إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. رأس السياسة..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

إن الحياة الداخلية للمجتمع السياسي تحديدا المشهد الحزبي تقوم على جدلية الوحدة والانقسام.

شهدت تونس في السنوات الأخيرة تضخما غير مسبوق للأحزاب السياسية موزعة على عدّة حقول، من الأيديولوجي الى الديني والقومي والماركسي والليبرالي الخ..

خلّف هذا التضخم فائضا من الزعامات، بعضها ركب رأسه وكاد يقدّم نفسه كونه "المهدي المنتظر" القادر على حلّ كلّ مشاكل تونس ومآسي شعبها.

في حين لم يجد البعض الآخر نفسه إلا في التخندق في الشعبوية والفوضى والجهل .

يتم تفكيك البيوت السياسية القائمة من قبل حركات تغيير إلى حد ما، تحيي بقدر ما تستطيع وعد التجديد.

لسنا هنا بصدد إعادة اختراع العجلة، إن محاولة إعادة اختراعها ستكون بلا فائدة ولن تضيف أي قيمة إلى ما هو عليه حالنا، وستكون مضيعة للوقت.

لقد أصبحت نهاية الأحزاب أمرا مألوفا في تحليل الحياة السياسية .

مستجدّ يرتبط بشكل عام بفردية المجتمع وانهيار الهويات الطبقية .

هنالك تجارب بدأت تبرز في أعرق الديمقراطيات في العالم، بأن تنحصر الحياة الحزبية أو تتشكل في حالة من استقرار الشراكة الثنائية بين قوتين سياسيتين، حيث يكون الحزبان الأكبران، المستعدان دائمًا للحكم أو السيطرة على المعارضة التي ستحكم، يتماثلان بشكل طبيعي مع الدولة والمصلحة الوطنية.

يتم تقسيم المشهد الحزبي من خلال الطبيعة والتوجهات والمنطلقات الإيديولوجية والعقائدية والمصالح الخاصة في الحزب نفسه كجناح يميني وجناح يساري.

فالأحزاب مطالبة بالاتساق مع المصير الأعلى للدولة وأن تتماثل معها ليس مع أجزاء من المجتمع .

نظريا نعيش ضمن مجتمع متماسك يبدو متحدا برؤية مشتركة لمصالحه وأحلامه وطموحاته.

لكن وراء الوهم الأولي المتمثل في "نحن" الشعب الموجود بالفعل، تكمن حقيقة عدم تجانس في الطبائع والمعتقدات وأساليب الحياة والعقليات الخ ..

هذه الـ"نحن" فئات ومجموعات مختلفة تتعايش داخل الدولة الواحدة نفسها .

واقع الأمر لا نزال في لحظة بحث عما يشكل حلمنا. أساس مشترك حياتنا .

ما الذي يعنيه أن نقول إننا شعب نتشارك الواقع و نتقاسم نفس الهموم والأحلام .

هل بإمكان سياسة، بما تتأسس عليه من أحزاب، أن تضمن وتحمي هذا المشترك، وأن تجسده موقفا وفعلا وسلوكا، أم يبقى الأمر موجودا فقط في الأفكار وفي الشعارات؟

عبر كلّ تاريخ الإنسانية لم يكن الإنسان المعاصر واعيًا بالطابع السياسي لحياته أكثر من اليوم .

تغلغلت السياسة في وجوده بأكمله.

تكرس فيما يمكن تسميته باللاهوت السياسي ليتم التخلي عن "المدينة المقدّسة" لصالح "مدينة من صنع البشر".

ما تحتاجه تونس اليوم، مأسسة أخرى للمشهد السياسي، مشهد يضمن وظيفة محددة: استقرار الحياة السياسية والقطع مع خطابات الإقصاء والتخوين والتآمر .

إن الخلاف ليس لعبة التعارض البسيطة بين الأفكار أو البرامج. إنه لا يشهد فقط على حقيقة أن الأشخاص المستبعدين ينتفضون ضد المهيمنين. لو كان الأمر كذلك، فإن هذا المفهوم لن يضيف الكثير إلى النظريات السياسية الحالية. بل يكون الخلاف عنوان تكامل في وحدة وطنية .

فأي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن، لو صدق العزم، وطابت النفوس، وقل الكلام، وزاد العمل.

 

 

حكاياتهم  .. رأس السياسة..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

إن الحياة الداخلية للمجتمع السياسي تحديدا المشهد الحزبي تقوم على جدلية الوحدة والانقسام.

شهدت تونس في السنوات الأخيرة تضخما غير مسبوق للأحزاب السياسية موزعة على عدّة حقول، من الأيديولوجي الى الديني والقومي والماركسي والليبرالي الخ..

خلّف هذا التضخم فائضا من الزعامات، بعضها ركب رأسه وكاد يقدّم نفسه كونه "المهدي المنتظر" القادر على حلّ كلّ مشاكل تونس ومآسي شعبها.

في حين لم يجد البعض الآخر نفسه إلا في التخندق في الشعبوية والفوضى والجهل .

يتم تفكيك البيوت السياسية القائمة من قبل حركات تغيير إلى حد ما، تحيي بقدر ما تستطيع وعد التجديد.

لسنا هنا بصدد إعادة اختراع العجلة، إن محاولة إعادة اختراعها ستكون بلا فائدة ولن تضيف أي قيمة إلى ما هو عليه حالنا، وستكون مضيعة للوقت.

لقد أصبحت نهاية الأحزاب أمرا مألوفا في تحليل الحياة السياسية .

مستجدّ يرتبط بشكل عام بفردية المجتمع وانهيار الهويات الطبقية .

هنالك تجارب بدأت تبرز في أعرق الديمقراطيات في العالم، بأن تنحصر الحياة الحزبية أو تتشكل في حالة من استقرار الشراكة الثنائية بين قوتين سياسيتين، حيث يكون الحزبان الأكبران، المستعدان دائمًا للحكم أو السيطرة على المعارضة التي ستحكم، يتماثلان بشكل طبيعي مع الدولة والمصلحة الوطنية.

يتم تقسيم المشهد الحزبي من خلال الطبيعة والتوجهات والمنطلقات الإيديولوجية والعقائدية والمصالح الخاصة في الحزب نفسه كجناح يميني وجناح يساري.

فالأحزاب مطالبة بالاتساق مع المصير الأعلى للدولة وأن تتماثل معها ليس مع أجزاء من المجتمع .

نظريا نعيش ضمن مجتمع متماسك يبدو متحدا برؤية مشتركة لمصالحه وأحلامه وطموحاته.

لكن وراء الوهم الأولي المتمثل في "نحن" الشعب الموجود بالفعل، تكمن حقيقة عدم تجانس في الطبائع والمعتقدات وأساليب الحياة والعقليات الخ ..

هذه الـ"نحن" فئات ومجموعات مختلفة تتعايش داخل الدولة الواحدة نفسها .

واقع الأمر لا نزال في لحظة بحث عما يشكل حلمنا. أساس مشترك حياتنا .

ما الذي يعنيه أن نقول إننا شعب نتشارك الواقع و نتقاسم نفس الهموم والأحلام .

هل بإمكان سياسة، بما تتأسس عليه من أحزاب، أن تضمن وتحمي هذا المشترك، وأن تجسده موقفا وفعلا وسلوكا، أم يبقى الأمر موجودا فقط في الأفكار وفي الشعارات؟

عبر كلّ تاريخ الإنسانية لم يكن الإنسان المعاصر واعيًا بالطابع السياسي لحياته أكثر من اليوم .

تغلغلت السياسة في وجوده بأكمله.

تكرس فيما يمكن تسميته باللاهوت السياسي ليتم التخلي عن "المدينة المقدّسة" لصالح "مدينة من صنع البشر".

ما تحتاجه تونس اليوم، مأسسة أخرى للمشهد السياسي، مشهد يضمن وظيفة محددة: استقرار الحياة السياسية والقطع مع خطابات الإقصاء والتخوين والتآمر .

إن الخلاف ليس لعبة التعارض البسيطة بين الأفكار أو البرامج. إنه لا يشهد فقط على حقيقة أن الأشخاص المستبعدين ينتفضون ضد المهيمنين. لو كان الأمر كذلك، فإن هذا المفهوم لن يضيف الكثير إلى النظريات السياسية الحالية. بل يكون الخلاف عنوان تكامل في وحدة وطنية .

فأي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن، لو صدق العزم، وطابت النفوس، وقل الكلام، وزاد العمل.

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews