إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح" .. سن التقاعد وذهنية الأزمة ..

 

هل للدولة إستراتيجية واضحة المعالم والأهداف للتعامل مع المتقاعدين في مختلف المجالات كثروة بشرية حقيقية تملك الخبرة والكفاءة وقادرة على الإضافة؟ الواضح لا، ونحن لا نبالغ في قول ذلك، فتلك هي الحقيقة التي تثبتها عدة مؤشرات.. حيث مازال البعض يتعامل معهم كعبء اجتماعي يُسبب ضغطا على الصناديق الاجتماعية التي تغرق في أزماتها سنة عن أخرى ..

وهذا السلوك إزاء المتقاعدين تعكسه ذهنية اجتماعية متكلسة ترى في التقاعد نهاية مرحلة العطاء المهني وحتى الإنساني، وبعده يتم التعامل مع المتقاعد وكأن وجوده زائد عن الحاجة، بينما نرى في مجتمعات أخرى وخاصة الغربية منها كيف يكون التقاعد بداية لحياة مهنية وحتى علمية جديدة !

فأن يرى مسؤول في منظومة الضمان الاجتماعي أن ارتفاع أمل الحياة في تونس يتسبب في طول صرف جرايات التقاعد في تبريره للضغط المالي الكبير الذي تعيشه الصناديق الاجتماعي، فإن ذلك دليل على قصور في التفكير وفي رسم السياسات الناجعة بالاستئناس بأفكار من خارج الصندوق لا تتعامل مع أي إشكال بسطحية واستسهال للحلول، فارتفاع أمل الحياة عند التونسيين يمكن أن يكون مؤشرا جيدا ويمكن استثماره بطريقة ايجابية إذا أوجدنا له إطارا يستغل خبرة بعض الكفاءات المتقاعدة والتي تستطيع النهوض بالدولة في عدة مجالات في إطار لجان تفكير استراتيجي مستقلة عن بيروقراطية الفعل الإداري المثقل بالإجراءات البدائية !

منذ سنوات وكل مسؤولي الحكومات المتعاقبة يتحدثون عن أزمة الصناديق الاجتماعية وعن عجزها المالي، ولا يجدون حلولا عملية لذلك بعيدا عن الحلول المستهلكة كالترفيع في سن التقاعد الذي مازال محل جدل في تونس وفي دول أخرى لأنه حل مفروض وبطريقة أحادية من الدولة دون رجوع للمعنيين بالأمر والنظر في حاجياتهم واستحقاقاتهم الفعلية ..

الترفيع في سن التقاعد أثبت أنه ليس الحل الأمثل في التعامل مع آلاف الكفاءات الإدارية والاستفادة منها حيث أن ذلك الجيش من الموظفين وخاصة أصحاب الخبرة والكفاءة والمهارات الاستثنائية والاختصاصات المميزة يمكن الاستفادة منه، من خلال إيجاد إطار مهني وتشريعي يجعل الدولة قادرة على توظيف خبرتهم الطويلة في النهوض بقطاعات حيوية تحتاج للكثير من المهارة والكفاءة والخبرة.. فهؤلاء المتقاعدون بعضهم يعتبر اليوم ثروة مهدورة خاصة وان الكثير من بينهم متحمسون لمواصلة مشوارهم المهني ولو في إطار مختلف عن الإطار الذي اعتادوا العمل فيه ..

ولكن هذا الحماس لا يجد التأطير المهني اللازم والناجع، وحتى الجمعيات القطاعية المهتمة بالمتقاعدين، لم يرتق عملها بعد الى مستوى توظيف خبرات وكفاءة هذه الفئة بما يستجيب لحاجة المجتمع وانتظاراته ..

وإزاء هذا الوضع وبالنظر الى النقص الحاد في الكفاءات في بعض القطاعات، على الدولة والأجهزة المعنية أن تبادر الى التوظيف الأمثل لتلك الكفاءات التي حال التقاعد دون مواصلتها لمهامها في الدولة بما يخدم مصلحة المجتمع ، فمن المؤسف ان تهدر الخبرة والكفاءة بمجرد بلوغ سن التقاعد في بلد يعيش عملية إفراغ ممنهج لكفاءاته من خلال هجرة الأدمغة !

منية العرفاوي

 

هل للدولة إستراتيجية واضحة المعالم والأهداف للتعامل مع المتقاعدين في مختلف المجالات كثروة بشرية حقيقية تملك الخبرة والكفاءة وقادرة على الإضافة؟ الواضح لا، ونحن لا نبالغ في قول ذلك، فتلك هي الحقيقة التي تثبتها عدة مؤشرات.. حيث مازال البعض يتعامل معهم كعبء اجتماعي يُسبب ضغطا على الصناديق الاجتماعية التي تغرق في أزماتها سنة عن أخرى ..

وهذا السلوك إزاء المتقاعدين تعكسه ذهنية اجتماعية متكلسة ترى في التقاعد نهاية مرحلة العطاء المهني وحتى الإنساني، وبعده يتم التعامل مع المتقاعد وكأن وجوده زائد عن الحاجة، بينما نرى في مجتمعات أخرى وخاصة الغربية منها كيف يكون التقاعد بداية لحياة مهنية وحتى علمية جديدة !

فأن يرى مسؤول في منظومة الضمان الاجتماعي أن ارتفاع أمل الحياة في تونس يتسبب في طول صرف جرايات التقاعد في تبريره للضغط المالي الكبير الذي تعيشه الصناديق الاجتماعي، فإن ذلك دليل على قصور في التفكير وفي رسم السياسات الناجعة بالاستئناس بأفكار من خارج الصندوق لا تتعامل مع أي إشكال بسطحية واستسهال للحلول، فارتفاع أمل الحياة عند التونسيين يمكن أن يكون مؤشرا جيدا ويمكن استثماره بطريقة ايجابية إذا أوجدنا له إطارا يستغل خبرة بعض الكفاءات المتقاعدة والتي تستطيع النهوض بالدولة في عدة مجالات في إطار لجان تفكير استراتيجي مستقلة عن بيروقراطية الفعل الإداري المثقل بالإجراءات البدائية !

منذ سنوات وكل مسؤولي الحكومات المتعاقبة يتحدثون عن أزمة الصناديق الاجتماعية وعن عجزها المالي، ولا يجدون حلولا عملية لذلك بعيدا عن الحلول المستهلكة كالترفيع في سن التقاعد الذي مازال محل جدل في تونس وفي دول أخرى لأنه حل مفروض وبطريقة أحادية من الدولة دون رجوع للمعنيين بالأمر والنظر في حاجياتهم واستحقاقاتهم الفعلية ..

الترفيع في سن التقاعد أثبت أنه ليس الحل الأمثل في التعامل مع آلاف الكفاءات الإدارية والاستفادة منها حيث أن ذلك الجيش من الموظفين وخاصة أصحاب الخبرة والكفاءة والمهارات الاستثنائية والاختصاصات المميزة يمكن الاستفادة منه، من خلال إيجاد إطار مهني وتشريعي يجعل الدولة قادرة على توظيف خبرتهم الطويلة في النهوض بقطاعات حيوية تحتاج للكثير من المهارة والكفاءة والخبرة.. فهؤلاء المتقاعدون بعضهم يعتبر اليوم ثروة مهدورة خاصة وان الكثير من بينهم متحمسون لمواصلة مشوارهم المهني ولو في إطار مختلف عن الإطار الذي اعتادوا العمل فيه ..

ولكن هذا الحماس لا يجد التأطير المهني اللازم والناجع، وحتى الجمعيات القطاعية المهتمة بالمتقاعدين، لم يرتق عملها بعد الى مستوى توظيف خبرات وكفاءة هذه الفئة بما يستجيب لحاجة المجتمع وانتظاراته ..

وإزاء هذا الوضع وبالنظر الى النقص الحاد في الكفاءات في بعض القطاعات، على الدولة والأجهزة المعنية أن تبادر الى التوظيف الأمثل لتلك الكفاءات التي حال التقاعد دون مواصلتها لمهامها في الدولة بما يخدم مصلحة المجتمع ، فمن المؤسف ان تهدر الخبرة والكفاءة بمجرد بلوغ سن التقاعد في بلد يعيش عملية إفراغ ممنهج لكفاءاته من خلال هجرة الأدمغة !

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews