إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إعلان نوايا الترشح للرئاسية .. ظهور الزنايدي يحدث شرخا في الأوساط "الدستورية" ويشتت المواقف

 

تونس – الصباح

أثارت عودة منذر الزنايدي إلى المشهد العام في تونس في هذه الفترة بعد غياب عن الأنظار وصمت لمدة أكثر من عقد، ردود أفعال مختلفة وأحدثت شرخا في الأوساط السياسية والحزبية التي تعتمد في مرجعيتها السياسية على الفكر واللون الحزبي والسياسي الذي سيطر على المشهد والوضع في الدولة قبل ثورة 2011، لاسيما أن إطلالته هذه كانت عبر مدخل إعلانه استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، باعتباره أحد رموز منظومة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي التي تقلد خلالها حقائب وزارية ومناصب عليا في القيادة والإدارة في الدولة.

وتزامن ذلك مع كثرة "اللغط" والجدل في الأوساط الحزبية والدستورية والمدنية والقواعد الشعبية حول المحطة الثالثة للانتخابات الرئاسية في تونس ما بعد الثورة سواء كان ذلك في الكواليس أو في العلن.

ولئن لاقى إعلان وتأكيد الزنايدي أنه لم يبتعد عن الساحة السياسية رغم غيابه عن المشهد ترحيبا واستحسانا من البعض، اعتبارا لحاجتهم لموقف متزن وشخصية سياسية تفكر بهدوء بعيدا عن صخب وغوغاء الصراعات والخصومات والتراشق بالتهم وتبادل الشتائم التي ميزت الوضع السياسي منذ فترة حكم ما بعد الثورة، فإن شقا آخر ممن تفاعلوا مع هذه العودة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام من سياسيين وغيرهم، عبروا عن رفضهم له واستهجان ما أتاه منذر الزنايدي في ذلك لعدة أسباب واعتبارات، لعل من أبرزها خلفيته السياسية التي تحسب على منظومة ما قبل الثورة، رغم تأكيده أنه لا ينتمي لأي حزب أو جهة سياسية، وهي نفس الخلفية السياسية التي يتحرك فيها الدستوري الحر، ويرى البعض أن رئيسة الحزب عبير موسي تحتكرها وتراهن عليها كخزان انتخابي في الانتخابات الرئاسية القادمة وكانت من بين الأوائل في إعلان ترشحها. وجدد الديوان السياسي لحزبها مؤخرا تأكيد تمسكهم بترشيح رئيسة الحزب لنفس الانتخابات رغم أنها لا تزال في السجن على ذمة قضايا مرفوعة ضدها. وهو ما جعل عددا من أنصار الدستوري الحر يشنون هجوما على الزنايدي على اعتبار أن اختياره هذا التوقيت الذي توجد فيه موسي في السجن، وخروجه للمشهد السياسي وإعلانه الترشح لانتخابات الرئاسية فيه ضرب لمرشحة "الدساترة" واختراق للفضاء والمجال الفكري والسياسي الذي تتحرك فيه، خاصة وأن قيادات هذا الحزب تجندت منذ تغيير اسم هذا الهيكل السياسي من "الحركة الدستورية" إلى "الحزب الدستوري الحر" وذلك إثر انعقاد المؤتمر الأول له في 13 أوت 2016 وتعيين موسي رئيسة له بعد أن كانت منسقة عامة، للتوسع في الأوساط الاجتماعية تحديدا والعمل على استقطاب أكبر ما يمكن من القواعد الشعبية خاصة أنها لم تنكر في عدة مناسبات، تبني الحزب لكامل الموروث الدستوري عبر مختلف مراحله وتشبثه بالمرجعية الدستورية وما تحمله من مبادئ وقيم. وسبق أن بينت عمليات سبر الآراء التي تم انجازها في السنوات الماضية أن موسي تحظى بثقة نسبة هامة من التونسيين بعد أن كانت وردت في المركز الثاني بعد رئيس الجمهورية قيس في ترتيب نوايا التصويت. كما راهنت على عامل "الجندر" ومعاداة الفكر الإخواني في الامتداد الشعبي والاجتماعي.

وفسر متابعون أن خروج الزنايدي عن صمته وإعلانه الانخراط في العمل السياسي من الباب الكبير عبر المراهنة على صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية القادمة إنما يعد مزاحما قويا لمرشحة الدستوري الحر باعتبارهما محسوبين على نفس المنظومة وينهلان من نفس الفضاء الفكري والخزان الانتخابي. وتكمن خطورة دخول الزنايدي على خط الترشح لهذا الموعد الانتخابي أيضا في توجهه إلى العائلة التقدمية والوسطية والديمقراطية أيضا. الأمر الذي من شأنه أن يغير المعادلات السياسية المطروحة في هذه المرحلة وقبل حسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في القانون الانتخابي الخاص بالرئاسية في صيغته الجديدة المعدلة وفق ما جاء في دستور 2022 وما يمكن أن يتضمنه من شروط قد تحول دون قبول ملفات البعض.

ولم ينكر متابعون للشأن السياسي في تونس أن دخول الزنايدي إلى المشهد السياسي في هذه المرحلة قد أحدث رجة في عدة مستويات أكدت في أبعادها عدم استقرار الرأيين الخاص والعام حول خيار محدد وبينت لمن عبروا عن ترشحهم أو غيرهم ممن لم يحسموا بعد في الاختيار والقرار، أن طرق التعاطي مع هذا الاستحقاق المعتمدة من قبل "الماكينات" الموجودة اليوم غير ذات جدوى وأنها هشة وقابلة للاندثار والتلاشي أمام أي مبادرة أو قوة أو برنامج يكون قريبا من التونسيين. لاسيما أن بعض الجبهات والتنسيقيات السياسية والمدنية التي دخلت على خط التحضير لهذا الموعد الانتخابي منذ أشهر، أعلنت عن توجهها لتوحيد الخيارات في شخصية واحدة بهدف عدم تشتيت أصوات الناخبين.

إذ من شأن الجدل القائم في العلن أو وراء الكواليس حول شروط ومؤهلات الدخول في السباق الانتخابي لرئاسة الجمهورية، أن يساهم في إنارة طريق الرأيين الخاص السياسي والعام من الشارع التونسي حول آليات الاختيار والبرنامج. لذلك تعاطى البعض مع عودة الزنايدي في هذه المرحلة وما لاقاه من تفاعل وردود أفعال على أنه لا يعدو أن يكون سوى فرز ومقياس لمعرفة آليات خوض السباق في بقية المسار الانتخابي بعد الحسم في القانون الانتخابي وتقديم الروزنامة الانتخابية.

نزيهة الغضباني

 

 

إعلان نوايا الترشح للرئاسية .. ظهور الزنايدي يحدث شرخا في الأوساط "الدستورية" ويشتت المواقف

 

تونس – الصباح

أثارت عودة منذر الزنايدي إلى المشهد العام في تونس في هذه الفترة بعد غياب عن الأنظار وصمت لمدة أكثر من عقد، ردود أفعال مختلفة وأحدثت شرخا في الأوساط السياسية والحزبية التي تعتمد في مرجعيتها السياسية على الفكر واللون الحزبي والسياسي الذي سيطر على المشهد والوضع في الدولة قبل ثورة 2011، لاسيما أن إطلالته هذه كانت عبر مدخل إعلانه استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، باعتباره أحد رموز منظومة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي التي تقلد خلالها حقائب وزارية ومناصب عليا في القيادة والإدارة في الدولة.

وتزامن ذلك مع كثرة "اللغط" والجدل في الأوساط الحزبية والدستورية والمدنية والقواعد الشعبية حول المحطة الثالثة للانتخابات الرئاسية في تونس ما بعد الثورة سواء كان ذلك في الكواليس أو في العلن.

ولئن لاقى إعلان وتأكيد الزنايدي أنه لم يبتعد عن الساحة السياسية رغم غيابه عن المشهد ترحيبا واستحسانا من البعض، اعتبارا لحاجتهم لموقف متزن وشخصية سياسية تفكر بهدوء بعيدا عن صخب وغوغاء الصراعات والخصومات والتراشق بالتهم وتبادل الشتائم التي ميزت الوضع السياسي منذ فترة حكم ما بعد الثورة، فإن شقا آخر ممن تفاعلوا مع هذه العودة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام من سياسيين وغيرهم، عبروا عن رفضهم له واستهجان ما أتاه منذر الزنايدي في ذلك لعدة أسباب واعتبارات، لعل من أبرزها خلفيته السياسية التي تحسب على منظومة ما قبل الثورة، رغم تأكيده أنه لا ينتمي لأي حزب أو جهة سياسية، وهي نفس الخلفية السياسية التي يتحرك فيها الدستوري الحر، ويرى البعض أن رئيسة الحزب عبير موسي تحتكرها وتراهن عليها كخزان انتخابي في الانتخابات الرئاسية القادمة وكانت من بين الأوائل في إعلان ترشحها. وجدد الديوان السياسي لحزبها مؤخرا تأكيد تمسكهم بترشيح رئيسة الحزب لنفس الانتخابات رغم أنها لا تزال في السجن على ذمة قضايا مرفوعة ضدها. وهو ما جعل عددا من أنصار الدستوري الحر يشنون هجوما على الزنايدي على اعتبار أن اختياره هذا التوقيت الذي توجد فيه موسي في السجن، وخروجه للمشهد السياسي وإعلانه الترشح لانتخابات الرئاسية فيه ضرب لمرشحة "الدساترة" واختراق للفضاء والمجال الفكري والسياسي الذي تتحرك فيه، خاصة وأن قيادات هذا الحزب تجندت منذ تغيير اسم هذا الهيكل السياسي من "الحركة الدستورية" إلى "الحزب الدستوري الحر" وذلك إثر انعقاد المؤتمر الأول له في 13 أوت 2016 وتعيين موسي رئيسة له بعد أن كانت منسقة عامة، للتوسع في الأوساط الاجتماعية تحديدا والعمل على استقطاب أكبر ما يمكن من القواعد الشعبية خاصة أنها لم تنكر في عدة مناسبات، تبني الحزب لكامل الموروث الدستوري عبر مختلف مراحله وتشبثه بالمرجعية الدستورية وما تحمله من مبادئ وقيم. وسبق أن بينت عمليات سبر الآراء التي تم انجازها في السنوات الماضية أن موسي تحظى بثقة نسبة هامة من التونسيين بعد أن كانت وردت في المركز الثاني بعد رئيس الجمهورية قيس في ترتيب نوايا التصويت. كما راهنت على عامل "الجندر" ومعاداة الفكر الإخواني في الامتداد الشعبي والاجتماعي.

وفسر متابعون أن خروج الزنايدي عن صمته وإعلانه الانخراط في العمل السياسي من الباب الكبير عبر المراهنة على صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية القادمة إنما يعد مزاحما قويا لمرشحة الدستوري الحر باعتبارهما محسوبين على نفس المنظومة وينهلان من نفس الفضاء الفكري والخزان الانتخابي. وتكمن خطورة دخول الزنايدي على خط الترشح لهذا الموعد الانتخابي أيضا في توجهه إلى العائلة التقدمية والوسطية والديمقراطية أيضا. الأمر الذي من شأنه أن يغير المعادلات السياسية المطروحة في هذه المرحلة وقبل حسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في القانون الانتخابي الخاص بالرئاسية في صيغته الجديدة المعدلة وفق ما جاء في دستور 2022 وما يمكن أن يتضمنه من شروط قد تحول دون قبول ملفات البعض.

ولم ينكر متابعون للشأن السياسي في تونس أن دخول الزنايدي إلى المشهد السياسي في هذه المرحلة قد أحدث رجة في عدة مستويات أكدت في أبعادها عدم استقرار الرأيين الخاص والعام حول خيار محدد وبينت لمن عبروا عن ترشحهم أو غيرهم ممن لم يحسموا بعد في الاختيار والقرار، أن طرق التعاطي مع هذا الاستحقاق المعتمدة من قبل "الماكينات" الموجودة اليوم غير ذات جدوى وأنها هشة وقابلة للاندثار والتلاشي أمام أي مبادرة أو قوة أو برنامج يكون قريبا من التونسيين. لاسيما أن بعض الجبهات والتنسيقيات السياسية والمدنية التي دخلت على خط التحضير لهذا الموعد الانتخابي منذ أشهر، أعلنت عن توجهها لتوحيد الخيارات في شخصية واحدة بهدف عدم تشتيت أصوات الناخبين.

إذ من شأن الجدل القائم في العلن أو وراء الكواليس حول شروط ومؤهلات الدخول في السباق الانتخابي لرئاسة الجمهورية، أن يساهم في إنارة طريق الرأيين الخاص السياسي والعام من الشارع التونسي حول آليات الاختيار والبرنامج. لذلك تعاطى البعض مع عودة الزنايدي في هذه المرحلة وما لاقاه من تفاعل وردود أفعال على أنه لا يعدو أن يكون سوى فرز ومقياس لمعرفة آليات خوض السباق في بقية المسار الانتخابي بعد الحسم في القانون الانتخابي وتقديم الروزنامة الانتخابية.

نزيهة الغضباني

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews