إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صباح الخير.. غياب النصوص.. وصراع المجالس

 

اختتم مؤخرا المسار الانتخابي لتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بعد انتخاب أعضائه، وهي آخر مرحلة من مسار انتخابي طويل انطلق منذ أكتوبر 2023 لينتهي في بداية أفريل 2024، أي لفترة تقارب ستة أشهر..

المفارقة أن المجالس المنتخبة (المحلية والجهوية والأقاليم) انطلقت في عملها في غياب قوانين أساسية وأنظمة داخلية تنظم مهامها وعلاقتها ببعضها وبالسلطات الجهوية والمركزية، والمجالس البلدية، والبرلمان، في مؤشر قد يمهّد لنشأة صراع وجود ونفوذ بين مؤسسات "البناء القاعدي الجديد"، ومؤسسات "النظام السائد"..

كما أن الغرفة التشريعية الثانية، ستشرع في نشاطها دون وجود نص قانوني ينظم علاقتها مع البرلمان، وعلاقته بالمجالس المنتخبة التي انبثق عنها، باستثناء ما ورد في دستور جويلية 2022 من فصول تنظم تلك العلاقة، لكن الأمر يحتاج قانونا أساسيا يوضح المهام التشريعية لكلا الغرفتين وكيفية تجاوز المسائل الخلافية في غياب محكمة دستورية تبت في تنازع الاختصاصات بينهما..

وفي ظل هذا الفراغ القانوني، وفي غياب قوانين أساسية للجماعات المحلية، وتأخّر إصدارها، فنحن مقبلون دون شك على مرحلة تتسم بالضبابية والفوضى في طرق تسيير المجالس القائمة وتوتر العلاقة بينها، خاصة مع بروز حالة من سوء الفهم وتعدد التأويلات والقراءات القانونية والاجتهادات، فالكلّ يدّعي الشرعية والتمثيلية الانتخابية، والكل يطالب بممارسة صلاحيات وسلطات دون وجود حدود لتلك السلطات والصلاحيات: أين تبدأ وأين تنتهي..

ومن أبرز الأمثلة الحية على مثل هذا التخبط الهيكلي بين المجالس المنتخبة، ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من بيانات و"لوائح" صدرت عن مجالس محلية، منها "لائحة لوم" صدرت عن المجلس المحلي بالعلا من ولاية القيروان، وبيان صادر عن المجلس المحلي بسبيطلة..

فقد وُجّهت "لائحة اللوم" إلى المعتمد الأول بولاية القيروان، على خلفية عدم استدعاء عضو مجلس اقليمي لمأدبة عشاء وجلسة تعارف للإطارات الجهوية، أما البيان الصادر عن المجلس المحلي بسبيطلة فقد أعلن فيه مقاطعة معتمد المنطقة ومراسلة السلطات الجهوية، والسبب عدم تلبية المعتمد لدعوة وجهت له لحضور جلسة عمل، ما اعتبر "تعطيلا للمسار التنموي بالجهة ومحاولة اضعاف سلطة المجلس المحلي.."

وسبق هاتين الحالتين، إصدار المجلس الجهوي بسوسة مؤخرا، بيانا شديد اللهجة يهدد بالاستقالة على خلفية اتهامات بتجاوزات وجرائم انتخابية في علاقة بانتخاب أعضاء بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم..

إن مسألة الصراع بين المحلي والجهوي والمركزي، لا تقتصر فقط على المرحلة الحالية لما بعد مسار 25 جويلية وانطلاق إرساء مؤسسات البناء القاعدي الواردة بدستور جويلية 2022، فالأمثلة المذكورة تذكرنا بحالات مشابهة سبق أن برزت بعد الانتخابات البلدية لسنة 2018، والتي وصلت حد الصراع القانوني والإداري بين بعض المجالس البلدية والولاة بسبب سوء فهم لمبدأ "التدبير الحر" الذي ورد في باب السلطة المحلية من دستور جانفي 2014 المقبور، على غرار الخلاف الذي حصل بين والي تونس وبلدية المرسى، أو الخلاف بين المجلس البلدي برواد، والمجلس البلدي بالمرسى عل خلفية ضبط الحدود الترابية بينهما..

خلاصة القول، كل ما تأخرنا في وضع نصوص قانونية واضحة تضبط مهام كل هيكل وصلاحياته وعلاقتها ببعضها البعض، كلما برزت خلافات من هنا وهناك بين المجالس الجهوية أو المحلية، وحتى ببين مجالس الأقاليم، مدارها ممارسة السلطة المحلية والجهوية، ولتفادي ذلك، يجب على الجهات والسلط المعنية (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، البرلمان) العمل على إصدار قوانين أساسية تحدد اختصاصات المجالس المحلية وصلاحياتها وتوضيح علاقتها مع السلطات المركزية والجهوية..

رفيق بن عبد الله

 

 

 

اختتم مؤخرا المسار الانتخابي لتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بعد انتخاب أعضائه، وهي آخر مرحلة من مسار انتخابي طويل انطلق منذ أكتوبر 2023 لينتهي في بداية أفريل 2024، أي لفترة تقارب ستة أشهر..

المفارقة أن المجالس المنتخبة (المحلية والجهوية والأقاليم) انطلقت في عملها في غياب قوانين أساسية وأنظمة داخلية تنظم مهامها وعلاقتها ببعضها وبالسلطات الجهوية والمركزية، والمجالس البلدية، والبرلمان، في مؤشر قد يمهّد لنشأة صراع وجود ونفوذ بين مؤسسات "البناء القاعدي الجديد"، ومؤسسات "النظام السائد"..

كما أن الغرفة التشريعية الثانية، ستشرع في نشاطها دون وجود نص قانوني ينظم علاقتها مع البرلمان، وعلاقته بالمجالس المنتخبة التي انبثق عنها، باستثناء ما ورد في دستور جويلية 2022 من فصول تنظم تلك العلاقة، لكن الأمر يحتاج قانونا أساسيا يوضح المهام التشريعية لكلا الغرفتين وكيفية تجاوز المسائل الخلافية في غياب محكمة دستورية تبت في تنازع الاختصاصات بينهما..

وفي ظل هذا الفراغ القانوني، وفي غياب قوانين أساسية للجماعات المحلية، وتأخّر إصدارها، فنحن مقبلون دون شك على مرحلة تتسم بالضبابية والفوضى في طرق تسيير المجالس القائمة وتوتر العلاقة بينها، خاصة مع بروز حالة من سوء الفهم وتعدد التأويلات والقراءات القانونية والاجتهادات، فالكلّ يدّعي الشرعية والتمثيلية الانتخابية، والكل يطالب بممارسة صلاحيات وسلطات دون وجود حدود لتلك السلطات والصلاحيات: أين تبدأ وأين تنتهي..

ومن أبرز الأمثلة الحية على مثل هذا التخبط الهيكلي بين المجالس المنتخبة، ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من بيانات و"لوائح" صدرت عن مجالس محلية، منها "لائحة لوم" صدرت عن المجلس المحلي بالعلا من ولاية القيروان، وبيان صادر عن المجلس المحلي بسبيطلة..

فقد وُجّهت "لائحة اللوم" إلى المعتمد الأول بولاية القيروان، على خلفية عدم استدعاء عضو مجلس اقليمي لمأدبة عشاء وجلسة تعارف للإطارات الجهوية، أما البيان الصادر عن المجلس المحلي بسبيطلة فقد أعلن فيه مقاطعة معتمد المنطقة ومراسلة السلطات الجهوية، والسبب عدم تلبية المعتمد لدعوة وجهت له لحضور جلسة عمل، ما اعتبر "تعطيلا للمسار التنموي بالجهة ومحاولة اضعاف سلطة المجلس المحلي.."

وسبق هاتين الحالتين، إصدار المجلس الجهوي بسوسة مؤخرا، بيانا شديد اللهجة يهدد بالاستقالة على خلفية اتهامات بتجاوزات وجرائم انتخابية في علاقة بانتخاب أعضاء بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم..

إن مسألة الصراع بين المحلي والجهوي والمركزي، لا تقتصر فقط على المرحلة الحالية لما بعد مسار 25 جويلية وانطلاق إرساء مؤسسات البناء القاعدي الواردة بدستور جويلية 2022، فالأمثلة المذكورة تذكرنا بحالات مشابهة سبق أن برزت بعد الانتخابات البلدية لسنة 2018، والتي وصلت حد الصراع القانوني والإداري بين بعض المجالس البلدية والولاة بسبب سوء فهم لمبدأ "التدبير الحر" الذي ورد في باب السلطة المحلية من دستور جانفي 2014 المقبور، على غرار الخلاف الذي حصل بين والي تونس وبلدية المرسى، أو الخلاف بين المجلس البلدي برواد، والمجلس البلدي بالمرسى عل خلفية ضبط الحدود الترابية بينهما..

خلاصة القول، كل ما تأخرنا في وضع نصوص قانونية واضحة تضبط مهام كل هيكل وصلاحياته وعلاقتها ببعضها البعض، كلما برزت خلافات من هنا وهناك بين المجالس الجهوية أو المحلية، وحتى ببين مجالس الأقاليم، مدارها ممارسة السلطة المحلية والجهوية، ولتفادي ذلك، يجب على الجهات والسلط المعنية (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، البرلمان) العمل على إصدار قوانين أساسية تحدد اختصاصات المجالس المحلية وصلاحياتها وتوضيح علاقتها مع السلطات المركزية والجهوية..

رفيق بن عبد الله