إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. الجريمة.. والعقاب !.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

   هل نحتاج في كلّ مرة إلى العودة إلى النهل من قصص الأدب تحديدا تلك الرواية الاجتماعية النفسية الفلسفية ضمن أدب الجريمة من تأليف الروائي الروسي العظيم  فيودور دوستويفيسكي، الذي ينتقد فيها عدم المساواة الاجتماعية، ويصف البيئات الفقيرة، وإدمان الكحول، وسخرية أصحاب الثروات والأموال.

  أدار فيودور دوستويفيسكي ظهره للنزعة الغربية، نشأ لديه شغف تجاه الشعب الروسي، الذي اعتبره الشعب الوحيد الذي يمكنه جلب السعادة للإنسانية !.

 الجرائم طارئ اجتماعي تبهر الجماهير إلى حد دوافعهم السرية، على الرغم من حدتها، فإن جاذبيتها لا تتعلق بالتلصص المحض عن تفاصيلها وما خفي فيها بقدر ما تتعلق بالخوف والقلق الانعكاسي.

   إن الجريمة بالنسبة لأي إنسان مسرح وطبيعة وما تخلفه من مصائب خاصة ضحايا موقع موضوع نفسي واجتماعي وسياسي حقيقي، سيكون النقاش وردود الفعل هي جوهره النشط.

   توفر كل قضية جريمة كبرى، الفرصة لوضع الاختبار للحقيقة من خلال اختبار فكرة الحقيقة نفسها.

   تحت أي شروط يصبح المؤشر، على سبيل المثال، دليلا على اليقين في مواجهة الجريمة.

 ألسنا مضطرين إلى تلبية الطلب على المعنى، كما لو أن ارتكاب الفعل الإجرامي، بطبيعته غير العادية، أدى إلى تفاقم حاجتنا الحالية إلى الاستيعاب وإلى الفهم؟.

     كلّ جريمة  تشير إلى شيء أكبر منها، البحث عن الحقيقة،  اقتحام المجال الحميم، التحول من التمثيل، وشخصية المشتبه به وإلقاء الضوء عن الأسباب وعلى العديد من الدوافع الغامضة فيها .

  إذا كنا نواجه دائمًا المفارقات المتعلقة بالتفكير في الجريمة، فإن الأسئلة الأخلاقية وحتى السياسية التي تثيرها: الشر، والحرية، وإمكانية الحكم، لن تتمكن أبدًا من محو طعمها، الذي ليس سوى طعم مرارة الحياة نفسها.

  الجميع بلغه خبر جريمة القتل البشعة التي جدت في إحدى جهات قليبية والتي تمثلت تفاصيلها في اقتحام شخص أو عدة  أشخاص منزل عجوزين آمنين وقتل صاحبه ثم حرقه والاعتداء الشنيع على زوجته التي فرت قبل نقلها للمستشفى لتلقي العلاج من الصدمة .

 لئن لا تعرف حتى الآن دوافع الجريمة، وسط ادعاءات غير مؤكدة بشأن تورط أفارقة من جنوب الصحراء فيها أو عصابات منظمة وفي انتظار نتائج الأبحاث، فإن المؤكد انها هزًت الرأي العام وأثارت خوفا في قلوب التونسيين .

 قبل هذه الجريمة سمعنا بعشرات الجرائم الأخرى التي تشهدها ضيعات ومزارع حيث تهجم فيالق من الشباب المجرم لتقتل أصحابها وتسرق الأبقار والأغنام وما أمكن حمله .

 قبل جريمة عجوزي قليبية، كانت جريمة المرسى أيام العيد وقتل طفل من أجل جهاز هاتف الخ …

 قد يتّجه البعض إلى تفاسير ومبرّرات وضع الأزمة الاجتماعية والظروف المعيشية التي صعبت على التونسيين، لكن ما هو مؤكد أن في هذه الجرائم إشارات خطيرة جدا، بانّ هنالك من لم يعد يخشى السجن ويخاف العقاب من أجل تحقيق رغبة آنية كلًفه ذلك ما كلّفه .

إنّ الأمر يتجاوز النظر للمجرم هذا الإنسان الآخر على أنه مختلف أو عدائي، بقدر ما يجب البحث في قوى أو حتمية تنبثق إما من الأشخاص المعنيين بارتكاب الجرائم أو من البيئة التي تشكل محيطهم المعيشي.

 لنأخذ نموذجا واحدا، كيف تقدّم بعض البرامج والمسلسلات التلفزيونية وتتعاطى مع صورة المجرم والجريمة.. لو تمعنا في ذلك لأدركنا أنّنا صنعنا مصيبتنا بأيدينا وأنّ تفاقم الإجرام ليس نتاج عجز من سلطة في التصدي له وردعه بقدر ما هو صناعة إعلام سوء فكّر وخطّط من أجل "البوز" وجمع الأموال ولم يتساءل بأي ثمن وتكلفة !!.

    إن أفظع ما في القضية أنّنا لم نفهم شيئا ولم ندرك حجم ما يتهدّدنا  !.

حكاياتهم  ..  الجريمة.. والعقاب !.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

   هل نحتاج في كلّ مرة إلى العودة إلى النهل من قصص الأدب تحديدا تلك الرواية الاجتماعية النفسية الفلسفية ضمن أدب الجريمة من تأليف الروائي الروسي العظيم  فيودور دوستويفيسكي، الذي ينتقد فيها عدم المساواة الاجتماعية، ويصف البيئات الفقيرة، وإدمان الكحول، وسخرية أصحاب الثروات والأموال.

  أدار فيودور دوستويفيسكي ظهره للنزعة الغربية، نشأ لديه شغف تجاه الشعب الروسي، الذي اعتبره الشعب الوحيد الذي يمكنه جلب السعادة للإنسانية !.

 الجرائم طارئ اجتماعي تبهر الجماهير إلى حد دوافعهم السرية، على الرغم من حدتها، فإن جاذبيتها لا تتعلق بالتلصص المحض عن تفاصيلها وما خفي فيها بقدر ما تتعلق بالخوف والقلق الانعكاسي.

   إن الجريمة بالنسبة لأي إنسان مسرح وطبيعة وما تخلفه من مصائب خاصة ضحايا موقع موضوع نفسي واجتماعي وسياسي حقيقي، سيكون النقاش وردود الفعل هي جوهره النشط.

   توفر كل قضية جريمة كبرى، الفرصة لوضع الاختبار للحقيقة من خلال اختبار فكرة الحقيقة نفسها.

   تحت أي شروط يصبح المؤشر، على سبيل المثال، دليلا على اليقين في مواجهة الجريمة.

 ألسنا مضطرين إلى تلبية الطلب على المعنى، كما لو أن ارتكاب الفعل الإجرامي، بطبيعته غير العادية، أدى إلى تفاقم حاجتنا الحالية إلى الاستيعاب وإلى الفهم؟.

     كلّ جريمة  تشير إلى شيء أكبر منها، البحث عن الحقيقة،  اقتحام المجال الحميم، التحول من التمثيل، وشخصية المشتبه به وإلقاء الضوء عن الأسباب وعلى العديد من الدوافع الغامضة فيها .

  إذا كنا نواجه دائمًا المفارقات المتعلقة بالتفكير في الجريمة، فإن الأسئلة الأخلاقية وحتى السياسية التي تثيرها: الشر، والحرية، وإمكانية الحكم، لن تتمكن أبدًا من محو طعمها، الذي ليس سوى طعم مرارة الحياة نفسها.

  الجميع بلغه خبر جريمة القتل البشعة التي جدت في إحدى جهات قليبية والتي تمثلت تفاصيلها في اقتحام شخص أو عدة  أشخاص منزل عجوزين آمنين وقتل صاحبه ثم حرقه والاعتداء الشنيع على زوجته التي فرت قبل نقلها للمستشفى لتلقي العلاج من الصدمة .

 لئن لا تعرف حتى الآن دوافع الجريمة، وسط ادعاءات غير مؤكدة بشأن تورط أفارقة من جنوب الصحراء فيها أو عصابات منظمة وفي انتظار نتائج الأبحاث، فإن المؤكد انها هزًت الرأي العام وأثارت خوفا في قلوب التونسيين .

 قبل هذه الجريمة سمعنا بعشرات الجرائم الأخرى التي تشهدها ضيعات ومزارع حيث تهجم فيالق من الشباب المجرم لتقتل أصحابها وتسرق الأبقار والأغنام وما أمكن حمله .

 قبل جريمة عجوزي قليبية، كانت جريمة المرسى أيام العيد وقتل طفل من أجل جهاز هاتف الخ …

 قد يتّجه البعض إلى تفاسير ومبرّرات وضع الأزمة الاجتماعية والظروف المعيشية التي صعبت على التونسيين، لكن ما هو مؤكد أن في هذه الجرائم إشارات خطيرة جدا، بانّ هنالك من لم يعد يخشى السجن ويخاف العقاب من أجل تحقيق رغبة آنية كلًفه ذلك ما كلّفه .

إنّ الأمر يتجاوز النظر للمجرم هذا الإنسان الآخر على أنه مختلف أو عدائي، بقدر ما يجب البحث في قوى أو حتمية تنبثق إما من الأشخاص المعنيين بارتكاب الجرائم أو من البيئة التي تشكل محيطهم المعيشي.

 لنأخذ نموذجا واحدا، كيف تقدّم بعض البرامج والمسلسلات التلفزيونية وتتعاطى مع صورة المجرم والجريمة.. لو تمعنا في ذلك لأدركنا أنّنا صنعنا مصيبتنا بأيدينا وأنّ تفاقم الإجرام ليس نتاج عجز من سلطة في التصدي له وردعه بقدر ما هو صناعة إعلام سوء فكّر وخطّط من أجل "البوز" وجمع الأموال ولم يتساءل بأي ثمن وتكلفة !!.

    إن أفظع ما في القضية أنّنا لم نفهم شيئا ولم ندرك حجم ما يتهدّدنا  !.