إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

استعملوا القوة لإخراج المعتصمين بـ"العلوم السياسية" بباريس.. فهل يمكنهم نزع فكرة الانتصار لفلسـ.طين ؟

 

صحوة الشعوب في الغرب لم تحدث بفضل بكائيات العرب وخطاباتهم البائسة..

الشعوب الغربية وحدها في الواجهة اليوم في ظل الصمت الرهيب للشارع العربي

تونس- الصباح

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن إدارة معهد الدراسات السياسية بباريس ("Sciences Po " اسم الشهرة)  استدعت القوة العامة لفك اعتصام مجموعة من الطلبة المناصرين للقضية الفلسطينية في الليلة الفاصلة بين يومي الأربعاء والخميس، وانه تم فعلا وفق نفس المصدر فك الاعتصام الذي بررته الإدارة بأنه "خلق توترا  للطلبة والأساتذة والموظفين".

لكن لنفترض أن إدارة معهد الدراسات السياسية وهو معهد مرموق بالجامعة الفرنسية ويقصده عادة المتفوقون في الدراسة قد تمكنت من فك الاعتصام باستعمال القوة، فهل تكون بذلك قد نزعت فكرة نصرة القضية الفلسطينية من عقول طلبة المعهد مثلا؟

ما هو واضح هو أن الأمر قد أصبح خارجا عن السيطرة وأن عقول الشباب في الغرب قد استوعبت الحقيقة وهي أن أنظمة بلدانهم لم تكن أبدا عادلة في تعاملها مع القضية الفلسطينية وأنها كانت في صف الكيان الصهيوني المحتل تبرر جرائمه وتتبنى دعايته المظللة. وما التحركات التي تشهدها المركبات الجامعية في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها تنديدا بالعدوان على غزة إلا دليلا على ذلك.

ولنا أن نعترف بأن تحركات الطلبة في الغرب والحركات الاحتجاجية التي تشهدها عواصم جل البلدان العربية ومدنها الكبرى ضد استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر بدعم من الولايات المتحدة، متسببا في خسائر بشرية ومادية هائلة، قد أعاد إلينا شيئا من الأمل.

بعد مرور اللحظة القاسية

فقد لاح في وقت ما أن القضية محسومة وأن الكيان الصهيوني قد أجهز على القضية الفلسطينية بعد أن أوهم العالم أنه يدافع عن نفسه ضد المقاومة الفلسطينية التي نفذت عملية مشهودة بتاريخ 7 أكتوبر داخل الأراضي المحتلة أسفرت عن عدد من القتلى في صفوف الصهاينة  واتخاذ عدد من الأسرى.

وانتظرنا مرور تلك اللحظة القاسية التي رأينا فيها زعماء العالم الغربي "يحجون" الى عاصمة الكيان الصهيوني يعربون عن المساندة المطلقة ويعطون حكومة الكيان الضوء الأخضر لممارسة عربدتها ويتملقون لرئيس حكومة الدولة العبرية الذي كان يحاول التظاهر بأنه حزين ومقهور أمام عدسات الكاميرا- دون أن يكون مقنعا طبعا- متناسين أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت أفظع أنواع الاستعمار منذ أكثر من 75 سنة.

كم كانت تلك اللحظة قاسية والعدو الصهيوني يتظاهر بالبراءة ويحاول أن يقنع العالم بأنه "ضحية" وهو المدجج بأحدث الأسلحة التي تصب عليه صبّا من البلدان الصديقة لكن ما أن مرت اللحظة، حتى بدأت تنقشع السحب وتنكشف الحقائق.

ولم تتحرك الشعوب الغربية عموما والشباب والطلبة بالخصوص تحت تأثير بكائيات العرب والخطب السياسية غير المقنعة لبعض الأنظمة العربية التي تدعي رعاية مطالب الفلسطينيين في التحرر وبناء دولتهم المستقلة على أرضهم وعاصمتها القدس، إنما تحركوا بعد أن اكتشفوا بأنفسهم أن الكيان الصهيوني المتباكي على حظه العاثر والذي يتظلم من أفعال حركة المقاومة الفلسطينية، حماس، منفذة عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر) هو في الحقيقة آلة للقتل والذبح والتنكيل.

لقد تيقنوا بان الحكومة الصهيونية بعد أن حشرت أكثر من مليوني شخص في مساحة صغيرة وظلت لسنوات تقتر عليهم تقتيرا في الماء والغذاء والكهرباء والدواء، اندفعت لتصفية الشعب الفلسطيني الأعزل، نساء وأطفالا وشيبا وشبابا. إسرائيل التي تهدم البيوت على رؤوس أصحابها والتي تستعمل سلاح التجويع ضد شعب محاصر أصلا منها هي التي كشفت بنفسها عن وجهها الحقيقي.

إسرائيل التي تقتحم المستشفيات وتقتل الأطباء وتمنع علاج الجرحى وتقطع الأوكسيجين على الخدج وتحول الفلسطينيين الى دروع بشرية وترتكب مجازر لا تعد ولا تحصى. إسرائيل التي خضبت ارض غزة بالدم حتى نكاد نشتم رائحة الدماء من التلفزيون من كثرة مشاهد القتل والسحل هي التي فتحت عقول شباب أوروبا وأمريكا وطلبة الجامعات الذين لم ينقطعوا يوما عن المطالبة بوقف العدوان على غزة.

 

إسرائيل رغم إرادتها هي التي رفعت الغشاوة

إسرائيل المتغطرسة هي وراء نصب الخيام اليوم في ابرز الجامعات الغربية احتجاجا على الظلم. إسرائيل رغم إرادتها هي وراء انقشاع السحب وهي التي ستنهي أسطورتها المبنية على أمرين اثنين:

أولا، القوة. فقد ظلت تتبجح بانتصاراتها على الجيوش العربية مجتمعين ( النكبة والنكسة). وقد رأينا كيف أن أسطورة الجيش الذي لا يقهر قد سقطت بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ولم تتمكن إسرائيل من تحرير أسراها لدى المقاومة رغم مرور أشهر على عدوانها على غزة الذي سقط فيه آلاف الشهداء والجرحى. فقد تمكنت المقاومة بإمكانياتها القليلة – من حيث السلاح- من كسر شوكة العدو المتغطرس.

ثانيا، المظلومية. فإسرائيل نجحت في تدجين العقول بدعم من الأنظمة الغربية التي جعلت الفلسطينيين يتحملون مسؤولية  ما حدث في الحرب العالمية الثانية في ألمانيا وتركت العنان للكيان العبري للاستيلاء على دولة كانت ذات كيان وتطويع شعب عريق وسرقة أرضه وأحلامه متعللة بوهم "الأرض الموعودة".

كل ذلك لم يحصل بفضل جهود العرب الذين اثبتوا أنهم أول المتخاذلين ولا نستثني الشعوب العربية التي ولئن كانت تحمل دائما القضية الفلسطينية داخل وجدانها فإنه ما أسهل أن تستسلم للأمر الواقع وللأوامر. وإنما حصل بفضل صحوة الشعوب الغربية التي استيقظت أخيرا من غفوتها بعد أن شاهدت بأم العين الظلم. ولنعترف بان الفضل في ذلك يعود الى نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين كسروا حصار الإعلام الغربي الكلاسيكي الذي مازال الى اليوم يكيل بمكيالين ويغطي على الحقائق ويتبنى الدعاية الصهيونية، وأوصلوا الصورة كما هي الى العالم. نعترف أيضا بجهود الصحفيين الفلسطينيين وعدد كبير منهم قتلوا وهم يؤدون واجبهم المهني أمام الصمت المريب للهياكل التمثيلية الدولية.

واليوم يمكن القول ونحن نشاهد انضمام أساتذة مرموقين الى الطلبة المعتصمين في جامعات أمريكية وأوروبية نصرة للقضية الفلسطينية، انه رغم كل الخسارات ورغم العدد المهول من الشهداء في غزة وفي مناطق أخرى من فلسطين، ذلك أن يد العدو الصهيوني لا تكف عن الأذى في الضفة الغربية وفي كل شبر من ارض فلسطين الأبية، ورغم الكم الهائل من الجرحى ورغم الحجم الكبير للدمار ورغم كل الوجع الذي تسبب فيه العدوان المستمر على غزة منذ أشهر، فان أنصار القضية سيتزايدون مع الأيام. فالمسألة ليست متعلقة بحالة نفسية عابرة ولا بتعاطف وليد اللحظة وإنما المسألة متعلقة بفكرة راسخة وهي أنه آن الأوان لتحرير فلسطين ومن ورائها تحرير العالم من المساومات الصهيونية. وما رسخ في الأذهان لا يمكن أن تنتزعه أي قوة. لأجل ذلك نقول قد تكون القوة العامة التي استدعتها إدارة"Sciences Po "  قد استطاعت قلع الخيام وفك الحصار لكن هل أن إدارة المعهد على ثقة بأنها نجحت بذلك في نزع فكرة نصرة فلسطين من العقول؟؟؟

حياة السايب

استعملوا القوة لإخراج المعتصمين بـ"العلوم السياسية" بباريس..   فهل يمكنهم نزع فكرة الانتصار لفلسـ.طين ؟

 

صحوة الشعوب في الغرب لم تحدث بفضل بكائيات العرب وخطاباتهم البائسة..

الشعوب الغربية وحدها في الواجهة اليوم في ظل الصمت الرهيب للشارع العربي

تونس- الصباح

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن إدارة معهد الدراسات السياسية بباريس ("Sciences Po " اسم الشهرة)  استدعت القوة العامة لفك اعتصام مجموعة من الطلبة المناصرين للقضية الفلسطينية في الليلة الفاصلة بين يومي الأربعاء والخميس، وانه تم فعلا وفق نفس المصدر فك الاعتصام الذي بررته الإدارة بأنه "خلق توترا  للطلبة والأساتذة والموظفين".

لكن لنفترض أن إدارة معهد الدراسات السياسية وهو معهد مرموق بالجامعة الفرنسية ويقصده عادة المتفوقون في الدراسة قد تمكنت من فك الاعتصام باستعمال القوة، فهل تكون بذلك قد نزعت فكرة نصرة القضية الفلسطينية من عقول طلبة المعهد مثلا؟

ما هو واضح هو أن الأمر قد أصبح خارجا عن السيطرة وأن عقول الشباب في الغرب قد استوعبت الحقيقة وهي أن أنظمة بلدانهم لم تكن أبدا عادلة في تعاملها مع القضية الفلسطينية وأنها كانت في صف الكيان الصهيوني المحتل تبرر جرائمه وتتبنى دعايته المظللة. وما التحركات التي تشهدها المركبات الجامعية في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها تنديدا بالعدوان على غزة إلا دليلا على ذلك.

ولنا أن نعترف بأن تحركات الطلبة في الغرب والحركات الاحتجاجية التي تشهدها عواصم جل البلدان العربية ومدنها الكبرى ضد استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر بدعم من الولايات المتحدة، متسببا في خسائر بشرية ومادية هائلة، قد أعاد إلينا شيئا من الأمل.

بعد مرور اللحظة القاسية

فقد لاح في وقت ما أن القضية محسومة وأن الكيان الصهيوني قد أجهز على القضية الفلسطينية بعد أن أوهم العالم أنه يدافع عن نفسه ضد المقاومة الفلسطينية التي نفذت عملية مشهودة بتاريخ 7 أكتوبر داخل الأراضي المحتلة أسفرت عن عدد من القتلى في صفوف الصهاينة  واتخاذ عدد من الأسرى.

وانتظرنا مرور تلك اللحظة القاسية التي رأينا فيها زعماء العالم الغربي "يحجون" الى عاصمة الكيان الصهيوني يعربون عن المساندة المطلقة ويعطون حكومة الكيان الضوء الأخضر لممارسة عربدتها ويتملقون لرئيس حكومة الدولة العبرية الذي كان يحاول التظاهر بأنه حزين ومقهور أمام عدسات الكاميرا- دون أن يكون مقنعا طبعا- متناسين أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت أفظع أنواع الاستعمار منذ أكثر من 75 سنة.

كم كانت تلك اللحظة قاسية والعدو الصهيوني يتظاهر بالبراءة ويحاول أن يقنع العالم بأنه "ضحية" وهو المدجج بأحدث الأسلحة التي تصب عليه صبّا من البلدان الصديقة لكن ما أن مرت اللحظة، حتى بدأت تنقشع السحب وتنكشف الحقائق.

ولم تتحرك الشعوب الغربية عموما والشباب والطلبة بالخصوص تحت تأثير بكائيات العرب والخطب السياسية غير المقنعة لبعض الأنظمة العربية التي تدعي رعاية مطالب الفلسطينيين في التحرر وبناء دولتهم المستقلة على أرضهم وعاصمتها القدس، إنما تحركوا بعد أن اكتشفوا بأنفسهم أن الكيان الصهيوني المتباكي على حظه العاثر والذي يتظلم من أفعال حركة المقاومة الفلسطينية، حماس، منفذة عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر) هو في الحقيقة آلة للقتل والذبح والتنكيل.

لقد تيقنوا بان الحكومة الصهيونية بعد أن حشرت أكثر من مليوني شخص في مساحة صغيرة وظلت لسنوات تقتر عليهم تقتيرا في الماء والغذاء والكهرباء والدواء، اندفعت لتصفية الشعب الفلسطيني الأعزل، نساء وأطفالا وشيبا وشبابا. إسرائيل التي تهدم البيوت على رؤوس أصحابها والتي تستعمل سلاح التجويع ضد شعب محاصر أصلا منها هي التي كشفت بنفسها عن وجهها الحقيقي.

إسرائيل التي تقتحم المستشفيات وتقتل الأطباء وتمنع علاج الجرحى وتقطع الأوكسيجين على الخدج وتحول الفلسطينيين الى دروع بشرية وترتكب مجازر لا تعد ولا تحصى. إسرائيل التي خضبت ارض غزة بالدم حتى نكاد نشتم رائحة الدماء من التلفزيون من كثرة مشاهد القتل والسحل هي التي فتحت عقول شباب أوروبا وأمريكا وطلبة الجامعات الذين لم ينقطعوا يوما عن المطالبة بوقف العدوان على غزة.

 

إسرائيل رغم إرادتها هي التي رفعت الغشاوة

إسرائيل المتغطرسة هي وراء نصب الخيام اليوم في ابرز الجامعات الغربية احتجاجا على الظلم. إسرائيل رغم إرادتها هي وراء انقشاع السحب وهي التي ستنهي أسطورتها المبنية على أمرين اثنين:

أولا، القوة. فقد ظلت تتبجح بانتصاراتها على الجيوش العربية مجتمعين ( النكبة والنكسة). وقد رأينا كيف أن أسطورة الجيش الذي لا يقهر قد سقطت بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ولم تتمكن إسرائيل من تحرير أسراها لدى المقاومة رغم مرور أشهر على عدوانها على غزة الذي سقط فيه آلاف الشهداء والجرحى. فقد تمكنت المقاومة بإمكانياتها القليلة – من حيث السلاح- من كسر شوكة العدو المتغطرس.

ثانيا، المظلومية. فإسرائيل نجحت في تدجين العقول بدعم من الأنظمة الغربية التي جعلت الفلسطينيين يتحملون مسؤولية  ما حدث في الحرب العالمية الثانية في ألمانيا وتركت العنان للكيان العبري للاستيلاء على دولة كانت ذات كيان وتطويع شعب عريق وسرقة أرضه وأحلامه متعللة بوهم "الأرض الموعودة".

كل ذلك لم يحصل بفضل جهود العرب الذين اثبتوا أنهم أول المتخاذلين ولا نستثني الشعوب العربية التي ولئن كانت تحمل دائما القضية الفلسطينية داخل وجدانها فإنه ما أسهل أن تستسلم للأمر الواقع وللأوامر. وإنما حصل بفضل صحوة الشعوب الغربية التي استيقظت أخيرا من غفوتها بعد أن شاهدت بأم العين الظلم. ولنعترف بان الفضل في ذلك يعود الى نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين كسروا حصار الإعلام الغربي الكلاسيكي الذي مازال الى اليوم يكيل بمكيالين ويغطي على الحقائق ويتبنى الدعاية الصهيونية، وأوصلوا الصورة كما هي الى العالم. نعترف أيضا بجهود الصحفيين الفلسطينيين وعدد كبير منهم قتلوا وهم يؤدون واجبهم المهني أمام الصمت المريب للهياكل التمثيلية الدولية.

واليوم يمكن القول ونحن نشاهد انضمام أساتذة مرموقين الى الطلبة المعتصمين في جامعات أمريكية وأوروبية نصرة للقضية الفلسطينية، انه رغم كل الخسارات ورغم العدد المهول من الشهداء في غزة وفي مناطق أخرى من فلسطين، ذلك أن يد العدو الصهيوني لا تكف عن الأذى في الضفة الغربية وفي كل شبر من ارض فلسطين الأبية، ورغم الكم الهائل من الجرحى ورغم الحجم الكبير للدمار ورغم كل الوجع الذي تسبب فيه العدوان المستمر على غزة منذ أشهر، فان أنصار القضية سيتزايدون مع الأيام. فالمسألة ليست متعلقة بحالة نفسية عابرة ولا بتعاطف وليد اللحظة وإنما المسألة متعلقة بفكرة راسخة وهي أنه آن الأوان لتحرير فلسطين ومن ورائها تحرير العالم من المساومات الصهيونية. وما رسخ في الأذهان لا يمكن أن تنتزعه أي قوة. لأجل ذلك نقول قد تكون القوة العامة التي استدعتها إدارة"Sciences Po "  قد استطاعت قلع الخيام وفك الحصار لكن هل أن إدارة المعهد على ثقة بأنها نجحت بذلك في نزع فكرة نصرة فلسطين من العقول؟؟؟

حياة السايب

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews