إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. إنهاء الاحتلال وإيقاف الحرب أولى من قوات دولية في غزة؟

 

مع كل يوم يمضي منذ بداية حرب الإبادة غير المسبوقة في غزة، يتأكد إصرار الغرب وإمعانه في تقويض القيم الكونية المشتركة وتكريس ما يمكن وصفه بهمجية وبلطجة الأقوى بما يدفع شيئا فشيئا إلى إنهاء أي دور للمنظمات الدولية التي تبقى على ضعفها ووهنها وانحيازها للأقوى الخيط المتبقي للشعوب والأمم المستضعفة.. من المفارقات الصارخة انه في الوقت الذي كان يفترض أن تتجه الجهود إلى الضغط على كيان الاحتلال والدفع إلى إيقاف حرب الإبادة لاسيما بعد الإجماع الحاصل من مختلف الهيئات والمنظمات الدولية من "الصحة العالمية" و"اليونيسيف" و"الأونروا" و"العدل الدولية"، بان غزة لم تعد على شفا المجاعة بل في حالة مجاعة أكيدة وأن كل يوم يمضي على أهل القطاع تحت القصف والإبادة يعني مضاعفة المأساة الإنسانية والمضي قدما نحو حرق ونسف ما بقي، وأنه بدل التوجه لإغاثة أهالي غزة وإيقاف آلة القتل والدمار اليومي تأتي الأخبار متواترة عن مواصلة إدارة الرئيس بايدن وفي خضم حملتها الانتخابية الرئاسية تزويد كيان الاحتلال بصفقات ضخمة من الذخيرة والأسلحة التي تدفع كيان الاحتلال إلى مزيد الغطرسة والمضي قدما في استكمال سيناريو المحرقة الذي رسمته في قطاع غزة وذلك رغم الخلافات التي طغت على السطح بين الطرفين في المدة الأخيرة بين إدارة بايدن وحكومة ناتنياهو..

 الإدارة الأمريكية وحسب "الواشنطن بوست" منحت في الأيام القليلة الماضية الضوء الأخضر لإرسال قنابل ومقاتلات بمليارات الدولارات إلى إسرائيل، حتى مع إبدائها علناً مخاوفها حيال هجوم عسكري متوقع في رفح. الصحيفة نقلت عن مسؤولين مطلعين في البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية القول: إن مجموعات الأسلحة الجديدة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز إم.كيه 84 2000 رطل، و500 قنبلة (إم.كيه 82) 500 رطل... وهو ما ينفي كليا إخضاع كيان الاحتلال لأي شروط أو قيود.. وطبعا هذه المساعدات خارج إطار المساعدات السنوية المخصصة لإسرائيل سنويا والمقدرة بـ 3.8 مليار دولار لإسرائيل..

هذا الموقف الأخير للإدارة الأمريكية الذي يأتي بالتزامن مع التسريبات اليومية بشأن مخطط أمريكي لبحث نشر قوات دولية في غزة يفترض قراءتان إما أن واشنطن استشعرت أن المقاومة التي يريد ناتنياهو القضاء عليها لا تزال صامدة ولا تزال رغم كل مشاهد الموت والخراب والدمار تؤكد على الميدان أنها ليست قريبة من إلقاء المنديل والاستسلام والهروب أو الانتحار وهو ما يستوجب مزيد تسليح الحليف الإسرائيلي مهما كانت الجرائم التي سيرتكبها وإما أن الإدارة الأمريكية بدأت عمليا مرحلة اليوم التالي والسعي لنشر قوات دولية في غزة بعد أن أبدت سلطات الاحتلال ليونة في هذا التوجه وباتت تقبل بهذا الانتشار بعد أن كانت ترفضه كليا وهو ما من شأنه أن يثير أكثر من نقطة استفهام حول توقيت وملابسات هذه الخطة وحول هوية هذه القوات التي رفضت الأمم المتحدة صراحة اعتمادها دون تحديد الشروط والضوابط وتهيئة الأرضية لذلك، وهي في الحقيقة مسألة لا يمكن أن تساعد في الحل بل على العكس من ذلك يمكن أن تكون دافعا لتعميق الأزمة باعتبارها خطوة تدفع نحو إلغاء حق الفلسطينيين في تقرير المصير ونحو تأبيد الاحتلال بدل إنهائه. وقد سبق لمجرم الحرب ناتنياهو أن صرح "انه لن يوافق على التخلي على القيادة الأمنية على غزة ولن نسلمها للسلطة الفلسطينية"..

وزير الحرب الإسرائيلي غالانت أكد بدوره أن هناك تقدمًا في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن مقترح تشكيل قوات متعددة الجنسيات وإدخالها إلى قطاع غزة، وفق إعلام عبري.. ويبدو حسب غالانت انه تم بحث الأمر خلال زيارته إلى واشنطن الأسبوع الماضي وستكون هذه القوات التي يبدو أيضا أن بينها قوات من ثلاث دول عربية لم تحدد ستكون مسؤولة عن أمن المنطقة وإدخال المساعدات الإنسانية وتنظيم توزيعها.. من الواضح أن هناك توجها لإنقاذ ناتنياهو وحكومته رغم الخلافات الظاهرة من مستنقع غزة وإقحام هذه القوات في الحرب مؤشر خطير يرجح انه سيدفع إلى ترجيح كفة إسرائيل للسيطرة على القطاع في المرحلة التالية للحرب.. في كل الحالات وحتى هذه المرحلة تبقى السلطة الفلسطينية الحاضر بالغياب رغم دعوات الرئيس محمود عباس بضرورة إنهاء الاحتلال وعودة غزة إلى السلطة الفلسطينية..

سيكون من المهين أن يتوقف حدود الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية في الترحيب بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة على جثث وأشلاء الضحايا مقابل الانحياز الأعمى للاحتلال الإسرائيلي..

النفاق الأمريكي والغربي والاستخفاف المعلن بإنسانية الإنسان الفلسطيني وحياة ومصير الأجيال الفلسطينية في هذه الحرب تؤكد أننا لا ننتمي إلى نفس الكوكب وأن ما يروج عن القيم الكونية المشتركة لا موقع له في لعبة المصالح الدولية الكبرى التي يدفع ثمنها البؤساء..

اسيا العتروس

 

 

ممنوع من الحياد..  إنهاء الاحتلال وإيقاف الحرب أولى من قوات دولية في غزة؟

 

مع كل يوم يمضي منذ بداية حرب الإبادة غير المسبوقة في غزة، يتأكد إصرار الغرب وإمعانه في تقويض القيم الكونية المشتركة وتكريس ما يمكن وصفه بهمجية وبلطجة الأقوى بما يدفع شيئا فشيئا إلى إنهاء أي دور للمنظمات الدولية التي تبقى على ضعفها ووهنها وانحيازها للأقوى الخيط المتبقي للشعوب والأمم المستضعفة.. من المفارقات الصارخة انه في الوقت الذي كان يفترض أن تتجه الجهود إلى الضغط على كيان الاحتلال والدفع إلى إيقاف حرب الإبادة لاسيما بعد الإجماع الحاصل من مختلف الهيئات والمنظمات الدولية من "الصحة العالمية" و"اليونيسيف" و"الأونروا" و"العدل الدولية"، بان غزة لم تعد على شفا المجاعة بل في حالة مجاعة أكيدة وأن كل يوم يمضي على أهل القطاع تحت القصف والإبادة يعني مضاعفة المأساة الإنسانية والمضي قدما نحو حرق ونسف ما بقي، وأنه بدل التوجه لإغاثة أهالي غزة وإيقاف آلة القتل والدمار اليومي تأتي الأخبار متواترة عن مواصلة إدارة الرئيس بايدن وفي خضم حملتها الانتخابية الرئاسية تزويد كيان الاحتلال بصفقات ضخمة من الذخيرة والأسلحة التي تدفع كيان الاحتلال إلى مزيد الغطرسة والمضي قدما في استكمال سيناريو المحرقة الذي رسمته في قطاع غزة وذلك رغم الخلافات التي طغت على السطح بين الطرفين في المدة الأخيرة بين إدارة بايدن وحكومة ناتنياهو..

 الإدارة الأمريكية وحسب "الواشنطن بوست" منحت في الأيام القليلة الماضية الضوء الأخضر لإرسال قنابل ومقاتلات بمليارات الدولارات إلى إسرائيل، حتى مع إبدائها علناً مخاوفها حيال هجوم عسكري متوقع في رفح. الصحيفة نقلت عن مسؤولين مطلعين في البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية القول: إن مجموعات الأسلحة الجديدة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز إم.كيه 84 2000 رطل، و500 قنبلة (إم.كيه 82) 500 رطل... وهو ما ينفي كليا إخضاع كيان الاحتلال لأي شروط أو قيود.. وطبعا هذه المساعدات خارج إطار المساعدات السنوية المخصصة لإسرائيل سنويا والمقدرة بـ 3.8 مليار دولار لإسرائيل..

هذا الموقف الأخير للإدارة الأمريكية الذي يأتي بالتزامن مع التسريبات اليومية بشأن مخطط أمريكي لبحث نشر قوات دولية في غزة يفترض قراءتان إما أن واشنطن استشعرت أن المقاومة التي يريد ناتنياهو القضاء عليها لا تزال صامدة ولا تزال رغم كل مشاهد الموت والخراب والدمار تؤكد على الميدان أنها ليست قريبة من إلقاء المنديل والاستسلام والهروب أو الانتحار وهو ما يستوجب مزيد تسليح الحليف الإسرائيلي مهما كانت الجرائم التي سيرتكبها وإما أن الإدارة الأمريكية بدأت عمليا مرحلة اليوم التالي والسعي لنشر قوات دولية في غزة بعد أن أبدت سلطات الاحتلال ليونة في هذا التوجه وباتت تقبل بهذا الانتشار بعد أن كانت ترفضه كليا وهو ما من شأنه أن يثير أكثر من نقطة استفهام حول توقيت وملابسات هذه الخطة وحول هوية هذه القوات التي رفضت الأمم المتحدة صراحة اعتمادها دون تحديد الشروط والضوابط وتهيئة الأرضية لذلك، وهي في الحقيقة مسألة لا يمكن أن تساعد في الحل بل على العكس من ذلك يمكن أن تكون دافعا لتعميق الأزمة باعتبارها خطوة تدفع نحو إلغاء حق الفلسطينيين في تقرير المصير ونحو تأبيد الاحتلال بدل إنهائه. وقد سبق لمجرم الحرب ناتنياهو أن صرح "انه لن يوافق على التخلي على القيادة الأمنية على غزة ولن نسلمها للسلطة الفلسطينية"..

وزير الحرب الإسرائيلي غالانت أكد بدوره أن هناك تقدمًا في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن مقترح تشكيل قوات متعددة الجنسيات وإدخالها إلى قطاع غزة، وفق إعلام عبري.. ويبدو حسب غالانت انه تم بحث الأمر خلال زيارته إلى واشنطن الأسبوع الماضي وستكون هذه القوات التي يبدو أيضا أن بينها قوات من ثلاث دول عربية لم تحدد ستكون مسؤولة عن أمن المنطقة وإدخال المساعدات الإنسانية وتنظيم توزيعها.. من الواضح أن هناك توجها لإنقاذ ناتنياهو وحكومته رغم الخلافات الظاهرة من مستنقع غزة وإقحام هذه القوات في الحرب مؤشر خطير يرجح انه سيدفع إلى ترجيح كفة إسرائيل للسيطرة على القطاع في المرحلة التالية للحرب.. في كل الحالات وحتى هذه المرحلة تبقى السلطة الفلسطينية الحاضر بالغياب رغم دعوات الرئيس محمود عباس بضرورة إنهاء الاحتلال وعودة غزة إلى السلطة الفلسطينية..

سيكون من المهين أن يتوقف حدود الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية في الترحيب بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة على جثث وأشلاء الضحايا مقابل الانحياز الأعمى للاحتلال الإسرائيلي..

النفاق الأمريكي والغربي والاستخفاف المعلن بإنسانية الإنسان الفلسطيني وحياة ومصير الأجيال الفلسطينية في هذه الحرب تؤكد أننا لا ننتمي إلى نفس الكوكب وأن ما يروج عن القيم الكونية المشتركة لا موقع له في لعبة المصالح الدولية الكبرى التي يدفع ثمنها البؤساء..

اسيا العتروس

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews