إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من أهدافها مكافحة الهجرة غير النظامية.. رسائل ودلالات اتفاق "الترويكا المغاربي" توحيد الخطاب..

 

تونس- الصباح

مثل ملف مكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة وجرائم الاتجار بالبشر وتأمين الحدود المشتركة، أحد أبرز محاور الاتفاق الثلاثي بين تونس وليبيا والجزائر المنبثق عن أول اجتماع تشاوري بين قادة الدول الثلاث انعقد يوم 22 أفريل الجاري بقصر قرطاج..

وتكمن أهمية هذا الاتفاق الذي ورد ضمن محاور أخرى لا تقل أهمية في إعلان تونس أو البيان المشترك الصادر عن قادة الدول الثلاث، مثل تلك المتعلقة بتنمية المناطق الحدودية ودعم التعاون الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المشتركة، في كونه يأتي في وقت تواجه فيه البلدان الثلاث مخاطر ظاهرة الهجرة غير النظامية باعتبارها بلدان عبور، وخاصة تونس التي تعاني من تداعيات الظاهرة أمنيا واجتماعيا، وخطر استقرار المهاجرين فيها، فضلا عن ارتفاع كلفة التصدي لها والتعامل مع وضعيات المهاجرين اجتماعيا وإنسانيا..

وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بأن السلطات التونسية أكدت في عدة مناسبات من خلال تصريحات رسمية من أعلى مستوى على ضرورة وضع مقاربة دولية مشتركة تعالج الظاهرة من جذورها، كما عبرت عن عدم قدرتها لوحدها على التصدي للهجرة غير النظامية..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد جدد خلال لقائه مؤخرا رئيسة الحكومة الايطالية جوجيا ميلوني "موقف تونس الثابت الرافض لأن تكون مستقرا أو معبرا للمهاجرين غير النظاميين".

ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، دعا سعيد، "إلى اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر وبأعضاء البشر في جنوب المتوسط وفي شماله"، "مذكّرا بأن تونس المتشبثة بالقيم الإنسانية بذلت جهودا كبيرة لرعاية المهاجرين غير النظاميين لكنها لا يمكن لها كأي دولة تقوم على القانون أن تقبل بأوضاع غير قانونية على أراضيها."

وأشار إلى أن "المهاجرين غير النظاميين هم ضحايا نظام اقتصادي عالمي لم تكن تونس سببا من أسبابه بل هي من ضحاياه، فضلا عن أن هذه التدفقات على بلادنا بهذا الشكل تدل بكل وضوح على وجود تنظيمات تقف وراءها."

رسائل توحيد الخطاب الثلاثي

كما تكمن أهمية الاتفاق الثلاثي في تأكيده على أهمية توحيد الجهود الأمنية والخطاب (السياسي والمقاربة الأمنية) بشأن الظاهرة المستجدة ما يعني توجيه رسائل سياسية إلى الخارج ونعني بها دول شمال البحر المتوسط التي تمثل الوجهة الأولى والمفضلة للمهاجرين ومنها ايطاليا واسبانيا وبقية الدول الأوربية، والتي تعمل على الضغط على دول شمال إفريقيا ومنها تونس وليبيا والجزائر حتى تقبل بأن تلعب دور حرس حدود متقدم لأوربا وتحدث فيها مراكز فرز وترحيل للمهاجرين واللاجئين، وتحاول معالجة نتائج الظاهرة التي تعود بالسلب على دول العبور الثلاث، أو تكتفي بتقديم مساعدات مالية وتقنية دون الخوض في معالجة الظاهرة وتحليل أسبابها..

ويمكن توحيد الخطاب بين الدول الثلاث من ضمان تنسيق الدفاع عن مصالحها المشتركة عبر توحيد السياسات التفاوضية مع دول الاتحاد الأوربي في هذا المجال وهي التي صادقت مؤخرا على ميثاق أوروبي جديد للهجرة واللجوء يتضمن بنودا ليست بالضرورة في مصلحة الدول التي ينطلق منها المهاجرون العابرون عبر السواحل الليبية والتونسية، مثل التنصيص على ضرورة أن تعمل المفوضية الأوروبية مع دول شمال إفريقيا مثل مصر وتونس وليبيا على وضع اتفاقيات جديدة تضمن إنشاء مراكز إيواء في أراضيها تتولى مهام فرز وإعادة ترحيل المهاجرين واللاجئين..

كما يمثل توحيد الخطاب، رسالة أيضا للبلدان الطاردة أو المصدرة للمهاجرين واللاجئين، وخاصة ما يسمى بعصابات التهريب الناشطة في مجال الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، التي تتولي تأمين نقل وإيصال المهاجرين من بلدان المنشأ التي ينحدر منها المهاجرون وجلهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء وخاصة من دول تشهد اضطرابات أمنية مثل النيجر ومالي والسودان وبوركينافاسو..

ويمكن أن يكون توحيد الخطاب في ما يتعلق بمواجهة مخاطر الهجرة غير النظامية والجريمة العابرة للحدود رسالة أيضا للمنظمات الدولية والأممية الناشطة في مجال الهجرة وإغاثة اللاجئين والمنظمات الإنسانية التي تشترك سلطات البلدان الثلاث في انتقاد دورها المحدود في مجال تقديم الدعم اللازم للمهاجرين والإحاطة بهم إنسانيا وماديا من خلال تقديم جهود الإغاثة والإعاشة فضلا عن الخدمات الصحية..

من التعاون الثنائي إلى التعاون الثلاثي..

وتكمن أهمية الاتفاق أيضا في أنه يرتقي بآلية التنسيق الأمني من التعاون الثنائي إلى التعاون الثلاثي، علما أن الدول الثلاث تربطها اتفاقيات ثنائية أمنية تشمل مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب والجريمة المنظمة..

ومن المقرر أن يمثل الاتفاق على وضع فريق عمل مشترك بين الدول الثلاث للتنسيق الأمني المشترك ضمانة جديدة لمراقبة الظاهرة ومكافحتها بشكل أنجع، علما أن تفاقم عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس تعزوه جهات أمنية إلى تنامي نشاط التهريب على الحدود فضلا عن ما تقوم به المنظمات الإجرامية العابرة للحدود بين تونس والجزائر، وبين تونس وليبيا، والتي تعمل على تسهيل دخول المهاجرين بطرق غير قانونية..

يذكر أن البيان الختامي المشترك أعلن فيه القادة الثلاثة أنّهم "اتّفقوا على تكوين فرق عمل مشتركة تُعهد لها إحكام تنسيق الجهود لتامين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظّمة".

كما " اتّفقوا على "توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء".

واتفق قادة الدول الثلاث على "ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتدعيم مقومات الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتعزيز مناعتها لا سيما مع بروز متغيرات ومستجدات إقليمية وأزمات دولية متلاحقة وفارقة لم يعد بالإمكان لأي دولة أن تواجه تداعياتها بمفردها".

وأكدوا على "تمسك الدول الثلاث باستقلال القرار الوطني النابع من إرادة شعوبها وحرصها على إقامة علاقات مع البلدان والتجمعات الإقليمية والدولية الأخرى في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

 

تنامي تدفقات المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء

تجدر الإشارة في هذا المجال أن تقريرا في ديسمبر 2023 عن المنظمة الدولية للهجرة حذر من موجات هجرة انطلاقا من النيجر كنتيجة لإلغاء السلطة العسكرية في هذا البلد لقانون تجريم تهريب الأشخاص عبر الحدود، متوقعا عبور أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين إلى الجزائر وليبيا ومنها إلى تونس، من مدينة أغاديز بوسط شمال النيجر.

وأفاد التقرير بأن طريق شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط إلى ايطاليا كان خلال 2023 أكثر طرق الهجرة ازدحاما في أوروبا، والمهاجرون القادمون من شمال أفريقيا، أغلبهم من رعايا دول جنوب الصحراء»، مشيراً إلى أنه بحلول منتصف ديسمبر2023 وصل أكثر من 152 ألف مهاجر بهذه الطريقة إلى إيطاليا مقابل 105 آلاف سنة 2022.

ووفق تقرير صدر عن وزارة الداخلية الجزائرية فإن المهاجرين الذين يدخلون الجزائر ينحدرون من 44 بلدا إفريقيا مؤكدة وجودا لافتا لمواطني النيجر بينهم بحكم التقارب الجغرافي.. وتعتقد السلطات الجزائرية أن الصراعات الداخلية والاضطرابات الأمنية في بلدان الساحل الإفريقي تمثل سببا رئيسيا في دخول مواطنيها إلى الجزائر بأعداد كبيرة..

ومن شأن التنسيق الأمني بين الدول الثلاث التي لها حدود مشتركة وضع إستراتيجية مشتركة لمواجهة الهجرة غير النظامية، خاصة بعد تردي الأوضاع الأمنية والاجتماعية في دول الشرق الإفريقي مثل السودان، والساحل، مثل مالي وبوركينافاسو والنيجر والغابون؛ باعتبارها نقاط انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، عبر ليبيا وتونس.

اتفاقيات أمنية ثنائية

يذكر أن وزيري داخلية تونس وليبيا اتفقا في اجتماع مشترك بينهما في 9 أوت 2023 على ضرورة مزيد التنسيق والتعاون الثنائي في المجال الأمني خاصّة في مجال تبادل المعلومات والتكوين ومكافحة الجريمة المنظمة.

وتمّ خلال الجلسة الإشارة إلى أهمية ملف المهاجرين الأفارقة من دول الساحل وجنوب الصحراء وما له من تداعيات على البلدين والحدّ من تدفقهم على الحدود، الأمر الذي يحتّم تضافر الجهود والتنسيق المشترك لإيجاد الحلول الكفيلة التي من شأنها مراعاة المصلحة العليا للبلدين.

واتفق الطرفان أيضا على دعوة المنظمات الدولية إلى معاضدة مجهودات الدولة والهلال الأحمر التونسي في تقديم الدعم الإنساني وعدم التردّد في القيام بواجبها تجاه المهاجرين والإحاطة بهم.

في نفس السياق، احتضنت الجزائر في 29 و30 جانفي 2024 اجتماعات أمنية بين وزيري داخلية تونس والجزائر، وكان عنوانها الرئيسي مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتصدي لجرائم التهريب، وهي الاجتماعات التي تزامنت مع انعقاد الدورة الأولى لـ”اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية-التونسية”، التي تم إطلاقها في أكتوبر الماضي..

رفيق بن عبد الله

من أهدافها مكافحة الهجرة غير النظامية..   رسائل ودلالات اتفاق "الترويكا المغاربي" توحيد الخطاب..

 

تونس- الصباح

مثل ملف مكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة وجرائم الاتجار بالبشر وتأمين الحدود المشتركة، أحد أبرز محاور الاتفاق الثلاثي بين تونس وليبيا والجزائر المنبثق عن أول اجتماع تشاوري بين قادة الدول الثلاث انعقد يوم 22 أفريل الجاري بقصر قرطاج..

وتكمن أهمية هذا الاتفاق الذي ورد ضمن محاور أخرى لا تقل أهمية في إعلان تونس أو البيان المشترك الصادر عن قادة الدول الثلاث، مثل تلك المتعلقة بتنمية المناطق الحدودية ودعم التعاون الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المشتركة، في كونه يأتي في وقت تواجه فيه البلدان الثلاث مخاطر ظاهرة الهجرة غير النظامية باعتبارها بلدان عبور، وخاصة تونس التي تعاني من تداعيات الظاهرة أمنيا واجتماعيا، وخطر استقرار المهاجرين فيها، فضلا عن ارتفاع كلفة التصدي لها والتعامل مع وضعيات المهاجرين اجتماعيا وإنسانيا..

وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بأن السلطات التونسية أكدت في عدة مناسبات من خلال تصريحات رسمية من أعلى مستوى على ضرورة وضع مقاربة دولية مشتركة تعالج الظاهرة من جذورها، كما عبرت عن عدم قدرتها لوحدها على التصدي للهجرة غير النظامية..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد جدد خلال لقائه مؤخرا رئيسة الحكومة الايطالية جوجيا ميلوني "موقف تونس الثابت الرافض لأن تكون مستقرا أو معبرا للمهاجرين غير النظاميين".

ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، دعا سعيد، "إلى اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر وبأعضاء البشر في جنوب المتوسط وفي شماله"، "مذكّرا بأن تونس المتشبثة بالقيم الإنسانية بذلت جهودا كبيرة لرعاية المهاجرين غير النظاميين لكنها لا يمكن لها كأي دولة تقوم على القانون أن تقبل بأوضاع غير قانونية على أراضيها."

وأشار إلى أن "المهاجرين غير النظاميين هم ضحايا نظام اقتصادي عالمي لم تكن تونس سببا من أسبابه بل هي من ضحاياه، فضلا عن أن هذه التدفقات على بلادنا بهذا الشكل تدل بكل وضوح على وجود تنظيمات تقف وراءها."

رسائل توحيد الخطاب الثلاثي

كما تكمن أهمية الاتفاق الثلاثي في تأكيده على أهمية توحيد الجهود الأمنية والخطاب (السياسي والمقاربة الأمنية) بشأن الظاهرة المستجدة ما يعني توجيه رسائل سياسية إلى الخارج ونعني بها دول شمال البحر المتوسط التي تمثل الوجهة الأولى والمفضلة للمهاجرين ومنها ايطاليا واسبانيا وبقية الدول الأوربية، والتي تعمل على الضغط على دول شمال إفريقيا ومنها تونس وليبيا والجزائر حتى تقبل بأن تلعب دور حرس حدود متقدم لأوربا وتحدث فيها مراكز فرز وترحيل للمهاجرين واللاجئين، وتحاول معالجة نتائج الظاهرة التي تعود بالسلب على دول العبور الثلاث، أو تكتفي بتقديم مساعدات مالية وتقنية دون الخوض في معالجة الظاهرة وتحليل أسبابها..

ويمكن توحيد الخطاب بين الدول الثلاث من ضمان تنسيق الدفاع عن مصالحها المشتركة عبر توحيد السياسات التفاوضية مع دول الاتحاد الأوربي في هذا المجال وهي التي صادقت مؤخرا على ميثاق أوروبي جديد للهجرة واللجوء يتضمن بنودا ليست بالضرورة في مصلحة الدول التي ينطلق منها المهاجرون العابرون عبر السواحل الليبية والتونسية، مثل التنصيص على ضرورة أن تعمل المفوضية الأوروبية مع دول شمال إفريقيا مثل مصر وتونس وليبيا على وضع اتفاقيات جديدة تضمن إنشاء مراكز إيواء في أراضيها تتولى مهام فرز وإعادة ترحيل المهاجرين واللاجئين..

كما يمثل توحيد الخطاب، رسالة أيضا للبلدان الطاردة أو المصدرة للمهاجرين واللاجئين، وخاصة ما يسمى بعصابات التهريب الناشطة في مجال الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، التي تتولي تأمين نقل وإيصال المهاجرين من بلدان المنشأ التي ينحدر منها المهاجرون وجلهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء وخاصة من دول تشهد اضطرابات أمنية مثل النيجر ومالي والسودان وبوركينافاسو..

ويمكن أن يكون توحيد الخطاب في ما يتعلق بمواجهة مخاطر الهجرة غير النظامية والجريمة العابرة للحدود رسالة أيضا للمنظمات الدولية والأممية الناشطة في مجال الهجرة وإغاثة اللاجئين والمنظمات الإنسانية التي تشترك سلطات البلدان الثلاث في انتقاد دورها المحدود في مجال تقديم الدعم اللازم للمهاجرين والإحاطة بهم إنسانيا وماديا من خلال تقديم جهود الإغاثة والإعاشة فضلا عن الخدمات الصحية..

من التعاون الثنائي إلى التعاون الثلاثي..

وتكمن أهمية الاتفاق أيضا في أنه يرتقي بآلية التنسيق الأمني من التعاون الثنائي إلى التعاون الثلاثي، علما أن الدول الثلاث تربطها اتفاقيات ثنائية أمنية تشمل مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب والجريمة المنظمة..

ومن المقرر أن يمثل الاتفاق على وضع فريق عمل مشترك بين الدول الثلاث للتنسيق الأمني المشترك ضمانة جديدة لمراقبة الظاهرة ومكافحتها بشكل أنجع، علما أن تفاقم عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس تعزوه جهات أمنية إلى تنامي نشاط التهريب على الحدود فضلا عن ما تقوم به المنظمات الإجرامية العابرة للحدود بين تونس والجزائر، وبين تونس وليبيا، والتي تعمل على تسهيل دخول المهاجرين بطرق غير قانونية..

يذكر أن البيان الختامي المشترك أعلن فيه القادة الثلاثة أنّهم "اتّفقوا على تكوين فرق عمل مشتركة تُعهد لها إحكام تنسيق الجهود لتامين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظّمة".

كما " اتّفقوا على "توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء".

واتفق قادة الدول الثلاث على "ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتدعيم مقومات الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتعزيز مناعتها لا سيما مع بروز متغيرات ومستجدات إقليمية وأزمات دولية متلاحقة وفارقة لم يعد بالإمكان لأي دولة أن تواجه تداعياتها بمفردها".

وأكدوا على "تمسك الدول الثلاث باستقلال القرار الوطني النابع من إرادة شعوبها وحرصها على إقامة علاقات مع البلدان والتجمعات الإقليمية والدولية الأخرى في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

 

تنامي تدفقات المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء

تجدر الإشارة في هذا المجال أن تقريرا في ديسمبر 2023 عن المنظمة الدولية للهجرة حذر من موجات هجرة انطلاقا من النيجر كنتيجة لإلغاء السلطة العسكرية في هذا البلد لقانون تجريم تهريب الأشخاص عبر الحدود، متوقعا عبور أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين إلى الجزائر وليبيا ومنها إلى تونس، من مدينة أغاديز بوسط شمال النيجر.

وأفاد التقرير بأن طريق شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط إلى ايطاليا كان خلال 2023 أكثر طرق الهجرة ازدحاما في أوروبا، والمهاجرون القادمون من شمال أفريقيا، أغلبهم من رعايا دول جنوب الصحراء»، مشيراً إلى أنه بحلول منتصف ديسمبر2023 وصل أكثر من 152 ألف مهاجر بهذه الطريقة إلى إيطاليا مقابل 105 آلاف سنة 2022.

ووفق تقرير صدر عن وزارة الداخلية الجزائرية فإن المهاجرين الذين يدخلون الجزائر ينحدرون من 44 بلدا إفريقيا مؤكدة وجودا لافتا لمواطني النيجر بينهم بحكم التقارب الجغرافي.. وتعتقد السلطات الجزائرية أن الصراعات الداخلية والاضطرابات الأمنية في بلدان الساحل الإفريقي تمثل سببا رئيسيا في دخول مواطنيها إلى الجزائر بأعداد كبيرة..

ومن شأن التنسيق الأمني بين الدول الثلاث التي لها حدود مشتركة وضع إستراتيجية مشتركة لمواجهة الهجرة غير النظامية، خاصة بعد تردي الأوضاع الأمنية والاجتماعية في دول الشرق الإفريقي مثل السودان، والساحل، مثل مالي وبوركينافاسو والنيجر والغابون؛ باعتبارها نقاط انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، عبر ليبيا وتونس.

اتفاقيات أمنية ثنائية

يذكر أن وزيري داخلية تونس وليبيا اتفقا في اجتماع مشترك بينهما في 9 أوت 2023 على ضرورة مزيد التنسيق والتعاون الثنائي في المجال الأمني خاصّة في مجال تبادل المعلومات والتكوين ومكافحة الجريمة المنظمة.

وتمّ خلال الجلسة الإشارة إلى أهمية ملف المهاجرين الأفارقة من دول الساحل وجنوب الصحراء وما له من تداعيات على البلدين والحدّ من تدفقهم على الحدود، الأمر الذي يحتّم تضافر الجهود والتنسيق المشترك لإيجاد الحلول الكفيلة التي من شأنها مراعاة المصلحة العليا للبلدين.

واتفق الطرفان أيضا على دعوة المنظمات الدولية إلى معاضدة مجهودات الدولة والهلال الأحمر التونسي في تقديم الدعم الإنساني وعدم التردّد في القيام بواجبها تجاه المهاجرين والإحاطة بهم.

في نفس السياق، احتضنت الجزائر في 29 و30 جانفي 2024 اجتماعات أمنية بين وزيري داخلية تونس والجزائر، وكان عنوانها الرئيسي مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتصدي لجرائم التهريب، وهي الاجتماعات التي تزامنت مع انعقاد الدورة الأولى لـ”اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية-التونسية”، التي تم إطلاقها في أكتوبر الماضي..

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews