إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الافتتاحية .. أزمة النقل تنغص فرحة العيد.. !!

 

 

مع كل عيد جديد، ومناسبة جديدة، تتجدد معاناة التونسيين في رحلة عودتهم إلى عائلاتهم ومسقط رؤوسهم المشاهد تتكرر، ورحلة العذاب والمعاناة تتعمق، وأزمة النقل تستفحل، اكتظاظ وازدحام وطوابير طويلة في محطات القطارات والحافلات و"اللّواجات"، وانتظار قد يصل ساعات وساعات، والسبب الأزمة المتوارثة، المتناسلة، والمستفحلة.

واقع قاتم وحالك، أصبحت معه مجرد العودة الى الديار في ظروف عادية، شبه معجزة وضربا من الخيال، في ظل أسطول متقادم ومهترئ، ونقص كبير في الحافلات والقطارات، أدى الى الاكتظاظ في الأيام العادية، فما بالك بالعطل والمناسبات التي تشهد تنقل عشرات آلاف المسافرين، عبر مختلف جهات الجمهورية، وما يتطلبه ذلك من استعدادات لوجستية، وإجراءات استثنائية.

قطارات الخطوط البعيدة أصبحت سفراتها، بلا نكهة، ولا طعم، ولا رائحة، ولم يبق من "التران" إلا اهتزازاته، و"أزيز" سكته، كراس اهترأت وتآكلت، شبابيك تراكم عليها الغبار والأوساخ، تجهيزات اقتلعت من أماكنها، آثار تخريب، أشياء غريبة وعجيبة، ومسؤولو "الشمينو" مازالوا في سباتهم، لا يعلمون أن قطارهم "فاته القطار"، وتجاوزه بمحطات ومحطات.

المشهد في تونس الكبرى والأحواز القريبة، لا يبدو مغايرا أو أقل قتامة، في ظل المعاناة اليومية للمواطنين، التي تزداد عادة قبل الأعياد، مع تردي خدمات و"شطحات" وسائل النقل العمومي، بمختلف أنواعها، من تأخير السفرات، الى إلغاء الرحلات، دون حسيب ولا رقيب، في غياب كلي لأية مساءلة أو محاسبة، وهو ما يطرح نقاط استفهام محيرة، حول "الصمت المريب"، والسكوت على التقصير والتجاوزات، والإفلات من العقوبات الرادعة، التي شجعت على التمادي في اللامبالاة والاستهتار، وانعدام الشعور بالمسؤولية.

ومن البديهي أن تكون رحلة العذاب، في ظل هذا الوضع، خبزا يوميا، وكابوسا مزعجا، يعيش على وقعه آلاف التونسيين، ولو أن هذه الأزمة المستفحلة ليست جديدة، وإنما هي متوارثة ومتناسلة، جراء عجز الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، التي فشلت فشلا ذريعا في إصلاح هذا القطاع الحيوي، ومعالجة مشاكله المتفرعة، بل اقتصرت تدخلاتها على حلول ترقيعية، ساهمت في تعميق أزمته.

وفي وقت تسببت الأعطاب في خسارة أكثر من نصف عدد الحافلات المستخدمة منذ 2010، واستغلال أقل من 30 عربة ميترو، بعد أن كانت أكثر من 140، وتقادم القطارات، واهتراء أغلب حافلات الشركة الوطنية للنقل بين المدن، فإن هذه المعضلة تقتضي ضرورة الإسراع في عملية إصلاح شاملة لهذا القطاع، لدوره المحوري في أي نقلة نوعية اقتصادية.

واعتبارا لحاجة التونسيين الماسة اليوم، لتحسين خدمات النقل بمختلف شبكاته، وتخفيفا لمعاناتهم، فإن هذا الوضع الصعب يتطلب حلولا عاجلة، لأن المواطن لا يمكنه أن ينتظر، وضع الإستراتيجية الوطنية للنقل العمومي، التي مازالت في حكم المجهول، وضبطها وبلورتها وتنفيذها، قد يستدعي وقتا طويلا، بينما يحتاج التونسي اليوم قبل الغد، الى إجراءات وقرارات عاجلة، قادرة على تغيير الوضع في وقت قياسي، تنطلق أساسا من الاقتناءات الجديدة، لكن تتعلق في جانب منها، بورشات الصيانة لمختلف الشركات، حيث يكمن جزء من الحل، لو يتم تشديد الرقابة على عملية الصيانة التي بإمكانها أن تعيد "الحياة" لعشرات الحافلات، وعربات الميترو التي خرجت عن الخدمة بسبب أعطاب خفيفة، يمكن تجاوزها، لو توفرت الإرادة من الفنيين والمشرفين على هذه الورشات، التي ظل بعضها "بؤر" فساد وسرقة قطع غيار.

ويبدو أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي أدى زيارات الى عدد من محطات القطارات والحافلات، واطلع على حالة المستودعات، يملك كل الملفات والمعطيات، وهو ما يدعوه الى ضرورة الدفع نحو تفعيل القرارات والإجراءات، حتى لا تتواصل معاناة المواطنين، ويظل الوضع على ماهو عليه، بقتامته وسوداويته.

ورغم البرنامج الاستثنائي لوزارة النقل، فإن معضلة رحلات العذاب، تنغص فرحة العيد لآلاف التونسيين.. فمتى سينتهي هذا الكابوس المقلق والمزعج؟؟

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

 

 

 

 

مع كل عيد جديد، ومناسبة جديدة، تتجدد معاناة التونسيين في رحلة عودتهم إلى عائلاتهم ومسقط رؤوسهم المشاهد تتكرر، ورحلة العذاب والمعاناة تتعمق، وأزمة النقل تستفحل، اكتظاظ وازدحام وطوابير طويلة في محطات القطارات والحافلات و"اللّواجات"، وانتظار قد يصل ساعات وساعات، والسبب الأزمة المتوارثة، المتناسلة، والمستفحلة.

واقع قاتم وحالك، أصبحت معه مجرد العودة الى الديار في ظروف عادية، شبه معجزة وضربا من الخيال، في ظل أسطول متقادم ومهترئ، ونقص كبير في الحافلات والقطارات، أدى الى الاكتظاظ في الأيام العادية، فما بالك بالعطل والمناسبات التي تشهد تنقل عشرات آلاف المسافرين، عبر مختلف جهات الجمهورية، وما يتطلبه ذلك من استعدادات لوجستية، وإجراءات استثنائية.

قطارات الخطوط البعيدة أصبحت سفراتها، بلا نكهة، ولا طعم، ولا رائحة، ولم يبق من "التران" إلا اهتزازاته، و"أزيز" سكته، كراس اهترأت وتآكلت، شبابيك تراكم عليها الغبار والأوساخ، تجهيزات اقتلعت من أماكنها، آثار تخريب، أشياء غريبة وعجيبة، ومسؤولو "الشمينو" مازالوا في سباتهم، لا يعلمون أن قطارهم "فاته القطار"، وتجاوزه بمحطات ومحطات.

المشهد في تونس الكبرى والأحواز القريبة، لا يبدو مغايرا أو أقل قتامة، في ظل المعاناة اليومية للمواطنين، التي تزداد عادة قبل الأعياد، مع تردي خدمات و"شطحات" وسائل النقل العمومي، بمختلف أنواعها، من تأخير السفرات، الى إلغاء الرحلات، دون حسيب ولا رقيب، في غياب كلي لأية مساءلة أو محاسبة، وهو ما يطرح نقاط استفهام محيرة، حول "الصمت المريب"، والسكوت على التقصير والتجاوزات، والإفلات من العقوبات الرادعة، التي شجعت على التمادي في اللامبالاة والاستهتار، وانعدام الشعور بالمسؤولية.

ومن البديهي أن تكون رحلة العذاب، في ظل هذا الوضع، خبزا يوميا، وكابوسا مزعجا، يعيش على وقعه آلاف التونسيين، ولو أن هذه الأزمة المستفحلة ليست جديدة، وإنما هي متوارثة ومتناسلة، جراء عجز الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، التي فشلت فشلا ذريعا في إصلاح هذا القطاع الحيوي، ومعالجة مشاكله المتفرعة، بل اقتصرت تدخلاتها على حلول ترقيعية، ساهمت في تعميق أزمته.

وفي وقت تسببت الأعطاب في خسارة أكثر من نصف عدد الحافلات المستخدمة منذ 2010، واستغلال أقل من 30 عربة ميترو، بعد أن كانت أكثر من 140، وتقادم القطارات، واهتراء أغلب حافلات الشركة الوطنية للنقل بين المدن، فإن هذه المعضلة تقتضي ضرورة الإسراع في عملية إصلاح شاملة لهذا القطاع، لدوره المحوري في أي نقلة نوعية اقتصادية.

واعتبارا لحاجة التونسيين الماسة اليوم، لتحسين خدمات النقل بمختلف شبكاته، وتخفيفا لمعاناتهم، فإن هذا الوضع الصعب يتطلب حلولا عاجلة، لأن المواطن لا يمكنه أن ينتظر، وضع الإستراتيجية الوطنية للنقل العمومي، التي مازالت في حكم المجهول، وضبطها وبلورتها وتنفيذها، قد يستدعي وقتا طويلا، بينما يحتاج التونسي اليوم قبل الغد، الى إجراءات وقرارات عاجلة، قادرة على تغيير الوضع في وقت قياسي، تنطلق أساسا من الاقتناءات الجديدة، لكن تتعلق في جانب منها، بورشات الصيانة لمختلف الشركات، حيث يكمن جزء من الحل، لو يتم تشديد الرقابة على عملية الصيانة التي بإمكانها أن تعيد "الحياة" لعشرات الحافلات، وعربات الميترو التي خرجت عن الخدمة بسبب أعطاب خفيفة، يمكن تجاوزها، لو توفرت الإرادة من الفنيين والمشرفين على هذه الورشات، التي ظل بعضها "بؤر" فساد وسرقة قطع غيار.

ويبدو أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي أدى زيارات الى عدد من محطات القطارات والحافلات، واطلع على حالة المستودعات، يملك كل الملفات والمعطيات، وهو ما يدعوه الى ضرورة الدفع نحو تفعيل القرارات والإجراءات، حتى لا تتواصل معاناة المواطنين، ويظل الوضع على ماهو عليه، بقتامته وسوداويته.

ورغم البرنامج الاستثنائي لوزارة النقل، فإن معضلة رحلات العذاب، تنغص فرحة العيد لآلاف التونسيين.. فمتى سينتهي هذا الكابوس المقلق والمزعج؟؟

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews