتجاجية تستمد قوتها وجاذبيتها من عدالة مطالبها لكنها فقدت في تونس في السنوات الأخيرة قدرتها التعبئة نتيجة الإنهاك الذي طال الفاعلين والخوف من ردة فعل الدولة وأجهزتها التي حافظت على التعامل القمعي مع الحركات الاحتجاجية المنظمة، على غرار ما وقع في عقارب ثم في جرجيس. ومع صدور المرسوم 54 الذي أصبح سيفا مسلطا على الجميع وساهم في تكبيل الفاعلين الاجتماعيين في التعبير عن مطالبهم. فكيف لمواطن محروم من الماء أو من الخدمات الصحية أو غيرها من الحقوق أن يدعو للاحتجاج ضد الدولة ومسؤوليها وهو يتابع ما يفعله الفصل 24 من المرسوم 54 بالنخب السياسية والإعلامية والمدنية.

وللإشارة تغيب كل إحصائيات رسمية عن عدد التحركات التي خاضتها النقابات خلال السنة الماضية 2023، في نفس الوقت تشير الأرقام الصادرة عن المرصد الاجتماعي التونسي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن نسق التحركات الاجتماعية قد تقلص بنحو الـ 60% مقارنة بالسنة التي سبقتها وهي 2022.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews