إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الأستاذ عبد العزيز قاسم لـ"الصباح" : هذا ما قام به الشاذلي القليبي مع روما وهذا ما غنمته تونس من إيطاليا

 

-لمن ينادون بالتخلي عن اللغات الأجنبية: الشعب التونسي كان قديما يتكلم أربع لغات بطلاقة

تونس- الصباح

أكد الأستاذ عبد العزيز قاسم الجامعي والكاتب والرئيس السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية على أن العلاقات الثقافية بين تونس وأوروبا اللاتينية مكنت بلادنا من جني فوائد مادية ومعنوية مهمة مشيرا الى أنه علينا أن نشتغل جيدا اليوم على هذا الجانب حتى تسترجع تونس موقعها  لأن الإرث الثقافي التونسي الثري والمتنوع يعتبر كنزنا الحقيقي والذي يمكن أن يعود بالنفع على البلاد اقتصاديا واجتماعيا بشكل كبير.

وجاء ذلك في لقائنا به بمناسبة مشاركته في أحد اللقاءات الحوارية بين تونس وإيطاليا بمعرض تونس الدولي للكتاب الجاري بقصر المعارض بالكرم والمتواصل الى غاية 28 أفريل الجاري والذي تحل فيه إيطاليا ضيفة شرف على المعرض. مع العلم أن المشاورات التونسية الإيطالية حول قضايا مشتركة وخاصة منها قضية الهجرة غير النظامية، قد تكثفت هذه الأيام.

وقد قامت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مؤخرا بزيارة الى بلادنا التقت فيه برئيس الجمهورية قيس سعيد بقصر الجمهورية بقرطاج وانتهت المحادثات بالإعلان عن مجموعة من الاتفاقات وفق بيان لرئاسة الجمهورية من بينها اتفاق بين حكومتي البلدين لدعم الميزانية العامة للدولة التونسية، واتفاقية مالية بين البنك المركزي التونسي ومؤسسة الودائع والقروض الإيطالية بخصوص دعم وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة الى جانب مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الجامعة والبحث الإيطالية للتعاون في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي.

والدكتور عبد العزيز قاسم يعتبر من أبرز المطلعين على الثقافة الإيطالية وله معرفة دقيقة بتاريخ تونس القديم  خاصة الحقبة القرطاجنية والفترة الرومانية. وهو عندما يتحدث عن دور العلاقات الثقافية في خدمة اقتصاد البلاد، فإنه يبين ذلك بالحجة والبرهان وقد روى لنا ما قام به الأستاذ الشاذلي القليبي في منتصف ثمانينات القرن الماضي ( 1985) في حادثة مشهودة حيث كان الراحل  الشاذلي القليبي حينذاك أمينا عاما لجامعة الدول العربية ورئيسا لبلدية قرطاج وقد دعا رئيس بلدية روما آنذاك الى قرطاج وعقد معه اتفاقية سلام أعلن بموجبها عن نهاية الحرب مع روما.

وكان الحدث مشهودا فعلا. وقد تمكنت تونس بفضل ذلك من الحصول على اعتمادات هامة من إيطاليا لمساعدتها في صيانة قرطاج ووضع حد لحالة التردي للمواقع التاريخية والأثرية. ولكن المساعدات لم تقتصر على إيطاليا وإنما جاءت أيضا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ومثلت دعما هاما من أجل صيانة قرطاج وتطوير البحث وتكثيف عمليات التنقيب في الآثار القرطاجنية لمزيد التعرف على تاريخها العظيم مشيرا الى أن ميزانية وزارة الثقافة لم تكن حينذاك تسمح بصيانة قرطاج التاريخية.

وقد مكنت الاعتمادات التي غنمتها بلادنا بفضل المبادرة المشهودة للأستاذ الشاذلي القليبي الذي تمكن من إقناع رئيس بلدية روما من التحول الى تونس وأمضى فعلا معه  اتفاقية السلام، من إنقاذ قرطاج من حالة التردي التي كانت عليها.

وشدد الأستاذ عبد العزيز قاسم على أن تونس كان لها دائما حضور مكثف في المتوسط، فهي قبل كل شيء بلد متوسطي وقرطاج كان حضورها عظيما جدا. ولئن  انهزمت أمام روما، فإن قرطاج تبقى القوة العظمى التي وقفت في وجه الامبريالية الرومانية. وأضاف أن تونس قدمت في العهد الروماني للحضارة أولا وللفضاء اللاتيني ثانيا، أعظم كتاب العصر ومن بينهم "ابيلي"Apulée " البربري  القرطاجني الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد والذي ألف كتابا مشهورا يحمل عنوان "الحمار الذهبي" وكان متضلعا في العلوم الصحيحة والفلسفة وعلم الأديان. ومن بينهم أيضا "تارتيليان "Tertullien" المولود بقرطاج وعاش في ما بين القرنين الثاني والثالث ميلادي ويعتبر أب المسيحية اللاتينية والذي اشتهر بإعطائه أول درس شرح للعقيدة وفق ما تقول سيرته وقدم الكثير للاتينية.

وأشار الأستاذ عبد العزيز قاسم الذي له إضافة الى المجموعات الشعرية والترجمات الشعرية، دراسات في الأدب المقارن وفي حضارة المتوسط، الى أن تونس كانت دائما بلد الانفتاح على اللغات مذكرا خاصة الذين ينادون اليوم بالتخلي عن اللغات الأجنبية بأن التونسيين كانوا قديما يتكلمون أربع لغات بطلاقة وهي البربرية والفينيقية واللاتينية واليونانية ولم يكن الأمر حكرا على النخبة وإنما كان الجميع يتحدثون بها بسلاسة.

وقد نبه محدثنا بأن تونس دون بعدها المتوسطي وبتجريدها من تاريخها المتوسطي تصبح مجرد إيالة عثمانية أو ولاية من ولايات السلطنة العثمانية، وهي اكبر من ذلك بكثير  على حد قوله.

واعتبر محدثنا أن اللقاءات الثنائية مع بلدان أوروبا اللاتينية مهمة جدا لتجديد العلاقات الثقافية مع الضفة الأخرى  للمتوسط، لأننا عندما ننظر الى ثقافتنا وحضارتنا ندرك أن صلاتنا كانت عميقة جدا مع أوروبا اللاتينية وهي شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) وإيطاليا وفرنسا. وهو يقول في هذا السياق: صحيح، نشبت بين بلداننا الخصومات والنزاعات والصراعات.. خضنا الحروب ووقعنا معاهدات السلام، لكن الحضور الثقافي يجب أن نحافظ عليه فهو إرث لنا وليس في الأمر أي علاقة بالانبتات الثقافي حتى أنه ذكر بأن تونس وهي تتكلم لغات أجنبية كانت دائما تثبت قرطاجنيتها لأن قرطاج كانت عظيمة، والكلام لمحدثنا.

وتجدر الإشارة الى أن الأستاذ عبد العزيز قاسم الذي له حضور نشيط في الحياة الثقافية بتونس وخارجها، حاصل على شهادة التبريز في اللغة والآداب العربية من جامعة السوربون بباريس. ودرّس طويلا بالجامعة التونسية وهو  أستاذ زائر بجامعات أوروبية وإعلامي كذلك ويكتب باللغتين العربية والفرنسية ويتكلمهما بطلاقة ومن بين أحدث إصداراته كتابه الذي يحمل عنوان: "بورقيبة المستمع الأكبر، مع الزعيم بين اذن الرضى واذن السخط" الذي تحدث فيه عن علاقة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الوطيدة بالإذاعة الذي قال فيه إن الإذاعة كانت امتدادا لاتصال الزعيم بورقيبة مع الجماهير.

حياة السايب

الأستاذ عبد العزيز قاسم لـ"الصباح" :  هذا ما قام به الشاذلي القليبي مع روما وهذا ما غنمته تونس من إيطاليا

 

-لمن ينادون بالتخلي عن اللغات الأجنبية: الشعب التونسي كان قديما يتكلم أربع لغات بطلاقة

تونس- الصباح

أكد الأستاذ عبد العزيز قاسم الجامعي والكاتب والرئيس السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية على أن العلاقات الثقافية بين تونس وأوروبا اللاتينية مكنت بلادنا من جني فوائد مادية ومعنوية مهمة مشيرا الى أنه علينا أن نشتغل جيدا اليوم على هذا الجانب حتى تسترجع تونس موقعها  لأن الإرث الثقافي التونسي الثري والمتنوع يعتبر كنزنا الحقيقي والذي يمكن أن يعود بالنفع على البلاد اقتصاديا واجتماعيا بشكل كبير.

وجاء ذلك في لقائنا به بمناسبة مشاركته في أحد اللقاءات الحوارية بين تونس وإيطاليا بمعرض تونس الدولي للكتاب الجاري بقصر المعارض بالكرم والمتواصل الى غاية 28 أفريل الجاري والذي تحل فيه إيطاليا ضيفة شرف على المعرض. مع العلم أن المشاورات التونسية الإيطالية حول قضايا مشتركة وخاصة منها قضية الهجرة غير النظامية، قد تكثفت هذه الأيام.

وقد قامت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مؤخرا بزيارة الى بلادنا التقت فيه برئيس الجمهورية قيس سعيد بقصر الجمهورية بقرطاج وانتهت المحادثات بالإعلان عن مجموعة من الاتفاقات وفق بيان لرئاسة الجمهورية من بينها اتفاق بين حكومتي البلدين لدعم الميزانية العامة للدولة التونسية، واتفاقية مالية بين البنك المركزي التونسي ومؤسسة الودائع والقروض الإيطالية بخصوص دعم وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة الى جانب مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الجامعة والبحث الإيطالية للتعاون في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي.

والدكتور عبد العزيز قاسم يعتبر من أبرز المطلعين على الثقافة الإيطالية وله معرفة دقيقة بتاريخ تونس القديم  خاصة الحقبة القرطاجنية والفترة الرومانية. وهو عندما يتحدث عن دور العلاقات الثقافية في خدمة اقتصاد البلاد، فإنه يبين ذلك بالحجة والبرهان وقد روى لنا ما قام به الأستاذ الشاذلي القليبي في منتصف ثمانينات القرن الماضي ( 1985) في حادثة مشهودة حيث كان الراحل  الشاذلي القليبي حينذاك أمينا عاما لجامعة الدول العربية ورئيسا لبلدية قرطاج وقد دعا رئيس بلدية روما آنذاك الى قرطاج وعقد معه اتفاقية سلام أعلن بموجبها عن نهاية الحرب مع روما.

وكان الحدث مشهودا فعلا. وقد تمكنت تونس بفضل ذلك من الحصول على اعتمادات هامة من إيطاليا لمساعدتها في صيانة قرطاج ووضع حد لحالة التردي للمواقع التاريخية والأثرية. ولكن المساعدات لم تقتصر على إيطاليا وإنما جاءت أيضا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ومثلت دعما هاما من أجل صيانة قرطاج وتطوير البحث وتكثيف عمليات التنقيب في الآثار القرطاجنية لمزيد التعرف على تاريخها العظيم مشيرا الى أن ميزانية وزارة الثقافة لم تكن حينذاك تسمح بصيانة قرطاج التاريخية.

وقد مكنت الاعتمادات التي غنمتها بلادنا بفضل المبادرة المشهودة للأستاذ الشاذلي القليبي الذي تمكن من إقناع رئيس بلدية روما من التحول الى تونس وأمضى فعلا معه  اتفاقية السلام، من إنقاذ قرطاج من حالة التردي التي كانت عليها.

وشدد الأستاذ عبد العزيز قاسم على أن تونس كان لها دائما حضور مكثف في المتوسط، فهي قبل كل شيء بلد متوسطي وقرطاج كان حضورها عظيما جدا. ولئن  انهزمت أمام روما، فإن قرطاج تبقى القوة العظمى التي وقفت في وجه الامبريالية الرومانية. وأضاف أن تونس قدمت في العهد الروماني للحضارة أولا وللفضاء اللاتيني ثانيا، أعظم كتاب العصر ومن بينهم "ابيلي"Apulée " البربري  القرطاجني الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد والذي ألف كتابا مشهورا يحمل عنوان "الحمار الذهبي" وكان متضلعا في العلوم الصحيحة والفلسفة وعلم الأديان. ومن بينهم أيضا "تارتيليان "Tertullien" المولود بقرطاج وعاش في ما بين القرنين الثاني والثالث ميلادي ويعتبر أب المسيحية اللاتينية والذي اشتهر بإعطائه أول درس شرح للعقيدة وفق ما تقول سيرته وقدم الكثير للاتينية.

وأشار الأستاذ عبد العزيز قاسم الذي له إضافة الى المجموعات الشعرية والترجمات الشعرية، دراسات في الأدب المقارن وفي حضارة المتوسط، الى أن تونس كانت دائما بلد الانفتاح على اللغات مذكرا خاصة الذين ينادون اليوم بالتخلي عن اللغات الأجنبية بأن التونسيين كانوا قديما يتكلمون أربع لغات بطلاقة وهي البربرية والفينيقية واللاتينية واليونانية ولم يكن الأمر حكرا على النخبة وإنما كان الجميع يتحدثون بها بسلاسة.

وقد نبه محدثنا بأن تونس دون بعدها المتوسطي وبتجريدها من تاريخها المتوسطي تصبح مجرد إيالة عثمانية أو ولاية من ولايات السلطنة العثمانية، وهي اكبر من ذلك بكثير  على حد قوله.

واعتبر محدثنا أن اللقاءات الثنائية مع بلدان أوروبا اللاتينية مهمة جدا لتجديد العلاقات الثقافية مع الضفة الأخرى  للمتوسط، لأننا عندما ننظر الى ثقافتنا وحضارتنا ندرك أن صلاتنا كانت عميقة جدا مع أوروبا اللاتينية وهي شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) وإيطاليا وفرنسا. وهو يقول في هذا السياق: صحيح، نشبت بين بلداننا الخصومات والنزاعات والصراعات.. خضنا الحروب ووقعنا معاهدات السلام، لكن الحضور الثقافي يجب أن نحافظ عليه فهو إرث لنا وليس في الأمر أي علاقة بالانبتات الثقافي حتى أنه ذكر بأن تونس وهي تتكلم لغات أجنبية كانت دائما تثبت قرطاجنيتها لأن قرطاج كانت عظيمة، والكلام لمحدثنا.

وتجدر الإشارة الى أن الأستاذ عبد العزيز قاسم الذي له حضور نشيط في الحياة الثقافية بتونس وخارجها، حاصل على شهادة التبريز في اللغة والآداب العربية من جامعة السوربون بباريس. ودرّس طويلا بالجامعة التونسية وهو  أستاذ زائر بجامعات أوروبية وإعلامي كذلك ويكتب باللغتين العربية والفرنسية ويتكلمهما بطلاقة ومن بين أحدث إصداراته كتابه الذي يحمل عنوان: "بورقيبة المستمع الأكبر، مع الزعيم بين اذن الرضى واذن السخط" الذي تحدث فيه عن علاقة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الوطيدة بالإذاعة الذي قال فيه إن الإذاعة كانت امتدادا لاتصال الزعيم بورقيبة مع الجماهير.

حياة السايب

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews