إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اعتماداته تجاوزت 26 مليون دينار.. برنامج فرنسي تونسي لإنقاذ أكثر من 4500 مؤسسة صغرى متعثرة

تونس- الصباح

أطلقت الوكالة الفرنسية للتنمية بالتعاون مع بنك التضامن، مؤخرا ، برنامجا جديدا لإنقاذ المؤسسات الصغرى المتعثرة، تضمن تمويلات بقيمة 26.5 مليون دينار، وموجه لمساعدة أكثر من 4500 مؤسسة صغرى ومتوسطة أحدثت خلال الفترة بين 2017 و2022 وتواجه صعوبات.

ووفق ما تحصلت عليه "الصباح"، من معطيات حول البرنامج، فقد تقرر وفق التوجه العام لخطة الحكومة، اتخاذ إجراءات تتعلق بإعادة جدولة الديون المتخلدة بذمة هذه المؤسسات لدى البنك التونسي للتضامن، وإسناد قروض للتوسعة أو لاستعادة نسق النشاط بشروط ميسرة، بالإضافة الى فتح حساب بنكي للغرض لدى البنك التونسي للتضامن يسمح بإعادة استعمال القروض المستخلصة لتمويل مؤسسات صغرى متعثرة، فضلا عن مرافقة ودعم المؤسسات في مسارها نحو التعافي.

برنامج يمتد إلى جوان 2025

وسيستمر البرنامج حتى موفى شهر جوان 2025 ويهدف إلى دعم التمكين الاقتصادي للشباب، وتنويع منتجات التمويل، وتطوير آليات الإحاطة بالمؤسسات، وديمومة المؤسسات وتثبيت مواطن الشغل وخلق مواطن شغل جديدة.

ويشرف على تطبيق البرنامج كل من وزارة التشغيل والتكوين المهني، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك التونسي للتضامن، ووزارة المالية، ووكالة التكوين في مهن السياحة، ووكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي، ووكالة النهوض بالصناعة والتجديد.

ويُعدّ هذا البرنامج خطوة هامة لدعم المؤسسات الصغرى المتعثرة في تونس وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني.

وتشكل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي، حيث تساهم بأكثر من 60 % من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر أكثر من 70 % من فرص العمل. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات العديد من التحديات، مما يعيق نموها وتطورها.

ومن أبرز التحديات التي تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، اليوم، نقص التمويل، حيث تواجه العديد من المؤسسات صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لبدء أعمالها أو توسيعها، فضلا عن ضعف البنية التحتية، حيث تعاني تونس من نقص في البنية التحتية الرقمية، مما يعيق وصول المؤسسات إلى الأسواق العالمية، بالإضافة الى البيروقراطية، والتي تعمق أزمة اغلب المؤسسات في التعامل مع الإجراءات الإدارية المعقدة.

صعوبات في الحصول على تمويلات

كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس منافسة شديدة من المؤسسات الكبرى، والتي تتمتع بمزايا من حيث رأس المال والحجم والقدرة على الوصول إلى الأسواق. وهذا يضع ضغطًا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخفض الأسعار أو تحسين جودة منتجاتها وخدماتها. كما يواجه أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس صعوبة في الحصول على التمويل من المؤسسات المالية التقليدية، مثل البنوك. وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها ضعف الضمانات ومخاطر التمويل للمؤسسات الصغيرة.

كما تعاني المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من بعض التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها. على سبيل المثال، تتطلب بعض التشريعات الحصول على تراخيص وتصاريح معقدة وباهظة الثمن.

ويطالب أهل القطاع بالتدخل العاجل للدولة لتقديم المساعدة المالية لهذه الشركات والبحث عن خطط ناجعة لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسات التي تسببت في فقدان أكثر من 200 ألف موطن شغل منذ بداية جائحة كورونا في مارس من سنة 2020.

وأظهرت نتائج مسح سابقة شملت 248 شركة في قطاع النسيج والملابس، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، عن تراجع نشاط بعض الشركات بفعل جائحة كوفيد-19، وتوقف 40.3٪ من الشركات عن الإنتاج، بينما استمرّ 11.3٪ في إنتاج الملابس و40.7٪ اضطروا الى تكييف منتجاتهم عبر إنتاج لوازم الحماية المهنية، في حين قدرت كتلة الأجور غير المدفوعة بسبب أزمة جائحة كورونا لوحدها ب 32٪.

وشملت الدراسة 248 شركة موزعة على 9 مناطق و7 قطاعات إنتاجية، واستهدفت مختلف الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة مقسمة حسب 3 أنظمة (البيع في السوق المحلي، التصدير الجزئي والتصدير الكلي)، واستنتجت الدراسة أن غالبية الشركات عرفت تراجعا لنشاطها، وأجبر بعضها على تغيير أنشطته، كما أظهرت الدراسة مشاكل تعلقت بزيادة المخزون، واختلال التدفق النقدي، ودفع الأجور، واشتراكات الضمان الاجتماعي، مبرزة أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة السابقة غير كافية ودون انتظارات مختلف الأطراف المتداخلة.

إفلاس 30% من المؤسسات

وكان مدير معهد “One To One” يوسف المدّب، قد أفاد في تصريح سابق لـ"الصباح"، إنّ 32 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في حاجة الى تمويلات في شكل قروض، وجزء كبير منها لا تتم الاستجابة لطلبه، لافتا الى أن عدد الشركات الصغرى والمتوسطة بلغ قرابة 20 ألف مؤسسة وفق آخر تحيين صادر عن المعهد الوطني للإحصاء.

وكشف المدب، أن قرابة 10% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تديرها نساء، وتمثل تحديدا 2000 شركة، وقرابة 50% من الشركات تديرها نساء اقل من 48 سنة، في حين لدى الرجال تنزل النسبة الى 30% ، و82٪ من الشركات مسيرة من قبل نساء حاملات للشهائد العليا، وبالنسبة للرجل تنخفض النسبة الى 63%.

وأشار المدب في معرض حديثه، الى ارتفاع نسبة الشركات الصغرى والمتوسطة التي هي في حاجة الى تمويلات عاجلة، وكانت النسبة في العام الفارط في حدود 15%، بينما ارتفعت اليوم الى 32٪، وذلك نتيجة لآثار تداعيات جائحة كورونا والحرب شرق أوروبا، وأدى ذلك الى ظهور مشكلة السيولة لدى هذه الشركات، وهناك 34% من المؤسسات طلبت قروضا للاستثمار، مشيرا الى أن نسبة قبول البنوك لملفات الشركات التي هي في حاجة الى قروض، لإعادة تموقعها في الأسواق، كانت في حدود 50 %.

ولفت المدب الى أن 34 % من الشركات أقرت بارتفاع رقم معاملاتها، وكانت النسبة في حدود 15 % العام الماضي، في حين أن المعدل المطمئن قبل تداعيات جائحة كورونا، كان في حدود 60 %.

وكشف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي، في تصريح سابق لـ"الصباح"، عن إغلاق قرابة 30 ٪ بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة منذ بداية جائحة كوفيد-19 و25 ٪ على وشك الإفلاس، في حين تصارع البقية من أجل الاستمرار، ملمحا إلى أنه خلال السنوات القادمة، سترتفع نسبة المؤسسات التي ستغلق نهائيا الى نحو 60 ٪ في حال لم تبادر الحكومة الى وضع خطة طارئة لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الصناعية والتجارية.

كما حذرت منظمة الأعراف في وقت سابق، من خسارة المئات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مع موفى السنة الحالية، والتي أصبحت غير قادرة على سداد ديونها الخارجية والبنكية، ووصل العجز الى حد عدم قدرة بعض المؤسسات على خلاص فواتيرها من استهلاك الكهرباء، مؤكدين انه رغم تطمينات الحكومة وتصريحات المسؤولين، فإن منظمة الأعراف لا تلمس أي إجراءات عملية على أرض الواقع لإنقاذ المؤسسات من الإفلاس بالإضافة الى مواطن شغل الآلاف.

وحسب معطيات صادرة عن المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فإن القطاع الخاص خسر مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال جائحة كورونا، كما خسر الى حد اليوم 200 ألف موطن شغل، وسجلت جميع المؤسسات الصناعية والتجارية تراجعا في رقم معاملاتها ولم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، علما وأن كلفة الأجور البالغة في جل المؤسسات أكثر من 20 ٪ واحتياجاتها المقدرة بأكثر من 25٪ يقابله رقم معاملات لا يتجاوز 10 ٪، هذا دون احتساب نسبة 20 ٪ التزاماتها بدفع الأداءات.

تراكم الديون ونقص التمويلات

بدوره أفاد الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية لأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق الحواص في تصريح سابق لـ"الصباح ديجيتال" إن قرابة 200 ألف مؤسسة صغرى ومتوسطة في حالة إفلاس سنة 2023، لافتا الى أن الإحصائيات التي أجرتها الجمعية سنتي 2020 و2021 كشفت أن 80 ألف مؤسسة أغلقت. وبين ذات المصدر أن من أهم الأسباب التي كانت وراء الارتفاع الكبير للمؤسسات التي أعلنت إفلاسها، هو تراكم الديون لهذه المؤسسات جراء أزمة الكوفيد 19، بالإضافة الى العقوبات السالبة المتعلقة بشيك دون رصيد والتي تطالب الجمعية بتغييرها في أسرع الآجال.

وتشهد تونس أزمة متفاقمة في إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال عام 2024، حيث تشير الإحصائيات إلى إغلاق ما يقارب 200 ألف مؤسسة خلال عام 2023، مع توقعات بارتفاع هذا العدد خلال العام الحالي.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات، تمثلت في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وانخفاض قيمة الدينار التونسي، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تقلص الطلب على السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وفاقمت جائحة كورونا من الأزمة الاقتصادية، حيث أدت إلى إغلاق العديد من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، خاصة تلك التي تعمل في قطاعات السياحة والضيافة والترفيه. كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة العديد من الصعوبات الإدارية، مثل التعقيدات في الحصول على التراخيص والرخص، والضرائب المرتفعة، مما يزيد من تكلفة التشغيل ويحد من فرص نموها، بالإضافة الى صعوبة الحصول على التمويل من البنوك، مما يحد من قدرتها على الاستثمار والتوسع. ويؤدي إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى فقدان العديد من الوظائف، مما يزيد من معدلات البطالة في البلاد، خاصة بين الشباب. كما تلعب المؤسسات الصغرى والمتوسطة دورًا هامًا في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث توفر فرص عمل وتساهم في تحفيز الاقتصاد. ويؤدي إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى تدهور الوضع الاجتماعي، حيث تفقد العديد من الأسر مصدر دخلها الرئيسي.

ولمواجهة العديد من التحديات خلال 2024 ، يرى العديد من الخبراء اليوم، أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، في حاجة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، منها التركيز على الابتكار، حيث يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التغلب على المنافسة من خلال التركيز على الابتكار، والتميز في منتجاتها وخدماتها، وتطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تحسين فرصها في النمو من خلال تطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، مثل توفير المواد الخام أو الخدمات لها، والاستفادة من التمويل غير التقليدي، مثل التمويل الجماعي، لتوفير التمويل الذي تحتاجه. وإذا تمكنت المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من مواجهة هذه التحديات، فإنها ستظل تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي وتوفر فرص عمل للشباب والنساء.

 سفيان المهداوي

اعتماداته تجاوزت 26 مليون دينار..   برنامج فرنسي تونسي لإنقاذ أكثر من 4500 مؤسسة صغرى متعثرة

تونس- الصباح

أطلقت الوكالة الفرنسية للتنمية بالتعاون مع بنك التضامن، مؤخرا ، برنامجا جديدا لإنقاذ المؤسسات الصغرى المتعثرة، تضمن تمويلات بقيمة 26.5 مليون دينار، وموجه لمساعدة أكثر من 4500 مؤسسة صغرى ومتوسطة أحدثت خلال الفترة بين 2017 و2022 وتواجه صعوبات.

ووفق ما تحصلت عليه "الصباح"، من معطيات حول البرنامج، فقد تقرر وفق التوجه العام لخطة الحكومة، اتخاذ إجراءات تتعلق بإعادة جدولة الديون المتخلدة بذمة هذه المؤسسات لدى البنك التونسي للتضامن، وإسناد قروض للتوسعة أو لاستعادة نسق النشاط بشروط ميسرة، بالإضافة الى فتح حساب بنكي للغرض لدى البنك التونسي للتضامن يسمح بإعادة استعمال القروض المستخلصة لتمويل مؤسسات صغرى متعثرة، فضلا عن مرافقة ودعم المؤسسات في مسارها نحو التعافي.

برنامج يمتد إلى جوان 2025

وسيستمر البرنامج حتى موفى شهر جوان 2025 ويهدف إلى دعم التمكين الاقتصادي للشباب، وتنويع منتجات التمويل، وتطوير آليات الإحاطة بالمؤسسات، وديمومة المؤسسات وتثبيت مواطن الشغل وخلق مواطن شغل جديدة.

ويشرف على تطبيق البرنامج كل من وزارة التشغيل والتكوين المهني، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك التونسي للتضامن، ووزارة المالية، ووكالة التكوين في مهن السياحة، ووكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي، ووكالة النهوض بالصناعة والتجديد.

ويُعدّ هذا البرنامج خطوة هامة لدعم المؤسسات الصغرى المتعثرة في تونس وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني.

وتشكل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي، حيث تساهم بأكثر من 60 % من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر أكثر من 70 % من فرص العمل. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات العديد من التحديات، مما يعيق نموها وتطورها.

ومن أبرز التحديات التي تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، اليوم، نقص التمويل، حيث تواجه العديد من المؤسسات صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لبدء أعمالها أو توسيعها، فضلا عن ضعف البنية التحتية، حيث تعاني تونس من نقص في البنية التحتية الرقمية، مما يعيق وصول المؤسسات إلى الأسواق العالمية، بالإضافة الى البيروقراطية، والتي تعمق أزمة اغلب المؤسسات في التعامل مع الإجراءات الإدارية المعقدة.

صعوبات في الحصول على تمويلات

كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس منافسة شديدة من المؤسسات الكبرى، والتي تتمتع بمزايا من حيث رأس المال والحجم والقدرة على الوصول إلى الأسواق. وهذا يضع ضغطًا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخفض الأسعار أو تحسين جودة منتجاتها وخدماتها. كما يواجه أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس صعوبة في الحصول على التمويل من المؤسسات المالية التقليدية، مثل البنوك. وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها ضعف الضمانات ومخاطر التمويل للمؤسسات الصغيرة.

كما تعاني المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من بعض التشريعات والإجراءات الإدارية التي تعيق عملها. على سبيل المثال، تتطلب بعض التشريعات الحصول على تراخيص وتصاريح معقدة وباهظة الثمن.

ويطالب أهل القطاع بالتدخل العاجل للدولة لتقديم المساعدة المالية لهذه الشركات والبحث عن خطط ناجعة لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسات التي تسببت في فقدان أكثر من 200 ألف موطن شغل منذ بداية جائحة كورونا في مارس من سنة 2020.

وأظهرت نتائج مسح سابقة شملت 248 شركة في قطاع النسيج والملابس، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، عن تراجع نشاط بعض الشركات بفعل جائحة كوفيد-19، وتوقف 40.3٪ من الشركات عن الإنتاج، بينما استمرّ 11.3٪ في إنتاج الملابس و40.7٪ اضطروا الى تكييف منتجاتهم عبر إنتاج لوازم الحماية المهنية، في حين قدرت كتلة الأجور غير المدفوعة بسبب أزمة جائحة كورونا لوحدها ب 32٪.

وشملت الدراسة 248 شركة موزعة على 9 مناطق و7 قطاعات إنتاجية، واستهدفت مختلف الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة مقسمة حسب 3 أنظمة (البيع في السوق المحلي، التصدير الجزئي والتصدير الكلي)، واستنتجت الدراسة أن غالبية الشركات عرفت تراجعا لنشاطها، وأجبر بعضها على تغيير أنشطته، كما أظهرت الدراسة مشاكل تعلقت بزيادة المخزون، واختلال التدفق النقدي، ودفع الأجور، واشتراكات الضمان الاجتماعي، مبرزة أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة السابقة غير كافية ودون انتظارات مختلف الأطراف المتداخلة.

إفلاس 30% من المؤسسات

وكان مدير معهد “One To One” يوسف المدّب، قد أفاد في تصريح سابق لـ"الصباح"، إنّ 32 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في حاجة الى تمويلات في شكل قروض، وجزء كبير منها لا تتم الاستجابة لطلبه، لافتا الى أن عدد الشركات الصغرى والمتوسطة بلغ قرابة 20 ألف مؤسسة وفق آخر تحيين صادر عن المعهد الوطني للإحصاء.

وكشف المدب، أن قرابة 10% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تديرها نساء، وتمثل تحديدا 2000 شركة، وقرابة 50% من الشركات تديرها نساء اقل من 48 سنة، في حين لدى الرجال تنزل النسبة الى 30% ، و82٪ من الشركات مسيرة من قبل نساء حاملات للشهائد العليا، وبالنسبة للرجل تنخفض النسبة الى 63%.

وأشار المدب في معرض حديثه، الى ارتفاع نسبة الشركات الصغرى والمتوسطة التي هي في حاجة الى تمويلات عاجلة، وكانت النسبة في العام الفارط في حدود 15%، بينما ارتفعت اليوم الى 32٪، وذلك نتيجة لآثار تداعيات جائحة كورونا والحرب شرق أوروبا، وأدى ذلك الى ظهور مشكلة السيولة لدى هذه الشركات، وهناك 34% من المؤسسات طلبت قروضا للاستثمار، مشيرا الى أن نسبة قبول البنوك لملفات الشركات التي هي في حاجة الى قروض، لإعادة تموقعها في الأسواق، كانت في حدود 50 %.

ولفت المدب الى أن 34 % من الشركات أقرت بارتفاع رقم معاملاتها، وكانت النسبة في حدود 15 % العام الماضي، في حين أن المعدل المطمئن قبل تداعيات جائحة كورونا، كان في حدود 60 %.

وكشف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي، في تصريح سابق لـ"الصباح"، عن إغلاق قرابة 30 ٪ بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة منذ بداية جائحة كوفيد-19 و25 ٪ على وشك الإفلاس، في حين تصارع البقية من أجل الاستمرار، ملمحا إلى أنه خلال السنوات القادمة، سترتفع نسبة المؤسسات التي ستغلق نهائيا الى نحو 60 ٪ في حال لم تبادر الحكومة الى وضع خطة طارئة لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الصناعية والتجارية.

كما حذرت منظمة الأعراف في وقت سابق، من خسارة المئات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مع موفى السنة الحالية، والتي أصبحت غير قادرة على سداد ديونها الخارجية والبنكية، ووصل العجز الى حد عدم قدرة بعض المؤسسات على خلاص فواتيرها من استهلاك الكهرباء، مؤكدين انه رغم تطمينات الحكومة وتصريحات المسؤولين، فإن منظمة الأعراف لا تلمس أي إجراءات عملية على أرض الواقع لإنقاذ المؤسسات من الإفلاس بالإضافة الى مواطن شغل الآلاف.

وحسب معطيات صادرة عن المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فإن القطاع الخاص خسر مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال جائحة كورونا، كما خسر الى حد اليوم 200 ألف موطن شغل، وسجلت جميع المؤسسات الصناعية والتجارية تراجعا في رقم معاملاتها ولم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، علما وأن كلفة الأجور البالغة في جل المؤسسات أكثر من 20 ٪ واحتياجاتها المقدرة بأكثر من 25٪ يقابله رقم معاملات لا يتجاوز 10 ٪، هذا دون احتساب نسبة 20 ٪ التزاماتها بدفع الأداءات.

تراكم الديون ونقص التمويلات

بدوره أفاد الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية لأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق الحواص في تصريح سابق لـ"الصباح ديجيتال" إن قرابة 200 ألف مؤسسة صغرى ومتوسطة في حالة إفلاس سنة 2023، لافتا الى أن الإحصائيات التي أجرتها الجمعية سنتي 2020 و2021 كشفت أن 80 ألف مؤسسة أغلقت. وبين ذات المصدر أن من أهم الأسباب التي كانت وراء الارتفاع الكبير للمؤسسات التي أعلنت إفلاسها، هو تراكم الديون لهذه المؤسسات جراء أزمة الكوفيد 19، بالإضافة الى العقوبات السالبة المتعلقة بشيك دون رصيد والتي تطالب الجمعية بتغييرها في أسرع الآجال.

وتشهد تونس أزمة متفاقمة في إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال عام 2024، حيث تشير الإحصائيات إلى إغلاق ما يقارب 200 ألف مؤسسة خلال عام 2023، مع توقعات بارتفاع هذا العدد خلال العام الحالي.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات، تمثلت في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وانخفاض قيمة الدينار التونسي، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تقلص الطلب على السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وفاقمت جائحة كورونا من الأزمة الاقتصادية، حيث أدت إلى إغلاق العديد من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، خاصة تلك التي تعمل في قطاعات السياحة والضيافة والترفيه. كما تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة العديد من الصعوبات الإدارية، مثل التعقيدات في الحصول على التراخيص والرخص، والضرائب المرتفعة، مما يزيد من تكلفة التشغيل ويحد من فرص نموها، بالإضافة الى صعوبة الحصول على التمويل من البنوك، مما يحد من قدرتها على الاستثمار والتوسع. ويؤدي إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى فقدان العديد من الوظائف، مما يزيد من معدلات البطالة في البلاد، خاصة بين الشباب. كما تلعب المؤسسات الصغرى والمتوسطة دورًا هامًا في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث توفر فرص عمل وتساهم في تحفيز الاقتصاد. ويؤدي إفلاس المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى تدهور الوضع الاجتماعي، حيث تفقد العديد من الأسر مصدر دخلها الرئيسي.

ولمواجهة العديد من التحديات خلال 2024 ، يرى العديد من الخبراء اليوم، أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، في حاجة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، منها التركيز على الابتكار، حيث يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التغلب على المنافسة من خلال التركيز على الابتكار، والتميز في منتجاتها وخدماتها، وتطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، كما يمكن للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تحسين فرصها في النمو من خلال تطوير علاقات تجارية مع المؤسسات الكبرى، مثل توفير المواد الخام أو الخدمات لها، والاستفادة من التمويل غير التقليدي، مثل التمويل الجماعي، لتوفير التمويل الذي تحتاجه. وإذا تمكنت المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس من مواجهة هذه التحديات، فإنها ستظل تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد التونسي وتوفر فرص عمل للشباب والنساء.

 سفيان المهداوي