إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ضبابية على مستوى المهام.. التداخل بين أدوار مجلس الأقاليم والجهات والبلديات يلقي بظلاله

 

مختص في الحوكمة المحلية لـ"الصباح":

هناك فراغ تشريعي في "الصلاحيات" ومهام وعلاقة المجالس المنتخبة مع السلطات المحورية

تونس – الصباح

أسئلة واستفهامات عديدة تطرحها عدة جهات اليوم حول الضبابية المخيمة والتداخل المطروح في مستوى المهام والصلاحيات بالنسبة للهياكل المنتخبة وعلاقة بعضها ببعض من ناحية وعلاقتها مع السلطات المحورية ممثلة في المعتمد والوالي وأيضا البلديات من ناحية ثانية لاسيما في ظل الاختلاف المطروح بين العلاقة بين هياكل دستورية أو العلاقة بين هياكل وظيفية وأخرى رسمية محورية محلية وجهوية. لتكشف بذلك عن ما سماه البعض بـ"فراغ تشريعي" تتحمل السلطة التنفيذية تبعات تأخرها في إعداده وتقديمه لتيسير مهام وأدوار هذه المجالس والهياكل الجديدة التي جاء بها دستور 2022 وتحديد وتنظيم صلاحياتها بما ينسجم ويتناغم مع التوجه لتكريس منظومة جديدة في جمهورية جديدة.

يأتي ذلك على ضوء انطلاق العد التنازلي لمباشرة المجلس الوطني للجهات والأقاليم لمهامه في منتصف أفريل القادم، وفق ما أكده فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبار أن الإعلان عن النتائج النهائية للفائزين والتركيبة النهائية في الغرفة النيابية الثانية سيكون يوم 2 من نفس الشهر وفق تأكيد محمد التليلي المنصري، الناطق الرسمي لنفس الهيئة.

ولئن أكد رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة في مناسبة سابقة، أن القانون الأساسي الذي ستحيله رئاسة الجمهورية على البرلمان سيحدد العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم والجماعات المحلية وخاصة البلديات، إلا أن المسألة تبدو على غاية من التعقيد في ظل غياب مبادرة قانونية رسمية توضح مسار الصلاحيات والمهام في مستوى هيكلي أو في سياق أدوار متكاملة وفي التناغم بين جميع هذه الهياكل والمؤسسات، التي لطالما دعا لها وشدد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد، على اعتبار أن ذلك يتنزل في صلب الجمهورية الجديدة ذات الأبعاد والأهداف الاجتماعية بامتياز بما تتطلبه من إصلاحات وبرامج تنموية. خاصة أن القانون الانتخابي الذي تم اعتماده في الانتخابات التشريعية لسنة 2022 أو القانون الخاص بالانتخابات المحلية للجهات والأقاليم هي قانون جديد يقوم على الانتخاب على الأفراد ثم أن الحملات الانتخابية للمترشحين والنواب كانت عبر برامج موغلة محلية وجهوية.

                    ضبابية وفراغ للتدارك

في سياق متصل أفاد محمد الضيفي، المختص في الحوكمة المحلية والمتابع للشأن الانتخابي، في حديثه حول المسألة لـ"الصباح"، أن الضبابية هي المخيمة على المشهد اليوم في ظل الوضع الحالي بعد ادراك المراحل النهائية في مسار انتخاب المجالس المحلية للجهات والأقاليم. وأضاف قائلا: "إلى حد الآن تم انتخاب هياكل ولكن لا أحد يعرف المهام الموكولة لها. فهيئة الانتخابات أخطأت حين اعتبرت أنه يمكن الاعتماد على مجلة الجماعات المحلية لمعرفة مهام مجلس الجهات والأقاليم في حين أن رئيس الجمهورية سبق أن أكد أنه لا علاقة لهذه المجلة بذلك".

كما اعتبر أن الومضات التلفزية التي اعتمدتها هيئة الانتخابات حول هذه الهياكل المنتخبة الجديدة قدمت معطيات لا سند قانوني لها. مضيفا: "المجلس الوطني للأقاليم والجهات والمجالس المحلية والجهوية اليوم، لا علاقة لها بالمجلس المحلي القديم. فالنواب الذين تم انتخابهم لا يعرفون صلاحياتهم رغم أنهم قدموا وعودا انتخابية تقوم على تقديم مشاريع تنموية في حين أن القوانين المنظمة لهذه الصلاحيات لم تصدر بعد".

وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الرابع والثمانين من الدستور الجديد ينص "تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم.

لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين". وينص الفصل السادس والثمانون "ينظم القانون العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وكان رئيس مجلس النواب قد أكد على ضرورة تحديد العلاقات كل من مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم وبقية الجماعات المحلية وخاصة البلديات بهدف ضمان عدم وجود تداخل بين مختلف الصلاحيات.

 وهو ما اعتبره محمد الضيفي ضرورة ملحة لا تحتمل مزيدا من التأخير لتدارك الفراغ والخروج من دائرة الضبابية نظرا للتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن ذلك. موضحا بالقول: "الجماعات المحلية تود بالنظر إلى وزارة الداخلية وعلى هذه الجهة الإسراع بتقديم قانون في الغرض وعرضه على البرلمان للمصادقة عليه. لأن القانون الأساسي سيحدد بصورة واضحة الجزئيات المتعلقة بالجماعات المحلية خصوصا وأن صلاحياتها واضحة بالدستور ثم أن البلديات سيتم في الوضع الحالي التقليص من دورها، رغم أنها أكثر قدرة وقابلية لتنفيذ البرامج التنموية على خلاف المجالس المحلية والجهوية باعتبار أن لها أجهزة وميزانية عكس المجالس المحلية، فضلا عن تنظيم العلاقة والصلاحيات بين هذه المجالس المنتخبة والسلط المحورية نظرا لتداخل المهام والأدوار".

ويرى المختص في الحوكمة المحلية أنه كان أجدى بالسلطة التنفيذية وضع تقديم القانون الأساسي المنظم للمهام والمحدد للصلاحيات بناء على توجه الدستور الجديد قبل تنصيب الغرفة النيابية الثانية والحسم في المجالس المحلية والجهوية.

في المقابل اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنه ليس من مشمولات الهيئة وضع التشريعات والقوانين في هذا الغرض.

كما تعد مسألة الشغورات المسجلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم التي تقدر ب 26 شغورا، من بينها عمادتين ليس فيهما سكان، من الإشكاليات المطروحة في الوضع الراهن المشابه لما عرفته الانتخابات التشريعية وعدم التوصل بعد إلى الحسم في الشغورات في المقاعد السبع الشاغرة بالبرلمان إلى حد الآن.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ضبابية على مستوى المهام..   التداخل بين أدوار مجلس الأقاليم والجهات والبلديات يلقي بظلاله

 

مختص في الحوكمة المحلية لـ"الصباح":

هناك فراغ تشريعي في "الصلاحيات" ومهام وعلاقة المجالس المنتخبة مع السلطات المحورية

تونس – الصباح

أسئلة واستفهامات عديدة تطرحها عدة جهات اليوم حول الضبابية المخيمة والتداخل المطروح في مستوى المهام والصلاحيات بالنسبة للهياكل المنتخبة وعلاقة بعضها ببعض من ناحية وعلاقتها مع السلطات المحورية ممثلة في المعتمد والوالي وأيضا البلديات من ناحية ثانية لاسيما في ظل الاختلاف المطروح بين العلاقة بين هياكل دستورية أو العلاقة بين هياكل وظيفية وأخرى رسمية محورية محلية وجهوية. لتكشف بذلك عن ما سماه البعض بـ"فراغ تشريعي" تتحمل السلطة التنفيذية تبعات تأخرها في إعداده وتقديمه لتيسير مهام وأدوار هذه المجالس والهياكل الجديدة التي جاء بها دستور 2022 وتحديد وتنظيم صلاحياتها بما ينسجم ويتناغم مع التوجه لتكريس منظومة جديدة في جمهورية جديدة.

يأتي ذلك على ضوء انطلاق العد التنازلي لمباشرة المجلس الوطني للجهات والأقاليم لمهامه في منتصف أفريل القادم، وفق ما أكده فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبار أن الإعلان عن النتائج النهائية للفائزين والتركيبة النهائية في الغرفة النيابية الثانية سيكون يوم 2 من نفس الشهر وفق تأكيد محمد التليلي المنصري، الناطق الرسمي لنفس الهيئة.

ولئن أكد رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة في مناسبة سابقة، أن القانون الأساسي الذي ستحيله رئاسة الجمهورية على البرلمان سيحدد العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم والجماعات المحلية وخاصة البلديات، إلا أن المسألة تبدو على غاية من التعقيد في ظل غياب مبادرة قانونية رسمية توضح مسار الصلاحيات والمهام في مستوى هيكلي أو في سياق أدوار متكاملة وفي التناغم بين جميع هذه الهياكل والمؤسسات، التي لطالما دعا لها وشدد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد، على اعتبار أن ذلك يتنزل في صلب الجمهورية الجديدة ذات الأبعاد والأهداف الاجتماعية بامتياز بما تتطلبه من إصلاحات وبرامج تنموية. خاصة أن القانون الانتخابي الذي تم اعتماده في الانتخابات التشريعية لسنة 2022 أو القانون الخاص بالانتخابات المحلية للجهات والأقاليم هي قانون جديد يقوم على الانتخاب على الأفراد ثم أن الحملات الانتخابية للمترشحين والنواب كانت عبر برامج موغلة محلية وجهوية.

                    ضبابية وفراغ للتدارك

في سياق متصل أفاد محمد الضيفي، المختص في الحوكمة المحلية والمتابع للشأن الانتخابي، في حديثه حول المسألة لـ"الصباح"، أن الضبابية هي المخيمة على المشهد اليوم في ظل الوضع الحالي بعد ادراك المراحل النهائية في مسار انتخاب المجالس المحلية للجهات والأقاليم. وأضاف قائلا: "إلى حد الآن تم انتخاب هياكل ولكن لا أحد يعرف المهام الموكولة لها. فهيئة الانتخابات أخطأت حين اعتبرت أنه يمكن الاعتماد على مجلة الجماعات المحلية لمعرفة مهام مجلس الجهات والأقاليم في حين أن رئيس الجمهورية سبق أن أكد أنه لا علاقة لهذه المجلة بذلك".

كما اعتبر أن الومضات التلفزية التي اعتمدتها هيئة الانتخابات حول هذه الهياكل المنتخبة الجديدة قدمت معطيات لا سند قانوني لها. مضيفا: "المجلس الوطني للأقاليم والجهات والمجالس المحلية والجهوية اليوم، لا علاقة لها بالمجلس المحلي القديم. فالنواب الذين تم انتخابهم لا يعرفون صلاحياتهم رغم أنهم قدموا وعودا انتخابية تقوم على تقديم مشاريع تنموية في حين أن القوانين المنظمة لهذه الصلاحيات لم تصدر بعد".

وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الرابع والثمانين من الدستور الجديد ينص "تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم.

لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين". وينص الفصل السادس والثمانون "ينظم القانون العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وكان رئيس مجلس النواب قد أكد على ضرورة تحديد العلاقات كل من مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم وبقية الجماعات المحلية وخاصة البلديات بهدف ضمان عدم وجود تداخل بين مختلف الصلاحيات.

 وهو ما اعتبره محمد الضيفي ضرورة ملحة لا تحتمل مزيدا من التأخير لتدارك الفراغ والخروج من دائرة الضبابية نظرا للتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن ذلك. موضحا بالقول: "الجماعات المحلية تود بالنظر إلى وزارة الداخلية وعلى هذه الجهة الإسراع بتقديم قانون في الغرض وعرضه على البرلمان للمصادقة عليه. لأن القانون الأساسي سيحدد بصورة واضحة الجزئيات المتعلقة بالجماعات المحلية خصوصا وأن صلاحياتها واضحة بالدستور ثم أن البلديات سيتم في الوضع الحالي التقليص من دورها، رغم أنها أكثر قدرة وقابلية لتنفيذ البرامج التنموية على خلاف المجالس المحلية والجهوية باعتبار أن لها أجهزة وميزانية عكس المجالس المحلية، فضلا عن تنظيم العلاقة والصلاحيات بين هذه المجالس المنتخبة والسلط المحورية نظرا لتداخل المهام والأدوار".

ويرى المختص في الحوكمة المحلية أنه كان أجدى بالسلطة التنفيذية وضع تقديم القانون الأساسي المنظم للمهام والمحدد للصلاحيات بناء على توجه الدستور الجديد قبل تنصيب الغرفة النيابية الثانية والحسم في المجالس المحلية والجهوية.

في المقابل اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنه ليس من مشمولات الهيئة وضع التشريعات والقوانين في هذا الغرض.

كما تعد مسألة الشغورات المسجلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم التي تقدر ب 26 شغورا، من بينها عمادتين ليس فيهما سكان، من الإشكاليات المطروحة في الوضع الراهن المشابه لما عرفته الانتخابات التشريعية وعدم التوصل بعد إلى الحسم في الشغورات في المقاعد السبع الشاغرة بالبرلمان إلى حد الآن.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews