إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام التحديات الاقتصادية العالمية.. هل تنجح الإجراءات الاستباقية للحكومة في دفع الاستثمار؟

 

تونس- الصباح

تتجه رؤية الحكومة خلال المرحلة القليلة القادمة إلى دفع الاستثمارات والتحكم في النفقات العمومية، ويظهر ذلك جليا من خلال الوثيقة المعلنة عنها، مؤخرا، حول التوجه العام للحكومة خلال سنة 2025، والتي كشفت عن محافظة الحكومة على نفس الإجراءات المتخذة خلال السنوات القليلة الماضية ، والمتعلقة بالضغط على كتلة الأجور ونفقات الدعم، إلا أن النقطة المضيئة تبقى في دفع انجاز المشاريع التنموية والإستراتيجية المعطلة، والتي بقيت مجرد حبر على ورق خلال الفترة القليلة الماضية.

وتسعى الحكومة التونسية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.

ومن بين المشاريع الاستثمارية الأجنبية لتونس خلال 2024، تجسيد اتفاقية بين الحكومة التونسية والشركة اليابانية "ميتسوبيشي" لإنشاء محطة تحلية مياه البحر بصفاقس بتكلفة 800 مليون دينار تونسي، وتبلغ طاقة المحطة 100 ألف متر مكعب من المياه يومياً، ممّا سيساهم في حلّ مشكلة نقص المياه في صفاقس والجهة. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024. وبالإضافة إلى هذا المشروع، مشروع آخر لتوسعة ميناء رادس بتكلفة 400 مليون دينار تونسي، ويتضمن المشروع إنشاء رصيف جديد بطول 600 متر وتعميق حوض الميناء، ممّا سيزيد من طاقة الميناء الاستيعابية، ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024.

كما من المنتظر انتهاء مشروع أخر خلال 2024 بين الحكومة التونسية والشركة الصينية "سيتيك" لإنشاء مصنع إنتاج الفسفاط بقفصة بتكلفة 300 مليون دينار تونسي. ويتضمن المشروع إنشاء مصنع جديد بطاقة إنتاجية تبلغ 300 ألف طن من الفسفاط سنوياً. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024.

كما تمّ توقيع اتفاقية بين الحكومة التونسية والشركة الفرنسية "إنرجي دي فرانس" لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقفصة بتكلفة 200 مليون دينار تونسي. وستبلغ طاقة المحطة 100 ميغاواط، ممّا سيساهم في زيادة إنتاج تونس من الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024 وبداية 2025.

وتسعى الحكومة التونسية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وهي مواصلة في دعم الاستثمار خلال 2025 ، وذلك وفق ما كشفته وثيقة وجهتها للوزراء وكتاب الدولة والولاة، مطلع الأسبوع الجاري، عن التوجهات العامة لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، والذي من المنتظر أن يشهد استمرارا في التحكم في كتلة الأجور، وعدم تجاوز نفقات التسيير نسبة 4% عند ضبط التقديرات، وتحقيق أهداف منظومة الدعم، وبرمجة المشاريع التنموية الإستراتيجية، وتحديد نفقات الاستثمار بناء على التنفيذ المادي للمشاريع.

وتهدف هذه التوجيهات إلى تحقيق التوازنات المالية وضمان استدامة المالية العمومية.

وجاء في الوثيقة الصادرة عن رئاسة الحكومة، أنه بالرغم من بوادر تحسن الظرف الاقتصادي العالمي الذي يتسم باستعادة نسق النمو في أهم الاقتصاديات، فإن الضبابية وعدم اليقين قد تؤثر على الوضع الدولي والمحلي مما يستوجب اتخاذ حزمة إجراءات استباقية.

تحفيز الإنتاج

وحددت الحكومة أهدافها في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 والتي تندرج في إطار رؤية تونس 2035 وبلوغ أهداف المخطط التنموي الرابع عشر 2023-2025.

وتسعى الحكومة التونسية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام من خلال خططها لعام 2025، وتشمل هذه الخطط تحفيز قطاع الإنتاج ودعم الاستثمارات العمومية، وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير البنية التحتية، والتحكم في التوازنات المالية العمومية، وتعزيز استخلاص موارد الدولة، والتحكم في النفقات الجارية، وترشيد نفقات الدعم.

بالإضافة الى إصلاح المنظومة الجبائية، وإصلاح قطاع الوظيفة العمومية، والحد من الانبعاثات الغازية والتأقلم مع تغير المناخ.

كما حثت في الوثيقة التي اطلعت عليها "الصباح" على تعزيز العدالة الاجتماعية، والاهتمام بالفئات الاجتماعية محدودة الدخل، وتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، ومكافحة الإقصاء المالي، وترشيد النفقات، والتحكم في كتلة الأجور، وترشيد الانتدابات، وترشيد نفقات التسيير، وترشيد استهلاك الماء والطاقة.

كما حثت على تفعيل اللجان القطاعية والجهوية، واستكمال المشاريع، وإدراج الانعكاس المالي للمشاريع في ميزانية 2025، ومنح الأولوية للمشاريع والبرامج المتواصلة، وإعادة النظر في المشاريع التي لم تنطلق فعليًا، وترتيب المشاريع حسب سلم الأولويات، وتعبئة الموارد الذاتية للمؤسسات العمومية ، وصرف المنحة على أقساط.

وأكدت وثيقة الحكومة على ضرورة اعتماد هذه الإجراءات بالنسبة للحسابات الخاصة في حين يتعين على مستوى الصناديق الخاصة المطالبة بتقديم تقارير الى مصالح وزارة المالية، ويتعين على المهمات الخاصة على غرار مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء والمهمات الأخرى التقيد بالآجال القانونية لتقديم مشاريع ميزانياتها.

التحكم في نفقات الدعم

وبلغت نفقات الدعم، وفق رئاسة الحكومة 7.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023، وتهم بالأساس دعم المحروقات ودعم المواد الأساسية وتخطط لمزيد تطوير آليات المراقبة ضمن هذا الباب من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، بالإضافة الى الضغط على كتلة الأجور الى اقل من 13% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المنتظر أن تعمل الحكومة حسب الوثيقة على ترشيد الانتدابات وتوجيهيها حسب الأولويات.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل ارتفاع حاجيات التمويل لسنة 2024 والبالغة 28 مليار دينار ، فضلا عن سداد تونس لحزمة من الديون خلال شهر فيفري وشهر أفريل الجاري، تتعلق الأولى بمبلغ ناهز 850 مليون اورو، و1.5 مليار دينار متوقع سدادها خلال الشهر الجاري.

ويلف الغموض هذه الإجراءات في انعدام تمويلات الصناديق الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي الذي يشترط خيار رفع الدعم لإقراض تونس.

وتخطط الحكومة، من خلال هذه الإجراءات الاستباقية الى استعادة نسق النمو التدريجي من خلال تحفيز قطاع الإنتاج والتحكم التدريجي في التوازنات المالية العمومية، وذلك من خلال تعزيز استخلاص موارد الدولة من ناحية، والتحكم في النفقات الجارية وخاصة كتلة الأجور وترشيد نفقات الدعم، فضلا عن جذب مشاريع استثمارية جديدة لسنة 2025.

* سفيان المهداوي

أمام التحديات الاقتصادية العالمية..   هل تنجح الإجراءات الاستباقية للحكومة في دفع الاستثمار؟

 

تونس- الصباح

تتجه رؤية الحكومة خلال المرحلة القليلة القادمة إلى دفع الاستثمارات والتحكم في النفقات العمومية، ويظهر ذلك جليا من خلال الوثيقة المعلنة عنها، مؤخرا، حول التوجه العام للحكومة خلال سنة 2025، والتي كشفت عن محافظة الحكومة على نفس الإجراءات المتخذة خلال السنوات القليلة الماضية ، والمتعلقة بالضغط على كتلة الأجور ونفقات الدعم، إلا أن النقطة المضيئة تبقى في دفع انجاز المشاريع التنموية والإستراتيجية المعطلة، والتي بقيت مجرد حبر على ورق خلال الفترة القليلة الماضية.

وتسعى الحكومة التونسية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.

ومن بين المشاريع الاستثمارية الأجنبية لتونس خلال 2024، تجسيد اتفاقية بين الحكومة التونسية والشركة اليابانية "ميتسوبيشي" لإنشاء محطة تحلية مياه البحر بصفاقس بتكلفة 800 مليون دينار تونسي، وتبلغ طاقة المحطة 100 ألف متر مكعب من المياه يومياً، ممّا سيساهم في حلّ مشكلة نقص المياه في صفاقس والجهة. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024. وبالإضافة إلى هذا المشروع، مشروع آخر لتوسعة ميناء رادس بتكلفة 400 مليون دينار تونسي، ويتضمن المشروع إنشاء رصيف جديد بطول 600 متر وتعميق حوض الميناء، ممّا سيزيد من طاقة الميناء الاستيعابية، ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024.

كما من المنتظر انتهاء مشروع أخر خلال 2024 بين الحكومة التونسية والشركة الصينية "سيتيك" لإنشاء مصنع إنتاج الفسفاط بقفصة بتكلفة 300 مليون دينار تونسي. ويتضمن المشروع إنشاء مصنع جديد بطاقة إنتاجية تبلغ 300 ألف طن من الفسفاط سنوياً. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024.

كما تمّ توقيع اتفاقية بين الحكومة التونسية والشركة الفرنسية "إنرجي دي فرانس" لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقفصة بتكلفة 200 مليون دينار تونسي. وستبلغ طاقة المحطة 100 ميغاواط، ممّا سيساهم في زيادة إنتاج تونس من الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يتمّ الانتهاء من المشروع سنة 2024 وبداية 2025.

وتسعى الحكومة التونسية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وهي مواصلة في دعم الاستثمار خلال 2025 ، وذلك وفق ما كشفته وثيقة وجهتها للوزراء وكتاب الدولة والولاة، مطلع الأسبوع الجاري، عن التوجهات العامة لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، والذي من المنتظر أن يشهد استمرارا في التحكم في كتلة الأجور، وعدم تجاوز نفقات التسيير نسبة 4% عند ضبط التقديرات، وتحقيق أهداف منظومة الدعم، وبرمجة المشاريع التنموية الإستراتيجية، وتحديد نفقات الاستثمار بناء على التنفيذ المادي للمشاريع.

وتهدف هذه التوجيهات إلى تحقيق التوازنات المالية وضمان استدامة المالية العمومية.

وجاء في الوثيقة الصادرة عن رئاسة الحكومة، أنه بالرغم من بوادر تحسن الظرف الاقتصادي العالمي الذي يتسم باستعادة نسق النمو في أهم الاقتصاديات، فإن الضبابية وعدم اليقين قد تؤثر على الوضع الدولي والمحلي مما يستوجب اتخاذ حزمة إجراءات استباقية.

تحفيز الإنتاج

وحددت الحكومة أهدافها في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 والتي تندرج في إطار رؤية تونس 2035 وبلوغ أهداف المخطط التنموي الرابع عشر 2023-2025.

وتسعى الحكومة التونسية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام من خلال خططها لعام 2025، وتشمل هذه الخطط تحفيز قطاع الإنتاج ودعم الاستثمارات العمومية، وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير البنية التحتية، والتحكم في التوازنات المالية العمومية، وتعزيز استخلاص موارد الدولة، والتحكم في النفقات الجارية، وترشيد نفقات الدعم.

بالإضافة الى إصلاح المنظومة الجبائية، وإصلاح قطاع الوظيفة العمومية، والحد من الانبعاثات الغازية والتأقلم مع تغير المناخ.

كما حثت في الوثيقة التي اطلعت عليها "الصباح" على تعزيز العدالة الاجتماعية، والاهتمام بالفئات الاجتماعية محدودة الدخل، وتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، ومكافحة الإقصاء المالي، وترشيد النفقات، والتحكم في كتلة الأجور، وترشيد الانتدابات، وترشيد نفقات التسيير، وترشيد استهلاك الماء والطاقة.

كما حثت على تفعيل اللجان القطاعية والجهوية، واستكمال المشاريع، وإدراج الانعكاس المالي للمشاريع في ميزانية 2025، ومنح الأولوية للمشاريع والبرامج المتواصلة، وإعادة النظر في المشاريع التي لم تنطلق فعليًا، وترتيب المشاريع حسب سلم الأولويات، وتعبئة الموارد الذاتية للمؤسسات العمومية ، وصرف المنحة على أقساط.

وأكدت وثيقة الحكومة على ضرورة اعتماد هذه الإجراءات بالنسبة للحسابات الخاصة في حين يتعين على مستوى الصناديق الخاصة المطالبة بتقديم تقارير الى مصالح وزارة المالية، ويتعين على المهمات الخاصة على غرار مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء والمهمات الأخرى التقيد بالآجال القانونية لتقديم مشاريع ميزانياتها.

التحكم في نفقات الدعم

وبلغت نفقات الدعم، وفق رئاسة الحكومة 7.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023، وتهم بالأساس دعم المحروقات ودعم المواد الأساسية وتخطط لمزيد تطوير آليات المراقبة ضمن هذا الباب من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، بالإضافة الى الضغط على كتلة الأجور الى اقل من 13% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المنتظر أن تعمل الحكومة حسب الوثيقة على ترشيد الانتدابات وتوجيهيها حسب الأولويات.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل ارتفاع حاجيات التمويل لسنة 2024 والبالغة 28 مليار دينار ، فضلا عن سداد تونس لحزمة من الديون خلال شهر فيفري وشهر أفريل الجاري، تتعلق الأولى بمبلغ ناهز 850 مليون اورو، و1.5 مليار دينار متوقع سدادها خلال الشهر الجاري.

ويلف الغموض هذه الإجراءات في انعدام تمويلات الصناديق الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي الذي يشترط خيار رفع الدعم لإقراض تونس.

وتخطط الحكومة، من خلال هذه الإجراءات الاستباقية الى استعادة نسق النمو التدريجي من خلال تحفيز قطاع الإنتاج والتحكم التدريجي في التوازنات المالية العمومية، وذلك من خلال تعزيز استخلاص موارد الدولة من ناحية، والتحكم في النفقات الجارية وخاصة كتلة الأجور وترشيد نفقات الدعم، فضلا عن جذب مشاريع استثمارية جديدة لسنة 2025.

* سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews