إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس في المرتبة الثالثة عالميا: 265 ألف اعتداء في الفضاء المدرسي 2011 !!

-تراجع الإحساس بالانتماء الجماعي وغياب الوازع الفردي ساهما في انتشار العنف بالوسط التربوي

تونس - الصباح

قال الكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي محمد الصافي لـ"الصباح" انه تم الحديث في أكثر من مناسبة عن اختراق عديد الظواهر للمدرسة العمومية في السنوات الأخيرة، كتفشي التسرب المدرسي الذي بلغ أكثر من 109 آلاف منقطع عن الدراسة في السنة، خاصة على مستوى السابعة أساسي والأولى ثانوي، إلى جانب تفشي مظاهر العنف وذلك راجع إلى اكتظاظ الفضاء المدرسي ونقص الإطار التربوي، حيث أن القانون ينص على أن لكل 150 تلميذا قيم واحد لكن هذا غير متوفر حاليا وهذا ما خلق حالة من التوتر والتشنج كما أن المدرسة العمومية لم تعد جاذبة لأن التعامل بين المربي والتلميذ أصبح محكوما بالنفعية.

وأفاد محدثنا بأنه تم تسجيل 34 ألف حالة عنف بالمؤسسات التربوية كما أن تونس مصنفة في المرتبة الثالثة عالميا في العنف في الفضاء المدرسي.. وأكد على الارتفاع الفظيع لعدد حالات العنف من التلميذ في حق المربي.

وللتذكير فقد تجاوز عدد حالات العنف الجسدي التي طالت المعلمين والأساتذة في تونس 21 ألف حالة اعتداء، منذ سنة 2011، حسب النتائج الأولية لدراسة حول العنف في الوسط المدرسي أعدتها لجنة التربية والتعليم بالاشتراك مع قسم التوثيق بالجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام.

وتم وفق النتائج الأولية لهذه الدراسة تسجيل 21 ألفا و434 حالة عنف جسدي طالت المعلمين والأساتذة المنتمين إلى مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي، منها 312 حالة وصفت بالخطيرة جدا.

وخلصت الدراسة أيضا، إلى رصد 265 ألف حالة عنف تراوحت بين العنف المادي والنفسي واللفظي والتحرش والتنمر والاغتصاب، ضحاياها من المدرسين والتلاميذ والإطار البيداغوجي.

واعتبر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أن انتشار العنف في المؤسسات التعليمية من بين الظواهر المعقدة التي تتطلب فهما عميقا ومقاربة متعددة الأبعاد لمعالجتها بفعالية، حيث تساهم العديد من العوامل الخارجيّة والدّاخليّة في انتشار هذه الظاهرة وتساهم في تفاقمها.

وقال قاسم لـ"الصباح" أن من العوامل الخارجية التي ساهمت في تفاقم الظاهرة طبيعة المجتمع والتوترات التي يعاني منها، وانتشار السلوكيات العنيفة والفوضى والتّسيّب وطغيان النّزعات الأنانيّة، في ظل تراجع الإحساس بالانتماء الجماعي وغياب الوازع الفردي، وجميعها مظاهر فاقمتها الأحداث التي عاشتها البلاد مند جانفي 2011، أمّا العوامل الداخلية فإنّها تتعلق بواقع المؤسسة التعليمية ذاتها ومدى قدرتها على توفير بيئة وديّة وآمنة مستقرة.

وحسب قاسم فإن المؤسّسة التربوية فقدت الكثير من مناعتها بسبب فوضى القرارات، مثلما فقدت قدرتها على الفعل والمبادرة بسبب المركزيّة البيروقراطيّة القاتلة، وغياب كل تصوّر لدورها كبيئة حاضنة للفعل التّربويّ، رغم كلّ الشعارات التي يرفعها أصحاب القرار والتّصريحات التي يطلقونها.

ومن وجهة نظر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم فإن لشبكات التواصل الاجتماعي دور في تعزيز ظاهرة العنف المدرسي، حيث لا يقتصر دور هذه الشبكات على نشر السلوكيات العنيفة في غياب أيّ آليّة من آليّات الضّبط والتّعديل، بل إنّها تقدم تغطية مكثفة لأحداث العنف في المدارس، مما يجعلها محل اهتمام كبير ويوفر منصة للجدل والتهجم دون تحليل عميق أو حوار بنّاء، وهذا أخطر ما في الأمر، حيث يتمّ تعميق الفجوة بين الأطراف المعنية وإضعاف الجهود الرامية إلى إيجاد حلول شاملة ومستدامة لهذه الظاهرة المقلقة، وبدل أن يكون الحديث عن العنف المدرسيّ مدخلا لمقاومته، فإنّه يتحوّل إلى شكل من أشكال التّطبيع معه، بل تغذيته والدّفع نحوه.

وأكد محدثنا أن ما حدث مؤخرا في المدرسة الابتدائية بمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان من تهجم على مدرّسة أمام تلاميذها، أمر مرفوض ومدان وبالغ الخطورة، وقد قدّم تناوله على شبكات التّواصل الاجتماعيّ مثالا واضحا على الدور الخطير الذي تلعبه هذه الشبكات في تعزيز السلوكيات العنيفة والتّطبيع معها، حيث يضرّ تداول هذه الحوادث بشكل واسع وتحويلها إلى مجال للتّندّر أو للتّحريض بصورة المدرس وسمعته، ويفقد المؤسسة التعليمية ومنظومة التعليم بشكل عام هيبتها. كما يشجع هذا التداول ردود الفعل العنيفة التي لا تساهم في حل المشكلة بل تزيد من التوتر والانقسام في المجتمع.

كما شدد قاسم على أن الانضباط هو أساس النشاط التعليمي والمجتمعات المتطور، ومن الضّروريّ اليوم إعادة النظر في التعاملات السائدة وتبني مقاربات جديدة تعتمد على التواصل والتفاعل البناء بين جميع الأطراف المعنية، حيث يجب تعزيز ثقافة الحوار والتعاون وتوفير الأطر الضرورية لتحقيق ذلك. كما يجب تضمين تعليم مهارات الحياة والمواطنة في مناهج التعليم بشكل فعّال بعيدا عن الإملاءات الأجنبيّة العقيمة.

وأضاف بأن تعافي المدرسة وتعزيز دورها يتطلب وضع إطار منظومي يحدد الأدوار ويبني العلاقات على أسس الجودة والشفافية، وهو ما تعمل عليه الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم منذ سنوات، وكلّ الأمل أن تجد مبادراتها حسن القبول من القيادة التّربويّة الجديدة، بعد أن عانت مشاريعها من التّهميش بسبب كثرة الحسابات وغياب التّقييم الموضوعيّ المسؤول.

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس في المرتبة  الثالثة عالميا: 265 ألف اعتداء في  الفضاء المدرسي 2011 !!

-تراجع الإحساس بالانتماء الجماعي وغياب الوازع الفردي ساهما في انتشار العنف بالوسط التربوي

تونس - الصباح

قال الكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي محمد الصافي لـ"الصباح" انه تم الحديث في أكثر من مناسبة عن اختراق عديد الظواهر للمدرسة العمومية في السنوات الأخيرة، كتفشي التسرب المدرسي الذي بلغ أكثر من 109 آلاف منقطع عن الدراسة في السنة، خاصة على مستوى السابعة أساسي والأولى ثانوي، إلى جانب تفشي مظاهر العنف وذلك راجع إلى اكتظاظ الفضاء المدرسي ونقص الإطار التربوي، حيث أن القانون ينص على أن لكل 150 تلميذا قيم واحد لكن هذا غير متوفر حاليا وهذا ما خلق حالة من التوتر والتشنج كما أن المدرسة العمومية لم تعد جاذبة لأن التعامل بين المربي والتلميذ أصبح محكوما بالنفعية.

وأفاد محدثنا بأنه تم تسجيل 34 ألف حالة عنف بالمؤسسات التربوية كما أن تونس مصنفة في المرتبة الثالثة عالميا في العنف في الفضاء المدرسي.. وأكد على الارتفاع الفظيع لعدد حالات العنف من التلميذ في حق المربي.

وللتذكير فقد تجاوز عدد حالات العنف الجسدي التي طالت المعلمين والأساتذة في تونس 21 ألف حالة اعتداء، منذ سنة 2011، حسب النتائج الأولية لدراسة حول العنف في الوسط المدرسي أعدتها لجنة التربية والتعليم بالاشتراك مع قسم التوثيق بالجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام.

وتم وفق النتائج الأولية لهذه الدراسة تسجيل 21 ألفا و434 حالة عنف جسدي طالت المعلمين والأساتذة المنتمين إلى مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي، منها 312 حالة وصفت بالخطيرة جدا.

وخلصت الدراسة أيضا، إلى رصد 265 ألف حالة عنف تراوحت بين العنف المادي والنفسي واللفظي والتحرش والتنمر والاغتصاب، ضحاياها من المدرسين والتلاميذ والإطار البيداغوجي.

واعتبر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أن انتشار العنف في المؤسسات التعليمية من بين الظواهر المعقدة التي تتطلب فهما عميقا ومقاربة متعددة الأبعاد لمعالجتها بفعالية، حيث تساهم العديد من العوامل الخارجيّة والدّاخليّة في انتشار هذه الظاهرة وتساهم في تفاقمها.

وقال قاسم لـ"الصباح" أن من العوامل الخارجية التي ساهمت في تفاقم الظاهرة طبيعة المجتمع والتوترات التي يعاني منها، وانتشار السلوكيات العنيفة والفوضى والتّسيّب وطغيان النّزعات الأنانيّة، في ظل تراجع الإحساس بالانتماء الجماعي وغياب الوازع الفردي، وجميعها مظاهر فاقمتها الأحداث التي عاشتها البلاد مند جانفي 2011، أمّا العوامل الداخلية فإنّها تتعلق بواقع المؤسسة التعليمية ذاتها ومدى قدرتها على توفير بيئة وديّة وآمنة مستقرة.

وحسب قاسم فإن المؤسّسة التربوية فقدت الكثير من مناعتها بسبب فوضى القرارات، مثلما فقدت قدرتها على الفعل والمبادرة بسبب المركزيّة البيروقراطيّة القاتلة، وغياب كل تصوّر لدورها كبيئة حاضنة للفعل التّربويّ، رغم كلّ الشعارات التي يرفعها أصحاب القرار والتّصريحات التي يطلقونها.

ومن وجهة نظر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم فإن لشبكات التواصل الاجتماعي دور في تعزيز ظاهرة العنف المدرسي، حيث لا يقتصر دور هذه الشبكات على نشر السلوكيات العنيفة في غياب أيّ آليّة من آليّات الضّبط والتّعديل، بل إنّها تقدم تغطية مكثفة لأحداث العنف في المدارس، مما يجعلها محل اهتمام كبير ويوفر منصة للجدل والتهجم دون تحليل عميق أو حوار بنّاء، وهذا أخطر ما في الأمر، حيث يتمّ تعميق الفجوة بين الأطراف المعنية وإضعاف الجهود الرامية إلى إيجاد حلول شاملة ومستدامة لهذه الظاهرة المقلقة، وبدل أن يكون الحديث عن العنف المدرسيّ مدخلا لمقاومته، فإنّه يتحوّل إلى شكل من أشكال التّطبيع معه، بل تغذيته والدّفع نحوه.

وأكد محدثنا أن ما حدث مؤخرا في المدرسة الابتدائية بمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان من تهجم على مدرّسة أمام تلاميذها، أمر مرفوض ومدان وبالغ الخطورة، وقد قدّم تناوله على شبكات التّواصل الاجتماعيّ مثالا واضحا على الدور الخطير الذي تلعبه هذه الشبكات في تعزيز السلوكيات العنيفة والتّطبيع معها، حيث يضرّ تداول هذه الحوادث بشكل واسع وتحويلها إلى مجال للتّندّر أو للتّحريض بصورة المدرس وسمعته، ويفقد المؤسسة التعليمية ومنظومة التعليم بشكل عام هيبتها. كما يشجع هذا التداول ردود الفعل العنيفة التي لا تساهم في حل المشكلة بل تزيد من التوتر والانقسام في المجتمع.

كما شدد قاسم على أن الانضباط هو أساس النشاط التعليمي والمجتمعات المتطور، ومن الضّروريّ اليوم إعادة النظر في التعاملات السائدة وتبني مقاربات جديدة تعتمد على التواصل والتفاعل البناء بين جميع الأطراف المعنية، حيث يجب تعزيز ثقافة الحوار والتعاون وتوفير الأطر الضرورية لتحقيق ذلك. كما يجب تضمين تعليم مهارات الحياة والمواطنة في مناهج التعليم بشكل فعّال بعيدا عن الإملاءات الأجنبيّة العقيمة.

وأضاف بأن تعافي المدرسة وتعزيز دورها يتطلب وضع إطار منظومي يحدد الأدوار ويبني العلاقات على أسس الجودة والشفافية، وهو ما تعمل عليه الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم منذ سنوات، وكلّ الأمل أن تجد مبادراتها حسن القبول من القيادة التّربويّة الجديدة، بعد أن عانت مشاريعها من التّهميش بسبب كثرة الحسابات وغياب التّقييم الموضوعيّ المسؤول.

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews