رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة لـ"الصباح": للأسف تعطل مسار الصلح وهذه الأسباب
تونس – الصباح
لا يزال وضع الصلح الجزائي يلقي بثقله على الرأيين الخاص والعام بعد أكثر من عامين من صدور المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وتعاقب التعيينات في صلب اللجنة الوطنية المكلفة بالنظر في الملفات والتي تم بعثها للغرض، وذلك بسبب عدم التوصل بعد إلى النتائج المرتقبة وتحقيق جانب من الأهداف المنتظرة من هذا القانون، الذي يراهن عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد ويشدد على ضرورة إنجاح آلية الصلح الجزائي لتحقيق الصلح الحقيقي القائم على العدل وعلى استرداد الأموال التي نُهبت من الشعب التونسي. وأجمعت عديد الجهات المتابعة للمسألة على أن الإشكاليات والتعقيدات الإدارية والقانونية كانت من بين العوامل التي عطلت مسار الصلح الجزائي وحالت دون حلحلة هذا الملف الشائك والهام، الأمر الذي دفع الجهات الرسمية إلى العمل على تدارك ومراجعة القانون المنظم للعملية وذلك بعد إدخال تعديلات على مرسوم القانون الخاص بذلك.
وكان لتمسك رئيس الجمهورية بدفع مسار الصلح نحو التفعيل على نحو أكثر نجاعة وفعالية ما يؤكد تمسك السلط الرسمية بهذه الآلية لتحقيق المصالحة مع رجال الأعمال الذين ألحقوا ضررا بالمجموعة العمومية، وهو ما أكده منذ أيام أثناء استقباله مشكاة سلامة، رئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي تم تعيين أعضاء جدد بها بعد إدخال تعديلات على المرسوم الذي بموجبه تم إنشاؤها. وكان الرئيس قد شدد عليه في عديد المناسبات الأخرى في لقائه مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرة العدل ليلى جفال ومحافظ البنك المركزي وغيرهم في مناسبات سابقة.
وتجدر الإشارة إلى أن مسار الصلح الجزائي انطلق منذ مارس 2022 وذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء في تلك الفترة على مرسوم الصلح الجزائي بين الدولة من ناحية ورجال أعمال متورطين في قضايا فساد مالي من ناحية ثانية وذلك مقابل القيام بمشاريع تنموية في الجهات.
ولئن أكد وليد العرفاوي، رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، بصفته مختصا ومتابعا ومحاميا مهتما بملف الصلح الجزائي أنه في ظل التمشي الحالي سوف لن يتم التوصل إلى تحقيق الأهداف المنتظرة في وقت قريب. وبين في تصريح حول المسألة لـ"الصباح"، أنه لطالما تحدث في هذا الموضوع وطالب بتعديل القانون المعمول به والقيام بمراجعات ضرورية لضمان أكثر نجاعة له. ولكنه في المقابل يعتبر أن هناك عوامل ومسائل أخرى ساهمت في تعطيل عمليات البت في الملفات من بينها مسألة التسقيف الزمني.
وكانت الجمعية التي يرأسها قد قدمت مقترحات تعديلية في الغرض. وكان رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة قد بين في سياق متصل في مناسبة سابقة أنّ لجنة الصلح الجزائي قبلت إلى حدّ نوفمبر الماضي 250 ملفا لطلب صلح، وأنّها أنهت إجراءات الصلح في 40% منها.
وكان رئيس الجمهورية قد شدد في لقائه الأخيرة برئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي على أن المحاسبة هو مطلب شعبي وأنه لا مجال للتسامح ولو في مليم واحد، وأن من اختار الصلح سيكون مآله العودة إلى نشاطه آمنا وبمنأى عن أي ابتزاز من أي جهة كانت. كما أوضح أن "من يريد اليوم مجددا التمطيط في الإجراءات واللجوء، مرة أخرى، إلى الاختبار تلو الاختبار بهدف الحطّ من قيمة المبالغ المطالب بدفعها، كما حاول فاشلا في السابق، لن تُمنح له فرصة أخرى وعليه أن يتحمّل مسؤولياته كاملة أمام القضاء". وأكد في نفس المناسبة على أنه لا يمكن الإفلات من المحاسبة وأن القضاء هو الفيصل وأن الارتماء في أحضان أي جهة كانت في الداخل أو في الخارج لن يشفع لأي كان.
وكانت رئاسة الحكومة قد أصدرت منشورا في مارس 2023 موجها إلى الوزراء والولاة ورؤساء الجماعات المحلية والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية ورؤساء الهيئات العمومية، طالبت فيه هذه الجهات بتمكين اللجنة الوطنية للصلح الجزائي من الملفات المتعلقة بالجرائم الاقتصادية والمالية وبالأفعال والأعمال والممارسات التي ترتبت عنها منافع غير شرعية أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة والتي أنتجت ضررا ماليا للدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أي جهة أخرى، وذلك بهدف تيسير مهام اللجنة في استرجاع عائدات هذا القانون.
وكانت عدة جهات قد بينت أن اللجنة الوطنية للصلح الجزائي تمكنت من استرجاع 26.9 مليون دينار خلال فترة عملها من مارس 2022 إلى غاية جانفي 2024.
كما سبق أن نشر وليد العرفاوي لائحة تضمنت أبرز النقائص التي تضمنتها التعديلات التي شملت القانون الجزائي في نسخته المنقحة والمعدلة الجديدة من بينها أن التنقيح لم يتطرق لمآل الأملاك المصادرة وهل يقع احتسابها كمقابل للصلح أم لا. وأن التنقيح أضاف إجراءات جديدة في آجال مختصرة يصعب احترامها في ظل الأجل العام للبت في المطلب كاملا (أربعة أشهر).
ثم إن التنقيح لم يعرف حالة الفرار التي تستوجب المصادرة وما هو مجال هذه المصادرة وطبيعتها. فمن هو طالب الصلح الذي بحالة فرار؟ هل يتعلق الأمر بالذي يفر بعد خروجه بموجب صلح وقتي؟ أم بحالة الفرار من إجراءات الصلح بعد تقديم المطلب أي الفارين من الإجراء في حد ذاته؟ وأبرز أيضا أن المرسوم لم يحدد مآل الأموال المجمدة والأموال المدفوعة في إطار الإفراج بضمان بالنسبة للمعني بالصلح فهل تحتسب تلك الأموال ضمن مقابل الصلح أم لا؟..وغيرها من النقاط الأخرى التي اعتبرها من العوامل التي من شانها أن تصعب مهمة اللجنة في عملها في المرحلة القادمة لاسيما في ظل التعقيدات الإدارية الموجودة.
وكانت عدة جهات قد انتقدت عملية تعديل القانون المنظم للعملية بعد عرضه على مجلس نواب الشعب في ظل غياب نقاش تشاركي حول المسألة وعدم جدية بعض المعنيين بهذا الملف في المراحل الأولى من عمل اللجنة المعنية وتشعب وتعقد المسار الإداري والقانوني.
نزيهة الغضباني
رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة لـ"الصباح": للأسف تعطل مسار الصلح وهذه الأسباب
تونس – الصباح
لا يزال وضع الصلح الجزائي يلقي بثقله على الرأيين الخاص والعام بعد أكثر من عامين من صدور المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وتعاقب التعيينات في صلب اللجنة الوطنية المكلفة بالنظر في الملفات والتي تم بعثها للغرض، وذلك بسبب عدم التوصل بعد إلى النتائج المرتقبة وتحقيق جانب من الأهداف المنتظرة من هذا القانون، الذي يراهن عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد ويشدد على ضرورة إنجاح آلية الصلح الجزائي لتحقيق الصلح الحقيقي القائم على العدل وعلى استرداد الأموال التي نُهبت من الشعب التونسي. وأجمعت عديد الجهات المتابعة للمسألة على أن الإشكاليات والتعقيدات الإدارية والقانونية كانت من بين العوامل التي عطلت مسار الصلح الجزائي وحالت دون حلحلة هذا الملف الشائك والهام، الأمر الذي دفع الجهات الرسمية إلى العمل على تدارك ومراجعة القانون المنظم للعملية وذلك بعد إدخال تعديلات على مرسوم القانون الخاص بذلك.
وكان لتمسك رئيس الجمهورية بدفع مسار الصلح نحو التفعيل على نحو أكثر نجاعة وفعالية ما يؤكد تمسك السلط الرسمية بهذه الآلية لتحقيق المصالحة مع رجال الأعمال الذين ألحقوا ضررا بالمجموعة العمومية، وهو ما أكده منذ أيام أثناء استقباله مشكاة سلامة، رئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي تم تعيين أعضاء جدد بها بعد إدخال تعديلات على المرسوم الذي بموجبه تم إنشاؤها. وكان الرئيس قد شدد عليه في عديد المناسبات الأخرى في لقائه مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرة العدل ليلى جفال ومحافظ البنك المركزي وغيرهم في مناسبات سابقة.
وتجدر الإشارة إلى أن مسار الصلح الجزائي انطلق منذ مارس 2022 وذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء في تلك الفترة على مرسوم الصلح الجزائي بين الدولة من ناحية ورجال أعمال متورطين في قضايا فساد مالي من ناحية ثانية وذلك مقابل القيام بمشاريع تنموية في الجهات.
ولئن أكد وليد العرفاوي، رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، بصفته مختصا ومتابعا ومحاميا مهتما بملف الصلح الجزائي أنه في ظل التمشي الحالي سوف لن يتم التوصل إلى تحقيق الأهداف المنتظرة في وقت قريب. وبين في تصريح حول المسألة لـ"الصباح"، أنه لطالما تحدث في هذا الموضوع وطالب بتعديل القانون المعمول به والقيام بمراجعات ضرورية لضمان أكثر نجاعة له. ولكنه في المقابل يعتبر أن هناك عوامل ومسائل أخرى ساهمت في تعطيل عمليات البت في الملفات من بينها مسألة التسقيف الزمني.
وكانت الجمعية التي يرأسها قد قدمت مقترحات تعديلية في الغرض. وكان رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة قد بين في سياق متصل في مناسبة سابقة أنّ لجنة الصلح الجزائي قبلت إلى حدّ نوفمبر الماضي 250 ملفا لطلب صلح، وأنّها أنهت إجراءات الصلح في 40% منها.
وكان رئيس الجمهورية قد شدد في لقائه الأخيرة برئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي على أن المحاسبة هو مطلب شعبي وأنه لا مجال للتسامح ولو في مليم واحد، وأن من اختار الصلح سيكون مآله العودة إلى نشاطه آمنا وبمنأى عن أي ابتزاز من أي جهة كانت. كما أوضح أن "من يريد اليوم مجددا التمطيط في الإجراءات واللجوء، مرة أخرى، إلى الاختبار تلو الاختبار بهدف الحطّ من قيمة المبالغ المطالب بدفعها، كما حاول فاشلا في السابق، لن تُمنح له فرصة أخرى وعليه أن يتحمّل مسؤولياته كاملة أمام القضاء". وأكد في نفس المناسبة على أنه لا يمكن الإفلات من المحاسبة وأن القضاء هو الفيصل وأن الارتماء في أحضان أي جهة كانت في الداخل أو في الخارج لن يشفع لأي كان.
وكانت رئاسة الحكومة قد أصدرت منشورا في مارس 2023 موجها إلى الوزراء والولاة ورؤساء الجماعات المحلية والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية ورؤساء الهيئات العمومية، طالبت فيه هذه الجهات بتمكين اللجنة الوطنية للصلح الجزائي من الملفات المتعلقة بالجرائم الاقتصادية والمالية وبالأفعال والأعمال والممارسات التي ترتبت عنها منافع غير شرعية أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة والتي أنتجت ضررا ماليا للدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أي جهة أخرى، وذلك بهدف تيسير مهام اللجنة في استرجاع عائدات هذا القانون.
وكانت عدة جهات قد بينت أن اللجنة الوطنية للصلح الجزائي تمكنت من استرجاع 26.9 مليون دينار خلال فترة عملها من مارس 2022 إلى غاية جانفي 2024.
كما سبق أن نشر وليد العرفاوي لائحة تضمنت أبرز النقائص التي تضمنتها التعديلات التي شملت القانون الجزائي في نسخته المنقحة والمعدلة الجديدة من بينها أن التنقيح لم يتطرق لمآل الأملاك المصادرة وهل يقع احتسابها كمقابل للصلح أم لا. وأن التنقيح أضاف إجراءات جديدة في آجال مختصرة يصعب احترامها في ظل الأجل العام للبت في المطلب كاملا (أربعة أشهر).
ثم إن التنقيح لم يعرف حالة الفرار التي تستوجب المصادرة وما هو مجال هذه المصادرة وطبيعتها. فمن هو طالب الصلح الذي بحالة فرار؟ هل يتعلق الأمر بالذي يفر بعد خروجه بموجب صلح وقتي؟ أم بحالة الفرار من إجراءات الصلح بعد تقديم المطلب أي الفارين من الإجراء في حد ذاته؟ وأبرز أيضا أن المرسوم لم يحدد مآل الأموال المجمدة والأموال المدفوعة في إطار الإفراج بضمان بالنسبة للمعني بالصلح فهل تحتسب تلك الأموال ضمن مقابل الصلح أم لا؟..وغيرها من النقاط الأخرى التي اعتبرها من العوامل التي من شانها أن تصعب مهمة اللجنة في عملها في المرحلة القادمة لاسيما في ظل التعقيدات الإدارية الموجودة.
وكانت عدة جهات قد انتقدت عملية تعديل القانون المنظم للعملية بعد عرضه على مجلس نواب الشعب في ظل غياب نقاش تشاركي حول المسألة وعدم جدية بعض المعنيين بهذا الملف في المراحل الأولى من عمل اللجنة المعنية وتشعب وتعقد المسار الإداري والقانوني.