تتميّز تونس عن بقية بلدان العالم، بترسانة قوانين يغيب عنها دائما مراعاة ظروف الناس وحاجاتهم. تبقى تونس العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تتوفّر فيها فضاءات عمومية أو حتى خاصة على ذِمَّة المواطنين لقضاء حاجياتهم الخاصة، حتى محطات النقل والعديد من المقاهي تفتقر الى ذلك. هل هذا أمر معقول؟!. فكّرت مطوّلا في سبب تسرّع مصالح البيئة والنظافة في اعتماد الرّدع لكلّ مواطن يضطرّ إلى قضاء حاجة في الطريق العام أو يبصق، لم أجد من تفسير له إلاّ إسقاط الأمر على قرار آخر، كان اتَّخَذ من نفس المصالح وهو المتمثٌل في إلغاء العمل بالأكياس البلاستيكية بالمساحات الكبرى بما خدم مصالح جهة معيّنة على حساب أخرى، وهو نفس الوضع الحاصل اليوم فالمستفيد الأكبر من هذا الإجراء مصانع "الحفّاظات" المخصّصة للكهول والمناديل الورقية...!. دورات المياه العامة لا وجود لها في تونس. لماذا هذا التجاهل؟ وكيف يمكن أن نفسر أننا نتخلى عن أمر هو أوكد حاجات الإنسان؟.. في غياب القوانين والقواعد التنظيمية، فإن المجالس البلدية تتجاهل هذه القضية، وكأنها ستحل نفسها بنفسها. مجالس لا تذكر أهمية ذلك المكان فهي طريق راحة وصحة وحتى ربح وفير بيئيا وماديا وإنقاذا للأرواح. فمن دونها تنتشر الأمراض الفتاكة بسرعة.
من سمات العقل التونسي أنه غالبا ما يفضل التخلص من المشاكل بدلا من مواجهتها؟ فإن إيجاد مثل هذه الفضاءات حقّ من حقوق المواطنة وخدمة لصورة البلد، فالسياح الذين يجوبون أسواقنا ومدننا دائما يصدمون بهذا المشكل ويجدون نفسهم خاصة النساء في حرج كبير بالسّؤال عن أمر من هذا القبيل. لكن المصيبة تعظم ليس بالفقدان وحده، بل ما نكتشفه فيما هو متوفّر على قلَته القليلة، في محطات القطار ومواقف الاستراحة بالطرقات السريعة التي دورات مياه تبدو وكأنها تجاويف للأمراض أكثر من كونها مرافق صحية.
هل فقدنا كل إحساس بالصالح العام واحترام أنفسنا والآخرين؟ هل إن عقولنا أصبحت قذرة مثل هذه دورات المياه. لدرجة أننا لا نستطيع أن نرى أن هناك خطأ ما؟ . " … نحن جميعا متساوون، في مواجهة نقص دورات المياه العامة وفي قاذورات ما توفر منها. إن "دورات المياه أكثر أهمية من المعابد" هذا ما كان أعلنه رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي والذي كانت خطته حصول جميع الهنود على مراحيض آمنة ومستدامة واعتبر ذلك حقّا من حقوق الناس !!. أما الصين فقد أعلنت قبل ثلاث سنوات "ثورة المراحيض" وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن الصين أنفقت 1.04 مليار يوان في بناء وتحديث 68 ألف مرحاض وهو ما يزيد عن هدف 57 ألفا الذي كانت حددته الحكومة. قلة هم الذين يعرفون أنّ قضاء الحاجة الخاصة في محيط متوفر ونظيف هو أهم موارد التفكير الفعّال !!. يقال عادة بعض الأفكار العظيمة لا تولد إلا في دورات المياه وقت قضاء الحاجة !!.
يرويها: أبوبكر الصغير
تتميّز تونس عن بقية بلدان العالم، بترسانة قوانين يغيب عنها دائما مراعاة ظروف الناس وحاجاتهم. تبقى تونس العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تتوفّر فيها فضاءات عمومية أو حتى خاصة على ذِمَّة المواطنين لقضاء حاجياتهم الخاصة، حتى محطات النقل والعديد من المقاهي تفتقر الى ذلك. هل هذا أمر معقول؟!. فكّرت مطوّلا في سبب تسرّع مصالح البيئة والنظافة في اعتماد الرّدع لكلّ مواطن يضطرّ إلى قضاء حاجة في الطريق العام أو يبصق، لم أجد من تفسير له إلاّ إسقاط الأمر على قرار آخر، كان اتَّخَذ من نفس المصالح وهو المتمثٌل في إلغاء العمل بالأكياس البلاستيكية بالمساحات الكبرى بما خدم مصالح جهة معيّنة على حساب أخرى، وهو نفس الوضع الحاصل اليوم فالمستفيد الأكبر من هذا الإجراء مصانع "الحفّاظات" المخصّصة للكهول والمناديل الورقية...!. دورات المياه العامة لا وجود لها في تونس. لماذا هذا التجاهل؟ وكيف يمكن أن نفسر أننا نتخلى عن أمر هو أوكد حاجات الإنسان؟.. في غياب القوانين والقواعد التنظيمية، فإن المجالس البلدية تتجاهل هذه القضية، وكأنها ستحل نفسها بنفسها. مجالس لا تذكر أهمية ذلك المكان فهي طريق راحة وصحة وحتى ربح وفير بيئيا وماديا وإنقاذا للأرواح. فمن دونها تنتشر الأمراض الفتاكة بسرعة.
من سمات العقل التونسي أنه غالبا ما يفضل التخلص من المشاكل بدلا من مواجهتها؟ فإن إيجاد مثل هذه الفضاءات حقّ من حقوق المواطنة وخدمة لصورة البلد، فالسياح الذين يجوبون أسواقنا ومدننا دائما يصدمون بهذا المشكل ويجدون نفسهم خاصة النساء في حرج كبير بالسّؤال عن أمر من هذا القبيل. لكن المصيبة تعظم ليس بالفقدان وحده، بل ما نكتشفه فيما هو متوفّر على قلَته القليلة، في محطات القطار ومواقف الاستراحة بالطرقات السريعة التي دورات مياه تبدو وكأنها تجاويف للأمراض أكثر من كونها مرافق صحية.
هل فقدنا كل إحساس بالصالح العام واحترام أنفسنا والآخرين؟ هل إن عقولنا أصبحت قذرة مثل هذه دورات المياه. لدرجة أننا لا نستطيع أن نرى أن هناك خطأ ما؟ . " … نحن جميعا متساوون، في مواجهة نقص دورات المياه العامة وفي قاذورات ما توفر منها. إن "دورات المياه أكثر أهمية من المعابد" هذا ما كان أعلنه رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي والذي كانت خطته حصول جميع الهنود على مراحيض آمنة ومستدامة واعتبر ذلك حقّا من حقوق الناس !!. أما الصين فقد أعلنت قبل ثلاث سنوات "ثورة المراحيض" وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن الصين أنفقت 1.04 مليار يوان في بناء وتحديث 68 ألف مرحاض وهو ما يزيد عن هدف 57 ألفا الذي كانت حددته الحكومة. قلة هم الذين يعرفون أنّ قضاء الحاجة الخاصة في محيط متوفر ونظيف هو أهم موارد التفكير الفعّال !!. يقال عادة بعض الأفكار العظيمة لا تولد إلا في دورات المياه وقت قضاء الحاجة !!.