إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد: في يوم الأسير الفلسطيني.. جثث الشهداء الأسرى رهينة لدى السجان..

 

كثيرة هي المآسي والمحن التي يعيش على وقعها الفلسطينيون منذ عقود والتي تفاقمت على وقع حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة منذ مائة وخمسة وتسعين يوما بما يجعل أهالي القطاع يستنزفون جهودهم وقدراتهم وما توفر لديهم من إمكانيات للأحياء وما يعانونه من تجويع وتهجير وإبادة ولكن دون أن يسقطوا من الذاكرة مصير أبنائهم وذويهم الغائبين في سجون الاحتلال ولكن أيضا جثث الشهداء الأسرى الذين يرفض الاحتلال أن يمنح عائلاتهم فرصة لإكرامهم وإعلان الحداد على من فارقوهم دون أن يسمح لهم بوداعهم أو إلقاء النظرة الأخيرة عليهم.. رجل الكهف.. مانديلا المضاعف.. المفكر.. أبوميلاد.. صاحب النطفة المهربة من سجون الاحتلال.. ألقاب ارتبطت بالأسير الشهيد وليد دقة الذي قضى في سجون الاحتلال أكثر من نصف عمره وقد توفي قبل أيام وهو في الثانية والستين من عمره بعد أن قضى ثمانية وثلاثين عاما في السجون الإسرائيلية ورغم انتهاء محكوميته قبل سنتين ورغم إصابته بمرض خطير فقد رفض الاحتلال كل نداءات المنظمات الإنسانية والحقوقية الفلسطينية والدولية بالإفراج عنه مع استمرار تدهور حالته الصحية وحاجته للعلاج.. جثة وليد دقة شأنها شأن جثث أكثر من عشرين أسيرا فلسطينيا استشهدوا في ظروف غامضة في سجون الاحتلال لا تزال محتجزة لدى سجون الاحتلال التي تستكثر على أهاليهم الذين لم تكتب لهم رؤيتهم وهم أحياء أن يودعوهم الى مثواهم الأخير ويكرموهم وذلك في إطار سادية الاحتلال وإصراره على الانتقام من الأموات كما الأحياء.. سياسة إسرائيلية قديمة لا تختلف في شيء عن ممارسات النازيين ..

وليد دقة اسم يخشاه الاحتلال حيا وميتا وهو الذي لم تمنع أسوار الاحتلال العالية من تجاوز قيود السجان ونشر كتاباته وروايته وإثراء الذاكرة الفلسطينية بشهادات وبطولات الأسرى الفلسطينيين الذين تحدوا كل أنواع القيود واستطاعوا التحليق عاليا بأحلامهم من أجل الحرية والكرامة.. وليد دقة أسير فلسطيني محكوم بالمؤبد وقد حددت مدة الحكم لاحقا بـسبعة وثلاثين عاما ثم أُضيف إليها عامان.. أطلق على نفسه لقب رجل الكهف.. استطاع أن يكمل دراسته في السجن.. وأن يكون حاضرا بالغياب في المشهد الأدبي والثقافي الفلسطيني، متمردا على حصون الاحتلال.. سيسجل تاريخ الأسرى الفلسطينيين أن وليد دقة تزوج من المرأة التي عشقها  سناء سلامة في سجن عسقلان قصة لم تتكرر بعد ذلك في سجون الاحتلال. حفل زفاف استمر ثلاث ساعات ولكن الصحف الفلسطينية والعالمية تحدثت عنه لأيام  وتم بحضور عائلتي العروسين وفتحت يومها ولأول مرة أبواب السجن للعروس التي تجملت وارتدت الثوب الأبيض وزفت على وقع الطبول بحضور عدد من الأسرى.. طبعا لم يكن بالإمكان تحقيق ذلك دون  خوض معركة طويلة استمرت أشهرا لتحقيق هذا الحلم.. وبعد اثني عشرة عاما أمكن للأسير وليد دقة أن يصبح أبا بعد تهريب نطفة الى خارج السجن وهو في سنّ 57 عاما.. طبعا لم يكتب له أن يرى طفلته مباشرة ولم يكتب له أن يحتضنها.. اختار لها من الأسماء ميلاد وهو على قناعة بأنه يصنع ميلاده ويكنى أبوميلاد التي تركها وهي في سن الرابعة ..

من مؤلفات وليد دقة "الزمن الموازي".. وهو الزمن الذي كان يأخذه في أحلامه الى خارج السجن ليعانق ما يطمح إليه من حق في الحياة والإبداع والكرامة ...

لم يتسن لوليد دقة في يوم الأسير أن يهنأ أو يستريح في قبره وهو الفارس الذي لم يتوقف لحظة عن خوض المعارك، ولم يتسن لعائلته إكرامه أو إعلان حدادها.. وفي هذا اليوم 17 أفريل وهو التاريخ الذي اعتمده وتبناه المجلس الوطني الفلسطيني في سنة 1974 وهو اليوم الذي سجل أطول إضراب وتمرد وعصيان مدني في التاريخ الحديث ضد الاحتلال ليكون يوماً وطنياً وعالمياً لمساندة ونصرة الأسرى وحقوقهم العادلة في الكرامة والحرية والإنعتاق من قيود الاحتلال، لا يزال نحو عشرة آلاف أسير فلسطيني بينهم نساء وأمهات وأطفال قيد الاحتجاز نصفهم اعتقلوا خلال الأشهر الماضية مع  العدوان الإسرائيلي على غزة.. طبعا ولأنه ليس هناك بيت فلسطيني أو عائلة فلسطينية لم تقدم الشهداء والأسرى، يبقى تحرير جثمان الأسير وليد دقة ورفاقه معركة تضاف لبقية المعارك الفلسطينية في زمن معاداة الإنسانية..

آسيا العتروس

 

كثيرة هي المآسي والمحن التي يعيش على وقعها الفلسطينيون منذ عقود والتي تفاقمت على وقع حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة منذ مائة وخمسة وتسعين يوما بما يجعل أهالي القطاع يستنزفون جهودهم وقدراتهم وما توفر لديهم من إمكانيات للأحياء وما يعانونه من تجويع وتهجير وإبادة ولكن دون أن يسقطوا من الذاكرة مصير أبنائهم وذويهم الغائبين في سجون الاحتلال ولكن أيضا جثث الشهداء الأسرى الذين يرفض الاحتلال أن يمنح عائلاتهم فرصة لإكرامهم وإعلان الحداد على من فارقوهم دون أن يسمح لهم بوداعهم أو إلقاء النظرة الأخيرة عليهم.. رجل الكهف.. مانديلا المضاعف.. المفكر.. أبوميلاد.. صاحب النطفة المهربة من سجون الاحتلال.. ألقاب ارتبطت بالأسير الشهيد وليد دقة الذي قضى في سجون الاحتلال أكثر من نصف عمره وقد توفي قبل أيام وهو في الثانية والستين من عمره بعد أن قضى ثمانية وثلاثين عاما في السجون الإسرائيلية ورغم انتهاء محكوميته قبل سنتين ورغم إصابته بمرض خطير فقد رفض الاحتلال كل نداءات المنظمات الإنسانية والحقوقية الفلسطينية والدولية بالإفراج عنه مع استمرار تدهور حالته الصحية وحاجته للعلاج.. جثة وليد دقة شأنها شأن جثث أكثر من عشرين أسيرا فلسطينيا استشهدوا في ظروف غامضة في سجون الاحتلال لا تزال محتجزة لدى سجون الاحتلال التي تستكثر على أهاليهم الذين لم تكتب لهم رؤيتهم وهم أحياء أن يودعوهم الى مثواهم الأخير ويكرموهم وذلك في إطار سادية الاحتلال وإصراره على الانتقام من الأموات كما الأحياء.. سياسة إسرائيلية قديمة لا تختلف في شيء عن ممارسات النازيين ..

وليد دقة اسم يخشاه الاحتلال حيا وميتا وهو الذي لم تمنع أسوار الاحتلال العالية من تجاوز قيود السجان ونشر كتاباته وروايته وإثراء الذاكرة الفلسطينية بشهادات وبطولات الأسرى الفلسطينيين الذين تحدوا كل أنواع القيود واستطاعوا التحليق عاليا بأحلامهم من أجل الحرية والكرامة.. وليد دقة أسير فلسطيني محكوم بالمؤبد وقد حددت مدة الحكم لاحقا بـسبعة وثلاثين عاما ثم أُضيف إليها عامان.. أطلق على نفسه لقب رجل الكهف.. استطاع أن يكمل دراسته في السجن.. وأن يكون حاضرا بالغياب في المشهد الأدبي والثقافي الفلسطيني، متمردا على حصون الاحتلال.. سيسجل تاريخ الأسرى الفلسطينيين أن وليد دقة تزوج من المرأة التي عشقها  سناء سلامة في سجن عسقلان قصة لم تتكرر بعد ذلك في سجون الاحتلال. حفل زفاف استمر ثلاث ساعات ولكن الصحف الفلسطينية والعالمية تحدثت عنه لأيام  وتم بحضور عائلتي العروسين وفتحت يومها ولأول مرة أبواب السجن للعروس التي تجملت وارتدت الثوب الأبيض وزفت على وقع الطبول بحضور عدد من الأسرى.. طبعا لم يكن بالإمكان تحقيق ذلك دون  خوض معركة طويلة استمرت أشهرا لتحقيق هذا الحلم.. وبعد اثني عشرة عاما أمكن للأسير وليد دقة أن يصبح أبا بعد تهريب نطفة الى خارج السجن وهو في سنّ 57 عاما.. طبعا لم يكتب له أن يرى طفلته مباشرة ولم يكتب له أن يحتضنها.. اختار لها من الأسماء ميلاد وهو على قناعة بأنه يصنع ميلاده ويكنى أبوميلاد التي تركها وهي في سن الرابعة ..

من مؤلفات وليد دقة "الزمن الموازي".. وهو الزمن الذي كان يأخذه في أحلامه الى خارج السجن ليعانق ما يطمح إليه من حق في الحياة والإبداع والكرامة ...

لم يتسن لوليد دقة في يوم الأسير أن يهنأ أو يستريح في قبره وهو الفارس الذي لم يتوقف لحظة عن خوض المعارك، ولم يتسن لعائلته إكرامه أو إعلان حدادها.. وفي هذا اليوم 17 أفريل وهو التاريخ الذي اعتمده وتبناه المجلس الوطني الفلسطيني في سنة 1974 وهو اليوم الذي سجل أطول إضراب وتمرد وعصيان مدني في التاريخ الحديث ضد الاحتلال ليكون يوماً وطنياً وعالمياً لمساندة ونصرة الأسرى وحقوقهم العادلة في الكرامة والحرية والإنعتاق من قيود الاحتلال، لا يزال نحو عشرة آلاف أسير فلسطيني بينهم نساء وأمهات وأطفال قيد الاحتجاز نصفهم اعتقلوا خلال الأشهر الماضية مع  العدوان الإسرائيلي على غزة.. طبعا ولأنه ليس هناك بيت فلسطيني أو عائلة فلسطينية لم تقدم الشهداء والأسرى، يبقى تحرير جثمان الأسير وليد دقة ورفاقه معركة تضاف لبقية المعارك الفلسطينية في زمن معاداة الإنسانية..

آسيا العتروس

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews