إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ليبيا.. توحيد الجيش مهمة شبه مستحيلة

سيكون هناك مدربون عسكريون أمريكيون في غرب ليبيا ومدربون عسكريون روس في المنطقة الشرقية

رشيد خشانة*

فوجئ سكان العاصمة الليبية طرابلس الخميس الماضي، باندلاع قتال بين جماعتين مسلحتين تابعتين لرئاسة الحكومة، بينما كانت الأسر الطرابلسية تُرافق أطفالها إلى مدينة ألعاب، في قلب العاصمة، وكأن المُتقاتلين يقولون لزوار المدينة "لا سبيل للهدوء والاطمئنان، فالحرب مازالت متواصلة وإن بتقطُع". والرسالة التي يمكن قراءتها من اندلاع تلك الاشتباكات، هي أن توحيد الأجسام المسلحة مازال هدفا بعيد المنال.

إحدى العقبات الرئيسة في طريق عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، تأتي من استحالة إدماج عناصر المليشيات في مؤسسات أمنية أو عسكرية،تحلُ محل الجيش النظامي، الذي حله معمر القذافي قبل الإطاحة بنظامه. وبعدما تفرقع "جيش الجماهيرية" المُنحل، تقاسم جلده ضباطٌ منشقون، أسوة باللواء المتقاعد خليفة حفتر في المنطقة الشرقية، الذي استولى على ما تبقى من الجيش النظامي، من جهة، والجماعات المسلحة في المنطقة الغربية، ممن كانوا يُسمون بـ"ثوار فبراير" من جهة ثانية. وهناك خطة حاليا لمحاولة دمج تلك الميليشيات في جسم موحد، ما قد يُفضي إلى وجود جيشين منفصلين، واحد في الغرب والثاني في الشرق. وهذه الجماعات هي عبارة عن ميليشيات غير متحدة، فهي تدين بالولاء لمن يصرف الرواتب الشهرية لعناصرها. وأبلغ صورة عن الصراع بين أمرائها، ذلك القتال الذي نشب الشهر الماضي في طرابلس بين جماعتين من المسؤولين عن حماية رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأيضا قتال الخميس الماضي في طرابلس. ومن مظاهره كذلك التنازع على السيطرة على المنافذ الحدودية ونقاط التفتيش.

 حربٌ أهلية

وخاضت غالبية تلك الجماعات معارك ضد قوات القذافي التي كان يقودها اثنان من أبنائه معتصم وخميس، في كل من سرت وسبها وبني وليد، قبل أن تؤول الأمور إلى حرب أهلية، دمرت ما تبقى من الجيش، وقُتل خلالها المئات من بينهم معمر القذافي ونجليه معتصم وخميس، إضافة إلى وزير الدفاع أبوبكر يونس جابر.

على الطرف الآخر من المشهد، أي في الشرق، لم تشكل قوات حفتر في البداية جيشا نظاميا بأتم معنى الكلمة، بل مجرد وسيلة لإحكام قبضة اللواء المتقاعد على كامل المنطقة الشرقية. وتلقى في سبيل ذلك دعما سخيا من مصر والإمارات، بالإضافة لفرنسا وروسيا. أما حكومة عبد الحميد الدبيبة فالأرجح أنها ستعتمد على عناصر من الشركة الأمنية الأمريكية "أمنتوم" لتدريب عناصر المجموعات المسلحة الخاضعة لسيطرتها، في العاصمة طرابلس وجوارها، بحسب ما أفاد تقرير جديد بثه موقع "أفريكا إنتليجنس" القريب من الاستخبارات الفرنسية. ويقوم هذا التعاون على أساس اتفاق أبرمته الشركة مع الدبيبة لتأمين التدريب لعدة مجموعات مسلحة في طرابلس.

في هذا السياق جدد المبعوث الأميركي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند التأكيد للسلطات الليبية على ضرورة توحيد قواتها الأمنية. كما نقل نورلاند هذه الرسالة أيضا خلال اجتماع عقد في السابع من مارس الماضي مع وزير الداخلية المكلف بـ"حكومة الوحدة الوطنية" عماد الطرابلسي، وهو نفسه زعيم سابق لإحدى الميليشيات، على ما أورد تقرير "أفريكا إنتلجنس". ويُركز الأمريكيون بشكل خاص على تأمين حدود ليبيا، وهي مسألة تقع في قلب اهتمامات واشنطن، في إطار أوسع، يتعلق بالتوقي من عدم الاستقرار الإقليمي.

توحيد الأجسام المسلحة

اللافت للنظر أن أمريكا صارت تتدخل مباشرة للإشراف على محاولة توحيد الأجسام المسلحة المختلفة، بُغية تكليفها بتأمين الحدود وعمليات نزع السلاح. والمهمة الأخيرة هي الأصعب لشدة تمسك أمراء المليشيات بأسلحة كياناتهم العسكرية. وبحسب إيضاحات أوردها الموقع الفرنسي،فإن مدربي "أمنتوم" سيُعهد لهم بتدريب أعضاء من ثلاثة ألوية مسلحة.

وتأتي هذه الخطوة لإضفاء الطابع المهني على التشكيلات المسلحة مع خارطة طريق وضعتها واشنطن، وهي تمنح الأولوية لنزع سلاح الجماعات المسلحة، وتسريحها وإعادة إدماجها بشكل أساسي في وزارتي الداخلية والدفاع. وفي هذا الإطار أعادت واشنطن إطلاق برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في ديسمبر الماضي. ووفق التقرير ذاته، من الصعب على الشركة الخاصة "أمنتوم" العمل على الأرض من دون الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، وهو ما يؤكد قرب هذه الشركة من وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي نهاية المطاف سيكون هناك مدربون عسكريون أمريكيون في غرب ليبيا ومدربون عسكريون روس في المنطقة الشرقية. وبعبارات أخرى ستعتمد أمريكا على نفوذها المتزايد في المنطقة، لمحاولة وقف التقدم الميداني للروس في شمال أفريقيا وغربها، فيما ستعزز واشنطن من دائرة النفوذ التي رسمتها منذ 2017، في إطار استراتيجيا متكاملة لمواجهة التمدد الروسي في المنطقة.

مخاوف واشنطن

ويتزامن هذا التدخل الأمريكي المتجدد في قطاع الأمن الليبي، مع تعبير واشنطن عن مخاوفها من دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقوات حفتر، بموجب اتفاقات عسكرية توصل إليها الطرفان سابقا، وكذلك خشيتها من التهديد الذي يمثله المجلس العسكري الجديد في نيامي، على الوجود العسكري الأمريكي في النيجر المجاورة. واستطرادا يشكل هذا الاهتمام جزءا من استراتيجيا أمريكية أوسع، لمواجهة النفوذ الروسي المتعاظم في القارة الأفريقية، على حساب فرنسا، صاحبة الإمبراطورية الاستعمارية السابقة في الغرب الافريقي.

ويعتقد الأمريكيون أن ليبيا مهددة من الجنوب، بعدما انزلقت من بين أصابعها منطقة الساحل، وكانت فرنسا تقود "مجموعة الخمسة"، وهو حلف عسكري بين خمسة بلدان صحراوية كانت تتعرض لهجمات متكررة من تنظيمات تشكل غالبيتُها فروعا من تنظيمي "القاعدة" و"داعش". وكان وزير الدفاع الأمريكي أكد أن إدارته ستتابع عملياتها لمحاصرة تمدد تنظيم الدولة في المنطقة. وبهذا المعنى فقدت "خطة الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل"، التي أطلقتها باريس في 2019، بمناسبة قمة للدول الصناعية السبع، معناها وفائدتها. أكثر من ذلك،يتخوف كثيرون في المنطقة الغربية من أن توحيد المؤسسة العسكرية، بما في ذلك المخابرات العسكرية، سيمكن أبناء حفتر، المسيطرين على الجيش، من مد نفوذهم إلى القضاء العسكري، لاستخدامه غطاء "قانونيا" لاعتقال المعارضين واختطاف الحقوقيين، بل واغتيال شخصيات عامة، مثلما حدث للنائبة المغدورة سهام سيرغيوة، التي قال أفراد أسرتها إنهم لا يعلمون إن كانت ما تزال حية أم قُتلت في أقبية "جهاز الأمن الداخلي"؟

اعتقال وكيل النيابة

ومن الأمثلة على ذلك أيضا اعتقال وكيل النيابة في بنغازي أحمد صلاح الدين الفاخري، بحسب ما نشرت "بوابة الوسط" الإخبارية. وكانت المحكمة العسكرية برأت الفاخري من التهم التي نُسبت إليه، بعد احتجاز دام سنة كاملة، غير أن جهاز الأمن الداخلي أعاد اعتقاله. وذكرت بوابة "الوسط" أن أسرة الفاخري فوجئت باقتحام المنزل واعتقال صاحبه مرة ثانية، بأمر من المدعي العسكري التابع لحفتر. ويتفق المحللون على أن مناخ الاعتداءات المُتكررة على الشخصيات المستقلة والحقوقيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان، معطوفا على البطش المسلط على الأصوات الحرة، أكانت كبيرة أم صغيرة، هو الذي يُفسر ضمور المجتمع المدني في المنطقة الشرقية، وتلاشي مكوناته وضعف تأثيره في المجتمع.

ومن أبرز ضحايا الاغتيالات المحامية والحقوقية سلوى بوقعيقيس، التي قُتلت في بيتها. وسُجل الاغتيال على أنه من تنفيذ عناصر مجهولة الهوية. وتعرض بيان أصدره مجلس الأمن في 11 أوت 2019 إلى ضرورة ملاحقة منفذي الاغتيالات، معتبرا قتل النائبة سرقيوة "جريمة خطرة يجب محاسبة الجناة عليها". لكن لم يحاسب المنفذون ولا من أعطوا الأوامر بالقتل ولا المُخططون... إلى اليوم.

* مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا

.

 

 

 

ليبيا.. توحيد الجيش مهمة شبه مستحيلة

سيكون هناك مدربون عسكريون أمريكيون في غرب ليبيا ومدربون عسكريون روس في المنطقة الشرقية

رشيد خشانة*

فوجئ سكان العاصمة الليبية طرابلس الخميس الماضي، باندلاع قتال بين جماعتين مسلحتين تابعتين لرئاسة الحكومة، بينما كانت الأسر الطرابلسية تُرافق أطفالها إلى مدينة ألعاب، في قلب العاصمة، وكأن المُتقاتلين يقولون لزوار المدينة "لا سبيل للهدوء والاطمئنان، فالحرب مازالت متواصلة وإن بتقطُع". والرسالة التي يمكن قراءتها من اندلاع تلك الاشتباكات، هي أن توحيد الأجسام المسلحة مازال هدفا بعيد المنال.

إحدى العقبات الرئيسة في طريق عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، تأتي من استحالة إدماج عناصر المليشيات في مؤسسات أمنية أو عسكرية،تحلُ محل الجيش النظامي، الذي حله معمر القذافي قبل الإطاحة بنظامه. وبعدما تفرقع "جيش الجماهيرية" المُنحل، تقاسم جلده ضباطٌ منشقون، أسوة باللواء المتقاعد خليفة حفتر في المنطقة الشرقية، الذي استولى على ما تبقى من الجيش النظامي، من جهة، والجماعات المسلحة في المنطقة الغربية، ممن كانوا يُسمون بـ"ثوار فبراير" من جهة ثانية. وهناك خطة حاليا لمحاولة دمج تلك الميليشيات في جسم موحد، ما قد يُفضي إلى وجود جيشين منفصلين، واحد في الغرب والثاني في الشرق. وهذه الجماعات هي عبارة عن ميليشيات غير متحدة، فهي تدين بالولاء لمن يصرف الرواتب الشهرية لعناصرها. وأبلغ صورة عن الصراع بين أمرائها، ذلك القتال الذي نشب الشهر الماضي في طرابلس بين جماعتين من المسؤولين عن حماية رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأيضا قتال الخميس الماضي في طرابلس. ومن مظاهره كذلك التنازع على السيطرة على المنافذ الحدودية ونقاط التفتيش.

 حربٌ أهلية

وخاضت غالبية تلك الجماعات معارك ضد قوات القذافي التي كان يقودها اثنان من أبنائه معتصم وخميس، في كل من سرت وسبها وبني وليد، قبل أن تؤول الأمور إلى حرب أهلية، دمرت ما تبقى من الجيش، وقُتل خلالها المئات من بينهم معمر القذافي ونجليه معتصم وخميس، إضافة إلى وزير الدفاع أبوبكر يونس جابر.

على الطرف الآخر من المشهد، أي في الشرق، لم تشكل قوات حفتر في البداية جيشا نظاميا بأتم معنى الكلمة، بل مجرد وسيلة لإحكام قبضة اللواء المتقاعد على كامل المنطقة الشرقية. وتلقى في سبيل ذلك دعما سخيا من مصر والإمارات، بالإضافة لفرنسا وروسيا. أما حكومة عبد الحميد الدبيبة فالأرجح أنها ستعتمد على عناصر من الشركة الأمنية الأمريكية "أمنتوم" لتدريب عناصر المجموعات المسلحة الخاضعة لسيطرتها، في العاصمة طرابلس وجوارها، بحسب ما أفاد تقرير جديد بثه موقع "أفريكا إنتليجنس" القريب من الاستخبارات الفرنسية. ويقوم هذا التعاون على أساس اتفاق أبرمته الشركة مع الدبيبة لتأمين التدريب لعدة مجموعات مسلحة في طرابلس.

في هذا السياق جدد المبعوث الأميركي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند التأكيد للسلطات الليبية على ضرورة توحيد قواتها الأمنية. كما نقل نورلاند هذه الرسالة أيضا خلال اجتماع عقد في السابع من مارس الماضي مع وزير الداخلية المكلف بـ"حكومة الوحدة الوطنية" عماد الطرابلسي، وهو نفسه زعيم سابق لإحدى الميليشيات، على ما أورد تقرير "أفريكا إنتلجنس". ويُركز الأمريكيون بشكل خاص على تأمين حدود ليبيا، وهي مسألة تقع في قلب اهتمامات واشنطن، في إطار أوسع، يتعلق بالتوقي من عدم الاستقرار الإقليمي.

توحيد الأجسام المسلحة

اللافت للنظر أن أمريكا صارت تتدخل مباشرة للإشراف على محاولة توحيد الأجسام المسلحة المختلفة، بُغية تكليفها بتأمين الحدود وعمليات نزع السلاح. والمهمة الأخيرة هي الأصعب لشدة تمسك أمراء المليشيات بأسلحة كياناتهم العسكرية. وبحسب إيضاحات أوردها الموقع الفرنسي،فإن مدربي "أمنتوم" سيُعهد لهم بتدريب أعضاء من ثلاثة ألوية مسلحة.

وتأتي هذه الخطوة لإضفاء الطابع المهني على التشكيلات المسلحة مع خارطة طريق وضعتها واشنطن، وهي تمنح الأولوية لنزع سلاح الجماعات المسلحة، وتسريحها وإعادة إدماجها بشكل أساسي في وزارتي الداخلية والدفاع. وفي هذا الإطار أعادت واشنطن إطلاق برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في ديسمبر الماضي. ووفق التقرير ذاته، من الصعب على الشركة الخاصة "أمنتوم" العمل على الأرض من دون الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، وهو ما يؤكد قرب هذه الشركة من وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي نهاية المطاف سيكون هناك مدربون عسكريون أمريكيون في غرب ليبيا ومدربون عسكريون روس في المنطقة الشرقية. وبعبارات أخرى ستعتمد أمريكا على نفوذها المتزايد في المنطقة، لمحاولة وقف التقدم الميداني للروس في شمال أفريقيا وغربها، فيما ستعزز واشنطن من دائرة النفوذ التي رسمتها منذ 2017، في إطار استراتيجيا متكاملة لمواجهة التمدد الروسي في المنطقة.

مخاوف واشنطن

ويتزامن هذا التدخل الأمريكي المتجدد في قطاع الأمن الليبي، مع تعبير واشنطن عن مخاوفها من دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقوات حفتر، بموجب اتفاقات عسكرية توصل إليها الطرفان سابقا، وكذلك خشيتها من التهديد الذي يمثله المجلس العسكري الجديد في نيامي، على الوجود العسكري الأمريكي في النيجر المجاورة. واستطرادا يشكل هذا الاهتمام جزءا من استراتيجيا أمريكية أوسع، لمواجهة النفوذ الروسي المتعاظم في القارة الأفريقية، على حساب فرنسا، صاحبة الإمبراطورية الاستعمارية السابقة في الغرب الافريقي.

ويعتقد الأمريكيون أن ليبيا مهددة من الجنوب، بعدما انزلقت من بين أصابعها منطقة الساحل، وكانت فرنسا تقود "مجموعة الخمسة"، وهو حلف عسكري بين خمسة بلدان صحراوية كانت تتعرض لهجمات متكررة من تنظيمات تشكل غالبيتُها فروعا من تنظيمي "القاعدة" و"داعش". وكان وزير الدفاع الأمريكي أكد أن إدارته ستتابع عملياتها لمحاصرة تمدد تنظيم الدولة في المنطقة. وبهذا المعنى فقدت "خطة الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل"، التي أطلقتها باريس في 2019، بمناسبة قمة للدول الصناعية السبع، معناها وفائدتها. أكثر من ذلك،يتخوف كثيرون في المنطقة الغربية من أن توحيد المؤسسة العسكرية، بما في ذلك المخابرات العسكرية، سيمكن أبناء حفتر، المسيطرين على الجيش، من مد نفوذهم إلى القضاء العسكري، لاستخدامه غطاء "قانونيا" لاعتقال المعارضين واختطاف الحقوقيين، بل واغتيال شخصيات عامة، مثلما حدث للنائبة المغدورة سهام سيرغيوة، التي قال أفراد أسرتها إنهم لا يعلمون إن كانت ما تزال حية أم قُتلت في أقبية "جهاز الأمن الداخلي"؟

اعتقال وكيل النيابة

ومن الأمثلة على ذلك أيضا اعتقال وكيل النيابة في بنغازي أحمد صلاح الدين الفاخري، بحسب ما نشرت "بوابة الوسط" الإخبارية. وكانت المحكمة العسكرية برأت الفاخري من التهم التي نُسبت إليه، بعد احتجاز دام سنة كاملة، غير أن جهاز الأمن الداخلي أعاد اعتقاله. وذكرت بوابة "الوسط" أن أسرة الفاخري فوجئت باقتحام المنزل واعتقال صاحبه مرة ثانية، بأمر من المدعي العسكري التابع لحفتر. ويتفق المحللون على أن مناخ الاعتداءات المُتكررة على الشخصيات المستقلة والحقوقيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان، معطوفا على البطش المسلط على الأصوات الحرة، أكانت كبيرة أم صغيرة، هو الذي يُفسر ضمور المجتمع المدني في المنطقة الشرقية، وتلاشي مكوناته وضعف تأثيره في المجتمع.

ومن أبرز ضحايا الاغتيالات المحامية والحقوقية سلوى بوقعيقيس، التي قُتلت في بيتها. وسُجل الاغتيال على أنه من تنفيذ عناصر مجهولة الهوية. وتعرض بيان أصدره مجلس الأمن في 11 أوت 2019 إلى ضرورة ملاحقة منفذي الاغتيالات، معتبرا قتل النائبة سرقيوة "جريمة خطرة يجب محاسبة الجناة عليها". لكن لم يحاسب المنفذون ولا من أعطوا الأوامر بالقتل ولا المُخططون... إلى اليوم.

* مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا

.

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews