إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صباح الخير.. أي أسس لعمومية التعليم؟

 

لا شك أن الدولة الحديثة قد بُنيت بعد الاستقلال على التعليم والصحة العموميين، اللذين وقع إيلاؤهما الأهمية القصوى حتى أصبحت تونس مصدّرا للكفاءات العلمية، التي أنتجتها المدرسة العمومية، إلى أكبر البلدان تقدما وتطورا.

والمؤكد أيضا أن كل الكفاءات في مختلف المجالات الموجودة في شتى المؤسسات التونسية سواء الاقتصادية أو الصحية أو العلمية.. أو المهاجرة المتواجدة في مؤسسات أجنبية معروفة، خريجة المدرسة العمومية. فرغم ما عرفته هذه المؤسسة من "انحرافات" عن أدوارها الرئيسية وما عاشته من محاولات تهميش وخاصة خلال الأعوام الأخيرة، ظلت محافظة على إشعاعها وجدواها كقاطرة تجر وراءها بقية المجالات والقطاعات. ولهذه الأسباب بالذات يعتبر قطاع التربية والتعليم من "قطاعات السيادة"، على حد تعبير الرئيس قيس سعيد لدى استقباله وزيرة التربية الجديدة أول أمس.

أما وقد انطلقت الاستعدادات حثيثة للامتحانات والمناظرات الوطنية فإنه يفترض التذكير بأن المدرسة العمومية التي بدأت تفتقد بعض خصوصياتها خلال الأعوام الأخيرة تحديدا تحتاج إلى إعادة هيكلة ومراجعات مختلفة لتحقيق تكافؤ الفرص من حيث توفير ظروف التعلم والتكوين، حتى لا نرى فوارق في النتائج، فقد انحصرت أهم النتائج خلال السنوات المتتالية الأخيرة على الجهات التي نالت أوفر حظا من حيث ظروف التنمية والحركية الاقتصادية والتجارية.

ولن تتوفر شروط التعلّم للجميع وفي مختلف أنحاء البلاد على قدم المساواة إلا إذا استعادت المدرسة العمومية أدوارها كفضاء لإنتاج المعرفة واحتضان الأذكياء والنوابغ حتى تنمي، فعلا، في الناشئة ملكة التفكير منتجة للمعارف لا مجرد فضاء للتلقي والتلقين.

ولا يخفى على أحد أن إصلاح التعليم في تونس من شأنه أن ينعكس إيجابا على بقية المجالات لكنه يجب أن يكون، فعلا، معبرا عن" إرادة المجموعة الوطنية مجسدا لتطلعاتها مكرسا لاختياراتها" كلما تمت، مراعاة عدة مسائل ذات أولوية منها توفير التمويل اللازم للمؤسسة التربوية حيث لا يعقل أن تبقى المدرسة الابتدائية، منطلق تكوين الناشئة ورسكلة المواهب، دون ميزانية وتعيش على مساعدات الأولياء وبعض الجمعيات التنموية ..

ولا يعقل أيضا أن تظل مدارس ابتدائية دون أسوار حافزة وحامية خاصة في مناطق ريفية نائية..لا تتوفر فيها، ونحن في سنة 2024 مسالك مهيأة لتنقل التلاميذ، دون الحديث عن النقائص الأخرى في بقية المؤسسات التربوية في الإعدادي والثانوي وخاصة في عديد المناطق الداخلية.

الإصلاح التربوي ليس بالضرورة، مراجعة المناهج وأساليب التعلم والتلقي بل أيضا يمر إلى مرحلة تجسيد تكافؤ الفرص على مستوى البنية التحتية للمؤسسة التربوية وتوفير ظروف التعلم والتلقي على قدم المساواة وكذلك توفير الإطار التربوي اللازم لجميع المؤسسات لمقاومة الانقطاع المبكر عن التعلم أو ما يعرف بالتسرب المدرسي الذي يسجل أرقاما صادمة تصل إلى 100 ألف تلميذ سنويا .

تكافؤ الفرص والمعاملة على قدم المساواة والإصلاح، تتحقق أيضا كلما تم إصلاح حال الإطار التربوي الذي يؤمن تحقيق هذه الأهداف حيث لا يمكن أن ينجح أي إصلاح في ظل اعتماد أشكال التشغيل الهش في المؤسسة التربوية (رئيس الجمهورية أكد على ضرورة إيقاف العمل به والقضاء عليه في مختلف المجالات)  وهنا نتحدث عن المدرسين النواب الذين يفتقرون إلى أدنى الحقوق الاجتماعية ولا يحصلون، مثل نظرائهم، على راتب مجز على الرسالة التي يقدمونها.

الحفاظ على عمومية المدرسة وعلى ضرورة استعادة إشعاعها ودورها لإنتاج المعرفة وتكوين المواهب والكفاءات يمر عبر الإصلاح التربوي الذي يفترض أن يكون شاملا ومتفرعا إلى عدة عناصر ومجالات حتى يتحقق قبل كل شيء تكافؤ الفرص في ظروف التعلم والتكون للجميع وفي مختلف المناطق .

عبدالوهاب الحاج علي

 

لا شك أن الدولة الحديثة قد بُنيت بعد الاستقلال على التعليم والصحة العموميين، اللذين وقع إيلاؤهما الأهمية القصوى حتى أصبحت تونس مصدّرا للكفاءات العلمية، التي أنتجتها المدرسة العمومية، إلى أكبر البلدان تقدما وتطورا.

والمؤكد أيضا أن كل الكفاءات في مختلف المجالات الموجودة في شتى المؤسسات التونسية سواء الاقتصادية أو الصحية أو العلمية.. أو المهاجرة المتواجدة في مؤسسات أجنبية معروفة، خريجة المدرسة العمومية. فرغم ما عرفته هذه المؤسسة من "انحرافات" عن أدوارها الرئيسية وما عاشته من محاولات تهميش وخاصة خلال الأعوام الأخيرة، ظلت محافظة على إشعاعها وجدواها كقاطرة تجر وراءها بقية المجالات والقطاعات. ولهذه الأسباب بالذات يعتبر قطاع التربية والتعليم من "قطاعات السيادة"، على حد تعبير الرئيس قيس سعيد لدى استقباله وزيرة التربية الجديدة أول أمس.

أما وقد انطلقت الاستعدادات حثيثة للامتحانات والمناظرات الوطنية فإنه يفترض التذكير بأن المدرسة العمومية التي بدأت تفتقد بعض خصوصياتها خلال الأعوام الأخيرة تحديدا تحتاج إلى إعادة هيكلة ومراجعات مختلفة لتحقيق تكافؤ الفرص من حيث توفير ظروف التعلم والتكوين، حتى لا نرى فوارق في النتائج، فقد انحصرت أهم النتائج خلال السنوات المتتالية الأخيرة على الجهات التي نالت أوفر حظا من حيث ظروف التنمية والحركية الاقتصادية والتجارية.

ولن تتوفر شروط التعلّم للجميع وفي مختلف أنحاء البلاد على قدم المساواة إلا إذا استعادت المدرسة العمومية أدوارها كفضاء لإنتاج المعرفة واحتضان الأذكياء والنوابغ حتى تنمي، فعلا، في الناشئة ملكة التفكير منتجة للمعارف لا مجرد فضاء للتلقي والتلقين.

ولا يخفى على أحد أن إصلاح التعليم في تونس من شأنه أن ينعكس إيجابا على بقية المجالات لكنه يجب أن يكون، فعلا، معبرا عن" إرادة المجموعة الوطنية مجسدا لتطلعاتها مكرسا لاختياراتها" كلما تمت، مراعاة عدة مسائل ذات أولوية منها توفير التمويل اللازم للمؤسسة التربوية حيث لا يعقل أن تبقى المدرسة الابتدائية، منطلق تكوين الناشئة ورسكلة المواهب، دون ميزانية وتعيش على مساعدات الأولياء وبعض الجمعيات التنموية ..

ولا يعقل أيضا أن تظل مدارس ابتدائية دون أسوار حافزة وحامية خاصة في مناطق ريفية نائية..لا تتوفر فيها، ونحن في سنة 2024 مسالك مهيأة لتنقل التلاميذ، دون الحديث عن النقائص الأخرى في بقية المؤسسات التربوية في الإعدادي والثانوي وخاصة في عديد المناطق الداخلية.

الإصلاح التربوي ليس بالضرورة، مراجعة المناهج وأساليب التعلم والتلقي بل أيضا يمر إلى مرحلة تجسيد تكافؤ الفرص على مستوى البنية التحتية للمؤسسة التربوية وتوفير ظروف التعلم والتلقي على قدم المساواة وكذلك توفير الإطار التربوي اللازم لجميع المؤسسات لمقاومة الانقطاع المبكر عن التعلم أو ما يعرف بالتسرب المدرسي الذي يسجل أرقاما صادمة تصل إلى 100 ألف تلميذ سنويا .

تكافؤ الفرص والمعاملة على قدم المساواة والإصلاح، تتحقق أيضا كلما تم إصلاح حال الإطار التربوي الذي يؤمن تحقيق هذه الأهداف حيث لا يمكن أن ينجح أي إصلاح في ظل اعتماد أشكال التشغيل الهش في المؤسسة التربوية (رئيس الجمهورية أكد على ضرورة إيقاف العمل به والقضاء عليه في مختلف المجالات)  وهنا نتحدث عن المدرسين النواب الذين يفتقرون إلى أدنى الحقوق الاجتماعية ولا يحصلون، مثل نظرائهم، على راتب مجز على الرسالة التي يقدمونها.

الحفاظ على عمومية المدرسة وعلى ضرورة استعادة إشعاعها ودورها لإنتاج المعرفة وتكوين المواهب والكفاءات يمر عبر الإصلاح التربوي الذي يفترض أن يكون شاملا ومتفرعا إلى عدة عناصر ومجالات حتى يتحقق قبل كل شيء تكافؤ الفرص في ظروف التعلم والتكون للجميع وفي مختلف المناطق .

عبدالوهاب الحاج علي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews