إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح": الانتخابات.. ومخاوف من العزوف

 

أصبحت هيئة الانتخابات مدعوة إلى ضرورة تحيين السجل الانتخابي بعد أن كانت قدرت في جانفي الماضي العدد الجملي للناخبين المسجّلين في تونس وخارجها بـ 9 ملايين و136 ألفا و502 مسجلين.

بعد التأكد من أن الانتخابات الرئاسية ستكون في الخريف المقبل وفي انتظار التعرف على تفاصيل ومراحل هذا الاستحقاق الانتخابي، بدأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في بحث الإجراءات الخاصة بتحيين السجل الانتخابي داخل تونس وخارجها.. كما تتبادل الهيئة، خلال اجتماعاتها، الرأي حول "إحداث خدمات رقمية جديدة"، في إطار الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة على غرار "تطبيقه الجوال" التي سيتم استغلالها في مختلف مراحل العمليـة الانتخابية، قصد تسهيل عمليات التسجيل والتحيين، وتزويد الناخبين بكافة المعلومات المطلوبة، وهو توجه سليم يمكّن من ربح الوقت وتسهيل عدة مراحل.

والمؤكد أن رقمنة الانتخابات يعد من المسائل المهمة من خلال إدخال بعض التطبيقات التي تسهل عملية التصويت وتضمن أكبر عدد من المشاركين في الاقتراع، كما تمكن من تقليص المصاريف والتخفيض من عدد المخالفات والخروقات، حيث نجحت هذه التجارب في عدة بلدان باستعمالها للتكنولوجيا في الاستحقاقات الانتخابية على غرار سلطنة عمان التي نظمت انتخابات مجلس الشورى في شهر أكتوبر الماضي عن بعد في مختلف مراحلها..، فالرقمنة تمكن من كسب الوقت وأقل تكلفة، كما أنها تمكن من عديد المعطيات الواضحة التي يمكن استعمالها لإعادة تحيين السجل الانتخابي وتقديم القراءات القريبة من الواقع.

وما من شك أن هيئة الانتخابات ستعمل على مزيد استعمال التكنولوجيا مع كل استحقاق انتخابي في الرئاسية ثم في الانتخابات البلدية التي يفترض أن تكون في السنة المقبلة، على أن كل هذا المجهود يجب أن يرافقها تفاعل المواطن بالاهتمام بالانتخابات على أساس أنها فرصته لاختيار من يمثله ويقوم بإيصال صوته حتى نتفادى العزوف الكبير عن التصويت (النسب المسجلة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة تؤكده)، وهو عزوف يثير المخاوف، فغياب المقترعين عن مراكز الانتخاب يحيل على عدة تأويلات.

والمؤكد أن مواجهة العزوف عن الانتخابات تبدأ بعودة التونسي إلى الاهتمام بالشأن العام.. إلا أن هذه العودة رهينة ما سيقدم له من برامج واقعية، وقابلة للتنفيذ، خلال الاستحقاقات الانتخابية.. كما أنه على الطبقة السياسية أن تنجح في إقناع الناخب بأهمية الانخراط في الشأن السياسي والتعبير عن مطالبه، وهذه كلها مسائل صعبة التحقيق طالما أن المواطن منهك بارتفاع الأسعار ويواجه الصعوبات في ظل تدهور المقدرة الشرائية..

والمؤكد أن المقترع هو أساس نجاح أي استحقاق انتخابي، لذلك على السياسيين أن يتمكنوا من كل آليات الجذب وحسن تشخيص أسباب المقاطعة لإيجاد الوصفة الناجعة لمقاومتها.. وأن تكون لديهم ولبرامجهم وطرحهم المقبولية بما يمكن من إخراج المواطن من فضاء مشاكل الاستهلاك والعيش التي تعترضه يوميا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية..، وهذه مهمة الذين ينوون الإعلان عن ترشحهم للانتخابات الرئاسية المنتظرة (وحتى الذين أعلنوا ذلك)، وبالتالي استعادة الثقة في الساحة السياسية عامة والتي كانت فقدتها بسبب ما حدث على امتداد العشرية الأخيرة.. بل إن القناعة راسخة لدى التونسي بأن الأوضاع الراهنة نتاج لسياسات هذه العشرية.

وإذ لا يمكن إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بمنأى عن عودة الروح للساحة السياسية، باعتبار ترابط وتشابك وتقاطع هذه المجالات، فإن عودة التونسي للاهتمام بالشأن العام تستدعي مجهودا كبيرا من الفاعلين والناشطين حتى لا يتحول العزوف إلى أمر واقع.. فكل فرص استعادة الحياة السياسية للمواطن، حتى يكون فاعلا فيها، قائمة.

عبد الوهاب الحاج علي

 

أصبحت هيئة الانتخابات مدعوة إلى ضرورة تحيين السجل الانتخابي بعد أن كانت قدرت في جانفي الماضي العدد الجملي للناخبين المسجّلين في تونس وخارجها بـ 9 ملايين و136 ألفا و502 مسجلين.

بعد التأكد من أن الانتخابات الرئاسية ستكون في الخريف المقبل وفي انتظار التعرف على تفاصيل ومراحل هذا الاستحقاق الانتخابي، بدأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في بحث الإجراءات الخاصة بتحيين السجل الانتخابي داخل تونس وخارجها.. كما تتبادل الهيئة، خلال اجتماعاتها، الرأي حول "إحداث خدمات رقمية جديدة"، في إطار الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة على غرار "تطبيقه الجوال" التي سيتم استغلالها في مختلف مراحل العمليـة الانتخابية، قصد تسهيل عمليات التسجيل والتحيين، وتزويد الناخبين بكافة المعلومات المطلوبة، وهو توجه سليم يمكّن من ربح الوقت وتسهيل عدة مراحل.

والمؤكد أن رقمنة الانتخابات يعد من المسائل المهمة من خلال إدخال بعض التطبيقات التي تسهل عملية التصويت وتضمن أكبر عدد من المشاركين في الاقتراع، كما تمكن من تقليص المصاريف والتخفيض من عدد المخالفات والخروقات، حيث نجحت هذه التجارب في عدة بلدان باستعمالها للتكنولوجيا في الاستحقاقات الانتخابية على غرار سلطنة عمان التي نظمت انتخابات مجلس الشورى في شهر أكتوبر الماضي عن بعد في مختلف مراحلها..، فالرقمنة تمكن من كسب الوقت وأقل تكلفة، كما أنها تمكن من عديد المعطيات الواضحة التي يمكن استعمالها لإعادة تحيين السجل الانتخابي وتقديم القراءات القريبة من الواقع.

وما من شك أن هيئة الانتخابات ستعمل على مزيد استعمال التكنولوجيا مع كل استحقاق انتخابي في الرئاسية ثم في الانتخابات البلدية التي يفترض أن تكون في السنة المقبلة، على أن كل هذا المجهود يجب أن يرافقها تفاعل المواطن بالاهتمام بالانتخابات على أساس أنها فرصته لاختيار من يمثله ويقوم بإيصال صوته حتى نتفادى العزوف الكبير عن التصويت (النسب المسجلة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة تؤكده)، وهو عزوف يثير المخاوف، فغياب المقترعين عن مراكز الانتخاب يحيل على عدة تأويلات.

والمؤكد أن مواجهة العزوف عن الانتخابات تبدأ بعودة التونسي إلى الاهتمام بالشأن العام.. إلا أن هذه العودة رهينة ما سيقدم له من برامج واقعية، وقابلة للتنفيذ، خلال الاستحقاقات الانتخابية.. كما أنه على الطبقة السياسية أن تنجح في إقناع الناخب بأهمية الانخراط في الشأن السياسي والتعبير عن مطالبه، وهذه كلها مسائل صعبة التحقيق طالما أن المواطن منهك بارتفاع الأسعار ويواجه الصعوبات في ظل تدهور المقدرة الشرائية..

والمؤكد أن المقترع هو أساس نجاح أي استحقاق انتخابي، لذلك على السياسيين أن يتمكنوا من كل آليات الجذب وحسن تشخيص أسباب المقاطعة لإيجاد الوصفة الناجعة لمقاومتها.. وأن تكون لديهم ولبرامجهم وطرحهم المقبولية بما يمكن من إخراج المواطن من فضاء مشاكل الاستهلاك والعيش التي تعترضه يوميا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية..، وهذه مهمة الذين ينوون الإعلان عن ترشحهم للانتخابات الرئاسية المنتظرة (وحتى الذين أعلنوا ذلك)، وبالتالي استعادة الثقة في الساحة السياسية عامة والتي كانت فقدتها بسبب ما حدث على امتداد العشرية الأخيرة.. بل إن القناعة راسخة لدى التونسي بأن الأوضاع الراهنة نتاج لسياسات هذه العشرية.

وإذ لا يمكن إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بمنأى عن عودة الروح للساحة السياسية، باعتبار ترابط وتشابك وتقاطع هذه المجالات، فإن عودة التونسي للاهتمام بالشأن العام تستدعي مجهودا كبيرا من الفاعلين والناشطين حتى لا يتحول العزوف إلى أمر واقع.. فكل فرص استعادة الحياة السياسية للمواطن، حتى يكون فاعلا فيها، قائمة.

عبد الوهاب الحاج علي