إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد: الأرض في يومها تنزف دما على أبنائها ..

 

تعود ذكرى الـ48 ليوم الأرض على وقع اخطر معركة وجود يواجهها الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية اليوم مع اقتراب حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة من شهرها السابع دون أدنى مؤشرات حول نهاية الحرب التي لجأ فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استعمال كل أنواع الأسلحة الحديثة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دوليا ودون مؤشرات أيضا حول إمكانية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بإيقاف الحرب.. وهي بالتأكيد حرب وجود لم تبدأ مع "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي ولكنها بدأت قبل عقود طويلة منذ انتبه الغرب إلى انه يحتاج إلى موطن لليهود للتكفير عن عقدة الذنب ولكن أيضا للتخلص من هذا الملف بعد المحرقة النازية التي وقعت على أرض أوروبية وبعد أن انتهت المخططات والمؤامرات إلى نقلهم إلى أرض فلسطين تحت شعار اكبر كذبة في تاريخ الإنسانية وأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.. لسنا بصدد العودة إلى الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية ومنطلق النكبة الأولى والنكسة وما تلاهما من نكبات ونكسات ولكننا إزاء مسألة تحتم التفكير جديا وبعمق حول كل الخيارات والسيناريوهات المحتملة وما يمكن أن يحدث بعد هذه الحرب وما إذا ستكون منعرجا حاسما في الانتصار للقضية الفلسطينية ودفع المجتمع الدولي لاستعادة الوعي المفقود وإنهاء الاحتلال أو ما إذا ستكون لا سمح الله أم النكبات وعودة الاحتلال للسيطرة الكاملة على القطاع بعد أن نسفه وحوله إلى أرض محروقة لا يمكن العيش فيها وهذا ليس تثبيطا للعزائم وما سبق سيناريوهات قائمة ولا احد اليوم بإمكانه أن يتكهن بما ستكون عليه نهاية هذه الحرب غير المتكافئة التي تواجه فيها المقاومة الفلسطينية المحاصرة لا جيش الاحتلال الإسرائيلي فحسب بل القوى الكبرى في العالم التي هبت لدعم كيان الاحتلال بكل أنواع الذخيرة والدعم اللوجستي بما يضمن تفوق جيش الاحتلال في هذه الحرب وهو ما يتضح كل يوم من خلال الفظاعات المرتكبة في حق أهالي القطاع وما يتعرضون له من إبادة جماعية ومن تنكيل وتجويع ومطاردة حتى لم يعد لهم مكان امن يلجأون إليه.

إذا سأل العالم عن غزة اليوم كما يقول درويش قل لهم بها شهيد يسعفه شهيد ويصوره شهيد ويودعه شهيد ويصلي عليه شهيد.. والأمر طبعا ينسحب على كل فلسطين المحتلة التي خذلها العالم.

وفيما يستعد الفلسطينيون ومعهم مختلف دول العالم إلى إحياء اليوم العالمي للأرض تفقد لغة الأرقام والإحصائيات بشأن حصيلة الضحايا والخسائر والدمار الحاصل في جحيم غزة كل معنى وتتحول إلى خبر مستنسخ منذ بداية العدوان مذيل بما تسجله آلة القتل اليومي في غزة من أعداد الموتى من نساء وأطفال وشيوخ ومرضى وأطباء ومسعفين وصحفيين ...

في احدث تقرير لها خلصت اليونيسيف إلى أن "النوم في قطاع غزة مثل الرقود في التابوت".. حيث اعتبر متحدث باسم المنظمة جيمس إلدر أن القصف يحطم هذه الآمال كل ليلة وأن أطفال غزة يتمنون الموت حتى ينتهي الكابوس ..

نعم تعود الذكرى الـ48 السنوية ليوم الأرض هذا العام وسط حرب إبادة جماعية، وتجويع، وتهجير تمارسها إسرائيل بحق أهالي غزة ولكن أيضا بحق الضفة والقدس مع جرائم قطعان المستوطنين المسلحين وما يقترفونه من جرائم لترهيب الأهالي وطردهم من أراضيهم وبيوتهم التي استوطنوها وعمدوا إلى تهويدها ..

 لقد قيل الكثير عن الأرض وترابها الذي خلق منه الإنسان ويعود إليه.. وقيل الأرض لا تقاس بالشبر بل تقاس بالظفر.. قيل أيضا أن الأرض هي العرض.. والأرض منبت الإنسان وهويته وموطنه الذي لا بد أن يعود إليه مهما ابتعد عنه ..

أصل الحكاية مع يوم الأرض تعود إلى 29 مارس 1976، عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل وأطلق جنوده الرصاص عشوائيا على السكان لترويعهم ومنعهم من المشاركة في الاحتجاجات والإضراب الشامل الذي دُعي له باليوم التالي 30 مارس، رفضا للتهويد والاستيطان على أراضيهم وعلى حساب وجودهم... ليتحول يوم 30 مارس إلى محطة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني الذي يواصل معركته الطويلة من اجل العودة إلى موطنه الذي سلب منه ...

كانت تلك أول مواجهة مباشرة لفلسطينيي48 مع الجيش الإسرائيلي منذ النكبة. واستشهد في ذلك اليوم ستة فلسطينيين من الجليل والمثلث وطولكرم، وجرح المئات واعتقل الآلاف ..

جاءت أحداث يوم الأرض بعد قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة إسحاق رابين ووزير الأمن شمعون بيرس، تحريك مخطط التهويد والاستيطان في الجليل.. مشهد يكاد ينطبق عن المشهد الراهن اليوم من غزة إلى الضفة ولكن مع اختلاف مهم وخطير وهو أن الاستيطان والاحتلال قد تمدد كالسرطان في كل جزء من ارض فلسطين وحول ما بقي منها إلى كانتونات منفصلة جغرافيا وديموغرافيا شبيهة بقطعة الإسفنج ..

لا خلاف أن المعركة اليوم مصيرية وأن يوم الأرض يفترض أن يكون أكثر من مناسبة لتسجيل وقفات احتجاجية هنا وهناك.. هناك حاجة اليوم لإعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الأولويات في مختلف المعارك القائمة.. وكما أن المعركة الميدانية مصيرية في تحديد مسار القضية فان المعركة تحتاج لكل الأسلحة المتبقية ومنها المعركة الإعلامية ومعها المعركة القضائية والديبلوماسية والمعركة الشعبية واستمرار الدعم الشعبي التضامني في مختلف عواصم العالم لكسر شوكة الاحتلال وحتى لا يعتقد الاحتلال انه وحده من يتحكم في مصير الشعب الفلسطيني ومصير العالم ..

اسيا العتروس

 

 

 

ممنوع من الحياد:  الأرض في يومها تنزف دما على أبنائها ..

 

تعود ذكرى الـ48 ليوم الأرض على وقع اخطر معركة وجود يواجهها الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية اليوم مع اقتراب حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة من شهرها السابع دون أدنى مؤشرات حول نهاية الحرب التي لجأ فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استعمال كل أنواع الأسلحة الحديثة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دوليا ودون مؤشرات أيضا حول إمكانية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بإيقاف الحرب.. وهي بالتأكيد حرب وجود لم تبدأ مع "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي ولكنها بدأت قبل عقود طويلة منذ انتبه الغرب إلى انه يحتاج إلى موطن لليهود للتكفير عن عقدة الذنب ولكن أيضا للتخلص من هذا الملف بعد المحرقة النازية التي وقعت على أرض أوروبية وبعد أن انتهت المخططات والمؤامرات إلى نقلهم إلى أرض فلسطين تحت شعار اكبر كذبة في تاريخ الإنسانية وأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.. لسنا بصدد العودة إلى الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية ومنطلق النكبة الأولى والنكسة وما تلاهما من نكبات ونكسات ولكننا إزاء مسألة تحتم التفكير جديا وبعمق حول كل الخيارات والسيناريوهات المحتملة وما يمكن أن يحدث بعد هذه الحرب وما إذا ستكون منعرجا حاسما في الانتصار للقضية الفلسطينية ودفع المجتمع الدولي لاستعادة الوعي المفقود وإنهاء الاحتلال أو ما إذا ستكون لا سمح الله أم النكبات وعودة الاحتلال للسيطرة الكاملة على القطاع بعد أن نسفه وحوله إلى أرض محروقة لا يمكن العيش فيها وهذا ليس تثبيطا للعزائم وما سبق سيناريوهات قائمة ولا احد اليوم بإمكانه أن يتكهن بما ستكون عليه نهاية هذه الحرب غير المتكافئة التي تواجه فيها المقاومة الفلسطينية المحاصرة لا جيش الاحتلال الإسرائيلي فحسب بل القوى الكبرى في العالم التي هبت لدعم كيان الاحتلال بكل أنواع الذخيرة والدعم اللوجستي بما يضمن تفوق جيش الاحتلال في هذه الحرب وهو ما يتضح كل يوم من خلال الفظاعات المرتكبة في حق أهالي القطاع وما يتعرضون له من إبادة جماعية ومن تنكيل وتجويع ومطاردة حتى لم يعد لهم مكان امن يلجأون إليه.

إذا سأل العالم عن غزة اليوم كما يقول درويش قل لهم بها شهيد يسعفه شهيد ويصوره شهيد ويودعه شهيد ويصلي عليه شهيد.. والأمر طبعا ينسحب على كل فلسطين المحتلة التي خذلها العالم.

وفيما يستعد الفلسطينيون ومعهم مختلف دول العالم إلى إحياء اليوم العالمي للأرض تفقد لغة الأرقام والإحصائيات بشأن حصيلة الضحايا والخسائر والدمار الحاصل في جحيم غزة كل معنى وتتحول إلى خبر مستنسخ منذ بداية العدوان مذيل بما تسجله آلة القتل اليومي في غزة من أعداد الموتى من نساء وأطفال وشيوخ ومرضى وأطباء ومسعفين وصحفيين ...

في احدث تقرير لها خلصت اليونيسيف إلى أن "النوم في قطاع غزة مثل الرقود في التابوت".. حيث اعتبر متحدث باسم المنظمة جيمس إلدر أن القصف يحطم هذه الآمال كل ليلة وأن أطفال غزة يتمنون الموت حتى ينتهي الكابوس ..

نعم تعود الذكرى الـ48 السنوية ليوم الأرض هذا العام وسط حرب إبادة جماعية، وتجويع، وتهجير تمارسها إسرائيل بحق أهالي غزة ولكن أيضا بحق الضفة والقدس مع جرائم قطعان المستوطنين المسلحين وما يقترفونه من جرائم لترهيب الأهالي وطردهم من أراضيهم وبيوتهم التي استوطنوها وعمدوا إلى تهويدها ..

 لقد قيل الكثير عن الأرض وترابها الذي خلق منه الإنسان ويعود إليه.. وقيل الأرض لا تقاس بالشبر بل تقاس بالظفر.. قيل أيضا أن الأرض هي العرض.. والأرض منبت الإنسان وهويته وموطنه الذي لا بد أن يعود إليه مهما ابتعد عنه ..

أصل الحكاية مع يوم الأرض تعود إلى 29 مارس 1976، عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل وأطلق جنوده الرصاص عشوائيا على السكان لترويعهم ومنعهم من المشاركة في الاحتجاجات والإضراب الشامل الذي دُعي له باليوم التالي 30 مارس، رفضا للتهويد والاستيطان على أراضيهم وعلى حساب وجودهم... ليتحول يوم 30 مارس إلى محطة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني الذي يواصل معركته الطويلة من اجل العودة إلى موطنه الذي سلب منه ...

كانت تلك أول مواجهة مباشرة لفلسطينيي48 مع الجيش الإسرائيلي منذ النكبة. واستشهد في ذلك اليوم ستة فلسطينيين من الجليل والمثلث وطولكرم، وجرح المئات واعتقل الآلاف ..

جاءت أحداث يوم الأرض بعد قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة إسحاق رابين ووزير الأمن شمعون بيرس، تحريك مخطط التهويد والاستيطان في الجليل.. مشهد يكاد ينطبق عن المشهد الراهن اليوم من غزة إلى الضفة ولكن مع اختلاف مهم وخطير وهو أن الاستيطان والاحتلال قد تمدد كالسرطان في كل جزء من ارض فلسطين وحول ما بقي منها إلى كانتونات منفصلة جغرافيا وديموغرافيا شبيهة بقطعة الإسفنج ..

لا خلاف أن المعركة اليوم مصيرية وأن يوم الأرض يفترض أن يكون أكثر من مناسبة لتسجيل وقفات احتجاجية هنا وهناك.. هناك حاجة اليوم لإعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الأولويات في مختلف المعارك القائمة.. وكما أن المعركة الميدانية مصيرية في تحديد مسار القضية فان المعركة تحتاج لكل الأسلحة المتبقية ومنها المعركة الإعلامية ومعها المعركة القضائية والديبلوماسية والمعركة الشعبية واستمرار الدعم الشعبي التضامني في مختلف عواصم العالم لكسر شوكة الاحتلال وحتى لا يعتقد الاحتلال انه وحده من يتحكم في مصير الشعب الفلسطيني ومصير العالم ..

اسيا العتروس

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews