إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على اثر جرائم الإبادة الحاصلة في غزة اليوم .. "إسرائيل في حالة عصيان واضحة ضد الشرعية والقانون الدولي "

إن المتأمل للعدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي على غزة وتواصله يستخلص أن الغرب لم يتخلص من نظرته الاستعمارية للشعوب

بقلم "الحبيب الذوادي "

تستمر إسرائيل منذ أكتوبر 2023 إلى تاريخ اليوم في ارتكاب المجزرة تلو الأخرى في حق الفلسطينيين مستهدفة المدنيين العزل ، والمستشفيات ودور العبادة ، والمساجد ،والمدراس ، والنازحين ضاربة عرض الحائط لكل المواثيق والقوانين الدولية ، غير آبهة بدعوات وقف إطلاق النار الصادرة عن عديد الدول ، أو المنظمات الدولية والأممية المعنية بحقوق الإنسان ، بل نراها اليوم وفي ظل الحرب الشرسة مستمرة في الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية الرامية لتهجير أصحاب الأرض ، وزيادة وتيرة الاستيطان في مسعى لتبديل التركيبة السكانية ، حتى يتم تنفيذ المشروع الاستيطاني بها الذي سوف يؤدي إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في الأرض المحتلة ، المتعارض والمتناقض مع قواعد القانون الدولي الذي يحرم بشكل قاطع الاستيطان الاستيطاني لما فيه من عدوان صارخ على الأرض والإنسان وذلك على اثر نجاحه في إغراء الدول العظمى تاريخيا التي بينها الحل والعقد ، بربط مصالحها بمصالح اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين ، حيث أعطت حينها بريطانيا الضوء الأخضر في بدء وتنفيذ المخطط الصهيوني للاستيطان في فلسطين ، و إنشاء الدولة الإسرائيلية ، تلتها أمريكا لاحقا لتعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للامتداد و التوسع و تحقيق باقي أهداف وغايات الصهيونية .

لقد أعادت حرب الإبادة تشكيل القضية الفلسطينية ، وإبرازها على أنها قضية عادلة بعد أن تبين أن الأراضي الفلسطينية تخضع لاحتلال استيطاني ،يمارس داخلها جرائم حرب وعمليات إبادة جماعية ، بحيث كان العزم معقودا على اثر ما تقدم تطهير غزة من "حماس" و "كتائب القسام " وكل الجماعات التي تصنفها دولة الاحتلال والحلفاء على أنها "دولة إرهابية" ، إلا أن الغزاويون على وجه الخصوص اليوم بدوا أكثر تصميما على التشبث بالأرض والوطن والهوية ، فعقب إطلاق المقاومة شعار حقه في الدفاع عن نفسه ، إلى دعم الطرف المقابل الذي أسقطت عنه تهمة الإرهاب وبات ينظر إليه في عدة عواصم غربية وعالمية على أنه مقاومة مشروعة للاحتلال .

إن هذا المشهد بخصوص الملف الفلسطيني سمح بأن تتغير التوازنات الدولية في علاقة بالدعم السياسي ، والإنساني بحيث نجد اليوم صورة رمزية عنوانها الأول والأبرز وأن العالم بحكوماته وشعوبه قد انقسم إلى فرقين أولهما مؤيد وداعم للاحتلال بحيث يعتبر أن مستقبل الاحتلال وأمنه أولويته القصوى وهي تظم بالأساس أنظمة وحكومات الولايات المتحدة ، وبريطانيا ،وألمانيا وفرنسا ... والتي تسعى لأن يحقق الكيان المحتل انتصارا سياسيا واستراتيجيا أما بإطلاق يده في الحرب ، أو بقيادة مسار سياسي يمكنه من تحقيق ما عجزت عنه آلاته العسكرية .

بخلاف ما تقدم ذكره أعلاه نجد الرأي العام في هذه الدول وبدرجات متفاوتة يواصل احتجاجه على الحرب ويطالب بإنهائها ومؤيدا للفلسطينيين بل نجح الرأي العام في عديد العواصم الغربية والأوروبية إلى دفع الحكومات والإعلان عن مواقف رسمية غير مسبوقة على غرار ايرلندا ،اسبانيا ، النرويج ... كما برز الجنوب بدوله وشعوبه كحاضنة تقليدية للقضية الفلسطينية ، والحق الفلسطيني ، حيث طالبت 3 من دول أمريكا الجنوبية من سفراء الاحتلال بمغادرة أراضيها معلنة دعمها المطلق للفلسطينيين ، ومطالبتها بوقف الحرب ، أما بخصوص عواصم شرق آسيا على غرار بكين نجدها اليوم تقود جهودا دولية في مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف إطلاق النار والدفع بالصراع إلى مسار سياسي ينتهي بحل الدولتين .

أما بخصوص موقف أبرز دول القارة الإفريقية والتي من ضمنها تونس المعروفة بتقاليد وارث في الدفاع عن قضايا التحرر الوطني وفي مقدمتها قضية فلسطين وليس غريبا أن يكون الموقف التونسي بهذا الزخم الإنساني وبهذا الزخم الأخلاقي المساند للقضية ولحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة حيث استقبلت تونس جزءا من أبناء الشعب الفلسطيني بشكل يتناغم مع الموقف الشعبي التونسي ، في حين نجد اليوم أنه عار على لبعض الأنظمة والحكومات العربية خذلت اليوم غزة وأطفالها ونسائها ، وانساقت لإرادة الاحتلال بعدم تمطينهم من أبسط الاحتياجات فيما تتكدس المساعدات الغذائية والطبية وغيرها الى اليوم على المعابر ويموت دونها أهل غزة جوعا وعطشا ... فكانت بذلك غزة المكان الأخطر في العالم اليوم والشيء الذي يجعل البعض من الأنظمة المذكورة أعلاه تحت المساءلة التاريخية لعدم تحركها لإغاثة شعب تحت الحظر، مع استمرار الحرب الإسرائيلية في حصد الأرواح و تدمير أسباب الحياة .

عدد من المحاكم الدولية اليوم لعبت دورا مهما على اثر تقدم دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل دعوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتاريخ 29/12/2023 بعد اتهامها للكيان الصهيوني الغاصب بالسعي إلى إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، عقد على إثرها مجلس الأمن اجتماعا طارئا لإلزام إسرائيل بقرار محكمة العدل الدولية القاضي بدعوة إسرائيل إلى منع ارتكاب أي عمل يحتمل أن يرقى إلى الإبادة الجماعية في قطاع غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليه وذلك بعد رفضها الطلب الإسرائيلي بإسقاط الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا .

المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم ومقرها تونس وبخصوص الملف الفلسطيني نلحظها اليوم بقيت خيط الأمل المتبقي للقانون الدولي ، بما أنها خرجت على الأقل حتى الآن من طوع واشنطن وتل أبيب وتجرأت عن توجيه أصابع الاتهام إلى كيان الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة بحيث أقرت بشرعية المقاومة الفلسطينية وانتفاضة الدولة عن الكيان الصهيوني التي لا تتوفر فيه مقومات الدولة ، وسيتم تنفيذ هذا الحكم بمشروعيته القضية الفلسطينية العادلة التي تمثلها إرادة الشعب .

نلخص مما تقدم ان حرب غزة أثبتت والتي لم تعرف إسرائيل مثيلا لها من حيث المدة لا من حيث الخسائر ، ولا من حيث الإذلال ، بحيث أثبتت المقاومة الفلسطينية اليوم ، أنها سيدة الموقف والميدان رغم الخسائر المسجلة مؤكدة بذلك أن الدفاع عن الحق والأرض ، والاقتناع بالقضية أكبر سلاح لا تضاهيه الدبابات التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي والغربي ، فنجد إسرائيل اليوم في حالة عصيان ضد الشرعية الدولية ، فاللجوء إلى محكمة العدل الدولية وقراراتها تشكل اليوم قوة أدبية للحد من تصرفات إسرائيل في غزة على اثر عجز مجلس الأمن بحكم الفيتو الأمريكي الذي يعطل كل القرارات ، إلى جانب إنهاء الكيان الصهيوني كل شرعية المؤسسات الدولية بدوسه على كل الأحكام والقرارات التي تصدرها هذه الهياكل ، وتجاهلها لهذه المؤسسات وتطاولها على القانون الدولي .

إن المتأمل للعدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي على غزة اليوم وتواصله يستخلص أن الغرب لم يتخلص من نظرته الاستعمارية للشعوب فتجده لا يزال يشد حنين مستبطن للمرحلة الكولونيالية التي مارسها لفترة ، والذي روج له منظوره من المفكرين والسياسيين ... على فكرة العيش المشترك ، والاعتراف بالأخر، و الحق في الاختلاف ،بحيث عرت حرب غزة الوجه الحقيقي لهذا الغرب المهيمن على كل شيء في عالمنا اليوم من خلال حقيقته الرافضة للاختلاف وعاد إلى نفسه العميقة التي تأبى التعايش مع الاختلاف والاعتراف بالآخرين ، بل عاد الغرب الأطلسي إلى فكرة الهيمنة وفكر الإقصاء للأخر الذي يطالب بحقه في العيش بكرامة بعيدا عن أية وصاية .

في ظل ما تقدم ذكره تطرح في عالمنا اليوم العديد من الأسئلة لا بد من التطرق إليها على اثر هذا العدوان ، فهل بقي اليوم أمل في إصلاح القانون الدولي ؟ وبالذات منظمة الأمم المتحدة ؟ في ظل فشل هاته الأخيرة ولو إلى حين في إيجاد موقف واضح ضد الإبادة الجماعية والمجازر بغزة ؟

هل يمكن لعالمنا اليوم اتخاذ إجراءات لمنع الصراعات والأزمات الإنسانية التي ازدادت في إفريقيا وعلاماتها واضحة في السودان وما يعرفه من تطهير عرقي ؟ من خلال غياب حركة الإصلاح بحق الأمم المتحدة والتي ستفضي إلى زيادة مشاكل الأمن العالمي مستقبلا فهل ستصبح مجابهة هاته التهديدات أكبر صعوبة لتحقيق السلم والأمن أم أن الفوضى ستعرف مزيد الانتشار في نظامنا الدولي اليوم خصوصا بعد تجلي خطر الإبادة الجماعية على المستوى العالمي ، فإلى أين نحن ذاهبون ؟

كاتب وناشط بالحقل الجمعياتي بمدينة بنزرت

 

 

على اثر جرائم الإبادة الحاصلة في غزة اليوم .. "إسرائيل في حالة عصيان واضحة ضد الشرعية والقانون الدولي "

إن المتأمل للعدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي على غزة وتواصله يستخلص أن الغرب لم يتخلص من نظرته الاستعمارية للشعوب

بقلم "الحبيب الذوادي "

تستمر إسرائيل منذ أكتوبر 2023 إلى تاريخ اليوم في ارتكاب المجزرة تلو الأخرى في حق الفلسطينيين مستهدفة المدنيين العزل ، والمستشفيات ودور العبادة ، والمساجد ،والمدراس ، والنازحين ضاربة عرض الحائط لكل المواثيق والقوانين الدولية ، غير آبهة بدعوات وقف إطلاق النار الصادرة عن عديد الدول ، أو المنظمات الدولية والأممية المعنية بحقوق الإنسان ، بل نراها اليوم وفي ظل الحرب الشرسة مستمرة في الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية الرامية لتهجير أصحاب الأرض ، وزيادة وتيرة الاستيطان في مسعى لتبديل التركيبة السكانية ، حتى يتم تنفيذ المشروع الاستيطاني بها الذي سوف يؤدي إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في الأرض المحتلة ، المتعارض والمتناقض مع قواعد القانون الدولي الذي يحرم بشكل قاطع الاستيطان الاستيطاني لما فيه من عدوان صارخ على الأرض والإنسان وذلك على اثر نجاحه في إغراء الدول العظمى تاريخيا التي بينها الحل والعقد ، بربط مصالحها بمصالح اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين ، حيث أعطت حينها بريطانيا الضوء الأخضر في بدء وتنفيذ المخطط الصهيوني للاستيطان في فلسطين ، و إنشاء الدولة الإسرائيلية ، تلتها أمريكا لاحقا لتعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للامتداد و التوسع و تحقيق باقي أهداف وغايات الصهيونية .

لقد أعادت حرب الإبادة تشكيل القضية الفلسطينية ، وإبرازها على أنها قضية عادلة بعد أن تبين أن الأراضي الفلسطينية تخضع لاحتلال استيطاني ،يمارس داخلها جرائم حرب وعمليات إبادة جماعية ، بحيث كان العزم معقودا على اثر ما تقدم تطهير غزة من "حماس" و "كتائب القسام " وكل الجماعات التي تصنفها دولة الاحتلال والحلفاء على أنها "دولة إرهابية" ، إلا أن الغزاويون على وجه الخصوص اليوم بدوا أكثر تصميما على التشبث بالأرض والوطن والهوية ، فعقب إطلاق المقاومة شعار حقه في الدفاع عن نفسه ، إلى دعم الطرف المقابل الذي أسقطت عنه تهمة الإرهاب وبات ينظر إليه في عدة عواصم غربية وعالمية على أنه مقاومة مشروعة للاحتلال .

إن هذا المشهد بخصوص الملف الفلسطيني سمح بأن تتغير التوازنات الدولية في علاقة بالدعم السياسي ، والإنساني بحيث نجد اليوم صورة رمزية عنوانها الأول والأبرز وأن العالم بحكوماته وشعوبه قد انقسم إلى فرقين أولهما مؤيد وداعم للاحتلال بحيث يعتبر أن مستقبل الاحتلال وأمنه أولويته القصوى وهي تظم بالأساس أنظمة وحكومات الولايات المتحدة ، وبريطانيا ،وألمانيا وفرنسا ... والتي تسعى لأن يحقق الكيان المحتل انتصارا سياسيا واستراتيجيا أما بإطلاق يده في الحرب ، أو بقيادة مسار سياسي يمكنه من تحقيق ما عجزت عنه آلاته العسكرية .

بخلاف ما تقدم ذكره أعلاه نجد الرأي العام في هذه الدول وبدرجات متفاوتة يواصل احتجاجه على الحرب ويطالب بإنهائها ومؤيدا للفلسطينيين بل نجح الرأي العام في عديد العواصم الغربية والأوروبية إلى دفع الحكومات والإعلان عن مواقف رسمية غير مسبوقة على غرار ايرلندا ،اسبانيا ، النرويج ... كما برز الجنوب بدوله وشعوبه كحاضنة تقليدية للقضية الفلسطينية ، والحق الفلسطيني ، حيث طالبت 3 من دول أمريكا الجنوبية من سفراء الاحتلال بمغادرة أراضيها معلنة دعمها المطلق للفلسطينيين ، ومطالبتها بوقف الحرب ، أما بخصوص عواصم شرق آسيا على غرار بكين نجدها اليوم تقود جهودا دولية في مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف إطلاق النار والدفع بالصراع إلى مسار سياسي ينتهي بحل الدولتين .

أما بخصوص موقف أبرز دول القارة الإفريقية والتي من ضمنها تونس المعروفة بتقاليد وارث في الدفاع عن قضايا التحرر الوطني وفي مقدمتها قضية فلسطين وليس غريبا أن يكون الموقف التونسي بهذا الزخم الإنساني وبهذا الزخم الأخلاقي المساند للقضية ولحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة حيث استقبلت تونس جزءا من أبناء الشعب الفلسطيني بشكل يتناغم مع الموقف الشعبي التونسي ، في حين نجد اليوم أنه عار على لبعض الأنظمة والحكومات العربية خذلت اليوم غزة وأطفالها ونسائها ، وانساقت لإرادة الاحتلال بعدم تمطينهم من أبسط الاحتياجات فيما تتكدس المساعدات الغذائية والطبية وغيرها الى اليوم على المعابر ويموت دونها أهل غزة جوعا وعطشا ... فكانت بذلك غزة المكان الأخطر في العالم اليوم والشيء الذي يجعل البعض من الأنظمة المذكورة أعلاه تحت المساءلة التاريخية لعدم تحركها لإغاثة شعب تحت الحظر، مع استمرار الحرب الإسرائيلية في حصد الأرواح و تدمير أسباب الحياة .

عدد من المحاكم الدولية اليوم لعبت دورا مهما على اثر تقدم دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل دعوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتاريخ 29/12/2023 بعد اتهامها للكيان الصهيوني الغاصب بالسعي إلى إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، عقد على إثرها مجلس الأمن اجتماعا طارئا لإلزام إسرائيل بقرار محكمة العدل الدولية القاضي بدعوة إسرائيل إلى منع ارتكاب أي عمل يحتمل أن يرقى إلى الإبادة الجماعية في قطاع غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليه وذلك بعد رفضها الطلب الإسرائيلي بإسقاط الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا .

المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم ومقرها تونس وبخصوص الملف الفلسطيني نلحظها اليوم بقيت خيط الأمل المتبقي للقانون الدولي ، بما أنها خرجت على الأقل حتى الآن من طوع واشنطن وتل أبيب وتجرأت عن توجيه أصابع الاتهام إلى كيان الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة بحيث أقرت بشرعية المقاومة الفلسطينية وانتفاضة الدولة عن الكيان الصهيوني التي لا تتوفر فيه مقومات الدولة ، وسيتم تنفيذ هذا الحكم بمشروعيته القضية الفلسطينية العادلة التي تمثلها إرادة الشعب .

نلخص مما تقدم ان حرب غزة أثبتت والتي لم تعرف إسرائيل مثيلا لها من حيث المدة لا من حيث الخسائر ، ولا من حيث الإذلال ، بحيث أثبتت المقاومة الفلسطينية اليوم ، أنها سيدة الموقف والميدان رغم الخسائر المسجلة مؤكدة بذلك أن الدفاع عن الحق والأرض ، والاقتناع بالقضية أكبر سلاح لا تضاهيه الدبابات التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي والغربي ، فنجد إسرائيل اليوم في حالة عصيان ضد الشرعية الدولية ، فاللجوء إلى محكمة العدل الدولية وقراراتها تشكل اليوم قوة أدبية للحد من تصرفات إسرائيل في غزة على اثر عجز مجلس الأمن بحكم الفيتو الأمريكي الذي يعطل كل القرارات ، إلى جانب إنهاء الكيان الصهيوني كل شرعية المؤسسات الدولية بدوسه على كل الأحكام والقرارات التي تصدرها هذه الهياكل ، وتجاهلها لهذه المؤسسات وتطاولها على القانون الدولي .

إن المتأمل للعدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي على غزة اليوم وتواصله يستخلص أن الغرب لم يتخلص من نظرته الاستعمارية للشعوب فتجده لا يزال يشد حنين مستبطن للمرحلة الكولونيالية التي مارسها لفترة ، والذي روج له منظوره من المفكرين والسياسيين ... على فكرة العيش المشترك ، والاعتراف بالأخر، و الحق في الاختلاف ،بحيث عرت حرب غزة الوجه الحقيقي لهذا الغرب المهيمن على كل شيء في عالمنا اليوم من خلال حقيقته الرافضة للاختلاف وعاد إلى نفسه العميقة التي تأبى التعايش مع الاختلاف والاعتراف بالآخرين ، بل عاد الغرب الأطلسي إلى فكرة الهيمنة وفكر الإقصاء للأخر الذي يطالب بحقه في العيش بكرامة بعيدا عن أية وصاية .

في ظل ما تقدم ذكره تطرح في عالمنا اليوم العديد من الأسئلة لا بد من التطرق إليها على اثر هذا العدوان ، فهل بقي اليوم أمل في إصلاح القانون الدولي ؟ وبالذات منظمة الأمم المتحدة ؟ في ظل فشل هاته الأخيرة ولو إلى حين في إيجاد موقف واضح ضد الإبادة الجماعية والمجازر بغزة ؟

هل يمكن لعالمنا اليوم اتخاذ إجراءات لمنع الصراعات والأزمات الإنسانية التي ازدادت في إفريقيا وعلاماتها واضحة في السودان وما يعرفه من تطهير عرقي ؟ من خلال غياب حركة الإصلاح بحق الأمم المتحدة والتي ستفضي إلى زيادة مشاكل الأمن العالمي مستقبلا فهل ستصبح مجابهة هاته التهديدات أكبر صعوبة لتحقيق السلم والأمن أم أن الفوضى ستعرف مزيد الانتشار في نظامنا الدولي اليوم خصوصا بعد تجلي خطر الإبادة الجماعية على المستوى العالمي ، فإلى أين نحن ذاهبون ؟

كاتب وناشط بالحقل الجمعياتي بمدينة بنزرت

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews