بات توافد المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء على تونس يُعدّ بالآلاف، على أمل أن يعبروا البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الأوروبية وأصبحت كل من منطقتي العامرة وجبنيانة الوجهة الأولى والرئيسية لهؤلاء، خاصة بعد أن قامت السلطات التونسية السنة الماضية بترحيل المهاجرين غير الشرعيين من وسط مدينة صفاقس بعد اندلاع اشتباكات مع الأهالي لينصبوا خياما وقتية وسط غابات الزيتون.
إيمان عبد اللطيف
يتأكّد، يوما بعد يوم، أن الضغط الأوروبي على الدولة التونسية، لمجابهة ظاهرة الهجرة غير النظامية ومكافحتها والحدّ من توافدهم نحو السواحل الإيطالية ومنها نحو دول أوروبا، سيُؤدي إلى تطبيق المقاربة الأمنية فقط، في معالجة هذه الأزمة التي أصبحت تؤرق بدرجة أولى أهالي تلك المناطق المتضررة.
فأول أمس الثلاثاء 23 أفريل 2024، شهدت كلّ من معتمدية العامرة وجبنيانة حملة أمنية كبرى نفذتها مختلف أسلاك الأمن والحرس الوطنيين حيث تمت إزالة خيام المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء.
وتأتي هذه العملية على إثر التحركات الأخيرة بكل من المعتمديتين احتجاجا على توافدهم الكبير، وبسبب أيضا اعتداء عدد منهم يوم الاثنين 22 من نفس الشهر على مواطن وسرقة أمواله وفق ما نقلته إذاعة "ديوان أف أم".
على إثر هذه التوترات، أصدر المكتب المحلي لاتحاد الشغل بجبنيانة في الآونة الأخيرة بيانا يُندد من خلاله بتدهور الوضع الاجتماعي وترديه منذ أشهر عديدة وما نتج عنه "من تبعات خطيرة في مختلف المجالات الصحية والبيئية والاجتماعية".
وأكد المكتب المحلي على أنّه "تابع هذا الملف وما يزال منذ خريف 2023 صحبة مكونات المجتمع المدني وعموم الأهالي في المعتمديتين وشارك في تحركات احتجاجية سلمية متنوعة وطرح الموضوع في جلسات مع السلطات المحلية والجهوية والتي كانت مخرجاتها تشير إلى قرب إيجاد حلول جذرية لهذا الملف الشائك".
وأضاف "غير أن الأشهر تمر دون ملاحظة تقدم كبير بل تشير المعطيات والأحداث التي جدت خلال الأيام الأخيرة في العامرة وجبنيانة إلى تفاقم الأمر والوصول إلى مرحلة العنف والاعتداء على الأشخاص والممتلكات الخاصة".
في ذات السياق أوضح البيان أنّ "رفض الأهالي في العامرة وجبنيانة للتواجد المكثف للأفارقة لا علاقة له بأي نظرة عنصرية، بل وعلى عكس ذلك، يشهد جميع المتابعين على الطابع الإنساني المميز لتعامل الأهالي مع الوافدين" كما عبّر عن "رفضه المبدئي لأي ممارسة للعنف مهما كان مأتاه" وتأكيده على أنّ "المقاربة الأمنية غير كافية وحدها للخروج من هذه الأزمة".
وفي ذات السياق طالب المكتب المحلي لاتحاد الشغل بجبنيانة "السلطات المعنية بإيجاد حلول جذرية تضمن كرامة الوافدين الأفارقة من ناحية والحق الطبيعي في الحياة الآمنة لعموم الأهالي من ناحية ثانية".
ودعا "أطياف المجتمع المدني وعموم الأهالي إلى التحلي باليقظة وعدم الانجرار وراء كل ما من شأنه أن يؤجج الأوضاع" إلى جانب التعبير عن "حق الأهالي في الاحتجاج السلمي للمطالبة بحل جذري لهذه القضية، وذلك بكل الأشكال النضالية المشروعة بما فيها الإضراب العام في صورة التمادي في المماطلة والتسويف".
كل ما حدث وما قد يحدث في أزمة توافد المهاجرين غير النظاميين من دول الجنوب إلى تونس هو مسألة منتظرة ومتوقعة وقد ننجر إلى أكثر من ذلك إذا ما تأججت الأوضاع أكثر فأكثر والاكتفاء بالمقاربة الأمنية في مواجهة هذه الوضعية.
فلا تُعد أحداث يوم الثلاثاء، الحادثة الأولى التي تحصل بجهة صفاقس أو بغيرها من الجهات والمدن التونسية، ولكن مع كل حادثة تعاد إثارة هذا الملف وتحميل السلط التونسية المسؤولية للسياسة التي تنتهجها في معالجة هذه القضية.
فالعديد من مكونات المجتمع المدني أكدت في أكثر من مناسبة أنّ الواضح من الأحداث التي وقعت بصفاقس هي جزء من المعالجة الأمنية لواقع فرضته السلطات التونسية على المهاجرين غير النظاميين منذ فيفري 2023 .
ونادت بضرورة أن تكون هناك استجابة أكثر إنسانية للوضع الحالي الذي خلقته الدولة التونسية بلجوئها إلى تطبيق قوانين قديمة من خلال منع السكن والتنقل والعمل وغيره والتوجه نحو إتاحة فرص للمهاجرين العالقين في تونس للإقامة في ظروف تحفظ الكرامة. كما دعت في ذات السياق المنظمات الأممية إلى تحمل مسؤولياتها وتعبئة كل الإمكانيات المادية واللوجستية خاصة للتكفل باللاجئين وطالبي اللجوء على غرار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.
فلا يمكن اليوم لتونس أن تتحمل تبعات السياسات الأوروبية للهجرة لوحدها، فالمسألة سياسية ومرتبطة أساسا بتحميل الاتحاد الأوروبي مسؤوليته بأن يجد مسارات آمنة لخروج المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء العالقين في تونس.
تونس – الصباح
بات توافد المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء على تونس يُعدّ بالآلاف، على أمل أن يعبروا البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الأوروبية وأصبحت كل من منطقتي العامرة وجبنيانة الوجهة الأولى والرئيسية لهؤلاء، خاصة بعد أن قامت السلطات التونسية السنة الماضية بترحيل المهاجرين غير الشرعيين من وسط مدينة صفاقس بعد اندلاع اشتباكات مع الأهالي لينصبوا خياما وقتية وسط غابات الزيتون.
إيمان عبد اللطيف
يتأكّد، يوما بعد يوم، أن الضغط الأوروبي على الدولة التونسية، لمجابهة ظاهرة الهجرة غير النظامية ومكافحتها والحدّ من توافدهم نحو السواحل الإيطالية ومنها نحو دول أوروبا، سيُؤدي إلى تطبيق المقاربة الأمنية فقط، في معالجة هذه الأزمة التي أصبحت تؤرق بدرجة أولى أهالي تلك المناطق المتضررة.
فأول أمس الثلاثاء 23 أفريل 2024، شهدت كلّ من معتمدية العامرة وجبنيانة حملة أمنية كبرى نفذتها مختلف أسلاك الأمن والحرس الوطنيين حيث تمت إزالة خيام المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء.
وتأتي هذه العملية على إثر التحركات الأخيرة بكل من المعتمديتين احتجاجا على توافدهم الكبير، وبسبب أيضا اعتداء عدد منهم يوم الاثنين 22 من نفس الشهر على مواطن وسرقة أمواله وفق ما نقلته إذاعة "ديوان أف أم".
على إثر هذه التوترات، أصدر المكتب المحلي لاتحاد الشغل بجبنيانة في الآونة الأخيرة بيانا يُندد من خلاله بتدهور الوضع الاجتماعي وترديه منذ أشهر عديدة وما نتج عنه "من تبعات خطيرة في مختلف المجالات الصحية والبيئية والاجتماعية".
وأكد المكتب المحلي على أنّه "تابع هذا الملف وما يزال منذ خريف 2023 صحبة مكونات المجتمع المدني وعموم الأهالي في المعتمديتين وشارك في تحركات احتجاجية سلمية متنوعة وطرح الموضوع في جلسات مع السلطات المحلية والجهوية والتي كانت مخرجاتها تشير إلى قرب إيجاد حلول جذرية لهذا الملف الشائك".
وأضاف "غير أن الأشهر تمر دون ملاحظة تقدم كبير بل تشير المعطيات والأحداث التي جدت خلال الأيام الأخيرة في العامرة وجبنيانة إلى تفاقم الأمر والوصول إلى مرحلة العنف والاعتداء على الأشخاص والممتلكات الخاصة".
في ذات السياق أوضح البيان أنّ "رفض الأهالي في العامرة وجبنيانة للتواجد المكثف للأفارقة لا علاقة له بأي نظرة عنصرية، بل وعلى عكس ذلك، يشهد جميع المتابعين على الطابع الإنساني المميز لتعامل الأهالي مع الوافدين" كما عبّر عن "رفضه المبدئي لأي ممارسة للعنف مهما كان مأتاه" وتأكيده على أنّ "المقاربة الأمنية غير كافية وحدها للخروج من هذه الأزمة".
وفي ذات السياق طالب المكتب المحلي لاتحاد الشغل بجبنيانة "السلطات المعنية بإيجاد حلول جذرية تضمن كرامة الوافدين الأفارقة من ناحية والحق الطبيعي في الحياة الآمنة لعموم الأهالي من ناحية ثانية".
ودعا "أطياف المجتمع المدني وعموم الأهالي إلى التحلي باليقظة وعدم الانجرار وراء كل ما من شأنه أن يؤجج الأوضاع" إلى جانب التعبير عن "حق الأهالي في الاحتجاج السلمي للمطالبة بحل جذري لهذه القضية، وذلك بكل الأشكال النضالية المشروعة بما فيها الإضراب العام في صورة التمادي في المماطلة والتسويف".
كل ما حدث وما قد يحدث في أزمة توافد المهاجرين غير النظاميين من دول الجنوب إلى تونس هو مسألة منتظرة ومتوقعة وقد ننجر إلى أكثر من ذلك إذا ما تأججت الأوضاع أكثر فأكثر والاكتفاء بالمقاربة الأمنية في مواجهة هذه الوضعية.
فلا تُعد أحداث يوم الثلاثاء، الحادثة الأولى التي تحصل بجهة صفاقس أو بغيرها من الجهات والمدن التونسية، ولكن مع كل حادثة تعاد إثارة هذا الملف وتحميل السلط التونسية المسؤولية للسياسة التي تنتهجها في معالجة هذه القضية.
فالعديد من مكونات المجتمع المدني أكدت في أكثر من مناسبة أنّ الواضح من الأحداث التي وقعت بصفاقس هي جزء من المعالجة الأمنية لواقع فرضته السلطات التونسية على المهاجرين غير النظاميين منذ فيفري 2023 .
ونادت بضرورة أن تكون هناك استجابة أكثر إنسانية للوضع الحالي الذي خلقته الدولة التونسية بلجوئها إلى تطبيق قوانين قديمة من خلال منع السكن والتنقل والعمل وغيره والتوجه نحو إتاحة فرص للمهاجرين العالقين في تونس للإقامة في ظروف تحفظ الكرامة. كما دعت في ذات السياق المنظمات الأممية إلى تحمل مسؤولياتها وتعبئة كل الإمكانيات المادية واللوجستية خاصة للتكفل باللاجئين وطالبي اللجوء على غرار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.
فلا يمكن اليوم لتونس أن تتحمل تبعات السياسات الأوروبية للهجرة لوحدها، فالمسألة سياسية ومرتبطة أساسا بتحميل الاتحاد الأوروبي مسؤوليته بأن يجد مسارات آمنة لخروج المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء العالقين في تونس.