إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كلفتها بالمليارات.. ما الجدوى من بناء سدود جديدة قد تتبخر مياهها بفعل التغيرات المناخية؟

 

-خبير في التنمية والموارد المائية لـ"الصباح": "يجب أن نعتمد على الابتكارات والعلم الذي قدم حل السدود الجوفية "

تونس – الصباح

لا يخفى على أحد أن الجفاف الذي ستبلغه كل من تونس وغرب الجزائر والمغرب وجنوب إيطاليا وبعض أجزاء من جنوب إسبانيا قد صُنف في مستوى خطير جدا وهو ما أكدته خريطة المرصد الأوروبي للجفاف edo التي أوضحت أن منطقة شمال أفريقيا وجنوب أوروبا أمام وقت عصيب من الجفاف، وقد طغى اللون الأحمر القاتم على جل المدن التونسية.

إيمان عبد اللطيف

خُصّص بالدراسة الاستشرافية لقطاع المياه في أفق 2050 استثمارات بقيمة 74515 مليون دينار منها 53 بالمائة لتجديد محطات وشبكات التطهير بقيمة 39254 مليون دينار إلى جانب تجديد شبكة توزيع المياه الصالحة للشرب بقيمة 9450 مليون دينار.

ونصّت مخرجات الإستراتيجية على بناء 32 سدا جبليا ورفع من طاقة استيعاب 8 سدود، إلى جانب تعزيز الموارد الجوفية عن طريق تغذية المائدة وتسرب مياه الفيضانات في اتجاه مجاري السدود نحو الطبقات الجوفية للحفاظ على المياه في باطن الأرض والتقليل من التبخر.

من المتوقع أن تبلغ كلفة انجاز سدود جديدة 6 107 مليون دينار، فيما ستبلغ كلفة الترفيع في طاقة استيعاب السدود 309 مليون دينار وكلفة إنشاء سدود باطنية 110 مليون دينار.

في ظلّ هذه التغيرات المناخية وما يسفر عنها يوما بعد يوم من تداعيات سلبية مثيرة للاهتمام من حيث تصاعد وتيرتها وتأثيراتها المباشرة على الحياة اليومية وعلى الاقتصاد وغيرها من الإشكاليات للسائل أن يتساءل هل من الحكمة وحسن التدبير أن يتم بناء سدود جديدة خاصة إذا كانت بالطريقة التقليدية؟

في هذا السياق أوضح الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "طرق بناء السدود الكلاسيكية هي طرق تعود إلى بداية القرن العشرين تواجهها تغيرات هيكلية، خاصة وأننا في تونس لا نقوم بالتعهد والصيانة الكاملة للأحواض الدافعة للمياه مما يتسبب في تراكم الوحل و"المالوسي" وعوضا أن يكون صالحا لأربعين سنة يصبح صالحا لعشرين سنة"

إضافة إلى ذلك "المساحات المفتوحة للمياه هي عرضة للتبخر بشكل كبير جدا ولعلّ ما حدث في جويلية 2023 خير دليل على ذلك حيث أنّ مليون متر مكعب من المياه تبخّرت في يوم واحد من السدود أي ما يستهلكه 7 مليون ساكن تبخرت في يوم".

فأكّد الريحلي "لهذه الأسباب يجب اليوم أن نعتمد على بعض الابتكارات والعالم أعطى العديد من المؤشرات وكذلك العلم قدم حل السدود الجوفية وهذا محور يجب أن يُفتح وتتمّ دراسته والقيام بتجارب في الخمس السنوات القادمة في المناطق التي يمكن أن التنفيذ بها".

وأضاف الخبير في التنمية والموارد المائية أنّ "السدود الجوفية هي تقنيات لإيصال الماء إلى الموائد المائية سواء السطحية أو المتوسطة العمق أو العميقة، ولنا في هذا الشأن تجربة سد أم القصاب الذي تمّ إنشاؤه سنة 1994 وكانت نتائجه مهمة جدا وغذى الموائد المائية وتغير الوضع بالمنطقة واستفاد منها الفلاحون والقاعدة العامة هو أحسن سدّ للماء هو المائدة المائية".

وأوضح "من غير المنطقي إنشاء سد بمائة مليار ثم نجد أنفسنا في مواجهة التبخر بسبب ارتفاع دراجات الحرارة إلى معدلات قياسية وغير مألوفة، كما أن الحديث عن تنظيف السدود هو حديث علمي واقتصادي لا جدوى منه فتنظيف سدّ واحد يتكلف ثلاث مرات قيمة بناء سد جديد".

وبيّن أيضا "الترفيع في طاقة استيعاب السدود هي مجرد حلول ترقيعية وبالتالي اليوم هناك توجه في العالم كأمريكا إلى اعتماد إستراتيجية الخزانات المغلقة واستعمال البلاستيك "المرسكل" لصناعة كرات تمكن من التخفيف من التسربات والحماية من أشعة الشمس وتقريبا التبخر نسبة الصفر".

فأكّد حسين الرحيلي "لابد اليوم من التكيف استباقيا مع التغيرات المناخية ومع ندرة الماء وعدم إعادة نفس سياسة الستينات والسبعينات والثمانينات وبنفس الطريقة" وأضاف "اليوم لدينا أيضا كميات كبيرة من مياه الأمطار في المناطق العمرانية وفي المدن وفي المدن الصغيرة ومياه السطوح التي يمكن أن نرسم لها خطوطا للتحكم فيها واستغلالها في إطار برنامج عمل وطني يحقق استقلال المدن في العديد من الاستعمالات عن المياه التقليدية وبالتالي إذا نعمل على توفير 70 بالمائة من هذه المياه ويضاف إليها 30 بالمائة من القنوات التي يمكن تجديدها وأيضا توفير بين 20 و30 بالمائة من الصناعيين وحثهم على البحث عن المياه غير التقليدية ودفعهم على إعادة استعمال مياههم في إطار خطة واضحة على مدى عشر سنوات، فإنّ ذلك من شأنه أن يحدث توازنا مائيا في البلاد وهذه طريقة مربحة وبأقل كلفة من أي حلول ترقيعية أخرى".

فبيّن حسين الرحيلي أن "بناء السدود كلفته كبيرة، وتحلية مياه البحر كلفتها تتجاوز ثلاث مرات كلفة بناء السدود لاعتمادها على الطاقة ونحن بلد نعيش نقصا في هذا المجال، لذلك يجب تجاوز الحلول التقليدية والتقنية ووضع رؤية وإستراتيجية لا تغلب عليها الدراسات التقنية لا حلول إستراتيجية وهذا هو المشكل اليوم في تونس".

كلفتها بالمليارات..   ما الجدوى من بناء سدود جديدة قد تتبخر مياهها بفعل التغيرات المناخية؟

 

-خبير في التنمية والموارد المائية لـ"الصباح": "يجب أن نعتمد على الابتكارات والعلم الذي قدم حل السدود الجوفية "

تونس – الصباح

لا يخفى على أحد أن الجفاف الذي ستبلغه كل من تونس وغرب الجزائر والمغرب وجنوب إيطاليا وبعض أجزاء من جنوب إسبانيا قد صُنف في مستوى خطير جدا وهو ما أكدته خريطة المرصد الأوروبي للجفاف edo التي أوضحت أن منطقة شمال أفريقيا وجنوب أوروبا أمام وقت عصيب من الجفاف، وقد طغى اللون الأحمر القاتم على جل المدن التونسية.

إيمان عبد اللطيف

خُصّص بالدراسة الاستشرافية لقطاع المياه في أفق 2050 استثمارات بقيمة 74515 مليون دينار منها 53 بالمائة لتجديد محطات وشبكات التطهير بقيمة 39254 مليون دينار إلى جانب تجديد شبكة توزيع المياه الصالحة للشرب بقيمة 9450 مليون دينار.

ونصّت مخرجات الإستراتيجية على بناء 32 سدا جبليا ورفع من طاقة استيعاب 8 سدود، إلى جانب تعزيز الموارد الجوفية عن طريق تغذية المائدة وتسرب مياه الفيضانات في اتجاه مجاري السدود نحو الطبقات الجوفية للحفاظ على المياه في باطن الأرض والتقليل من التبخر.

من المتوقع أن تبلغ كلفة انجاز سدود جديدة 6 107 مليون دينار، فيما ستبلغ كلفة الترفيع في طاقة استيعاب السدود 309 مليون دينار وكلفة إنشاء سدود باطنية 110 مليون دينار.

في ظلّ هذه التغيرات المناخية وما يسفر عنها يوما بعد يوم من تداعيات سلبية مثيرة للاهتمام من حيث تصاعد وتيرتها وتأثيراتها المباشرة على الحياة اليومية وعلى الاقتصاد وغيرها من الإشكاليات للسائل أن يتساءل هل من الحكمة وحسن التدبير أن يتم بناء سدود جديدة خاصة إذا كانت بالطريقة التقليدية؟

في هذا السياق أوضح الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "طرق بناء السدود الكلاسيكية هي طرق تعود إلى بداية القرن العشرين تواجهها تغيرات هيكلية، خاصة وأننا في تونس لا نقوم بالتعهد والصيانة الكاملة للأحواض الدافعة للمياه مما يتسبب في تراكم الوحل و"المالوسي" وعوضا أن يكون صالحا لأربعين سنة يصبح صالحا لعشرين سنة"

إضافة إلى ذلك "المساحات المفتوحة للمياه هي عرضة للتبخر بشكل كبير جدا ولعلّ ما حدث في جويلية 2023 خير دليل على ذلك حيث أنّ مليون متر مكعب من المياه تبخّرت في يوم واحد من السدود أي ما يستهلكه 7 مليون ساكن تبخرت في يوم".

فأكّد الريحلي "لهذه الأسباب يجب اليوم أن نعتمد على بعض الابتكارات والعالم أعطى العديد من المؤشرات وكذلك العلم قدم حل السدود الجوفية وهذا محور يجب أن يُفتح وتتمّ دراسته والقيام بتجارب في الخمس السنوات القادمة في المناطق التي يمكن أن التنفيذ بها".

وأضاف الخبير في التنمية والموارد المائية أنّ "السدود الجوفية هي تقنيات لإيصال الماء إلى الموائد المائية سواء السطحية أو المتوسطة العمق أو العميقة، ولنا في هذا الشأن تجربة سد أم القصاب الذي تمّ إنشاؤه سنة 1994 وكانت نتائجه مهمة جدا وغذى الموائد المائية وتغير الوضع بالمنطقة واستفاد منها الفلاحون والقاعدة العامة هو أحسن سدّ للماء هو المائدة المائية".

وأوضح "من غير المنطقي إنشاء سد بمائة مليار ثم نجد أنفسنا في مواجهة التبخر بسبب ارتفاع دراجات الحرارة إلى معدلات قياسية وغير مألوفة، كما أن الحديث عن تنظيف السدود هو حديث علمي واقتصادي لا جدوى منه فتنظيف سدّ واحد يتكلف ثلاث مرات قيمة بناء سد جديد".

وبيّن أيضا "الترفيع في طاقة استيعاب السدود هي مجرد حلول ترقيعية وبالتالي اليوم هناك توجه في العالم كأمريكا إلى اعتماد إستراتيجية الخزانات المغلقة واستعمال البلاستيك "المرسكل" لصناعة كرات تمكن من التخفيف من التسربات والحماية من أشعة الشمس وتقريبا التبخر نسبة الصفر".

فأكّد حسين الرحيلي "لابد اليوم من التكيف استباقيا مع التغيرات المناخية ومع ندرة الماء وعدم إعادة نفس سياسة الستينات والسبعينات والثمانينات وبنفس الطريقة" وأضاف "اليوم لدينا أيضا كميات كبيرة من مياه الأمطار في المناطق العمرانية وفي المدن وفي المدن الصغيرة ومياه السطوح التي يمكن أن نرسم لها خطوطا للتحكم فيها واستغلالها في إطار برنامج عمل وطني يحقق استقلال المدن في العديد من الاستعمالات عن المياه التقليدية وبالتالي إذا نعمل على توفير 70 بالمائة من هذه المياه ويضاف إليها 30 بالمائة من القنوات التي يمكن تجديدها وأيضا توفير بين 20 و30 بالمائة من الصناعيين وحثهم على البحث عن المياه غير التقليدية ودفعهم على إعادة استعمال مياههم في إطار خطة واضحة على مدى عشر سنوات، فإنّ ذلك من شأنه أن يحدث توازنا مائيا في البلاد وهذه طريقة مربحة وبأقل كلفة من أي حلول ترقيعية أخرى".

فبيّن حسين الرحيلي أن "بناء السدود كلفته كبيرة، وتحلية مياه البحر كلفتها تتجاوز ثلاث مرات كلفة بناء السدود لاعتمادها على الطاقة ونحن بلد نعيش نقصا في هذا المجال، لذلك يجب تجاوز الحلول التقليدية والتقنية ووضع رؤية وإستراتيجية لا تغلب عليها الدراسات التقنية لا حلول إستراتيجية وهذا هو المشكل اليوم في تونس".

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews