إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وحدتها قرارات 25 جويلية.. مطامع "الرئاسية" تشتت جبهات وتكتلات المعارضة

 

تونس – الصباح

يبدو أن الأسباب والدوافع والأهداف التي كانت عاملا قويا للم شتات أغلب مكونات المشهد السياسي وتوحيد صفوفها وتجميعها حول نقاط تقاطع مختلفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة سواء في جبهات أو تكتلات أو تنسيقيات أو توافقات بشكل رسمي أو غير معلن، لاسيما ما تعلق بقرارات 25 جويلية 2021 وما أسفرت عنه من إحداث "رجة" ونقلة نوعية في المشهد السياسي ومنظومة الحكم في الدولة، لم تكن على قدر كاف لضمان تطوير نقاط التقاطع والالتقاء وتحويلها إلى عوامل لتحقيق الانصهار والتوحد في هياكل وبرامج ومشاريع وأهداف جامعة، مثلما روج لذلك البعض في دفاعهم وتفسيرهم للهبة لتكوين الجبهات والتكتلات باستثناء بعض المبادرات النادرة التي لا تزال في مرحلة البلورة والتأسيس على غرار حركة "حق". والأمر نفسه تقريبا بالنسبة للمعارضة وغيرها من الجهات الأخرى الداعمة والمساندة للمسار، باعتبار أن طبيعة الموقف من منظومة الحكم التي يقودها رئيس الجمهورية قيس سعيد هي العامل المحدد للمعارضة والقوى الداعمة للمسار على حد السواء.

إذ سريعا ما تهاوت تلك المبادرات وتلاشت بمجرد تغير الأجندات والعوامل والأهداف. وكان هاجس الانتخابات الرئاسية الذي يخيم على المشهد السياسي برمته هو العامل المتحكم في علاقة هذه القوى السياسية بعضها ببعض وهو أيضا العامل الذي كشف حقيقة التقارب والتحشيد لتوحيد صفوف المعارضة بالأساس ضد منظومة الحكم القائمة. فمع اقتراب موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة خلال الأشهر الأخيرة من السنة الجارية، وفق تأكيد الجهات المعنية أي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئيس الجمهورية، ما انفكت تطالعنا مؤشرات ومعطيات وتصريحات تبين أن عوامل تشتت أغلب مكونات المشهد السياسي وتفكك الجبهات والتكتلات التي تم تكوينها في السنوات الأخيرة، قد بدأت تتجسد على أرض الواقع على نحو يعيد المشهد السياسي إلى المربع الأول لما كان عليه في مراحل تشكله الأولى ما بعد ثورة 2011.

انسجام هش

فما تم التأسيس له من توحيد صفوف المعارضة بالأساس سياسيا.. وتقاطع السياسي والمدني في جبهة الخلاص أو منتدى القوى الديمقراطية أو تنسيقية القوى التقدمية الديمقراطية أو ما تضمنته المبادرة الأخيرة التي أعلن عنها العياشي الهمامي تحت عنوان "مبادرة الإنقاذ" وقبلها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي شاركه فيها كل من الهيئة الوطنية للمحامين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وغيرها من المبادرات والمقاربات التي تراهن على وضع خطط وبرامج ومشاريع مبادرات متكاملة بهدف التصدي للمشروع القائم الذي يعمل رئيس الجمهورية على تكريسه ويرفضه شق واسع من القوى المعارضة.

فبعد أن كشف إعلان منذر الزنايدي عن استعداده للترشح للمحطة الانتخابية القادمة للانتخابات الرئاسية، الشرخ الذي أحدثه في صفوف العائلة الدستورية والتي تنهل في أفكارها وأدبياتها من منظومة الحكم والحزب الواحد السائد في فترة ما قبل ثورة  2011، باعتبار أن الزنايدي يمثل أحد رموز تلك المنظومة رغم أنه يقدم نفسه اليوم على أنه مستقل، وباعتبار أن رئيسة حزب الدستوري الحر عبير موسي التي تنتمي لنفس العائلة تقريبا قد أعلنت ترشحها لنفس الاستحقاق، وتباين ردود الفعل حول تداعيات ذلك على تقسيم القواعد الشعبية للمرشحين من نفس العائلة السياسية تقريبا، ألقى إعلان لطفي المرايحي، أمين عام الاتحاد الشعبي الجمهوري ترشحه لنفس الاستحقاق الانتخابي منذ يومين، بثقله في الأوساط الحزبية والسياسية التي ينتمي إليها هذا الأخير. وهو ما كشفته رئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي في رسالتها التي نشرتها في الغرض باعتبار أنها بدورها سبق أن أعلنت أنها مستعدة للترشح للانتخابات الرئاسية وكانت قد نشرت برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأعلنت ضمنه عن تركيبة حكومتها التي وضعت المرايحي رئيسا للحكومة. خاصة أن ذلك كان بالاتفاق بين الطرفين مثلما أكدت ذلك في رسالتها.

ترشحات معلنة.. وحسابات

كما سبق أن أعلن منسق ائتلاف صمود حسام الحامي أن منتدى القوى الديمقراطية قد دخل في مرحلة متقدمة، في مبادرته مع رباعي تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية المتكونة من أحزاب التكتل والعمال والتيار الديمقراطي والقطب إضافة إلى الحزب الجمهوري، للحسم في مسألة تقديم مرشح وحيد للانتخابات الرئاسية القادمة لتفادي أخطاء انتخابات 2019 وما عرفته من تشتيت للأصوات والقوى، وفق تقدير هؤلاء.

وكان منذر الزنايدي من بين الخيارات المطروحة بالنسبة لهذه المبادرة. لذلك من شأن إعلانه الترشح كمستقل أن يدفع القائمين على هذه المبادرة إلى إعادة ترتيب أوراقهم من جديد في علاقة بهذه الانتخابات. خاصة أن عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام كان قد أعلن منذ مدة عن دخول حركته بالاشتراك مع قوى سياسية أخرى في الإعداد لمشروع مبادرة لتوحيد صفوف العائلة اليسارية والتقدمة في استعداداتها لهذا الاستحقاق الانتخابي. وهو ما أكده كل من منجي الرحوي، حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وأيده زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب وغيرهم من ممثلي أحزاب أخرى.

ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس أن جبهة الخلاص تمر بفترة جمود وتآكل داخلي على غرار ما عرفته القوى الحزبية في العشرية الماضية وذلك بسبب "الرئاسية" القادمة، واختلاف المواقف حولها سواء في مستوى الخيارات أو التوجهات. لأن عبداللطيف المكي القيادي السابق في حركة النهضة وأمين عام حزب العمل والانجاز حاليا، أكد أنه لم يحسم بعد في ترشحه ولكن حزبه يطرح بقوة مسألة الترشح لهذه الانتخابات فيما يرى البعض أن حركة النهضة سوف لن تدعم المكي لعدة أسباب في المقابل لم تعلن بعد جبهة الخلاص، التي يرأسها نجيب الشابي وتعد حركة النهضة من أبرز القوى المكونة لها، عن مرشحها لهذه الانتخابات، رغم أن بعض الأسماء الأخرى التي سبق أن خاضت نفس التجربة في محطات انتخابية سابقة قد أعلنت بشكل أو بآخر أنها معنية بخوض التجربة مرة أخرى في محطة 2024 على غرار ناجي جلول، رئيس حزب الائتلاف الوطني الذي يقدم نفسه على أنه مرشح العائلة التقدمية والوسطية والصافي سعيد وغيرهم..

وهو ما يبين أن المطامع والأهداف الحزبية والشخصية هي العامل المتحكم في مسألة "التوحد" والانسجام الهش الذي تم الترويج له على غرار التوافقات والتحالفات المسجلة في العشرية الماضية، لتكون بذلك عوامل التفرقة والتشتت لهذه القوى السياسية والمدنية أكبر من عوامل توحيدها الأمر الذي يجعلها مرشحة للانفجار والاندثار والتلاشي.

نزيهة الغضباني

وحدتها قرارات 25 جويلية..   مطامع "الرئاسية" تشتت جبهات وتكتلات المعارضة

 

تونس – الصباح

يبدو أن الأسباب والدوافع والأهداف التي كانت عاملا قويا للم شتات أغلب مكونات المشهد السياسي وتوحيد صفوفها وتجميعها حول نقاط تقاطع مختلفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة سواء في جبهات أو تكتلات أو تنسيقيات أو توافقات بشكل رسمي أو غير معلن، لاسيما ما تعلق بقرارات 25 جويلية 2021 وما أسفرت عنه من إحداث "رجة" ونقلة نوعية في المشهد السياسي ومنظومة الحكم في الدولة، لم تكن على قدر كاف لضمان تطوير نقاط التقاطع والالتقاء وتحويلها إلى عوامل لتحقيق الانصهار والتوحد في هياكل وبرامج ومشاريع وأهداف جامعة، مثلما روج لذلك البعض في دفاعهم وتفسيرهم للهبة لتكوين الجبهات والتكتلات باستثناء بعض المبادرات النادرة التي لا تزال في مرحلة البلورة والتأسيس على غرار حركة "حق". والأمر نفسه تقريبا بالنسبة للمعارضة وغيرها من الجهات الأخرى الداعمة والمساندة للمسار، باعتبار أن طبيعة الموقف من منظومة الحكم التي يقودها رئيس الجمهورية قيس سعيد هي العامل المحدد للمعارضة والقوى الداعمة للمسار على حد السواء.

إذ سريعا ما تهاوت تلك المبادرات وتلاشت بمجرد تغير الأجندات والعوامل والأهداف. وكان هاجس الانتخابات الرئاسية الذي يخيم على المشهد السياسي برمته هو العامل المتحكم في علاقة هذه القوى السياسية بعضها ببعض وهو أيضا العامل الذي كشف حقيقة التقارب والتحشيد لتوحيد صفوف المعارضة بالأساس ضد منظومة الحكم القائمة. فمع اقتراب موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة خلال الأشهر الأخيرة من السنة الجارية، وفق تأكيد الجهات المعنية أي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئيس الجمهورية، ما انفكت تطالعنا مؤشرات ومعطيات وتصريحات تبين أن عوامل تشتت أغلب مكونات المشهد السياسي وتفكك الجبهات والتكتلات التي تم تكوينها في السنوات الأخيرة، قد بدأت تتجسد على أرض الواقع على نحو يعيد المشهد السياسي إلى المربع الأول لما كان عليه في مراحل تشكله الأولى ما بعد ثورة 2011.

انسجام هش

فما تم التأسيس له من توحيد صفوف المعارضة بالأساس سياسيا.. وتقاطع السياسي والمدني في جبهة الخلاص أو منتدى القوى الديمقراطية أو تنسيقية القوى التقدمية الديمقراطية أو ما تضمنته المبادرة الأخيرة التي أعلن عنها العياشي الهمامي تحت عنوان "مبادرة الإنقاذ" وقبلها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي شاركه فيها كل من الهيئة الوطنية للمحامين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وغيرها من المبادرات والمقاربات التي تراهن على وضع خطط وبرامج ومشاريع مبادرات متكاملة بهدف التصدي للمشروع القائم الذي يعمل رئيس الجمهورية على تكريسه ويرفضه شق واسع من القوى المعارضة.

فبعد أن كشف إعلان منذر الزنايدي عن استعداده للترشح للمحطة الانتخابية القادمة للانتخابات الرئاسية، الشرخ الذي أحدثه في صفوف العائلة الدستورية والتي تنهل في أفكارها وأدبياتها من منظومة الحكم والحزب الواحد السائد في فترة ما قبل ثورة  2011، باعتبار أن الزنايدي يمثل أحد رموز تلك المنظومة رغم أنه يقدم نفسه اليوم على أنه مستقل، وباعتبار أن رئيسة حزب الدستوري الحر عبير موسي التي تنتمي لنفس العائلة تقريبا قد أعلنت ترشحها لنفس الاستحقاق، وتباين ردود الفعل حول تداعيات ذلك على تقسيم القواعد الشعبية للمرشحين من نفس العائلة السياسية تقريبا، ألقى إعلان لطفي المرايحي، أمين عام الاتحاد الشعبي الجمهوري ترشحه لنفس الاستحقاق الانتخابي منذ يومين، بثقله في الأوساط الحزبية والسياسية التي ينتمي إليها هذا الأخير. وهو ما كشفته رئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي في رسالتها التي نشرتها في الغرض باعتبار أنها بدورها سبق أن أعلنت أنها مستعدة للترشح للانتخابات الرئاسية وكانت قد نشرت برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأعلنت ضمنه عن تركيبة حكومتها التي وضعت المرايحي رئيسا للحكومة. خاصة أن ذلك كان بالاتفاق بين الطرفين مثلما أكدت ذلك في رسالتها.

ترشحات معلنة.. وحسابات

كما سبق أن أعلن منسق ائتلاف صمود حسام الحامي أن منتدى القوى الديمقراطية قد دخل في مرحلة متقدمة، في مبادرته مع رباعي تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية المتكونة من أحزاب التكتل والعمال والتيار الديمقراطي والقطب إضافة إلى الحزب الجمهوري، للحسم في مسألة تقديم مرشح وحيد للانتخابات الرئاسية القادمة لتفادي أخطاء انتخابات 2019 وما عرفته من تشتيت للأصوات والقوى، وفق تقدير هؤلاء.

وكان منذر الزنايدي من بين الخيارات المطروحة بالنسبة لهذه المبادرة. لذلك من شأن إعلانه الترشح كمستقل أن يدفع القائمين على هذه المبادرة إلى إعادة ترتيب أوراقهم من جديد في علاقة بهذه الانتخابات. خاصة أن عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام كان قد أعلن منذ مدة عن دخول حركته بالاشتراك مع قوى سياسية أخرى في الإعداد لمشروع مبادرة لتوحيد صفوف العائلة اليسارية والتقدمة في استعداداتها لهذا الاستحقاق الانتخابي. وهو ما أكده كل من منجي الرحوي، حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وأيده زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب وغيرهم من ممثلي أحزاب أخرى.

ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس أن جبهة الخلاص تمر بفترة جمود وتآكل داخلي على غرار ما عرفته القوى الحزبية في العشرية الماضية وذلك بسبب "الرئاسية" القادمة، واختلاف المواقف حولها سواء في مستوى الخيارات أو التوجهات. لأن عبداللطيف المكي القيادي السابق في حركة النهضة وأمين عام حزب العمل والانجاز حاليا، أكد أنه لم يحسم بعد في ترشحه ولكن حزبه يطرح بقوة مسألة الترشح لهذه الانتخابات فيما يرى البعض أن حركة النهضة سوف لن تدعم المكي لعدة أسباب في المقابل لم تعلن بعد جبهة الخلاص، التي يرأسها نجيب الشابي وتعد حركة النهضة من أبرز القوى المكونة لها، عن مرشحها لهذه الانتخابات، رغم أن بعض الأسماء الأخرى التي سبق أن خاضت نفس التجربة في محطات انتخابية سابقة قد أعلنت بشكل أو بآخر أنها معنية بخوض التجربة مرة أخرى في محطة 2024 على غرار ناجي جلول، رئيس حزب الائتلاف الوطني الذي يقدم نفسه على أنه مرشح العائلة التقدمية والوسطية والصافي سعيد وغيرهم..

وهو ما يبين أن المطامع والأهداف الحزبية والشخصية هي العامل المتحكم في مسألة "التوحد" والانسجام الهش الذي تم الترويج له على غرار التوافقات والتحالفات المسجلة في العشرية الماضية، لتكون بذلك عوامل التفرقة والتشتت لهذه القوى السياسية والمدنية أكبر من عوامل توحيدها الأمر الذي يجعلها مرشحة للانفجار والاندثار والتلاشي.

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews