إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أي منتج قيميّ أعددنا ؟

اليوم، باسم الحقوق الفردية، أصبح "يجوز" لكلّ مواطن أن يقول ما بدا له وأن يتلفظ بالكلام النابئ في الشارع والإدارة والمؤسسات وفي وسائل الإعلام !!

ما أصعب على المرء أن يرى في واضحة النهار كيف تنهار قيم اُستشهد من أجلها أناس بلا حصر ولا عدّ، كيف تُداس تحت الأقدام معان سامية ضحى من أجلها رجال من عظماء الإنسانية وكيف أصبحت شعارات كتبها مناضلون سياسيون واجتماعيون بدمائهم وقبعوا من أجلها في غياهب السجون كلمة حقّ يُراد بها باطل وبضاعة يتم تداولها والمتاجرة بها.لقد نخر حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية نوع من السوس أخذ يستشري داخلنا شيئا فشيئا. وهي لعمري سياسة مبرمجة ذات أهداف واضحة المعالم.

اليوم، باسم الحقوق الفردية، أصبح "يجوز" لكلّ مواطن أن يقول ما بدا له وأن يتلفظ بالكلام النابئ والخادش للحياء في الشارع والإدارة والمؤسسات وحتى في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة. وقد وصل بنا الاستهتار بالـ"قيمة" والـ"معنى" أن أصبح ما يصدر من كلام قبيح وألفاظ سوقية ومشاهد منحطة أمرا عاديا لا يدعو إلى الاستغراب. بل أضحى الاستغراب مما يأتي به هذا أو ذاك من علوّ أخلاقي وقيميّ.

اليوم، باسم الجمهور "عايز كدا"،صرنا نصبح ونمسي على الرّداءة. لم نعد نسمع الأدب الرّفيع أو نرى ترجمان الابداع الأصيل بعد أن غُيّب أصحاب الأقلام البديعة.

اليوم، باسم الحرية، يتطاول الابن على والده والولي على المعلم والأستاذ فيحذو التلميذ حذوه.

اليوم، باسم الحرية، تُداس حرمة المؤسسات التربوية ويهان المربّي في قاعة الدرس.

اليوم، باسم الحرية، يدخل كلّ من هبّ ودبّ إلى مدارج المعرفة ومقرّات العمل في أزياء لا تحترم المقام. مشاهد يقف فيها الشعر. وفيها ما يرعب ويرج بنا رجّا.

اليوم، باسم الحرية، يترشح كلّ من هبّ ودبّ لمنصب رئاسة الجمهورية. جميع الناس أصبحوا حديث وسائل الاعلام. يتاجرون بهم. يصنعون منهم أبطالا. يغدق الواحد منهم على هذه الجهة أو تلك فيصبح رجلا ذا طاقات هائلة وقوى عارمة. وتُغيّب عيوبه ويُغضّ عنها الطرف.

اليوم، باسم الدفاع عن الشعب ومكاسبه، يخطب أحدهم ويتجمل في لباسه ومنطقه ليتصدر بلاتوهات الإعلام مبتسما ويخدم حملته الانتخابية بتقاسيمه وإيماءاته وإشاراته. ويُخضّ بعضهم خضّا ليُبعث إلى الحياة من جديد بعد أن نفره الناس وقد صمت دهرا حين وجب أن يتكلم.

آه وألف آه كيف أدّت بنا الأحوال لنعيش قسرا صور الفوضى العارمة ونخوض في اللاّ معنى. تسطّحت أفكارنا وأذواقنا وخلدنا في حياة خاوية، في إجازة مرضية طويلة الأمد، في عطالة دائمة. تسربت إلى أوصالنا ألوان من الاسترخاء واللاّمبالاة. صرنا كتلا بشرية سيان عندها الثرى والثريّا.

لقد آن الأوان أن نقف وقفة حاسمة وحازمة للدفاع عن المعنى، عن السموّ والرقيّ، عن الذوق السليم، ألاّ نخلط الحابل بالنابل وألاّ أن نسوّي بين الغثّ والسمين.

مصدّق الشّريف

 

 

 

 

أي منتج قيميّ أعددنا ؟

اليوم، باسم الحقوق الفردية، أصبح "يجوز" لكلّ مواطن أن يقول ما بدا له وأن يتلفظ بالكلام النابئ في الشارع والإدارة والمؤسسات وفي وسائل الإعلام !!

ما أصعب على المرء أن يرى في واضحة النهار كيف تنهار قيم اُستشهد من أجلها أناس بلا حصر ولا عدّ، كيف تُداس تحت الأقدام معان سامية ضحى من أجلها رجال من عظماء الإنسانية وكيف أصبحت شعارات كتبها مناضلون سياسيون واجتماعيون بدمائهم وقبعوا من أجلها في غياهب السجون كلمة حقّ يُراد بها باطل وبضاعة يتم تداولها والمتاجرة بها.لقد نخر حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية نوع من السوس أخذ يستشري داخلنا شيئا فشيئا. وهي لعمري سياسة مبرمجة ذات أهداف واضحة المعالم.

اليوم، باسم الحقوق الفردية، أصبح "يجوز" لكلّ مواطن أن يقول ما بدا له وأن يتلفظ بالكلام النابئ والخادش للحياء في الشارع والإدارة والمؤسسات وحتى في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة. وقد وصل بنا الاستهتار بالـ"قيمة" والـ"معنى" أن أصبح ما يصدر من كلام قبيح وألفاظ سوقية ومشاهد منحطة أمرا عاديا لا يدعو إلى الاستغراب. بل أضحى الاستغراب مما يأتي به هذا أو ذاك من علوّ أخلاقي وقيميّ.

اليوم، باسم الجمهور "عايز كدا"،صرنا نصبح ونمسي على الرّداءة. لم نعد نسمع الأدب الرّفيع أو نرى ترجمان الابداع الأصيل بعد أن غُيّب أصحاب الأقلام البديعة.

اليوم، باسم الحرية، يتطاول الابن على والده والولي على المعلم والأستاذ فيحذو التلميذ حذوه.

اليوم، باسم الحرية، تُداس حرمة المؤسسات التربوية ويهان المربّي في قاعة الدرس.

اليوم، باسم الحرية، يدخل كلّ من هبّ ودبّ إلى مدارج المعرفة ومقرّات العمل في أزياء لا تحترم المقام. مشاهد يقف فيها الشعر. وفيها ما يرعب ويرج بنا رجّا.

اليوم، باسم الحرية، يترشح كلّ من هبّ ودبّ لمنصب رئاسة الجمهورية. جميع الناس أصبحوا حديث وسائل الاعلام. يتاجرون بهم. يصنعون منهم أبطالا. يغدق الواحد منهم على هذه الجهة أو تلك فيصبح رجلا ذا طاقات هائلة وقوى عارمة. وتُغيّب عيوبه ويُغضّ عنها الطرف.

اليوم، باسم الدفاع عن الشعب ومكاسبه، يخطب أحدهم ويتجمل في لباسه ومنطقه ليتصدر بلاتوهات الإعلام مبتسما ويخدم حملته الانتخابية بتقاسيمه وإيماءاته وإشاراته. ويُخضّ بعضهم خضّا ليُبعث إلى الحياة من جديد بعد أن نفره الناس وقد صمت دهرا حين وجب أن يتكلم.

آه وألف آه كيف أدّت بنا الأحوال لنعيش قسرا صور الفوضى العارمة ونخوض في اللاّ معنى. تسطّحت أفكارنا وأذواقنا وخلدنا في حياة خاوية، في إجازة مرضية طويلة الأمد، في عطالة دائمة. تسربت إلى أوصالنا ألوان من الاسترخاء واللاّمبالاة. صرنا كتلا بشرية سيان عندها الثرى والثريّا.

لقد آن الأوان أن نقف وقفة حاسمة وحازمة للدفاع عن المعنى، عن السموّ والرقيّ، عن الذوق السليم، ألاّ نخلط الحابل بالنابل وألاّ أن نسوّي بين الغثّ والسمين.

مصدّق الشّريف

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews