إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أثارت جدلا وقسمت المواقف.. إجراءات جديدة للتبليغ عن الفساد في الوسط المدرسي

 

تونس- الصباح

أثار البلاغ الصادر عن وزارة التربية يوم السبت الماضي حول الإجراءات الجديدة التي تقرر إتباعها بداية من 30 أفريل الجاري في إطار متابعة ملفات الفساد في هذه الوزارة جدلا ساخنا في الوسط التربوي وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي،  وتباينت بشأنه الآراء بين مؤدين ورافضين.

 وجاء في هذا البلاغ الذي نشرته الوزارة على موقعها الرسمي أنه في سياق حرص الدولة التونسية ووزارة التربية على وضع حد لاستشراء الفساد بشتى أنواعه ومنع مزيد تغلغله في أواصل المنظومة التربوية والمرفق العمومي تقرر بعث خلية استقبال لملفات الفساد في صيغتها الورقية تعود بالنظر إلى الخلية المركزية للحوكمة بوزارة التربية وتحت الإشراف المباشر لوزيرة التربية، وتكون الملفات ممضاة من المعنيين بالشأن ومرفقة وجوبا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ولا تقبل المراسلات الالكترونية أو الاتصالات الهاتفية من أي كان. كما لا تقبل الرسائل مجهولة المصدر، ويتم إيداع الملفات حضوريا بمكتب الخلية أو بمكتب الضبط المركزي بالوزارة أو عبر التراسل البريدي مضمون الوصول على عنوان الوزارة الكائن بشارع باب بنات بالعاصمة، وأشار نفس البلاغ إلى أنه سيقع الشروع في اعتماد هذا التمشي بداية من يوم 30 أفريل الجاري.

ويرى بعض منظوري وزارة التربية أن هذه الخطوة التي اتخذتها الوزيرة الجديدة تبعث على الارتياح وتدل على توفر إرادة سياسية في مكافحة الفساد  الذي ينخر المنظومة التربوية وتنم عن رغبة في مأسسة التبليغ عن الفساد وإكساء عمليات التبيلغ الجدية المطلوبة وبالتالي تلافي الإشعارات الكاذبة والابلاغات الكيدية.

في حين يرى آخرون أن رفض الإبلاغ عن ملفات الفساد عن طريق المراسلات الالكترونية أو الاتصالات الهاتفية أو عن طريق الرسائل مجهولة المصدر من شأنه أن يحد من عمليات التبليغ عن الفساد بسبب خوف الراغب في التبليغ من إمكانية تعريض نفسه للمضايقات والتهديدات  والتشفي والعقوبات المقنعة والإجراءات التعسفية والتأديبية.

وهناك في المقابل من تمسكوا بضرورة التقيد بأحكام القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين الذي يعد مكسبا من مكاسب الثورة، لأنه طالما لم يقع إلغاء هذا القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب بعد مخاض عسير في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 22 فيفري 2017 فإنه مازال نافذا وساري المفعول ويتعين تفعيله، فبموجبه يتولى المبلّغ تقديم الإبلاغ كتابيا ويتمّ إيداع الإبلاغ مباشرة لدى هيئة مكافحة الفساد مقابل وصل يسلّم وجوبا في الغرض أو عن طريق البريد مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ، وإذا كان المبلّغ مكفوفا أو يعاني من أي إعاقة جسدية أخرى أو كان لا يحسن الكتابة فله أن يقدم إبلاغه مباشرة للهيئة التي يحرر أحد أعضائها محضرا في الغرض يتضمن تفاصيل الإبلاغ هذا ويمكن الإبلاغ عن حالات الفساد عبر المنظومات الإلكترونية الرسمية المخصصة للغرض، ويجب على المبلّغ كشف هويته لدى الهيئة وله أن يطلب الحفاظ على سرية هويته في جميع مراحل التثبت من إبلاغه ويجب أن يتضمّن الإبلاغ عن الفساد اسم ولقب المبلّغ وعنوانه ورقم بطاقة تعريفه، والتسمية الاجتماعية والمقر الاجتماعي إذا كان المبلّغ شخصا معنويا، والأفعال موضوع الإبلاغ، وهوية الشخص أو الهيكل موضوع الإبلاغ عن حالات الفساد.

دسترة هيئة مكافحة الفساد

 وفتح بلاغ وزارة التربية حول متابعة ملفات الفساد الباب من جديد للمطالبة بإعادة فتح هيئة مكافحة الفساد التي تم غلق مقرها منذ 20 أوت 2021 وبتنقيح القانون المحدث لها في اتجاه ملاءمته مع دستور 2022 لأنها ضامنة لحماية المبلغين عن الفساد، ولأن القانون نص حرفيا على أنها هي الجهة المختصة بتلقي الإبلاغ عن الفساد، حيث جاء فيه أنه على المبلّغ أن يوجه الإبلاغ عن الفساد وجوبا للهيئة التي عليها أن تتخذ التدابير الضامنة لحماية هويته وأن الهيئة تختص وجوبا بالنظر في الإبلاغ عن حالات الفساد إذا كان المبلغ عنه رئيسا للهيكل العمومي المعني، وإذا كان المبلغ عنه أحد أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة أو المجلس الأعلى للقضاء أو المحكمة الدستورية أو مجلس نواب الشعب أو الجماعات المحلية، وإذا كان المبلغ عنه ينتمي إلى القطاع الخاص، ولها أن تحيل ما خرج عن ذلك إلى الهياكل المعنية دون منع المبلّغ من اللجوء مباشرة للقضاء في كل الحالات.

ونص نفس القانون الصادر سنة 2017 على أنه يتعيّن على كل هيكل عمومي تحديد الهيكل الإداري المختص داخله، بتلقي الإبلاغ عن شبهات الفساد المحالة إليه من قبل الهيئة والبحث فيها، ويجب عليه تيسير عمل هذا الهيكل الإداري المختص وذلك بتمكينه من الموارد المادية والبشرية الضرورية لأداء مهامه وعدم التدخل في أعماله. كما على الهيئة مواصلة النظر في ملفات الإبلاغ عن حالات الفساد بعد سحبها من الهيكل المعني في صورة ما إذا لم يقم باتّخاذ الإجراءات اللازمة للتحقّق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحدّدة أو إذا باشر الهيكل العمومي المعني اتّخاذ إجراءات تعسّفيّة تبعا للإبلاغ.. وإذا ثبت بناء على الإبلاغ المحال من الهيئة على الهيكل المعني وجود شبهة فساد فيتعين على الهيكل المعني اتخاذ الإجراءات الضرورية من إحالة المعني بالأمر على مجلس التأديب لاتّخاذ الإجراءات التأديبية ضدّه ولكن إذا كانت الأفعال المرتكبة معاقبا عليها جزائيا فيتعين إحالة الملفّ إلى النيابة العمومية وفي جميع الحالات يجب على الهيكل المعني أن يحيل نتائج الأبحاث والتقارير موضوع الإبلاغ على هيئة مكافحة الفساد لتخذ ما تراه صالحا من إجراءات.

وكان دستور 2014 نص على هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وهي هيئة تسهم في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة، وتتولى رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصي فيها، والتحقق منها، وإحالتها على الجهات المعنية وتستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها ولها أن تبدي رأيها في النصوص الترتيبية العامة المتصلة بمجال اختصاصها وهي تتكون من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لفترة واحدة مدّتها ستّ سنوات، ويجدّد ثلث أعضائها كل سنتين..

وطبقا لأحكام الفصل 40 من القانون الأساسي عدد 59 لسنة 2017 المـؤرخ في 24 أوت 2017 المتعلق بهيئة الحوكة الرشيدة ومكافحة الفساد يحيل رئيس اللجنة الانتخابية بمجلس نواب الشعب على الجلسة العامة قائمة المقبولين نهائيا بحساب الأربع الأوائل من النساء والأربع الأوائل من الرجال في كل صنف، وفي صورة عدم توفر العدد المطلوب في أحد الأصناف تتمّ إحالة القائمة المتوفّرة في الصنف المعني ويتم التصويت صلب الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب لانتخاب الأعضاء التسعة لمجلس الهيئة وذلك بأغلبية ثلثي  أعضاء المجلس أي بمائة وخمسة وأربعين صوتا، ويكون التصويت سريا على الأسماء لكل صنف في دورات متتالية إلى حين اكتمال تركيبة مجلس الهيئة، مع احترام قاعدة التناصف كلما أمكن ذلك.     

  وتضمنت القائمة النهائية للمترشحين المقبولين لعضوية الهيئة مرتبين تفاضليا خلال الدورة الخامسة من المدة النيابية الأولى برئاسة محمد الناصر اختصاصات وأسماء الأتي ذكرهم:صنف قاض عدلي: محي الدين هميلة، مهذب الشواشي، كمال الهذيلي، هندة الكتاري.. صنف قاض مالي: محاسن قدور.. صنف قاض إداري: محمد العيادي، هشام الحامي، صنف محام: مفيدة بلغيث، حاتم شلغوم، مفتاح ميساوي، سوسن العتروس، آمنة يحياوي، ريم بلخاوي، أكرم الباروني.. صنف مختص في مراقبة الحسابات أو التدقيق: صالح الرياحي، عمر دريدي، نور الدين السليطي.. صنف مختص في العلوم الاجتماعية: ماهر تريمش، حنان الفاسي، حسين قلايد.. صنف مختص في الجباية أو الرقابة الإدارية والمالية: محمد القاضي،  محمد المناعي، معز القبطني، الحسين دبش، أحمد بن خضر، رشيد دمق، قيس الهلالي، المختار بالفائز، عبد العزيز الكريم.. صنف الإعلام والاتصال: زياد الهاني، ياسر بن مصباح، عبد العزيز السبيعي، سنية تومية، وليد حيوني.. صنف عضو ناشط بمنظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد: شرف الدين اليعقوبي، وعبد الدائم خليفي.. ورغم تنظيم المجلس النيابي جلسات عامة لانتخاب أعضاء هذه الهيئة الدستورية فإنها في نهاية الأمر لم تر النور .

أما دستور 2022 فإنه لم ينص على هيئة مكافحة الفساد وهو ما اعتبره البعض تراجعا عن المكاسب التي تم تحقيقها في إطار الحرب على الفساد في حين يرى البعض الآخر أن عدم التنصيص على الهيئة في الدستور لا يحول دون تركيز هيئة عمومية مستقلة عن الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية تختص في مجال مكافحة الفساد وفي حماية المبلغين عنه وتعمل طبقا لأحكام الدستور والتشريع الجاري به العمل.

وللتذكير فقد جاء القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين لضبط صيغ وإجراءات الإبلاغ عن الفساد وآليات حماية المبلغين بما من شأنه أن يساهم في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته في القطاعين العام والخاص، والمبلّغ عن الفساد هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم عن حسن نية بإبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمثل قرائن جدية أو تبعث على الاعتقاد جديا بوجود أعمال فساد قصد الكشف عن مرتكبيها، أما المقصود بالفساد فكل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية، ويشمل جرائم الرشوة بجميع أشكالها في القطاعين العام والخاص والاستيلاء على الأموال العمومية أو سوء التصرف فيها أو تبديدها واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة أو سوء استعمالها، وجميع حالات الإثراء غير المشروع وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال الذوات المعنوية وغسل الأموال وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة والتهرب الجبائي وتعطيل قرارات السلطة القضائية وكل الأفعال التي تهدد الصحة العامة أو السلامة أو البيئة.

سعيدة بوهلال

أثارت جدلا وقسمت المواقف..   إجراءات جديدة للتبليغ عن الفساد في الوسط المدرسي

 

تونس- الصباح

أثار البلاغ الصادر عن وزارة التربية يوم السبت الماضي حول الإجراءات الجديدة التي تقرر إتباعها بداية من 30 أفريل الجاري في إطار متابعة ملفات الفساد في هذه الوزارة جدلا ساخنا في الوسط التربوي وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي،  وتباينت بشأنه الآراء بين مؤدين ورافضين.

 وجاء في هذا البلاغ الذي نشرته الوزارة على موقعها الرسمي أنه في سياق حرص الدولة التونسية ووزارة التربية على وضع حد لاستشراء الفساد بشتى أنواعه ومنع مزيد تغلغله في أواصل المنظومة التربوية والمرفق العمومي تقرر بعث خلية استقبال لملفات الفساد في صيغتها الورقية تعود بالنظر إلى الخلية المركزية للحوكمة بوزارة التربية وتحت الإشراف المباشر لوزيرة التربية، وتكون الملفات ممضاة من المعنيين بالشأن ومرفقة وجوبا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ولا تقبل المراسلات الالكترونية أو الاتصالات الهاتفية من أي كان. كما لا تقبل الرسائل مجهولة المصدر، ويتم إيداع الملفات حضوريا بمكتب الخلية أو بمكتب الضبط المركزي بالوزارة أو عبر التراسل البريدي مضمون الوصول على عنوان الوزارة الكائن بشارع باب بنات بالعاصمة، وأشار نفس البلاغ إلى أنه سيقع الشروع في اعتماد هذا التمشي بداية من يوم 30 أفريل الجاري.

ويرى بعض منظوري وزارة التربية أن هذه الخطوة التي اتخذتها الوزيرة الجديدة تبعث على الارتياح وتدل على توفر إرادة سياسية في مكافحة الفساد  الذي ينخر المنظومة التربوية وتنم عن رغبة في مأسسة التبليغ عن الفساد وإكساء عمليات التبيلغ الجدية المطلوبة وبالتالي تلافي الإشعارات الكاذبة والابلاغات الكيدية.

في حين يرى آخرون أن رفض الإبلاغ عن ملفات الفساد عن طريق المراسلات الالكترونية أو الاتصالات الهاتفية أو عن طريق الرسائل مجهولة المصدر من شأنه أن يحد من عمليات التبليغ عن الفساد بسبب خوف الراغب في التبليغ من إمكانية تعريض نفسه للمضايقات والتهديدات  والتشفي والعقوبات المقنعة والإجراءات التعسفية والتأديبية.

وهناك في المقابل من تمسكوا بضرورة التقيد بأحكام القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين الذي يعد مكسبا من مكاسب الثورة، لأنه طالما لم يقع إلغاء هذا القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب بعد مخاض عسير في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 22 فيفري 2017 فإنه مازال نافذا وساري المفعول ويتعين تفعيله، فبموجبه يتولى المبلّغ تقديم الإبلاغ كتابيا ويتمّ إيداع الإبلاغ مباشرة لدى هيئة مكافحة الفساد مقابل وصل يسلّم وجوبا في الغرض أو عن طريق البريد مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ، وإذا كان المبلّغ مكفوفا أو يعاني من أي إعاقة جسدية أخرى أو كان لا يحسن الكتابة فله أن يقدم إبلاغه مباشرة للهيئة التي يحرر أحد أعضائها محضرا في الغرض يتضمن تفاصيل الإبلاغ هذا ويمكن الإبلاغ عن حالات الفساد عبر المنظومات الإلكترونية الرسمية المخصصة للغرض، ويجب على المبلّغ كشف هويته لدى الهيئة وله أن يطلب الحفاظ على سرية هويته في جميع مراحل التثبت من إبلاغه ويجب أن يتضمّن الإبلاغ عن الفساد اسم ولقب المبلّغ وعنوانه ورقم بطاقة تعريفه، والتسمية الاجتماعية والمقر الاجتماعي إذا كان المبلّغ شخصا معنويا، والأفعال موضوع الإبلاغ، وهوية الشخص أو الهيكل موضوع الإبلاغ عن حالات الفساد.

دسترة هيئة مكافحة الفساد

 وفتح بلاغ وزارة التربية حول متابعة ملفات الفساد الباب من جديد للمطالبة بإعادة فتح هيئة مكافحة الفساد التي تم غلق مقرها منذ 20 أوت 2021 وبتنقيح القانون المحدث لها في اتجاه ملاءمته مع دستور 2022 لأنها ضامنة لحماية المبلغين عن الفساد، ولأن القانون نص حرفيا على أنها هي الجهة المختصة بتلقي الإبلاغ عن الفساد، حيث جاء فيه أنه على المبلّغ أن يوجه الإبلاغ عن الفساد وجوبا للهيئة التي عليها أن تتخذ التدابير الضامنة لحماية هويته وأن الهيئة تختص وجوبا بالنظر في الإبلاغ عن حالات الفساد إذا كان المبلغ عنه رئيسا للهيكل العمومي المعني، وإذا كان المبلغ عنه أحد أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة أو المجلس الأعلى للقضاء أو المحكمة الدستورية أو مجلس نواب الشعب أو الجماعات المحلية، وإذا كان المبلغ عنه ينتمي إلى القطاع الخاص، ولها أن تحيل ما خرج عن ذلك إلى الهياكل المعنية دون منع المبلّغ من اللجوء مباشرة للقضاء في كل الحالات.

ونص نفس القانون الصادر سنة 2017 على أنه يتعيّن على كل هيكل عمومي تحديد الهيكل الإداري المختص داخله، بتلقي الإبلاغ عن شبهات الفساد المحالة إليه من قبل الهيئة والبحث فيها، ويجب عليه تيسير عمل هذا الهيكل الإداري المختص وذلك بتمكينه من الموارد المادية والبشرية الضرورية لأداء مهامه وعدم التدخل في أعماله. كما على الهيئة مواصلة النظر في ملفات الإبلاغ عن حالات الفساد بعد سحبها من الهيكل المعني في صورة ما إذا لم يقم باتّخاذ الإجراءات اللازمة للتحقّق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحدّدة أو إذا باشر الهيكل العمومي المعني اتّخاذ إجراءات تعسّفيّة تبعا للإبلاغ.. وإذا ثبت بناء على الإبلاغ المحال من الهيئة على الهيكل المعني وجود شبهة فساد فيتعين على الهيكل المعني اتخاذ الإجراءات الضرورية من إحالة المعني بالأمر على مجلس التأديب لاتّخاذ الإجراءات التأديبية ضدّه ولكن إذا كانت الأفعال المرتكبة معاقبا عليها جزائيا فيتعين إحالة الملفّ إلى النيابة العمومية وفي جميع الحالات يجب على الهيكل المعني أن يحيل نتائج الأبحاث والتقارير موضوع الإبلاغ على هيئة مكافحة الفساد لتخذ ما تراه صالحا من إجراءات.

وكان دستور 2014 نص على هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وهي هيئة تسهم في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة، وتتولى رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصي فيها، والتحقق منها، وإحالتها على الجهات المعنية وتستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها ولها أن تبدي رأيها في النصوص الترتيبية العامة المتصلة بمجال اختصاصها وهي تتكون من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لفترة واحدة مدّتها ستّ سنوات، ويجدّد ثلث أعضائها كل سنتين..

وطبقا لأحكام الفصل 40 من القانون الأساسي عدد 59 لسنة 2017 المـؤرخ في 24 أوت 2017 المتعلق بهيئة الحوكة الرشيدة ومكافحة الفساد يحيل رئيس اللجنة الانتخابية بمجلس نواب الشعب على الجلسة العامة قائمة المقبولين نهائيا بحساب الأربع الأوائل من النساء والأربع الأوائل من الرجال في كل صنف، وفي صورة عدم توفر العدد المطلوب في أحد الأصناف تتمّ إحالة القائمة المتوفّرة في الصنف المعني ويتم التصويت صلب الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب لانتخاب الأعضاء التسعة لمجلس الهيئة وذلك بأغلبية ثلثي  أعضاء المجلس أي بمائة وخمسة وأربعين صوتا، ويكون التصويت سريا على الأسماء لكل صنف في دورات متتالية إلى حين اكتمال تركيبة مجلس الهيئة، مع احترام قاعدة التناصف كلما أمكن ذلك.     

  وتضمنت القائمة النهائية للمترشحين المقبولين لعضوية الهيئة مرتبين تفاضليا خلال الدورة الخامسة من المدة النيابية الأولى برئاسة محمد الناصر اختصاصات وأسماء الأتي ذكرهم:صنف قاض عدلي: محي الدين هميلة، مهذب الشواشي، كمال الهذيلي، هندة الكتاري.. صنف قاض مالي: محاسن قدور.. صنف قاض إداري: محمد العيادي، هشام الحامي، صنف محام: مفيدة بلغيث، حاتم شلغوم، مفتاح ميساوي، سوسن العتروس، آمنة يحياوي، ريم بلخاوي، أكرم الباروني.. صنف مختص في مراقبة الحسابات أو التدقيق: صالح الرياحي، عمر دريدي، نور الدين السليطي.. صنف مختص في العلوم الاجتماعية: ماهر تريمش، حنان الفاسي، حسين قلايد.. صنف مختص في الجباية أو الرقابة الإدارية والمالية: محمد القاضي،  محمد المناعي، معز القبطني، الحسين دبش، أحمد بن خضر، رشيد دمق، قيس الهلالي، المختار بالفائز، عبد العزيز الكريم.. صنف الإعلام والاتصال: زياد الهاني، ياسر بن مصباح، عبد العزيز السبيعي، سنية تومية، وليد حيوني.. صنف عضو ناشط بمنظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد: شرف الدين اليعقوبي، وعبد الدائم خليفي.. ورغم تنظيم المجلس النيابي جلسات عامة لانتخاب أعضاء هذه الهيئة الدستورية فإنها في نهاية الأمر لم تر النور .

أما دستور 2022 فإنه لم ينص على هيئة مكافحة الفساد وهو ما اعتبره البعض تراجعا عن المكاسب التي تم تحقيقها في إطار الحرب على الفساد في حين يرى البعض الآخر أن عدم التنصيص على الهيئة في الدستور لا يحول دون تركيز هيئة عمومية مستقلة عن الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية تختص في مجال مكافحة الفساد وفي حماية المبلغين عنه وتعمل طبقا لأحكام الدستور والتشريع الجاري به العمل.

وللتذكير فقد جاء القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين لضبط صيغ وإجراءات الإبلاغ عن الفساد وآليات حماية المبلغين بما من شأنه أن يساهم في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته في القطاعين العام والخاص، والمبلّغ عن الفساد هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم عن حسن نية بإبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمثل قرائن جدية أو تبعث على الاعتقاد جديا بوجود أعمال فساد قصد الكشف عن مرتكبيها، أما المقصود بالفساد فكل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية، ويشمل جرائم الرشوة بجميع أشكالها في القطاعين العام والخاص والاستيلاء على الأموال العمومية أو سوء التصرف فيها أو تبديدها واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة أو سوء استعمالها، وجميع حالات الإثراء غير المشروع وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال الذوات المعنوية وغسل الأموال وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة والتهرب الجبائي وتعطيل قرارات السلطة القضائية وكل الأفعال التي تهدد الصحة العامة أو السلامة أو البيئة.

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews