إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. رياض منصور ودموع الرجال..

 

مواقف الدول لا تقاس بحجمها الديموغرافي ولا الاقتصادي ولا بثرواتها ولا بموقعها الاستراتيجي.. ومن هنا الحديث عن موقف جمهورية بربادوس أمس في الأمم المتحدة وقرارها رسميا الاعتراف وبعد يومين على الفيتو الأمريكي الظالم بدولة فلسطين وتأكيدها أنه آن الأوان لتصحيح خطأ تاريخي طال أمده.. موقف لا يستخف به وكل موقف مؤيد للدولة الفلسطينية مكسب في ظل الإصرار الأمريكي الإسرائيلي على إنكار ونفي هذا الحق الذي يفترض أنه ينسجم مع كل القوانين الدولية ومعها مواقف كل دول العالم بحق الشعوب في تقرير المصير دون استثناء..

الذين سخروا من إعلان باربادوس وسألوا عن تأثيرها عليهم أن يستحضروا جملة من الحقائق فباربادوس جمهورية حديثة وناشئة في منطقة الكارييب وهذه الجمهورية الفتية النائية التي لا يربطها شيء بمنطقة الشرق الأوسط وبتاريخها ولا بجذورها ولا بشعوبها.. وقد اختارت باربادوس الانسلاخ عن التاج البريطاني وقررت بعد خمسين عاما عن استقلالها عن بريطانيا في نوفمبر 2021 أن تخرج من وضع ما "وصفته بالتسكع في الماضي الاستعماري".

بلد لا تزيد مساحته عن 430 كيلومترا مربعا وعدد سكانه عن ربع مليون، ولا يبعد عن جزر سانت فنسينت وغرينادينز التي دأبت على التصويت مع أمريكا وإسرائيل ضد القضية الفلسطينية ..

..بربادوس التي يمكن أن تواجه ضغوطات وعقوبات بعد هذه الخطوة سجلت موقفا مشرفا لم تستطع دول كبيرة متنفذة في الأمم المتحدة أن تقدم عليه.. والأكيد أن في هذه الخطوة على رمزيتها ما يعني أن صوت فلسطين وصوت غزة وما يجري في القطاع من جرائم إبادة جماعية ذهب ضحيتها حتى الآن الآلاف من نساء وأطفال وشيوخ وشباب دون اعتبار لعدد المفقودين تحت الأنقاض ولحجم الخسائر بعد أن تحولت غزة الى ركام وبات يستحيل فيها العيش ..

درس من باربادوس الصغيرة في حجمها الكبيرة في معانيها، ولا يمكن الاستهانة به وهو يسجل للقضية الفلسطينية وللمعركة الديبلوماسية والسياسية التي يخوضها الفلسطينيون منذ عقود.. بلع خبر معاني الاستعمار وجرائمه وعلى وعي بمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ عقود وهذا الوعي الشعبي الذي فرضته محنة غزة مسألة يجب الاستثمار فيها بعد أن تجاوز المد التضامني مع القضية كل الحدود..

وبالعودة الى ملابسات جلسة التصويت على الطلب الفلسطيني لنيل العضوية الكاملة والخروج من دائرة عضو مراقب فإن المعركة التي خاضها رياض منصور ممثل فلسطين الدائم في الأمم المتحدة لم تكن هينة وكانت أيضا حرب أعصاب وحرب قانون في مواجهة صحاب الفيتو القوة الأولى في العالم ..

صحيح أنه لا أحد كان يتوقع موقفا غير الذي حدث من جانب الإدارة الأمريكية ولكن ما حدث من شأنه أن يدق المسمار الأخير في مصداقية أمريكا وفي نواياها بشأن دعم حل الدولتين.. ولو توفر الحد الأدنى من المنطق لما كانت إدارة بايدن رفضت في ثلاث مناسبات قرارا بوقف إطلاق النار وإيقاف العدوان على غزة ولما كانت أمطرت أهالي القطاع بالصواريخ والقنابل التي تتكرم بها على حليفها الإسرائيلي ولما كانت قبلت باستمرار إغلاق المعابر وقبلت بإلقاء المساعدات الغذائية لأهالي القطاع المجوعين عبر المظلات فتصيب من تصيب وتقتل من تقتل وتجعل خبز غزة بطعم الدم ..

كان الإحساس بالقهر والإحباط واضحا على ملامح سفير فلسطين رياض منصور وهو يحبس دموعه ويحاول تلاوة بيان فلسطين بعد الفيتو المخزي الذي رفعته القوة الكبرى في العالم لإجهاض قرار الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة المؤسسة الأممية التي ضمت الى عضويتها قبل سبعين عاما الكيان الإسرائيلي ولكنها تفشل في منح هذا الحق لأصحابه ..

رياض منصور الذي حرص على إبلاغ رسالته الى العالم أكد أن إرادة الشعب الفلسطيني أكبر من أن يكسرها الفيتو الأمريكي الذي لن يزيله من التاريخ والجغرافيا وأنه سيظل يدافع عن أرضه وعن حقه في البقاء والحرية والسيادة ..

وليست هذه المرة الأولى التي يقف فيها منصور مثل هذا الموقف فقد أعلن قبل أيام من تصويت مجلس الأمن عن قرار لإيقاف الحرب انه ذهب الى السفيرة الأمريكية وتوسل لها ألا تصوت ضد هذا القرار وأن تدفع الى إيقاف المجزرة المستمرة في حق شعبه وهو طبعا ما لم يحدث، لأن الإدارة الأمريكية غير معنية بإنهاء العدوان أو بالضغط على الحليف الإسرائيلي المتمادي في التمرد على العالم ..

الحقيقة أيضا أن إعلان الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على عدد من المستوطنين بسبب اعتداءاتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية مسألة تدعو للسخرية تماما كما هو الحال في تبرير موقفها بشان إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانه لا يتعارض مع دعمها وتأييدها حل الدولتين...

أمر لا يستحق التعليق وهو يتنزل في إطار محاولة حفظ بقية من ماء الوجه أمام هذه الممارسات التي تجاوزت كل حدود اللياقة الديبلوماسية ودخلت مجال الوقاحة الديبلوماسية بامتياز إن كان للامتياز موقع ..

يمكن القول إن ترحيب السلطة الفلسطينية بقرار باربادوس في مثل هذا التوقيت مسألة مهمة تؤكد أن المعركة لا تزال طويلة ومعقدة لإقناع ودفع مختلف دول العالم للاعتراف ودعم إعلان الدولة الفلسطينية وهو حق وليس منة ..

آسيا العتروس

 

 

 

 

 

 

مواقف الدول لا تقاس بحجمها الديموغرافي ولا الاقتصادي ولا بثرواتها ولا بموقعها الاستراتيجي.. ومن هنا الحديث عن موقف جمهورية بربادوس أمس في الأمم المتحدة وقرارها رسميا الاعتراف وبعد يومين على الفيتو الأمريكي الظالم بدولة فلسطين وتأكيدها أنه آن الأوان لتصحيح خطأ تاريخي طال أمده.. موقف لا يستخف به وكل موقف مؤيد للدولة الفلسطينية مكسب في ظل الإصرار الأمريكي الإسرائيلي على إنكار ونفي هذا الحق الذي يفترض أنه ينسجم مع كل القوانين الدولية ومعها مواقف كل دول العالم بحق الشعوب في تقرير المصير دون استثناء..

الذين سخروا من إعلان باربادوس وسألوا عن تأثيرها عليهم أن يستحضروا جملة من الحقائق فباربادوس جمهورية حديثة وناشئة في منطقة الكارييب وهذه الجمهورية الفتية النائية التي لا يربطها شيء بمنطقة الشرق الأوسط وبتاريخها ولا بجذورها ولا بشعوبها.. وقد اختارت باربادوس الانسلاخ عن التاج البريطاني وقررت بعد خمسين عاما عن استقلالها عن بريطانيا في نوفمبر 2021 أن تخرج من وضع ما "وصفته بالتسكع في الماضي الاستعماري".

بلد لا تزيد مساحته عن 430 كيلومترا مربعا وعدد سكانه عن ربع مليون، ولا يبعد عن جزر سانت فنسينت وغرينادينز التي دأبت على التصويت مع أمريكا وإسرائيل ضد القضية الفلسطينية ..

..بربادوس التي يمكن أن تواجه ضغوطات وعقوبات بعد هذه الخطوة سجلت موقفا مشرفا لم تستطع دول كبيرة متنفذة في الأمم المتحدة أن تقدم عليه.. والأكيد أن في هذه الخطوة على رمزيتها ما يعني أن صوت فلسطين وصوت غزة وما يجري في القطاع من جرائم إبادة جماعية ذهب ضحيتها حتى الآن الآلاف من نساء وأطفال وشيوخ وشباب دون اعتبار لعدد المفقودين تحت الأنقاض ولحجم الخسائر بعد أن تحولت غزة الى ركام وبات يستحيل فيها العيش ..

درس من باربادوس الصغيرة في حجمها الكبيرة في معانيها، ولا يمكن الاستهانة به وهو يسجل للقضية الفلسطينية وللمعركة الديبلوماسية والسياسية التي يخوضها الفلسطينيون منذ عقود.. بلع خبر معاني الاستعمار وجرائمه وعلى وعي بمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ عقود وهذا الوعي الشعبي الذي فرضته محنة غزة مسألة يجب الاستثمار فيها بعد أن تجاوز المد التضامني مع القضية كل الحدود..

وبالعودة الى ملابسات جلسة التصويت على الطلب الفلسطيني لنيل العضوية الكاملة والخروج من دائرة عضو مراقب فإن المعركة التي خاضها رياض منصور ممثل فلسطين الدائم في الأمم المتحدة لم تكن هينة وكانت أيضا حرب أعصاب وحرب قانون في مواجهة صحاب الفيتو القوة الأولى في العالم ..

صحيح أنه لا أحد كان يتوقع موقفا غير الذي حدث من جانب الإدارة الأمريكية ولكن ما حدث من شأنه أن يدق المسمار الأخير في مصداقية أمريكا وفي نواياها بشأن دعم حل الدولتين.. ولو توفر الحد الأدنى من المنطق لما كانت إدارة بايدن رفضت في ثلاث مناسبات قرارا بوقف إطلاق النار وإيقاف العدوان على غزة ولما كانت أمطرت أهالي القطاع بالصواريخ والقنابل التي تتكرم بها على حليفها الإسرائيلي ولما كانت قبلت باستمرار إغلاق المعابر وقبلت بإلقاء المساعدات الغذائية لأهالي القطاع المجوعين عبر المظلات فتصيب من تصيب وتقتل من تقتل وتجعل خبز غزة بطعم الدم ..

كان الإحساس بالقهر والإحباط واضحا على ملامح سفير فلسطين رياض منصور وهو يحبس دموعه ويحاول تلاوة بيان فلسطين بعد الفيتو المخزي الذي رفعته القوة الكبرى في العالم لإجهاض قرار الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة المؤسسة الأممية التي ضمت الى عضويتها قبل سبعين عاما الكيان الإسرائيلي ولكنها تفشل في منح هذا الحق لأصحابه ..

رياض منصور الذي حرص على إبلاغ رسالته الى العالم أكد أن إرادة الشعب الفلسطيني أكبر من أن يكسرها الفيتو الأمريكي الذي لن يزيله من التاريخ والجغرافيا وأنه سيظل يدافع عن أرضه وعن حقه في البقاء والحرية والسيادة ..

وليست هذه المرة الأولى التي يقف فيها منصور مثل هذا الموقف فقد أعلن قبل أيام من تصويت مجلس الأمن عن قرار لإيقاف الحرب انه ذهب الى السفيرة الأمريكية وتوسل لها ألا تصوت ضد هذا القرار وأن تدفع الى إيقاف المجزرة المستمرة في حق شعبه وهو طبعا ما لم يحدث، لأن الإدارة الأمريكية غير معنية بإنهاء العدوان أو بالضغط على الحليف الإسرائيلي المتمادي في التمرد على العالم ..

الحقيقة أيضا أن إعلان الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على عدد من المستوطنين بسبب اعتداءاتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية مسألة تدعو للسخرية تماما كما هو الحال في تبرير موقفها بشان إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانه لا يتعارض مع دعمها وتأييدها حل الدولتين...

أمر لا يستحق التعليق وهو يتنزل في إطار محاولة حفظ بقية من ماء الوجه أمام هذه الممارسات التي تجاوزت كل حدود اللياقة الديبلوماسية ودخلت مجال الوقاحة الديبلوماسية بامتياز إن كان للامتياز موقع ..

يمكن القول إن ترحيب السلطة الفلسطينية بقرار باربادوس في مثل هذا التوقيت مسألة مهمة تؤكد أن المعركة لا تزال طويلة ومعقدة لإقناع ودفع مختلف دول العالم للاعتراف ودعم إعلان الدولة الفلسطينية وهو حق وليس منة ..

آسيا العتروس

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews