بات لزاما على الدولة التونسية أن تقوم بالمراجعات الضرورية للتظاهرات التي تنظمهما في مختلف المجالات الرياضية والاقتصادية والثقافية وغيرها. فهي تنفق أموالا ضخمة من أجل هذه التظاهرات التي أغلبها تكون فاشلة والسبب دائما سوء التنظيم. وما لم تقتنع بلادنا بأن تنظيم التظاهرات اليوم يرتقي الى مستوى العلم الصحيح، فإنها ستظل بعيدة دائما عن تحقيق أهدافها وستظل المجموعة الوطنية تنفق أموالها في تظاهرات لا فائدة ترجى منها.
ولعلنا نذكر بأن أول شروط النجاح في تنظيم التظاهرات هو التعويل على فريق تتوفر فيه الأهلية الكاملة ويكون خاصة يتحلى بالبراغماتية وبالقدرة على التصرف بنجاعة وبسرعة.. هل هذا متوفر في تونس؟
ما هو ملاحظ هو أن جل تظاهراتنا تدار بطريقة كلاسيكية بحتة وتغلب عليها الفوضى وسوء التنظيم ويختلط فيها الحابل بالنابل. كل شيء يبقى رهن الصدفة والمجاملات وأحيانا الترضيات، إلا ما ندر طبعا. والمثير في الأمر أن تونس تملك تقاليد كبرى في تنظيم المحافل الرياضية والفنية والثقافية ولديها تجارب في احتضان الملتقيات العلمية والمنتديات الاقتصادية، لكنها ما فتئت تسجل تراجعا ملفتا للانتباه ويبعث على الحيرة وعلى الحزن كذلك.
فعندما نلاحظ مثلا كيف أن المهرجانات السينمائية التونسية التي كانت مثالا يحتذى في محيطنا العربي والإفريقي أمام مهرجانات عربية وإفريقية حديثة النشأة، وعندما نلاحظ كيف أن معرض تونس الدولي للكتاب (الجاري هذه الأيام في دورته الثامنة والثلاثين) ما فتئ يتراجع ويخسر مكانته لصالح معارض محدثة منذ بضعة سنوات فقط، وعندما نلاحظ كيف تعجز بلادنا عن تنظيم تظاهرات رياضية بنفس المستوى والقيمة التي عرفت بها من قبل، فإننا لا نستطيع إلا أن نضم صوتنا الى الأصوات التي تتساءل بحيرة عن سبب هذا التراجع وأن نسلم بأنه علينا أن ندرك أننا إن واصلنا على نفس النهج فإن الجميع سيتجاوزنا وهذا ما لا يرضاه أحد منا -وفق ما نتصور- لبلادنا التي بنت كل سمعتها على جهود أبنائها.
ما هو واضح كذلك أن المسألة ليست فقط مسألة إمكانيات لأن الدولة تخصص، رغم الصعوبات التي تواجهها لتحقيق توازناتها المالية، اعتمادات جيدة لتظاهراتها الوطنية الثقافية والرياضية وغيرها. وهناك أموال ليست بالقليلة تنفق من أجل إنجاح التظاهرات الوطنية، لكن سوء التنظيم يقضي في النهاية على كل الآمال ونجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة. والمشكل الأخطر هو أننا نتمسك بطرق كلاسيكية في التنظيم ثبت أنها لم تعد تتماشى مع التطورات المتسارعة ولا نريد أن نفتح الباب أمام أصحاب الأفكار الجديدة وأمام الكفاءات المجددة لا سيما من جيل الشباب المنفتح أكثر على التكنولوجيات الحديثة والمطلع على الأساليب الجديدة في إدارة الأمور.
هناك مشكل آخر في تونس وهو عدم الاستمرارية. فهيئات التنظيم تعين دائما على عجل وتجد نفسها مضطرة للعمل تحت ضغط الوقت وهو ما يؤثر سلبا على البرمجة أو في اختيار أعضاء فرق العمل. ولا ندري لماذا تتمسك وزارة مثل وزارة الثقافة بصيغة قديمة في التنظيم أثبتت فشلها ولا تقوم بوضع هيئات مديرة قارة للتظاهرات الكبرى على غرار معرض تونس الدولي للكتاب والمهرجانات الكبرى التي تعتبر واجهة للبلاد؟ لماذا تعمد وزارة الثقافة وغيرها من الوزارات الى ترك الأمور دائما الى آخر لحظة ولماذا نجعل الوقت يمر ثم تجد فرق التنظيم نفسها وهي تهرول وتتسابق مع الوقت لنهدي البلاد في النهاية تظاهرات باهتة وغير مفيدة وغير ناجعة، بل إن في تنظيمها خسارة للوقت والجهد ولمقدرات البلاد ولأموال المجموعة الوطنية؟
متى نقتنع أن النجاح مرتبط بعناصر محددة ومعروفة وهي الدراسة الجيدة والإعداد المحكم والاختيار الجيد لفرق العمل وان خلاف ذلك يعني التسويف وذر الرماد على العيون وتضييع كل الفرض على البلاد كي تتطور ولم لا كي تقلع وتعود إليها بهجتها؟؟
حياة السايب
بات لزاما على الدولة التونسية أن تقوم بالمراجعات الضرورية للتظاهرات التي تنظمهما في مختلف المجالات الرياضية والاقتصادية والثقافية وغيرها. فهي تنفق أموالا ضخمة من أجل هذه التظاهرات التي أغلبها تكون فاشلة والسبب دائما سوء التنظيم. وما لم تقتنع بلادنا بأن تنظيم التظاهرات اليوم يرتقي الى مستوى العلم الصحيح، فإنها ستظل بعيدة دائما عن تحقيق أهدافها وستظل المجموعة الوطنية تنفق أموالها في تظاهرات لا فائدة ترجى منها.
ولعلنا نذكر بأن أول شروط النجاح في تنظيم التظاهرات هو التعويل على فريق تتوفر فيه الأهلية الكاملة ويكون خاصة يتحلى بالبراغماتية وبالقدرة على التصرف بنجاعة وبسرعة.. هل هذا متوفر في تونس؟
ما هو ملاحظ هو أن جل تظاهراتنا تدار بطريقة كلاسيكية بحتة وتغلب عليها الفوضى وسوء التنظيم ويختلط فيها الحابل بالنابل. كل شيء يبقى رهن الصدفة والمجاملات وأحيانا الترضيات، إلا ما ندر طبعا. والمثير في الأمر أن تونس تملك تقاليد كبرى في تنظيم المحافل الرياضية والفنية والثقافية ولديها تجارب في احتضان الملتقيات العلمية والمنتديات الاقتصادية، لكنها ما فتئت تسجل تراجعا ملفتا للانتباه ويبعث على الحيرة وعلى الحزن كذلك.
فعندما نلاحظ مثلا كيف أن المهرجانات السينمائية التونسية التي كانت مثالا يحتذى في محيطنا العربي والإفريقي أمام مهرجانات عربية وإفريقية حديثة النشأة، وعندما نلاحظ كيف أن معرض تونس الدولي للكتاب (الجاري هذه الأيام في دورته الثامنة والثلاثين) ما فتئ يتراجع ويخسر مكانته لصالح معارض محدثة منذ بضعة سنوات فقط، وعندما نلاحظ كيف تعجز بلادنا عن تنظيم تظاهرات رياضية بنفس المستوى والقيمة التي عرفت بها من قبل، فإننا لا نستطيع إلا أن نضم صوتنا الى الأصوات التي تتساءل بحيرة عن سبب هذا التراجع وأن نسلم بأنه علينا أن ندرك أننا إن واصلنا على نفس النهج فإن الجميع سيتجاوزنا وهذا ما لا يرضاه أحد منا -وفق ما نتصور- لبلادنا التي بنت كل سمعتها على جهود أبنائها.
ما هو واضح كذلك أن المسألة ليست فقط مسألة إمكانيات لأن الدولة تخصص، رغم الصعوبات التي تواجهها لتحقيق توازناتها المالية، اعتمادات جيدة لتظاهراتها الوطنية الثقافية والرياضية وغيرها. وهناك أموال ليست بالقليلة تنفق من أجل إنجاح التظاهرات الوطنية، لكن سوء التنظيم يقضي في النهاية على كل الآمال ونجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة. والمشكل الأخطر هو أننا نتمسك بطرق كلاسيكية في التنظيم ثبت أنها لم تعد تتماشى مع التطورات المتسارعة ولا نريد أن نفتح الباب أمام أصحاب الأفكار الجديدة وأمام الكفاءات المجددة لا سيما من جيل الشباب المنفتح أكثر على التكنولوجيات الحديثة والمطلع على الأساليب الجديدة في إدارة الأمور.
هناك مشكل آخر في تونس وهو عدم الاستمرارية. فهيئات التنظيم تعين دائما على عجل وتجد نفسها مضطرة للعمل تحت ضغط الوقت وهو ما يؤثر سلبا على البرمجة أو في اختيار أعضاء فرق العمل. ولا ندري لماذا تتمسك وزارة مثل وزارة الثقافة بصيغة قديمة في التنظيم أثبتت فشلها ولا تقوم بوضع هيئات مديرة قارة للتظاهرات الكبرى على غرار معرض تونس الدولي للكتاب والمهرجانات الكبرى التي تعتبر واجهة للبلاد؟ لماذا تعمد وزارة الثقافة وغيرها من الوزارات الى ترك الأمور دائما الى آخر لحظة ولماذا نجعل الوقت يمر ثم تجد فرق التنظيم نفسها وهي تهرول وتتسابق مع الوقت لنهدي البلاد في النهاية تظاهرات باهتة وغير مفيدة وغير ناجعة، بل إن في تنظيمها خسارة للوقت والجهد ولمقدرات البلاد ولأموال المجموعة الوطنية؟
متى نقتنع أن النجاح مرتبط بعناصر محددة ومعروفة وهي الدراسة الجيدة والإعداد المحكم والاختيار الجيد لفرق العمل وان خلاف ذلك يعني التسويف وذر الرماد على العيون وتضييع كل الفرض على البلاد كي تتطور ولم لا كي تقلع وتعود إليها بهجتها؟؟