إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الانتخابات الرئاسية على الأبواب .. لمن سيُعزف النشيد الوطني؟

مبادرة في إطار ما تشهده بلادنا من اشتداد الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتحملها السلطة مع تواصل عجز المعارضة والمجتمع المدني

شهر مرّ الآن على المبادرة التي أطلقها الناشط الحقوقي والسياسي العياشي الهمامي يوم 27 فيفري المنقضي، تحت عنوان: هل تكون الانتخابات الرئاسية القادمة موعدا لإنقاذ البلاد؟

وتتنزل هذه المبادرة في إطار ما تشهده بلادنا من اشتداد"الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعجز السلطة على إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد ومواجهة الصعوبات وذلك مع "تواصل حالة التبعثر والعجز لكلّ الأطراف السياسية المعارضة ومكونات المجتمع المدني عن إنتاج خطاب بديل وبرنامج ذي مصداقية في مجابهة المسار الحالي للدولة رغم الاتفاق على توصيف الأوضاع الحالية في عمق الأزمة وتفاقم الأخطار المهددة للبلاد."

فرصة لإنقاذ البلاد

وخلص صاحب المبادرة إلى أنه: "يمكن أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة فرصة جديّة لإنقاذ البلاد والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة لو توفّرت بعض الشروط تتمحور حول نقطتين أساسيتين.

أولا: توفير شروط انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وتنافسية للمترشّحين وتنقية المناخ السياسي خاصة بإطلاق سراح المساجين من السياسيين وتركيز هيئة مستقلة للانتخابات.

ثانيا: توحّد طيف واسع من المعارضة السياسية ومكونات المجتمع المدني حول مرشّح/مرشّحة واحد/ة يتمّ اختياره (ها) بعد صياغة “أرضية الحدّ الأدنى الديمقراطي الاجتماعي المشترك” تتضمن برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مشتركا، ويخوض مسارا نضاليا نحو الانتخابات."

ورغم أن الأستاذ العياشي اقترح بأن "يخوض المرشح /المرشحة مع الأطراف المساندة له مسارا نضاليا يعقد فيها اجتماعات في كل مدن البلاد ومع جلّ القطاعات وفي وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي ويكون القرار النهائي بالمشاركة أو المقاطعة تتويجا طبيعيا لهذا المسار"، بمعنى أن الاستشارة الموسعة هي التي ستحسم في مسألة المشاركة من عدمها؛ إلا أنه أبان ضمنيا تأييده لمبدأ المشاركة.

حيث اقترح بأن: "يجتمع ممثلون عن الأطراف التي تقبل العمل على أرضية مشتركة ويعلنون أنّ المعارضة الوطنية التونسية تمتلك برنامجا سياسيا وخطة اقتصادية لإنقاذ البلاد ولها أكثر من مرشّح للمنافسة على رئاسة الدولة وهي مستعدّة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية وتعمل على أن يقع تركيز “هيئة عليا مستقلّة للانتخابات” وعدم تقييد حرية الترشّح بشروط مجحفة.

وفي نفس الوقت يتمّ تكوين فرق عمل جديّة وذات مصداقية لصياغة خطّة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد وخطة متوسطة المدى وفرق أخرى تعمل على الأبعاد الاجتماعية والثقافية والتربوية وغيرها بغاية صياغة البرنامج أو الخطط الاقتصادية في أسابيع قليلة.

كما تتمّ صياغة البرنامج السياسي للمرشّح الرئاسي وتكون من التزاماته تكوين “حكومة إنقاذ وطني انتقالية” لمدّة سنتين أو ثلاثة لإنقاذ الاقتصاد وتنقية المناخ الاجتماعي.

كما تكون أحد المحاور الرئيسية في هذا المسار القراءة النقدية الصارمة للمسار السياسي منذ الثورة إلى الآن والاعتبار من الأخطاء والانحرافات التي أدّت إلى سقوط البلاد في الأزمة الحالية."

واعتبر الأستاذ العياشي أن ما عرضه:"ليس سوى مقترحات أولية لفتح النقاش، المهمّ هو الاتفاق على المبدأ وعلى المنهج. مؤكدا أن: "كل من يوافق على المبدأ والمنهج، كل من يتواضع من أجل تونس حرّة وديمقراطية، له الحق في المشاركة دون إقصاء."..

فريق اتصال

وحتى لا تظل المبادرة حبرا على ورق، أوضح العياشي الهمامي أن المبادرة دخلت "مرحلة الاتصال بالأطراف السياسية لاطلاعهم على المبادرة وتوضيح آرائهم ومواقفهم منها والإجابة على كافة استفساراتهم وتحفظاتهم، وأنه خلال نهاية شهر مارس الجاري أو بداية شهر أفريل سيتم تقدير نتائج هذه الاتصالات وهل يوجد ما يكفي من الأطراف التي تفاعلت ايجابيا للانطلاق في عقد اجتماعات مشتركة أم لا؟"

كما أكد في ذات التصريح أنه جرت اتصالات مع أطراف سياسية وبعض الشخصيات الوطنية وبعض الجمعيات الكبرى لعرض المبادرة عليها ومناقشتها معها. مشيرا إلى أنه تمّ تكوين فريق اتصال يضمّ عددا من المناضلين يتبنون التمشي الموجود في المبادرة. ويقوم الفريق بضبط المواعيد وعقد لقاءات في انتظار القيام بتقييم حول مدى التفاعل الايجابي واتخاذ قرار إما بمواصلة النقاشات وعقد اجتماعات مشتركة أو إنهائها وسيتم إعلام الرأي العام بكافة التطورات.

تحفظات

في المقابل كانت للمحامي فوزي جاب الله وجهة نظر مخالفة، حيث كتب في تدوينة قبل يومين أنه يعتقد بأن الأطراف المؤثرة في الساحة التونسية اليوم هي التالية:

1. الرئيس قيس سعيد

2. جموع مكونات الدولة العميقة

3. القوى الإقليمية والدولية

4. المعارضة الحالمة بالديمقراطية

5. الأطراف السياسية الانقلابوقراطية(الوصف لعادل بن عبد الله)

6. الجمهور المتابع.

وهو يرى أنه: "إذا كانت هناك تنافسية حقيقية في رئاسيات 2024 فستكون بين الطرفين الأولين في الذكر لا غير.

وستكون القدرة على توجيه الطرف السادس بمختلف وسائل التأثير هي معيار الفصل بينهما..

وسيكون ترهدين الطرف الثالث وعدم تدخله الواضح ضامنا لجدية تلك التنافسية..

أما الطرف الرابع فستكون قدرته على المناورة في اللحظات الأخيرة بالتصويت من عدمه وبترجيح الأقل سوء، وذلك بعد ابتعاده عن المنافسة الحقيقية، أفضل وضع يمكنه أن يحصل عليه..

وهو ما سيربك الطرف الخامس الذي لا يحيا ويعرف طريقه إلا عند تصدر الطرف الرابع للمشهد.."

علما بأن كريم كريفة عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر، ذكر في تصريح إذاعي مؤخرا أن حزبه غير معني بأية تحالفات خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، لكنه منفتح على النظر في الموضوع خلال الدور الثاني.

لمصلحة من التبعثر؟

لا شك في أن تبعثر الطيف المعارض لا يمكنه إلا أن يخدم سوى طرف واحد هو الرئيس قيس سعيد.

فالحزب الدستوري الحر الذي يملك قواعد لا يستهان بها ويتصرف من منطلقات ثأرية ضد كل الذين نكلوا بقادته ومناضليه باسم الشرعية الثورية بعد 14 جانفي 2011، مصمم على خوض معركته الانتخابية منفردا ومعتمدا على قواه الذاتية أساسا. لكن خطابه الصدامي والاستئصالي سيدفع قطاعات هامة من الناخبين للتخوف من قيامه بإدخال البلاد في فوضى التناحر وتصفية الحسابات خاصة مع حركة النهضة وأنصارها في صورة وصوله إلى الحكم.

فيما ينقسم الطيف الديمقراطي المعارض إلى قسم اختار التحالف مع حركة النهضة في إطار جبهة الإنقاذ والاستفادة من قواعدها العريضة، وقسم ثان فضل عدم الانضمام لهذه الجبهة من منطلق عدم استعداده للتحالف مع حركة النهضة التي يحملها المسؤولية الأساسية فيما وصلت له البلاد، قبل أن تراجع نفسها وتقوم بنقدها الذاتي.

في الأثناء تسعى أطراف معارضة في الخارج للعمل على توحيد صفوف المعارضة في الداخل، لمواجهة الاستحقاق الرئاسي المقبل.

كيف الخلاص؟

الثابت قطعا أن فئة هامة من الشعب تعتبر ما حصل يوم 25 جويلية 2021 كان ضد دستور البلاد وتغييرا لمؤسسات الدولة. لكن الثابت أيضا أن ذلك تم بمباركة شعبية واسعة ناتج عن الاستياء، بل والغضب الشعبي من التهريج السياسي وسوء إدارة المرحلة السابقة التي تلت 14 جانفي 2011.

لا يمكن إغفال وجود استياء من بعض سياسات الرئيس قيس سعيد التي لم تساهم في حل مشاكل البلاد. لكن سيظل الرئيس قيس سعيد بكل مساوئه بالنسبة للكثيرين، خيارا أفضل من أي خيار متولد عن المنظومة السابقة.

والثابت كذلك أن العقل التونسي يرفض الارتماء في المجهول والتغييرات العنيفة، وقد تجلى ذلك في الانتقال الأول من الملكية إلى الجمهورية. حيث لم يحصل التغيير بانقلاب أبيض قاده الجيش ضد الملك كما حصل في مصر أو انقلاب دموي كما حصل في العراق.

كما أن الانتقال الثاني للسلطة سنة 1987بين الزعيم الحبيب بورقيبة والرئيس زين العابدين بن علي تم في إطار الاحترام الكامل للإجراءات الدستورية. وهو نفس ما حصل يوم 14 جانفي 2011 عندما تم تفعيل الإجراءات الدستورية ليتم التغيير في كنفها.

ومن هذا المنطلق، وما لم يحصل حدث طارئ يشكل خطرا جسيما على سلامة الدولة واستقرارها، سيكون موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الثلاثي الأخير من العام الجاري. ويبقى التساؤل قائما: من هي الشخصية التونسية التي ستكون قادرة على الولوج إلى قلوب التونسيين وعلى توحيدهم حول هدف واحد، هو إنقاذ تونس.

زياد الهاني

اعلامي

 

 

 

 

 

 

 

الانتخابات الرئاسية على الأبواب .. لمن سيُعزف النشيد الوطني؟

مبادرة في إطار ما تشهده بلادنا من اشتداد الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتحملها السلطة مع تواصل عجز المعارضة والمجتمع المدني

شهر مرّ الآن على المبادرة التي أطلقها الناشط الحقوقي والسياسي العياشي الهمامي يوم 27 فيفري المنقضي، تحت عنوان: هل تكون الانتخابات الرئاسية القادمة موعدا لإنقاذ البلاد؟

وتتنزل هذه المبادرة في إطار ما تشهده بلادنا من اشتداد"الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعجز السلطة على إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد ومواجهة الصعوبات وذلك مع "تواصل حالة التبعثر والعجز لكلّ الأطراف السياسية المعارضة ومكونات المجتمع المدني عن إنتاج خطاب بديل وبرنامج ذي مصداقية في مجابهة المسار الحالي للدولة رغم الاتفاق على توصيف الأوضاع الحالية في عمق الأزمة وتفاقم الأخطار المهددة للبلاد."

فرصة لإنقاذ البلاد

وخلص صاحب المبادرة إلى أنه: "يمكن أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة فرصة جديّة لإنقاذ البلاد والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة لو توفّرت بعض الشروط تتمحور حول نقطتين أساسيتين.

أولا: توفير شروط انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وتنافسية للمترشّحين وتنقية المناخ السياسي خاصة بإطلاق سراح المساجين من السياسيين وتركيز هيئة مستقلة للانتخابات.

ثانيا: توحّد طيف واسع من المعارضة السياسية ومكونات المجتمع المدني حول مرشّح/مرشّحة واحد/ة يتمّ اختياره (ها) بعد صياغة “أرضية الحدّ الأدنى الديمقراطي الاجتماعي المشترك” تتضمن برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مشتركا، ويخوض مسارا نضاليا نحو الانتخابات."

ورغم أن الأستاذ العياشي اقترح بأن "يخوض المرشح /المرشحة مع الأطراف المساندة له مسارا نضاليا يعقد فيها اجتماعات في كل مدن البلاد ومع جلّ القطاعات وفي وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي ويكون القرار النهائي بالمشاركة أو المقاطعة تتويجا طبيعيا لهذا المسار"، بمعنى أن الاستشارة الموسعة هي التي ستحسم في مسألة المشاركة من عدمها؛ إلا أنه أبان ضمنيا تأييده لمبدأ المشاركة.

حيث اقترح بأن: "يجتمع ممثلون عن الأطراف التي تقبل العمل على أرضية مشتركة ويعلنون أنّ المعارضة الوطنية التونسية تمتلك برنامجا سياسيا وخطة اقتصادية لإنقاذ البلاد ولها أكثر من مرشّح للمنافسة على رئاسة الدولة وهي مستعدّة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية وتعمل على أن يقع تركيز “هيئة عليا مستقلّة للانتخابات” وعدم تقييد حرية الترشّح بشروط مجحفة.

وفي نفس الوقت يتمّ تكوين فرق عمل جديّة وذات مصداقية لصياغة خطّة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد وخطة متوسطة المدى وفرق أخرى تعمل على الأبعاد الاجتماعية والثقافية والتربوية وغيرها بغاية صياغة البرنامج أو الخطط الاقتصادية في أسابيع قليلة.

كما تتمّ صياغة البرنامج السياسي للمرشّح الرئاسي وتكون من التزاماته تكوين “حكومة إنقاذ وطني انتقالية” لمدّة سنتين أو ثلاثة لإنقاذ الاقتصاد وتنقية المناخ الاجتماعي.

كما تكون أحد المحاور الرئيسية في هذا المسار القراءة النقدية الصارمة للمسار السياسي منذ الثورة إلى الآن والاعتبار من الأخطاء والانحرافات التي أدّت إلى سقوط البلاد في الأزمة الحالية."

واعتبر الأستاذ العياشي أن ما عرضه:"ليس سوى مقترحات أولية لفتح النقاش، المهمّ هو الاتفاق على المبدأ وعلى المنهج. مؤكدا أن: "كل من يوافق على المبدأ والمنهج، كل من يتواضع من أجل تونس حرّة وديمقراطية، له الحق في المشاركة دون إقصاء."..

فريق اتصال

وحتى لا تظل المبادرة حبرا على ورق، أوضح العياشي الهمامي أن المبادرة دخلت "مرحلة الاتصال بالأطراف السياسية لاطلاعهم على المبادرة وتوضيح آرائهم ومواقفهم منها والإجابة على كافة استفساراتهم وتحفظاتهم، وأنه خلال نهاية شهر مارس الجاري أو بداية شهر أفريل سيتم تقدير نتائج هذه الاتصالات وهل يوجد ما يكفي من الأطراف التي تفاعلت ايجابيا للانطلاق في عقد اجتماعات مشتركة أم لا؟"

كما أكد في ذات التصريح أنه جرت اتصالات مع أطراف سياسية وبعض الشخصيات الوطنية وبعض الجمعيات الكبرى لعرض المبادرة عليها ومناقشتها معها. مشيرا إلى أنه تمّ تكوين فريق اتصال يضمّ عددا من المناضلين يتبنون التمشي الموجود في المبادرة. ويقوم الفريق بضبط المواعيد وعقد لقاءات في انتظار القيام بتقييم حول مدى التفاعل الايجابي واتخاذ قرار إما بمواصلة النقاشات وعقد اجتماعات مشتركة أو إنهائها وسيتم إعلام الرأي العام بكافة التطورات.

تحفظات

في المقابل كانت للمحامي فوزي جاب الله وجهة نظر مخالفة، حيث كتب في تدوينة قبل يومين أنه يعتقد بأن الأطراف المؤثرة في الساحة التونسية اليوم هي التالية:

1. الرئيس قيس سعيد

2. جموع مكونات الدولة العميقة

3. القوى الإقليمية والدولية

4. المعارضة الحالمة بالديمقراطية

5. الأطراف السياسية الانقلابوقراطية(الوصف لعادل بن عبد الله)

6. الجمهور المتابع.

وهو يرى أنه: "إذا كانت هناك تنافسية حقيقية في رئاسيات 2024 فستكون بين الطرفين الأولين في الذكر لا غير.

وستكون القدرة على توجيه الطرف السادس بمختلف وسائل التأثير هي معيار الفصل بينهما..

وسيكون ترهدين الطرف الثالث وعدم تدخله الواضح ضامنا لجدية تلك التنافسية..

أما الطرف الرابع فستكون قدرته على المناورة في اللحظات الأخيرة بالتصويت من عدمه وبترجيح الأقل سوء، وذلك بعد ابتعاده عن المنافسة الحقيقية، أفضل وضع يمكنه أن يحصل عليه..

وهو ما سيربك الطرف الخامس الذي لا يحيا ويعرف طريقه إلا عند تصدر الطرف الرابع للمشهد.."

علما بأن كريم كريفة عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر، ذكر في تصريح إذاعي مؤخرا أن حزبه غير معني بأية تحالفات خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، لكنه منفتح على النظر في الموضوع خلال الدور الثاني.

لمصلحة من التبعثر؟

لا شك في أن تبعثر الطيف المعارض لا يمكنه إلا أن يخدم سوى طرف واحد هو الرئيس قيس سعيد.

فالحزب الدستوري الحر الذي يملك قواعد لا يستهان بها ويتصرف من منطلقات ثأرية ضد كل الذين نكلوا بقادته ومناضليه باسم الشرعية الثورية بعد 14 جانفي 2011، مصمم على خوض معركته الانتخابية منفردا ومعتمدا على قواه الذاتية أساسا. لكن خطابه الصدامي والاستئصالي سيدفع قطاعات هامة من الناخبين للتخوف من قيامه بإدخال البلاد في فوضى التناحر وتصفية الحسابات خاصة مع حركة النهضة وأنصارها في صورة وصوله إلى الحكم.

فيما ينقسم الطيف الديمقراطي المعارض إلى قسم اختار التحالف مع حركة النهضة في إطار جبهة الإنقاذ والاستفادة من قواعدها العريضة، وقسم ثان فضل عدم الانضمام لهذه الجبهة من منطلق عدم استعداده للتحالف مع حركة النهضة التي يحملها المسؤولية الأساسية فيما وصلت له البلاد، قبل أن تراجع نفسها وتقوم بنقدها الذاتي.

في الأثناء تسعى أطراف معارضة في الخارج للعمل على توحيد صفوف المعارضة في الداخل، لمواجهة الاستحقاق الرئاسي المقبل.

كيف الخلاص؟

الثابت قطعا أن فئة هامة من الشعب تعتبر ما حصل يوم 25 جويلية 2021 كان ضد دستور البلاد وتغييرا لمؤسسات الدولة. لكن الثابت أيضا أن ذلك تم بمباركة شعبية واسعة ناتج عن الاستياء، بل والغضب الشعبي من التهريج السياسي وسوء إدارة المرحلة السابقة التي تلت 14 جانفي 2011.

لا يمكن إغفال وجود استياء من بعض سياسات الرئيس قيس سعيد التي لم تساهم في حل مشاكل البلاد. لكن سيظل الرئيس قيس سعيد بكل مساوئه بالنسبة للكثيرين، خيارا أفضل من أي خيار متولد عن المنظومة السابقة.

والثابت كذلك أن العقل التونسي يرفض الارتماء في المجهول والتغييرات العنيفة، وقد تجلى ذلك في الانتقال الأول من الملكية إلى الجمهورية. حيث لم يحصل التغيير بانقلاب أبيض قاده الجيش ضد الملك كما حصل في مصر أو انقلاب دموي كما حصل في العراق.

كما أن الانتقال الثاني للسلطة سنة 1987بين الزعيم الحبيب بورقيبة والرئيس زين العابدين بن علي تم في إطار الاحترام الكامل للإجراءات الدستورية. وهو نفس ما حصل يوم 14 جانفي 2011 عندما تم تفعيل الإجراءات الدستورية ليتم التغيير في كنفها.

ومن هذا المنطلق، وما لم يحصل حدث طارئ يشكل خطرا جسيما على سلامة الدولة واستقرارها، سيكون موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الثلاثي الأخير من العام الجاري. ويبقى التساؤل قائما: من هي الشخصية التونسية التي ستكون قادرة على الولوج إلى قلوب التونسيين وعلى توحيدهم حول هدف واحد، هو إنقاذ تونس.

زياد الهاني

اعلامي

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews