إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التونسي وثقافة العمل.. عسكرة العقليّة هي الحل..

 

التفاني في العمل هو السعي للحصول على أفضل النتائج في عملك ليس من أجلك بل من أجل الآخرين

بقلم ريم بالخذيري

يقاس تقدم الشعوب بمدى احترامها للعمل وتكريس ثقافته في البيت وفي الشارع وفي أماكن العمل.والشعوب المتطورة والتي تطورت بسرعة لم تكن تملك من الأموال والثروات شيئا يذكر وإنما كانت تمتلك حب العمل . والعكس صحيح فعديد الشعوب التي امتلكت ثروات يتراجع منسوب العمل فيها وتعتمد على تلك الشعوب التي ذكرنا في مأكلها وملبسها وعلاجها ورفاهها وهو ما يجعلها رغم قوتها المادية الظاهرة تابعة بشكل من الأشكال الى الطرف الأضعف ظاهريا. ومن هنا برز مفهوم السيادة الوطنية وأهمية الأمن الغذائي والطاقي وهو ما لا يتحقق سوى بالعمل ولا يمكن شراؤه بالأموال وحتى ان تمّ ذلك فانه ينزع السيادة المنشودة .

في تونس ثقافة العمل والتفاني فيه ليست قيمة ثابتة ومتجذرة في النفوس والمؤسسات انما مرت بمراحل وحكمتها المزاجية وتأثرت سلبا أو إيجابا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا هو الخطر الذي سنبين ملامحه لاحقا.

التفاني والثقافة..

هما مصطلحان متماهيان يشكلان شخصية العامل لكل منهما محركاته ونتائجه المباشرة وغير المباشرة على العمل المنجز ذاته.

فالتفاني في العمل هو السعي للحصول على أفضل النتائج في عملك ليس من أجل نفسك فحسب، بل من أجل الآخرين من حولك بهدف الارتقاء بنوعية إنتاجك إلى أعلى المستويات والإمكانيات.

أما ثقافة العمل فهي مجموعة من المواقف والمعتقدات والسلوكيات التي تشكل الجو المعتاد في بيئة العمل،وتعمل ثقافة العمل الإيجابية على ملائمة سلوكيات الموظفين وسياسات الشركة مع الأهداف العامة لها مع مراعاة رفاهية الأفراد. كما تحدد ثقافة العمل مدى ملاءمة الشخص لبيئته في وظيفة جديدة وقدرته على بناء علاقات مهنية مع زملائه، ويعتمد سلوك الموظف وموازنته بين العمل والحياة وفرص النمو والرضى الوظيفي على ثقافة مكان عمله، وعندما تكون ثقافة العمل إيجابية يصبح الموظفون أكثر إنتاجية وانتماء.

وبالتالي ثقافة العمل ليست كلا لا يتجزأ وإنما هي مرتبطة بواقع القطاع وفلسفة الشركة ومدى ايلائها العناية اللازمة لهذا الجانب .

تكتسب أم تفرض؟

الأصل في الأشياء أن تكون ثقافة العمل والتفاني فيه مكتسبات شخصية تتم مراكمتها عبر سنوات العمل الأولى وقبلها يتم تعلمها في المدرسة وفي العائلة. فإذا ما تم اكتسابها فتطبع بها الشخصية وتبقى ملازمة لها والمحرك لأي عمل تقوم به.

لكن يحدث في بعض المجتمعات (كوريا الشمالية مثلا) والشركات (الشرق اسيوية والصينية مثالا) أن يتم فرض ثقافة العمل والتفاني فيه عبر قوانين صارمة وعقوبات كبيرة للمخالفين والمتهاونين.

وفقا لاستطلاع حديث أجرته شركة Deloitte ، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم يرى 94٪ من المديرين التنفيذيين و 88٪ من الموظفين أن ثقافة العمل المتميزة ضرورية لنجاح أعمال أية مؤسسة كبيرة كانت أم صغيرة ، كما أن مكان العمل مهم جدا لأنه ما جوانب مثل المعتقدات والسلوكيات والمواقف والمبادئ هي ما يحدد بشكل تراكمي ثقافة المؤسسة أو المصنع أو الإدارة.

خير مثال على ذلك هو أنه لا يمكن لأية شركة أو مؤسسة أن تتطور وتطور منتجاتها وتستطيع مواكبة تقنيات العصر وأن تكسب المزيد من العملاء وأن تحقق المزيد من الأرباح من دون إرادة العنصر البشري الذي لديها. وبالتالي فالذين يتحدثون عن الاستثمار في تونس وكيفية تطويره وإقناع الأجانب به يجب أن يدركوا أن ذلك ممكن بتوفير الأمان الاجتماعي لهاته الشركات فهي تبحث عن العمالة المختصة والعمالة المتفانية والأقل أجرا في بلدانها .

من هنا نفهم العدد الكبير للشركات الأجنبية التي غادرت تونس فيما بين سنتي 2011 و 2020 والسبب الوحيد والمشترك بين قرار الهجرة هذا وتحويل الوجهة الى المغرب مثلا هو فقدان العمال التونسيين لقيمة العمل وانخراطهم في الاحتجاجات الاجتماعية وتعطيل الإنتاج. ويعدّ الاتحاد التونسي للشغل أول المساهمين في ما وصلت اليه سوق الشغل من انحدار حيث تحوّل في العشر سنوات الفارطة الى قوة أكبر من الحكومة والدولة يلخص هذا الغرور الشعار المرفوع "الاتحاد أكبر قوة في البلاد".

ولم تشهد تونس فترة أسوأ من تلك التي ذكرنا حيث أرتكبت فيها جرائم عديدة في حق العمل نتج عنها اندثار عديد الشركات في القطاع الخاص وإفلاس لكل شركات القطاع العمومي تقريبا والنتيجة عمال بلا روح ولا انتماء لا سبب يجمعهم بعملهم سوى المرتّب .

كما أن تراجع التعليم العمومي وارتفاع عدد المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وشهائد التكوين المهني وعدم اعتباره سلما اجتماعيا مثلما كان في الثمانينات والتسعينات جعل قيمة العمل تتراجع عند الشباب مقابل بحثهم عن الربح السريع. وبالتالي تحوّل القطاع العمومي خاصة والشركات والمؤسسات المرتبطة به الى عالم متجمد مفارق للواقع ولحاجيات الناس مع بروز مظاهر خطيرة عوضت ثقافة العمل والتفاني فيه مثل الفساد والرشوة ومفاهيم من قبل"رزق البيليك" و"اللّي خدموا ماتوا".

من هنا نفهم تدخّل السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الدولة من أجل فرض ثقافة العمل والتفاني فيه ويبرز ذلك من خلال الزيارات الفجئية الكثيرة التي يقوم بها كل مرّة والتي يعقبها عادة اقالة لمسؤولين . كما نسج على منواله الوزراء و الولاة والهدف هو وضع حد للتسيّب واللامبالاة وترسيخ روح الانتماء للمؤسسة وللوطن.

ومن المهم أن يبادر الموظف أو العامل في الانخراط في ثقافة العمل والانتماء للمؤسسة لأن نجاحه الشخصي في العمل الذي يتقنه هو نجاح للشركة التي يعمل بها ونجاح للوطن كله.

وقد حدد خبراء في التنمية البشرية 10 صفات نموذجية للموظف الجيد وزميل العمل أهمها:

التفاني في العمل/ ثقتك بقدراتك المهنية الذاتية/ اعتماد المؤسسة عليك في بيئة العمل / قدرتك على العمل باستقلالية/ إدراك حدود قدرتك على العمل والنزاهة في العمل/ حب العمل المنجز والتفاهم مع زملاء العمل.

عسكرة العمل ..

قامت دول بعسكرة مفهوم العمل مثل سنغفورة والصين والهند وهو ما نلاحظه أيضا في تونس ولو بشكل مختلف ولا يمكن أن يستقيم وهو مناداة عدد من الأصوات بتسلم الجيش الإشراف على الفسفاط والنقل والأشغال العامة . وهو ليس مفهوم عسكرة العمل المقصود فهذا المفهوم لا ينفذ في الدول التي ذكرنا بإرادة الجيش وإنما بأوامر ذات صبغة عسكرية لا تردّ ولا تناقش.

والحقيقة أن لهذه الدعوات ما يبررها حيث انخفض الإنتاج في مختلف القطاعات وفقدان العمل لقيمته لدى غالبية التونسيين ظاهرة للعيان وتعززها الأرقام والإحصائيات فمثلا يقضي92% من التونسيين بين ساعة و10 ساعات يوميا على الفيسبوك ومنها عدد من الساعات في مراكز العمل .

كما أن دراسة أعدت بين ديسمبر 2014 وديسمبر 2017 أظهرت ان 58 بالمائة من الموظفين التونسيين لا يحترمون التوقيت الإداري بينما يوجد 18 بالمائة منهم دائما متغيبون .

وأظهرت ذات الدراسة ان عدد الساعات المقضاة بالعمل يوميا لكل موظف على كامل التوقيت الإداري هي أربع ساعات و 34 دقيقة فقط ،من جملة 8 ساعات المفروضة اما عدد مرات مغادرة مقر العمل لغرض غير مهني لكل موظف على كامل فترة العمل فتمثل 0.86 مغادرة في اليوم .

ومن أهم أسباب مغادرة العمل تعود الى الإضرابات (31 بالمائة ) وخلاص الفواتير (28 بالمائة ) واستلام الأبناء من المدارس (26 بالمائة ) والخروج للمقهى (12 بالمائة ). وهي في تناقض تام مع الأرقام العالمية التي يصل فيها الانضباط في العمل الى 80و90بالمائة من الساعات المفروضة.

هذه النسب والأرقام تتقلّص بشكل ملحوظ في القطاع الخاص الذي يبدي صرامة أكبر وآليات المراقبة كالكاميروات والتسجيل بالبصمة أولوية قصوى .

وعلى أهمية الجهاز الرقابي لتكريس ثقافة العمل يبقى الجانب التوعوي والإرشادي حول أهمية هذه القيمة هو الأساس وهو الدور الذي وجب أن تضطلع به الأسرة والمدرسة ولم لا يتم ادراج مادة العمل في مختلف البرامج التعليمية . تعلّم فيها عسكرة العمل .

 

 

 

 

 

التونسي وثقافة العمل..   عسكرة العقليّة هي الحل..

 

التفاني في العمل هو السعي للحصول على أفضل النتائج في عملك ليس من أجلك بل من أجل الآخرين

بقلم ريم بالخذيري

يقاس تقدم الشعوب بمدى احترامها للعمل وتكريس ثقافته في البيت وفي الشارع وفي أماكن العمل.والشعوب المتطورة والتي تطورت بسرعة لم تكن تملك من الأموال والثروات شيئا يذكر وإنما كانت تمتلك حب العمل . والعكس صحيح فعديد الشعوب التي امتلكت ثروات يتراجع منسوب العمل فيها وتعتمد على تلك الشعوب التي ذكرنا في مأكلها وملبسها وعلاجها ورفاهها وهو ما يجعلها رغم قوتها المادية الظاهرة تابعة بشكل من الأشكال الى الطرف الأضعف ظاهريا. ومن هنا برز مفهوم السيادة الوطنية وأهمية الأمن الغذائي والطاقي وهو ما لا يتحقق سوى بالعمل ولا يمكن شراؤه بالأموال وحتى ان تمّ ذلك فانه ينزع السيادة المنشودة .

في تونس ثقافة العمل والتفاني فيه ليست قيمة ثابتة ومتجذرة في النفوس والمؤسسات انما مرت بمراحل وحكمتها المزاجية وتأثرت سلبا أو إيجابا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا هو الخطر الذي سنبين ملامحه لاحقا.

التفاني والثقافة..

هما مصطلحان متماهيان يشكلان شخصية العامل لكل منهما محركاته ونتائجه المباشرة وغير المباشرة على العمل المنجز ذاته.

فالتفاني في العمل هو السعي للحصول على أفضل النتائج في عملك ليس من أجل نفسك فحسب، بل من أجل الآخرين من حولك بهدف الارتقاء بنوعية إنتاجك إلى أعلى المستويات والإمكانيات.

أما ثقافة العمل فهي مجموعة من المواقف والمعتقدات والسلوكيات التي تشكل الجو المعتاد في بيئة العمل،وتعمل ثقافة العمل الإيجابية على ملائمة سلوكيات الموظفين وسياسات الشركة مع الأهداف العامة لها مع مراعاة رفاهية الأفراد. كما تحدد ثقافة العمل مدى ملاءمة الشخص لبيئته في وظيفة جديدة وقدرته على بناء علاقات مهنية مع زملائه، ويعتمد سلوك الموظف وموازنته بين العمل والحياة وفرص النمو والرضى الوظيفي على ثقافة مكان عمله، وعندما تكون ثقافة العمل إيجابية يصبح الموظفون أكثر إنتاجية وانتماء.

وبالتالي ثقافة العمل ليست كلا لا يتجزأ وإنما هي مرتبطة بواقع القطاع وفلسفة الشركة ومدى ايلائها العناية اللازمة لهذا الجانب .

تكتسب أم تفرض؟

الأصل في الأشياء أن تكون ثقافة العمل والتفاني فيه مكتسبات شخصية تتم مراكمتها عبر سنوات العمل الأولى وقبلها يتم تعلمها في المدرسة وفي العائلة. فإذا ما تم اكتسابها فتطبع بها الشخصية وتبقى ملازمة لها والمحرك لأي عمل تقوم به.

لكن يحدث في بعض المجتمعات (كوريا الشمالية مثلا) والشركات (الشرق اسيوية والصينية مثالا) أن يتم فرض ثقافة العمل والتفاني فيه عبر قوانين صارمة وعقوبات كبيرة للمخالفين والمتهاونين.

وفقا لاستطلاع حديث أجرته شركة Deloitte ، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم يرى 94٪ من المديرين التنفيذيين و 88٪ من الموظفين أن ثقافة العمل المتميزة ضرورية لنجاح أعمال أية مؤسسة كبيرة كانت أم صغيرة ، كما أن مكان العمل مهم جدا لأنه ما جوانب مثل المعتقدات والسلوكيات والمواقف والمبادئ هي ما يحدد بشكل تراكمي ثقافة المؤسسة أو المصنع أو الإدارة.

خير مثال على ذلك هو أنه لا يمكن لأية شركة أو مؤسسة أن تتطور وتطور منتجاتها وتستطيع مواكبة تقنيات العصر وأن تكسب المزيد من العملاء وأن تحقق المزيد من الأرباح من دون إرادة العنصر البشري الذي لديها. وبالتالي فالذين يتحدثون عن الاستثمار في تونس وكيفية تطويره وإقناع الأجانب به يجب أن يدركوا أن ذلك ممكن بتوفير الأمان الاجتماعي لهاته الشركات فهي تبحث عن العمالة المختصة والعمالة المتفانية والأقل أجرا في بلدانها .

من هنا نفهم العدد الكبير للشركات الأجنبية التي غادرت تونس فيما بين سنتي 2011 و 2020 والسبب الوحيد والمشترك بين قرار الهجرة هذا وتحويل الوجهة الى المغرب مثلا هو فقدان العمال التونسيين لقيمة العمل وانخراطهم في الاحتجاجات الاجتماعية وتعطيل الإنتاج. ويعدّ الاتحاد التونسي للشغل أول المساهمين في ما وصلت اليه سوق الشغل من انحدار حيث تحوّل في العشر سنوات الفارطة الى قوة أكبر من الحكومة والدولة يلخص هذا الغرور الشعار المرفوع "الاتحاد أكبر قوة في البلاد".

ولم تشهد تونس فترة أسوأ من تلك التي ذكرنا حيث أرتكبت فيها جرائم عديدة في حق العمل نتج عنها اندثار عديد الشركات في القطاع الخاص وإفلاس لكل شركات القطاع العمومي تقريبا والنتيجة عمال بلا روح ولا انتماء لا سبب يجمعهم بعملهم سوى المرتّب .

كما أن تراجع التعليم العمومي وارتفاع عدد المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وشهائد التكوين المهني وعدم اعتباره سلما اجتماعيا مثلما كان في الثمانينات والتسعينات جعل قيمة العمل تتراجع عند الشباب مقابل بحثهم عن الربح السريع. وبالتالي تحوّل القطاع العمومي خاصة والشركات والمؤسسات المرتبطة به الى عالم متجمد مفارق للواقع ولحاجيات الناس مع بروز مظاهر خطيرة عوضت ثقافة العمل والتفاني فيه مثل الفساد والرشوة ومفاهيم من قبل"رزق البيليك" و"اللّي خدموا ماتوا".

من هنا نفهم تدخّل السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الدولة من أجل فرض ثقافة العمل والتفاني فيه ويبرز ذلك من خلال الزيارات الفجئية الكثيرة التي يقوم بها كل مرّة والتي يعقبها عادة اقالة لمسؤولين . كما نسج على منواله الوزراء و الولاة والهدف هو وضع حد للتسيّب واللامبالاة وترسيخ روح الانتماء للمؤسسة وللوطن.

ومن المهم أن يبادر الموظف أو العامل في الانخراط في ثقافة العمل والانتماء للمؤسسة لأن نجاحه الشخصي في العمل الذي يتقنه هو نجاح للشركة التي يعمل بها ونجاح للوطن كله.

وقد حدد خبراء في التنمية البشرية 10 صفات نموذجية للموظف الجيد وزميل العمل أهمها:

التفاني في العمل/ ثقتك بقدراتك المهنية الذاتية/ اعتماد المؤسسة عليك في بيئة العمل / قدرتك على العمل باستقلالية/ إدراك حدود قدرتك على العمل والنزاهة في العمل/ حب العمل المنجز والتفاهم مع زملاء العمل.

عسكرة العمل ..

قامت دول بعسكرة مفهوم العمل مثل سنغفورة والصين والهند وهو ما نلاحظه أيضا في تونس ولو بشكل مختلف ولا يمكن أن يستقيم وهو مناداة عدد من الأصوات بتسلم الجيش الإشراف على الفسفاط والنقل والأشغال العامة . وهو ليس مفهوم عسكرة العمل المقصود فهذا المفهوم لا ينفذ في الدول التي ذكرنا بإرادة الجيش وإنما بأوامر ذات صبغة عسكرية لا تردّ ولا تناقش.

والحقيقة أن لهذه الدعوات ما يبررها حيث انخفض الإنتاج في مختلف القطاعات وفقدان العمل لقيمته لدى غالبية التونسيين ظاهرة للعيان وتعززها الأرقام والإحصائيات فمثلا يقضي92% من التونسيين بين ساعة و10 ساعات يوميا على الفيسبوك ومنها عدد من الساعات في مراكز العمل .

كما أن دراسة أعدت بين ديسمبر 2014 وديسمبر 2017 أظهرت ان 58 بالمائة من الموظفين التونسيين لا يحترمون التوقيت الإداري بينما يوجد 18 بالمائة منهم دائما متغيبون .

وأظهرت ذات الدراسة ان عدد الساعات المقضاة بالعمل يوميا لكل موظف على كامل التوقيت الإداري هي أربع ساعات و 34 دقيقة فقط ،من جملة 8 ساعات المفروضة اما عدد مرات مغادرة مقر العمل لغرض غير مهني لكل موظف على كامل فترة العمل فتمثل 0.86 مغادرة في اليوم .

ومن أهم أسباب مغادرة العمل تعود الى الإضرابات (31 بالمائة ) وخلاص الفواتير (28 بالمائة ) واستلام الأبناء من المدارس (26 بالمائة ) والخروج للمقهى (12 بالمائة ). وهي في تناقض تام مع الأرقام العالمية التي يصل فيها الانضباط في العمل الى 80و90بالمائة من الساعات المفروضة.

هذه النسب والأرقام تتقلّص بشكل ملحوظ في القطاع الخاص الذي يبدي صرامة أكبر وآليات المراقبة كالكاميروات والتسجيل بالبصمة أولوية قصوى .

وعلى أهمية الجهاز الرقابي لتكريس ثقافة العمل يبقى الجانب التوعوي والإرشادي حول أهمية هذه القيمة هو الأساس وهو الدور الذي وجب أن تضطلع به الأسرة والمدرسة ولم لا يتم ادراج مادة العمل في مختلف البرامج التعليمية . تعلّم فيها عسكرة العمل .

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews